تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مورياتانيا: الددو: أقنعنا السلفيين بترك العنف



من هناك
02-11-2010, 03:55 AM
الددو: أقنعنا السلفيين بترك العنف



حاوره محمد أعماري-الدوحة





قال العالم الموريتاني ورئيس مركز تكوين العلماء الشيخ محمد الحسن ولد الدّدو إن لجنة العلماء التي قادت حوارا مع السجناء السلفيين في البلاد نجحت في إقناعهم ببطلان الأفكار التي تبنوها.

وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هؤلاء السجناء تبرؤوا من أفكار العنف وتعهدوا بعدم حمل السلاح، ومن كان منهم عضوا في تنظيم القاعدة تبرأ منه، باستثناء سجينين. وفي ما يلي نص المقابلة.



كيف جاءت فكرة الحوار مع المعتقلين السلفيين في السجون الموريتانية، خصوصا وأنكم صاحب هذه المبادرة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد فمن المعلوم أن هذا الفكر قد شاع في العالم الإسلامي منذ فترة وانتشر، وقد ترتب عليه كثير من العمليات والمشكلات داخل البلاد الإسلامية.

وقد اختلفت معالجات الحكومات الإسلامية له، وأغلبها كان يتجه في الاتجاه الأمني وبالإرهاب المضاد، وأدى ذلك إلى مفاسد كبيرة ولم يؤد إلى الآن إلى أي حل في أي بلد من البلدان، فكل البلدان التي عولج فيها مشكل الإرهاب علاجا أمنيا لم يؤد إلى نتيجة ولم يثمر ولم يؤد إلى المقصود منه إلى الآن.

وبعض البلدان انتهجت منهجا آخر هو الحوار وأدى ذلك إلى نتائج ملموسة، ومن ذلك ما حصل في الجزائر من مصالحة وطنية وفي ليبيا من حوار أدى إلى خروج بعض الإخوة من السجن، ومثل ذلك ما حصل في السودان أيضا وما انتهجته دولة قطر من حوار ليس مع أشخاص من هذا المستوى ولكن مع الذين لديهم شيء منها أو يفهم من كلامهم أو يمكن أن يتأثر بهم من سواهم، وكذا ما حدث في السعودية من حوار في فترة ماضية. هذا النوع من الحوار له أثر بالغ، ولذلك أنا مقتنع أن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، وأن كل من لديه فكر لا يمكن أن يزال منه بمجرد العقاب.




لماذا بادرتم إلى طرح هذه الفكرة، لماذا أنتم بالذات؟

أنا كنت سجينا في السجون الموريتانية لمدة ثلاث سنوات في آخر عهد نظام معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، ولما سقط هذا النظام خرجنا وتركنا وراءنا بعض الذين كنا نعرفهم داخل السجون، وبعضهم ليس لديهم هذا الفكر أصلا ولا لهم هذا التصور، وهم مظلومون، وكان من واجبهم علينا ألا نخذلهم وأن نسعى لاستخراجهم من السجن.

وخلفنا كذلك وراءنا في السجون من لديهم هذا الفكر ولم يكن ممكنا أن نتركهم عرضة للتعذيب فيزداد لديهم هذا الفكر رسوخا، ولذلك تقدمت إلى الرئيس الأسبق علي ولد محمد فال بطلب للحوار معهم وإخراج بعضهم وتعجيل محاكماتهم، وقد استجاب بإطلاق سراح بعض الإخوة من السجن دون أن يتم الحوار.



ولما انتخب الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لقيته بعد تنصيبه مباشرة قبل ممارسته مهامه، فناقشته في هذه القضية وأبدى تفهما وعجل محاكمة مجموعة كانت موجودة في السجن في ذلك الوقت، ثم بعد ذلك حصلت أحداث في البلد أدت إلى قتل بعض الأشخاص وأسفرت عما يشبه حربا، فاعتقل بسببها عدد جديد وكلمت الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في هذا الموضوع فأبدى تجاوبا ووجدت لديه قناعة بأن من حق هؤلاء أن يعدل معهم على الأقل.



