تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا فقدت خطبة الجمعة اهميتها؟



من هناك
02-11-2010, 03:58 AM
لماذا فقدت خطبة الجمعة اهميتها؟


الكاتب: أ باسل الجاسر

لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء ، وقدرتها على شحذ الهمم وشحن العواطف وتغيير المسار ؟
لماذا صارت فعلاً تعبدياً محضاً بعد أن كانت مؤتمراً اجتماعياً عاماً يمارس الدور الريادي في البناء والتحريض ؟
ولماذا أمسى الناس يأتونها - إن أتوها - بقصد إسقاط الفرض وتجنب الوزر ؟

نقرأ في السنن ثواب الذي يأتي صلاة الجمعة في الساعات الأولى من النهار ، ثم ننظر فنرى معظم المصلين لا يأتونها إلا بعد صعود الخطيب المنبر ، ومنهم من يحرص على إدراك الصلاة لا غير .
ولقد رأيت في أكثر من بلد من بلدان العالم الإسلامي شباباً يقضون وقت الخطبة وهم يتحادثون في فناء المسجد واقفين أو ماشين ، حتى إذا أقيمت الصلاة انتظموا في الصفوف .
فمن وراء هذا ؟ أهم الناس قد فسدت عناصرهم وتغيرت فطرتهم ، أم هم الخطباء ما عاد لهم ذلك الحضور وتلك الجاذبية ؟!
أظن الجواب واضحاً لذي بصيرة .
لقد رأيت في أوساط الشباب المسلم كثيرين من أصحاب الطيش ممن وصلت ردود أفعالهم إلى حد ترك الفرائض ، فقال لي بعضهم : إني من سنوات لم أسمع في خطبة الجمعة موضوعاً واحداً يلامس حياتي ، ويعالج مشكلاتي ، إنما هي القصص المعادة التي سمعناها حتى حفظناها ، والأسلوب الإنشائي الذي يشبه ما كنا نقرؤه في كتب الإنشاء المدرسي ، ورفع الصوت وخفضه دون طائل وراء ذلك ، ومضمون أجوف إذا وضع على ميزان هذا العصر ومشكلاته ، والشباب وهمومه ، لما وزن مثقال ذرة . لذلك ترك ذلك الشاب الجاهل صلاة الجمعة ، وهو بذلك - لا ريب - آثم ، ولكن يشاركه في الإثم من حمله على ذلك .
لقد اقتصرت خطبة الجمعة في الغالب على موضوعات مكررة حفظها الصغير والكبير، حتى مل الناس سماع مواعظ الأوراق المهترئة من كثرة ما أعيدت وطرقت ، وسئموا من الركون إلى شيوخ لا يحترمون عقولهم ، ويخاطبونهم ذاك الخطاب القديم الذي لا يتجدد ، وكأن معين الدين قد جف ، وكأن الإسلام لم يأت بعلم لا ينفد ، وفكر لا ينضب .
بعض الخطباء يرتجلون خطبهم ، وليس لهم قدرة على الارتجال وليسوا من أهله ، فيأتي كلامهم مفكك الأوصال لا ترابط بين أجزائه ، سطحي الطرح لا عمق في مضامينه .
وبعضهم يحضر خطبته ويتعب في إعدادها ، ولكن من أين يستمد مادتها ، ويأتي بأفكارها ؟؟ إنه يستمدها من بطون الكتب التي علا عليها الغبار ! فيأتي بكلام لا يمت إلى واقع الناس بصلة .
وكان أولى به أن يستمدها من الواقع الذي بين يديه ، ليعالج مشكلات تتفاقم وتزداد يوماً بعد يوم ، فالناس إلى الكلام عن أحوالهم أحوج منهم إلى غيره ، وقصص الماضي وحكايات التراث ليس لها جدوى ما لم ترتبط بإسقاطات على الحاضر المعيش .
وربما اعتذر بعض الخطباء في بعض بلدان العالم الإسلامي فقال : إن أوضاع السياسة في بلادنا تضرب حولنا سوراً لا نستطيع تجاوزه ، تحدد لنا نطاقاً ضيقاً من حرية الكلام تمنعنا من الخروج عنه ، فعندنا الكلام عن الجهاد محرم ، وفضح قوى البغي والإفساد يوجب التبعة ، أفليس لنا في هذه القيود عذر ؟!
فأقول لهم : نعم إن لكم عذراً ، ولكنه أوهن من نسج العنكبوت ، وليس هذا العذر إلا جرياً على أسلوبنا المعتاد في التبرؤ من المسؤوليات ، وتحميل أوزارنا كاملة للغير .
فالعاقل لا يعدم الوسيلة ليصل إلى ما يريد ، وإن منعتك السياسة من دخول باب ، فإن دونك أبواباً كثيرة لا تزال مفتحة ، وما أكثر مشكلات المسلمين التي تستوجب الحل السريع ، مما ليس للسياسة فيه مدخل ، وما على الخائض فيه جناح !!
ولكننا نتقن فن تبرئة الذات ، من خلال تحميل كل أوزارنا وتبعاتنا للطرف الآخر كائناً من كان .
إن زهد الناس في سماع المواعظ والخطب ساهم فيه عاملان اثنان : زهده في المتكلم وزهده في كلامه .
فهو أحياناً غير مقتنع بشخص الخطيب ، فكيف يتأثر بكلامه ؟! وفي الأحيان الأخرى إن كان لا يعرف شخص الخطيب ولا يعرف عنه سوءاً ، فإنه لا يسمع منه ما يهمه سماعه ، ويشعر بأهميته في واقعه .
لا يخفى على أحد أن معارف الناس قد تطورت ، بل تضاعفت في هذا العصر الذي يسمى " عصر المعلومات " ، ولم يجار هذا التطور المعرفي تطوير ذاتي من قبل العلماء ، حتى صار كثير من المسلمين إذا حضروا خطبة الجمعة ، يشعرون بفراغ الخطبة وفراغ الخطيب ، ولعل الواحد منهم عنده أضعاف ما عند الخطيب من المعارف التي يعرضها عليهم مباهياً بعلمه ، مفتخراً ببلاغته ، وكأنه اخترع قنبلة ذرية ، فترى هؤلاء المثقفين الحاضرين لشعورهم بفراغه يكثرون النظر في الساعة مستكثرين الوقت الذي يمضي وإن قل ، ولذلك تراهم يعدون أخطاء الخطيب لانعدام الثقة وعدم حصول الفائدة .
وعند فئة من الخطباء ، لم يتوقف الأمر عند انعدام التأثير ، بل لقد ساهموا في تعميق الأزمة النفسية التي يعيشها معظم المسلمين ، زادوا حلكة الليل فوق ما هو حالك ، وعمقوا قنوط الناس فوق ما هم قانطون ، صلوا بالناس صلاة الجنازة على أمتهم ، فخرج المخلصون من المسجد وقد سدت الأبواب في وجوههم ، وقد سدها من كان عليه فتحها وبيان سبلها .
تراهم يقصون على الناس أخبار أعداء الإسلام ، وكيف أن الإنسانية كلها احتشدت للقضاء على الإسلام وإبادة المسلمين ، فيرغي ويزبد ، ويبرق ويرعد ، فتتحول الخطبة إلى مجرد نشرة أخبار محبطة ، حتى إذا وصل السامع إلى السؤال الجوهري : ما الحل ؟؟ ما العمل ؟؟ ما المخرج ؟؟ قال الشيخ : أقول قولي هذا وأستغفر الله ، ونزل إلى صلاته تاركاً هؤلاء المساكين في إحباطهم وتخبطهم .
وما ذاك إلا لأن الخطيب نفسه غائم الرؤية مضطرب الفكر حائر الجنان ، يجهل الحل ، فيعلن جهله على الملأ ، بأسلوب محبط يئد كل أمل ، فهلا إذا جهل أمسك ، وعمل بالحديث الشريف : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " .
ولا نبالغ إذا قلنا إن الهزيمة النفسية التي تفتك بجماهير الأمة ، قد ساهم علماؤهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون في تكريسها وتعميقها ، بينما كان المنتظر منهم أن يخرجوا بهم من أزمتهم ، ويبينوا لهم نهاية النفق ، ويدلوهم على طريقها ، لا أن يغلقوا كل باب مفتوح ، ويقتلوا كل أمل حي .


