تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نبذة من حياة الخليفة علي بن ابي طالب(رض)



طالبة الحق
04-21-2010, 05:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


(سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه)


إنه الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عمرسول الله ، أبوه هو أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب، وأمه السيدة فاطمة بنت أسدبن هاشم -رضي الله عنها-.
ولد علي -رضي الله عنه- قبل بعثة النبي بعشر سنين،وكان أصغر إخوته، وتربى في بيت النبي ، ولما نزل الوحي على رسول الله دعا عليّا إلىالإيمان بالله وحده، فأسرع -رضي الله عنه- بقبول الدعوة، ودخل في دين الله، فكانأول من أسلم من الصبيان.
ولما رآه أبو طالب يصلي مع رسول الله قال له: أي بني،ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال علي: يا أبي، آمنت برسول الله، وصدقت بما جاء به،وصليت معه لله واتبعته، فقال أبو طالب: أما إنه لم يَدْعُك إلا لخير،فالزمه.
وكان رسول الله يحب عليّا، ويثني عليه، فكان يقول له: "أنت مني وأنامنك" [البخاري]. وكان يقول له: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" [مسلم].
وعندما أراد الرسول الهجرة إلى المدينة، أمر علي بن أبي طالب أن ينام فيفراشه، وفي ليلة الهجرة في جنح الظلام، تسلل مجموعة من كفار مكة، وفي يد كل واحدمنهم سيف صارم حاد، وقفوا أمام باب بيت النبي ينتظرون خروجه لصلاة الفجر، ليضربوهضربة رجل واحد، فأخبر الله نبيه بتلك المؤامرة، وأمره بالخروج من بينهم، فخرج النبيوقد أعمى الله أبصار المشركين، فألقى النبي التراب على رؤوسهم وهو يقرأ قول اللهتعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). [يس: 9].
ولما طلعت الشمس؛ استيقظ المشركون، وهجموا على البيت، ورفعوا سيوفهم،ليضربوا النائم، فإذا بهم لا يجدونه رسول الله، وإنما هو ابن عمه علي بن أبي طالب،الذي هب واقفًا في جرأة ساخرًا من المشركين، ومحقرًا لشأنهم.
وظل عليٌّ في مكةثلاثة أيام بعد هجرة رسول الله إلى المدينة لكي يرد الودائع، كما أمره رسول الله ،ولما هاجر وجد النبي قد آخى بين المهاجرين والأنصار، فقال: يا رسول الله، آخيت بينأصحابك، ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله : "أنت أخي في الدنيا والآخرة" [ابن عبد البر].
وقد بشره رسول الله بالجنة، فكان أحد العشرة المبشرين بها، وقدزوجه رسول الله من ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، وقدم عليٌّ لها مهرًا لسيدة نساءالعالمين وريحانة الرسول .
وعاش علي -رضي الله عنه- مع زوجته فاطمة في أمانووفاق ومحبة، ورزقه الله منها الحسن والحسين.
وذات يوم ذهب رسول الله إلى دارعلم فلم يجده، فسأل عنه زوجته فاطمة الزهراء: "أين ابن عمك"؟ فقالت: في المسجد،فذهب إليه الرسول هناك، فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وأصابه التراب فجعل الرسول ( يمسح التراب عن ظهره، ويقول له: "اجلس يا أبا تراب..اجلس يا أباتراب"[البخاري].
وشهد علي مع النبي جميع الغزوات، وعرف بشجاعته وبطولته، وفي يومخيبر قال النبي : "لأعطين الراية غدًا رجلا يحبه الله ورسوله أو قال: يحب اللهورسوله، يفتح الله على يديه" [البخاري].
فبات الصحابة كل منهم يتمنى أن يكون هوصاحب الراية، فلما أصبح الصباح، سأل النبي عن عليّ، فقيل له: إنه يشتكي عينيه يارسول الله، قال: "فأرسلوا إليه، فأتوني به".
فلما جاء له، بصق في عينيه، ودعاله، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلتمحتى يكونوا مثلنا: "أنفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام،وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرلك من أن يكون لك حمر النعم" [البخاري]. ففتح الله على يديه.
ولما نزل قول اللهتعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا [الأحزاب: 32]،دعا الرسول فاطمة وعليًا والحسن والحسين-رضي الله عنهم-في بيت السيدة أم سلمة،وقال: "اللهمَّ إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" [ابن عبدالبر].
وعرف علي -رضي الله عنه- بالعلم الواسع، فكانت السيدة عائشة -رضي اللهعنها- إذا سئلت عن شيء قالت: اسألوا عليًّا وكان عمر كذلك.
وكان عليٌّ يقول: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما منآية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل.
وكان أبو بكر وعمرفي خلافتيهما بعد وفاة رسول الله يعرفان لعلي الفضل، وقد اختاره عمر ليكون من الستةأصحاب الشورى الذين يختار منهم الخليفة، ولما استشهد عثمان -رضي الله عنه- اختيرعليّ ليكون الخليفة من بعده.
ولما تولي عليّ الخلافة نقل مقرها من المدينة إلىالعراق، وكان -رضي الله عنه-يحرص على شئون أمته فيسير بنفسه في الأسواق ومعه درعه (عصاه) ويأمر الناس بتقوى الله، وصدق الحديث، وحسن البيع، والوفاء بالكيلوالميزان.
وكان يوزع كل ما يدخل بيت المال من الأموال بين المسلمين، وقبل وفاتهأمر بتوزيع كل المال، وبعد توزيعه أمر بكنس بيت المال، ثم قام فصلى فيه رجاء أنيشهد له يوم القيامة.
وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، يقوم من الليل فيصليويطيل صلاته، ويقول مالي وللدنيا، يا دنيا غرِّي غيري.
وقد جاءت إليه امرأتانتسألانه، إحداهما عربية والأخرى مولاة، فأمر لك واحدة منهما بكسر من طعام وأربعيندرهمًا، فأخذت المولاة الذي أعطيت وذهبت، وقالت العربية: يا أمير المؤمنين، تعطينيمثل الذي أعطيت هذه وأنا عربية وهي مولاة؟ فقال لها علي -رضي الله عنه- : إني نظرتفي كتاب الله -عز وجل- فلم أر فيه فضلاً لولد إسماعيل على ولد إسحاق -عليهما الصلاةوالسلام-.
وفي آخر خلافة علي -رضي الله عنه- كانت الفتنة قد كبرت، وسادت الفوضىأرجاء واسعة من الدولة الإسلامية، فخرج ثلاثة من شباب الخوارج، وتواعدوا على قتل منظنوا أنهم السبب المباشر في تلك الفتن وهم علي، ومعاوية،
وعمرو بن العاص، فأمامعاوية وعمرو فقد نجيا، وأما عليٌّ فقد انتظره الفاسق عبد الرحمن بن ملجم، وهو خارجإلى صلاة الفجر، فتمكن منه، وأصابه في رأسه إصابة بالغة أشرف منها على الموت، وكانذلك في سنة (40 هـ)، وعمره آنذاك (65) سنة.
ودفن بالكوفة بعد أن ظل خليفةللمسلمين خمس سنين إلا أربعة أشهر، وروى عن رسول الله أكثر من أربعمائة حديث، فرضيالله عنه وأرضاه.


__________________