وبذلك استجابت الدولة الموريتانية لهذه المبادرة، وكانت الخطوة الأولى أن يقام مؤتمر تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية يتناول هذا الفكر بشيء من التأصيل والمناقشة وأقيم المؤتمر فعلا وحضره رئيس الدولة وجميع الوزراء والعلماء ودعي له حتى قادة الأركان والمنتخبون ونجح نجاحا باهرا وكان من توصياته إقامة الحوار المباشر مع السجناء في السجن.



وكلفت لجنة من ثلاثة وزراء هم وزير الشؤون الإسلامية ووزير الداخلية ووزير العدل بالإعداد له، وهذه اللجنة دعت إلى اجتماع موسع لـ17 من العلماء وطلبة العلم، فاجتمعوا وخططوا لهذا الحوار وانطلق على بركة الله، ولما بدأ خطواته العملية كنت أنا أول من دخل السجن إلى السجناء في أول الحوار.



قبل أن ندخل في تفاصيل الحوار، ما مدى صحة ما راج عن أن السلطات الموريتانية كانت رافضة للفكرة في البداية، ثم بعد أن وافقت كانت تريد أن يدار الحوار بلجنة وزارية ورفضتم ذلك مصرين على أن يعهد به إلى العلماء؟

بالنسبة للسلطات الموريتانية مكثت فترة من التأبي عن الحوار لأنها لا تجد له أرضية، وعندما طالبت أنا به في التلفزيون الموريتاني في حلقة إثر تفجير أحد الشباب نفسه قرب السفارة الفرنسية، جاء عدد من الرسميين في حلقة موالية وقالوا إن الحوار ليس له أرضية ولا يمكن أن يتم، واعتبروا أنه محكوم عليه بالفشل قبل ميلاده.

أما ما ذكرتم عن اللجنة الوزارية فهي لم ترد مباشرة الحوار، لكن أرادت أن تضع هي الخطة وينفذها العلماء، لكننا قلنا إنه لا بد أن يكون العلماء هم من يضعون الخطة لأنهم هم من سينفذونها، وأكدنا أنه لا بد أن تترك للعلماء الحرية في هذا الأمر، ولا مانع لدينا أن يكون أعضاء اللجنة الوزارية أعضاء في لجنة الحوار.


كيف استطعتم أن تزيلوا هذا التردد عند السلطات الموريتانية؟

السلطات الموريتانية لديها تفهم وتعقل وهي تعرف هذه المشكلة ودرستها واطلعت على التجارب السابقة، وأنا أطلعتها أيضا على ما شاركت فيه في السودان وليبيا والجزائر من تجارب للحوار.


(مقاطعا) هل كانت لدى السلطات تخوفات محددة من هذا الحوار؟

كان بعض الناس وما يزال إلى الآن يرى أنه لا أرضية للحوار مع أصحاب هذا الفكر، ويصفهم بالمتشددين والمتطرفين وغير العقلاء.

بعد أن اقتنعت السلطات وشكلتم لجنة، كيف بدأتم الحوار؟

كنت أول من دخل إلى السجناء للحوار، وأنا أعرف من قبل أنهم ثلاثة أقسام، قسم ادعيت عليهم أفعال إجرامية من قتل ونهب ومواجهة مع الدولة وحمل السلاح فيها وإدخال السلاح للبلد، والقسم الثاني ادعيت عليهم أفكار منحرفة، والقسم الثالث مظلومون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وقد وزعنا الأفراد على أساس هذا التصنيف أثناء الحوار معهم.

في البداية وجدنا تخوفا من بعض السجناء من هذا الحوار وتأبيا عنه، لأنهم لم يكونوا يرون منه فائدة ولا يرون له أرضية، ولا يرون في الأفق أنه سيترتب عنه أي فوائد، فقلنا لهم إن المقصود من الحوار إبداء الحق وإظهاره، وأن هذا هو المطلوب، وأنه لو كان الحق مع السجناء فيجب علينا أن نقتنع به، ولو كان معنا نحن الحق فمن الواجب عليهم أن يقتنعوا به.