منقول من موقع حيران

مقاوم
02-11-2010, 08:05 AM
لا أظن أن معالجة الموضوع تتم بهذه الطريقة السطحية مع احترامي للكاتب. فهناك عدة عوامل مهمة أكبر وأعمق من شخص الخطيب واضطرابه النفسي أو جهله، كاعتلائه منبر الجمعة وهو على هذه الدرجة من الاضطراب والجهل مثلا. من سمح له؟ من عينه خطيبا؟ ما هي مؤهلاته العلمية والشرعية؟

وكأني بالكاتب يحمل انكفاء الأمة وضعفها وإعراض الناس عن الدين وانتشار الفساد بأنواعه على خطبة الجمعة. المسألة أعقد من ذلك بكثير.

من هناك
02-11-2010, 02:48 PM
من عينه خطيبا؟ ما هي مؤهلاته العلمية والشرعية؟
نحن نعاني بدرجة كبيرة من مسألة الخطابة ونسأل الله ان يرحمنا. إن من يعين الخطباء في الكثير من الحالات هم شباب لا مؤهلات شرعية لديهم. فقد يدعون من يظنون فيه الصلاح للخطبة ولكن المشكلة ان العديد من الخطباء لا يحملون المؤهلات الكافية كما تقول اخي مقاوم.

لكن المشكلة انه يصعب احياناً ايجاد اصحاب الكفاءة فهم يجب على من لا يحمل المؤهلات ان يرفض الدعوة؟ ما رأيك؟

سؤال عرضي: هل تظنون ان التطرق لمسألة عيد الحب على المنبر مسألة محبذة ام لا ولماذا؟