وأوضحنا لهم أيضا أن المرجع في هذا الحوار هو الوحي الذي لا يمتنع عنه مسلم ولا يأبى عنه عاقل، فلذلك قبلوا الحوار وامتنع عنه اثنان فقط من أصل سبعين سجينا، والاثنان أحدهما غير موريتاني وهو من دولة عربية أخرى وانتهى الحوار ولم يشارك فيه قط، والآخر شاب موريتاني لم يشارك، أما البقية فتحمسوا للحوار وقبلوه ووقع 55 منهم على موافقتهم على ما يقول العلماء، والآخرون وقعوا فيما بعد.

وكان في مراحل الحوار يقع الخلاف في بعض النقاط، لكننا لمسنا لدى السجناء جميعا إنصافا وقبولا للحق، وجميع من لقيناهم من هم لديهم قابلية للحق وقبول للنصوص الشرعية واحترام للوحي، وليس فيهم أحد يستنكف عن الحق.


نشرت بعض وسائل الإعلام الموريتانية رسالة لأحد هؤلاء السجناء السلفيين ينتقد الحوار ويعتبره تحقيقا استخباريا معهم، واتهم العلماء الذين أشرفوا عليه بأنهم جاهلون بالكثير من مسائل الإيمان والكفر، ما رأيكم في ذلك؟

هذا هو الأخ الموريتاني الذي ذكرت من قبل أنه لم يقبل الحوار، وهذا اختلاف في وجهات النظر بينه وبين العلماء وبين من قبلوا الحوار من السجناء، وبالنسبة لهذا الحوار فلا علاقة له بأي تحقيق استخباري، بل هو حوار بين العلماء والسجناء، في بداية الجلسة الافتتاحية حضره بعض أعضاء أجهزة الأمن وبعض الوزراء كغيرهم من الحاضرين، لكن الجلسات الحوارية التي كانت مع المشايخ والعلماء كانت جلسات علمية، وأكثر العلماء الذين كانوا يحاورون هم غير موظفين للدولة أصلا، ولا يتقاضون أي راتب منها، ولا يمثلون الدولة.


ما هي القضايا التي ناقشتموها مع السجناء في حواركم معهم؟

المجموعة الأولى المكونة من 55 شخصا، ليس لديهم شيء كبير يناقشون فيه، لأنهم مقتنعون بأن الحاكم مسلم وأن البلد بلد إسلامي وأنه لا يحل التعرض للمسلمين فيه ولا المستأمنين، وليس بيننا وبينهم خلاف عقدي وفكري، بل يستفسرون في بعض القضايا ويسمعون بعض المحاضرات من بعض المشايخ، ولم أحضر جلسات الحوار معهم كلها.


والقسم الثاني هم من الذين لديهم بعض الإشكالات ولكن لا ينتمون إلى تنظيم القاعدة وهؤلاء كان الحوار معهم أيضا حوارا شرعيا يطرحون أدلتهم ويجابون عليها، وذلك أساسا في قضية تكفيرهم رأس النظام الموريتاني ومن يساعده في مستوى معين، وأيضا يرون إباحة دماء المستأمنين من الرعايا الغربيين في البلد وأموالهم، ويرون أن أمانهم غير صحيح لأنه صادر من غير مسلم في اعتقادهم.



فكان الحوار في هاتين القضيتين وتعمق أيضا مع الإخوة المنتسبين لتنظيم القاعدة، وكانت فيه جلسات طويلة، بعضها فردي وبعضها جماعي، والحمد لله استجابوا جميعهم لأمرين، حيث اتفقنا في قضية التكفير أن الدار دار إسلام وأن الشعب مسلم وأن الإيمان والكفر توقيفيان ولا يمكن أن يعرفا إلا بوحي، وأن من ثبت له أصل الإيمان بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، وبقي التفصيل في الأشخاص هل فلان ثبت له الإيمان أو لا، وهذه قضية سهلة ولم نركز عليها كثيرا، لكن الذي ركزنا عليه هو قضية التكفير عموما والشبهات التي اعتمدوا عليها.



ومن ذلك شبهة تعطيل الأحكام الشرعية، فقلنا لهم إننا لا ننكر أن الكثير من الدول الإسلامية عطلت الكثير من الأحكام الشرعية ونحن نطالبها بتنفيذها، لكننا نرى أن هذا التعطيل ليس تبديلا، والتبديل كفر والتعطيل ليس كفرا، وعدم التفريق بين التعطيل والتبديل هو الذي أدى إلى حصول هذا الانحراف في الفكر، وقد أقنعناهم أن الذي يُكفّر به هو تبديل شرع الله.



وأوضحنا لهم أيضا أن التبديل قسمان: تبديل اليهود الذي ذكره الله تعالى في كتابه، وهو أنهم يأتون بشيء من عند أنفسهم ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، أي أنهم يبدلون شرع الله بشرع من عند أنفسهم ويزعمون أن هذا الذي أتوا به هو شرع الله وهو كتاب الله، وهذا شر التبديل ولا خلاف في التكفير به.



والنوع الثاني من التبديل هو أن يأتي الإنسان بشرع من عند نفسه لا يزعم أنه من عند الله ولكنه يرى أنه أفضل من شرع الله، أو مساو له، وهذا أيضا مثل سابقه، أما التعطيل فمعناه أن يكون الإنسان مقتنعا أن شرع الله هو الحق وأنه لا يمكن أن يأتي مساو له أو ما هو أفضل منه، لكنه عاجز عن تطبيقه فذلك أيضا أنواع ودرجات، ومنه ما يكون الإنسان معذورا فيه مثل ما إذا ثبت العجز عن تطبيق شرع الله، أو كان الإنسان متأولا يرى أنه عاجز ولو لم نوافقه على عجزه، فهذا لا يُفسق به وليس جريمة.



والقسم الثاني ما يكون تعطيلا لشرع الله بسبب ظلم كأخذ رشوة أو طلب بقاء في منصب أو مداهنة للكفار أو نحو ذلك، فهذا ظلم وفسق لكنه لا يصل إلى درجة الكفر، فاتفقنا تقريبا على هذه النقاط، وذكرنا بما ورد من النصوص الشرعية في تحريم تكفير المسلمين، وهم أيضا أتوا بما يعتمدون عليه من الآيات مثل قوله تعالى (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) (سورة الأنعام آية 121)، وكان النقاش حول دلالة هذه الآية هل هي صريحة في تكفير الحكام الذين أطاعوا الكفار في تعطيل الشريعة أو نحو ذلك، وأجبنا بأن الضمير في قوله تعالى (وإن أطعتموهم) هل يرجع إلى الشياطين أو إلى أوليائهم، وهذا محل خلاف في دلالة الآية، والذي يتضح منه أنه يرجع إلى الشياطين، وسبب نزول الآية يبين هذا وهو ما حصل في مكة من مجادلة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم في الميتة، فقالوا: تزعم أن ما ذبحته أنت بيدك حلال وأن ما ذبحه الله بشمشار (كلمة أصلها فارسي وتعني السيف) من ذهب حرام، وهذا من وحي الشياطين ليجادلوه، والشياطين هنا اختُلف فيهم هل هم شياطين الجن أم شياطين الإنس، ومن المفسرين من يرى أن المقصود بالشياطين هنا اليهود، ومنهم من يرى أنهم شياطين الجن، وعموما فالآية قابلة لكل ذلك ولا مانع من حملها على المحملين.



ثم ناقشنا مع هؤلاء السجناء أيضا الاستدلال بقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (سورة المائدة آية 45)، وكان النقاش فيها أكثر حدة من سابقتها لأنها آية يستدل بها الجميع، وقد بينا لهم أن هذه الآية تضمنت عمومين، عموم "من" وعموم "ما"، وكلاهما من العام الذي هو ثلاثة أقسام:


عام باق على عمومه
وعام مراد به الخصوص
وعام مخصوص،

فمن أي الأنواع الثلاثة هذان العامان في هذه الآية؟ فقالوا في البداية إنهما من العام الباقي على عمومه، وانطلقنا معهم من هذا المبدأ، وقلنا إذا كان كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر،
فسألناهم هل أنتم حكمتم بما أنزل الله؟
فأجابوا بالنفي وبالقول إنهم ليسوا حكاما، فقلنا إن العام الباقي على عمومه يتناولكم لأن الله لم يقل ومن لم
يحكم من الحاكمين بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فهذا الأمر يشمل جميع الخلق إذا أبقي على عمومه.



وكذلك قوله تعالى (ما أنزل الله)، العام الذي فيها إذا قلتم هو باق على عمومه فيشمل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن عموم ما أنزل الله يشمل التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى والناسخ والمنسوخ وكل ما أنزل الله، ولا أعلم أحدا على وجه الأرض حكم بكل ما أنزل الله، بما في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء والرسل، فهل يكفرون بهذا؟
وحينئذ عرفوا يقينا أن العام في الموضعين ليس من العام الباقي على عمومه، وأنه العام المخصوص ثم بحثنا في هذه المسألة وزالت الشبهة والحمد لله.



وهكذا بينا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي عرفنا الإيمان وقبله ما كنا نعرفه، بل قد قال الله له (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) (سورة الشورى آية 52)، فلم يكن هو يدري الإيمان قبل نزول القرآن عليه، فعرفنا بالإيمان وقال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ما هو إيمان فهو إيمان، وما يقابله أيضا مما بينه فهو الكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال "لا يواظب على الوضوء إلا مؤمن"، وسقنا أقوال أهل العلم في هذه المسألة مثل ما ذكره الذهبي وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وما قاله الأشعري وما قاله عدد من الأئمة في هذا من عدم تكفير من يواظب على الوضوء، وغير ذلك.



كما بينا موانع التكفير وشروطه، وقلنا إن التكفير حكم قضائي لا يصلح كل أحد لإصداره، إضافة إلى تصحيحنا شبهة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر، وهذه الشبهة ليست على إطلاقها، وهي تنطلق أولا من معرفة من هو الكافر، ومعنى هذه القاعدة أن من لم يكفر بما يُكفَّر به فزعم أن المشركين واليهود والنصارى مسلمون وأنهم غير كفار، لكن من لم يكفر شخصا بعينه لم يعرفه أصلا لا يمكن أن تتناوله هذه القاعدة.


وكذلك ناقشنا معهم ما يتعلق بقضية الولاء والبراء، وهي قضية بحثناها كثيرا لأن بعض الإخوة يفهمون الولاء فهما شموليا فيرون أن كل معاملة للكفار هي موالاة لهم، وقد بينا لهم بطلان ذلك وأن الله سبحانه وتعالى فصل بين الكفار فقال (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) (سورة الممتحنة آية 8-9)
وقوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) (سورة المائدة آية 8)،
وقوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله) (سورة المائدة آية 2)، والآيتان الأخيرتان في سورة المائدة وهي آخر ما أنزل من آيات الأحكام.



وبينا لهم أن الله تعالى أذن في الزواج بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلنا، ولا يمكن أن يقول إنه يجوز لك أن تتزوجها ويجب عليك أن تبغضها، فهذا مستحيل عقلا، بل يجوز أن تحبها حبا طبعيا وذلك غير مناف للبراء من دينها وملتها، وبينا أن الولاء هو النصرة في الدين وأن الله بين ذلك في قوله (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا، أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق) (سورة الأنفال آية 72).



وكان مما قلناه لمن يكفرون الحكام لأنهم أعانوا الأميركيين أو فتحوا لهم قواعدهم لتدمير العراق وأفغانستان، أن سألناهم لو أن حكام المسلمين غزوا العراق وأفغانستان مثلما غزتهما أميركا ودمروها على رؤوس أهلها، هل يكفرون بذلك فقالوا لا، فقلنا كيف تكفرونهم بعونهم على هذا الفعل رغم أن مباشرة الفعل نفسه لا تكفرهم. والمباشرة تقطع حكم التسبب والتسبب لا يقطع حكم المباشرة.



فتبين إذن أن المقصود بالولاء هو النصرة في الدين، وضربنا لهم مثالا في ذلك لو أن قبيلتين متجاورتين إحداهما مسلمة والأخرى كافرة فاقتتلتا على أرض بينهما، فزعمت القبيلة المسلمة أنها لها وزعمت الكافرة أنها أرضها، فساعد بعض المسلمين تلك القبيلة الكافرة ضد القبيلة المسلمة بسبب هذا الخلاف، فهل يكفرون بذلك؟ فقالوا لا لأن هذا قتال ليس في الدين.



وبعد هذا أيضا كان النقاش في ما يتعلق بالمستأمنين عموما فذكرنا الإخوة بما أخرجه البخاري في الصحيح وغيره من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قتل معاهدا في عهده لم يرح رائحة الجنة)، وكذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من أحاديث في هذا الباب، وكان الإخوة يرون أن هؤلاء دخلوا بأمان كاذب وهو أمان غير مسلم، وكان من أجوبة ذلك أن سألناهم أرأيتم هل هؤلاء المستأمنون يكفرون الحكام أو لا يكفرونهم، فقالوا لا يكفرونهم بل يرونهم حكاما مسلمين، فقلنا لهم إنه من المنصوص فقها أن المستأمَن إذا أخذ الأمان من أحد رعايا الدولة الإسلامية يظنه مسلما فبان كافرا فإن الأمان صحيح، وهذا محل اتفاق.



وأثبتنا لهم أن الإسلام دين السلم والأمان، ولذلك إذا أشار المسلم إلى الكافر إشارة فهمها الكافر بالأمان فإن الأمان جار عليه، وقد عصم دمه، وكذلك إذا قال له تعال اعطني السكين لأذبحك ففهمها على أن معناها "أنت في أماني" فإنه يكون مستأمنا ولا يحل الاعتداء عليه، وهكذا، إضافة إلى أن الذمة تصدر من أدنى المسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "يقوم بذمتهم أدناهم"، وتصدر من الطفل غير البالغ إذا أمّن أحدا، وتصدر من الفاسق أيضا. والواقع أن الإخوة الذين حاورناهم كان لهم إلمام جيد بهذه الأحكام واطلعوا على الكثير من هذا، لذلك قبلوا الحق لما سمعوه.


لمستم لديهم ثقافة شرعية ورسوخا في الحجاج؟

طبعا، فهؤلاء الشباب أكثرهم من المثقفين والدارسين في المحاضر (مدارس للقرآن والعلوم الشرعية)، بل إن بعضهم يشار إليه بالعلم وبعضهم من الخطباء.


هل معنى هذا أن فكر القاعدة في أغلبه يستند على شبهات أم أن له فعلا مستندات شرعية؟

نحن لا نعرف فكر من لم نناقشه، أما الذين ناقشناهم فقد ذكرنا في ما سبق حججهم والرد عليهم أيضا، ومن لم نلقهم لا ندري ما لديهم من الحجج.


هل غيرت فعلا فكر وقناعات هؤلاء السجناء؟

الله أعلم، فنحن قوم نحكم بالظواهر والله يتولى السرائر، لكن أشد هؤلاء في ما كانوا عليه هم المنتمون للقاعدة، وقد أقسموا وكتبوا في أغلبهم أنهم اقتنعوا الآن بأن ما فعلوه باطل وتابوا منه وأعلنوا توبتهم من قتل الفرنسيين ومن كل الممارسات التي فعلوها، وتعهدوا بألا يعودوا إلى مثلها وبألا يحملوا السلاح في بلاد موريتانيا لا على مسلم ولا على كافر، وأنهم حتى لو مكثوا في السجن مددا طويلة لن يحملهم هذا على تغيير ما توصلوا إليه، وأن ما وقع عليهم من ظلم أو تعذيب أو غير ذلك في المدد السابقة لا يغيرهم عما اقتنعوا بأنه شرع الله، بل بعضهم أقسم لنا قبل الحوار أننا لو أقنعناه بأن ما فعله مخالف لشرع الله لتاب منه حالا ولرجع ولأطاع ولي الأمر.


هل الدولة مقتنعة بما وصلتم إليه مع السجناء ومطمئنة إليه؟

لم ألتق كثيرا من عناصر الدولة الذين أشرفوا بشكل مباشر على الحوار، لكن رئيس الدولة مقتنع بأن هذا الحوار له فعلا أثره وفائدته.


إذن فالدولة مستعدة للمضي في تنزيل نتائجه؟

نحن نطالب الدولة الآن بتعجيل ترتيب خطوات إيجابية على هذا الحوار وقد قدمنا مطالبنا في هذا الخصوص إلى رئيس الدولة مباشرة، ووعد خيرا، ومن ذلك تعجيل إطلاق سراح المظلومين من هؤلاء الذين لم يقوموا بأعمال إجرامية من قبل وأيضا محاكمة الآخرين والعفو عنهم لأن هؤلاء لا يمكن تصنيفهم على أنهم محاربون ولا قطاع طرق، بل أقصى ما يمكن أن يصنفوا به بالنسبة لمن حمل منهم السلاح ضد الدولة أنه كان باغيا، والبغي كما قال النووي وغيره ليس فسقا، فقد بغى عدد من الصحابة وخرجوا في الفئة الباغية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "يا ويح عمار تقتله الفئة الباغية"، والجهة التي قتلت عمارا فيها معاوية ابن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومن معهما من الصحابة رضي الله عنهم.



ولذلك إذا تقرر ذلك ووصفوا بالبغي فإن القضاء لا يستطيع أن يحكم عليهم بالعقوبة بعد أن استسلموا ودخلوا في طاعة الدولة وألقوا السلاح، بل ليس له أن يعاقبهم، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم موقعة الجمل نادى مناديه ألا يدفف على جريح وألا يتبع منهزم وألا تسبى سبية وألا تسبى غنيمة.


هل السلطات الموريتانية في نظركم مستعدة لأن تدمج هؤلاء في المجتمع وتتخذ تدابير لمنعهم من العودة إلى ما كانوا عليه من قبل؟

المجتمع عندنا مجتمع منفتح، فهؤلاء مندمجون فيه على كل حال، فهم أبناء أسر كريمة وعوائل عريقة وأبناء قبائل، والمجتمع عندنا ما زال قبليا كما كان، وعندهم أين سيذهبون ويندمجون لو خرجوا. والأهداف التي كانت متوخاة من الحوار ثلاثة أهداف:



الأول هدف شرعي وهو إظهار براءة الإسلام من الأفكار المنحرفة كالتكفير والاعتداء وحمل السلاح في بلاد المسلمين على المسلمين وعلى المستأمنين وإخافة الطريق ونحو ذلك، فهذا هدف نجحنا في تحقيقه والحمد لله، والهدف
الثاني هدف اجتماعي وهو رفع الظلم عن المظلومين وتخفيف معاناة هؤلاء السجناء الذين مضت عليهم سنوات لم يلتقوا فيها بأزواجهم ولم يقوموا بأعمالهم وأسرهم هم العائلون لها والقائمون عليها،

والهدف الثالث هدف أمني هو تجنيب البلاد مثل هذه المشكلات، وهذا لا يتحقق إلا باتفاق مع قيادتهم وهي في الخارج، إذا وقعت معها الدولة اتفاقا على ألا تقوم بأي أعمال إجرامية وألا تدخل أي سلاح إلى موريتانيا، فسيكون بذلك قد تحقق هذا الهدف.



ألا ترون أنه بهذه الطريقة فإن موريتانيا ستعقد صفقة مع تنظيم القاعدة تعطي الأمان لأعضائه مقابل أن يعطيها هو الأمان، وهذا ليس تغييرا لفكر بقدر ما هو هدنة وتحييد للقاعدة على الأراضي الموريتانية فقط؟

ليس الأمر بهذا الشكل، فالدول أقوى من التنظيمات والأفراد ولا تقارن أو تقاس بها، لكن هناك مصالح معينة منها أن موريتانيا مقبلة على استثمارات وعلى التنقيب عن النفط والغاز في مناطق نائية شاسعة، وتحتاج إلى أن يدخلها كثير من المستأمنين من الشركات الغربية والشرقية، ولا يمكن أن تستقر هذه وتستثمر إلا في أمن وأمان، فعلى الأقل إذا توصلت موريتانيا إلى مثل ما توصلت إليه مالي مع القاعدة بألا يدخلوا السلاح إلى أراضيها وألا ينشطوا فيها، فآنذاك لن تكون لهم مشكلة مع موريتانيا ولن يدخلوها، وموريتانيا أيضا ليس من شأنها أن تحاربهم نيابة عن أميركا أو نحو ذلك.


لكن ألن يعرض ذلك موريتانيا لضغوط من الغربيين بدعوى أنها لا تحارب ما يسمونه الإرهاب؟

هذا ليس صحيحا في ما أرى، بل إن موريتانيا إذا توصلت إلى مثل هذه النتيجة تستطيع أن تضمن للبلدان الغربية سلامة رعاياها الموجودين على الأراضي الموريتانية، لأن الذين يمكن أن يتعرضوا لهم تغيرت أفكارهم وعرف أنهم أعطوا العهد ألا يحملوا سلاحا في البلد وألا يثيروا أي مشكلات، وبالنسبة لما حصل من العمليات الماضية تعرف أميركا وإسبانيا وفرنسا أنها ليست صادرة من موريتانيا وإنما من تنظيم موجود له قيادته خارج موريتانيا، فالحرب بينهم وبين القاعدة هي خارج حدود البلد، وبذلك ستنتقل هذه الحرب خارج موريتانيا.


هل معنى هذا أن موريتانيا طهرت أرضها من فكر القاعدة ولن تسمح مستقبلا بدخوله إليها؟

إن شاء الله، هذا بحسب الظاهر، ونحن قلنا إننا قوم نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، وليس المقصود أيضا أننا ناقشنا في هذا الحوار كل ما لدى القاعدة من فكر، وليس معنى ذلك أن كل ما لدى القاعدة خطأ مائة بالمائة، نحن لا نزعم ذلك، وليس معنى هذا أننا ناقشنا القاعدة بقيادتها وزعامتها، الذي نزعمه فقط أنا غيرنا أفكار هذه المجموعة المحدودة التي حاورناها، والمنتمون منهم إلى القاعدة على كل حال أفراد قلائل. والطرح الذي طرحه هؤلاء طرح شرعي وتبين لهم أنه مخالف للشريعة واقتنعوا بذلك.


هل سيكون لهذا الذي فعلتموه في موريتانيا تأثير على محيطها في المغرب العربي؟

إذا نجحت هذه التجربة فقطعا ستأخذ بها بعض الدول الأخرى، والمغرب الآن فيه لجنة لإنصاف المظلومين خلال عقود مضت، وقد وصلت إلى نتائج طيبة، ويمكن أن تصل هذه اللجنة أيضا إلى إنصاف المظلومين من أصحاب هذا الفكر.

مقاوم
02-11-2010, 07:37 AM
حوار شيق وممتع ... لي عودة لإكماله.

جزاك الله خيرا بلال على النقل.

من هناك
02-11-2010, 03:07 PM
حوار شيق وممتع ... لي عودة لإكماله.
جزاك الله خيرا بلال على النقل.
من المهم جداً ان يقرأ الإنسان ولو الجواب الطويل الذي يتحدث عن الرد على الشبهات فهذا مهم جداً جداً وبحاجة للمزيد من التحقيق والتوسع.

فـاروق
02-12-2010, 09:03 AM
الموضوع مهم..ولكن يحتاج الى اكثر من قراءة... و بعيدا عن التكفير هناك سؤال:

هل اعانة المسلم الظالم على اخيه المسلم المظلوم كاعانة الكافر الظالم على المسلم المظلوم ؟ السؤال طبعا من الناحية الشرعية


ثانيا: هل تم الجزم بان الحروب على بلادنا هي حروب اقتصادية وحروب مادية فقط ؟

ثالثا:

قضية من لم يحكم بما انزل الله... الرد جميل جدا ولكنه منقوص..اي لم نعرف ضمن اي مخصوص تم وضعه وكيف تكم تنزيله على الحكام

مقاوم
02-13-2010, 04:44 AM
لقد أكملت القراءة وهي فعلا شيقة لكن المتعة تلاشت تدريجيا لأني لمست الكثير من الدهاء والالتفاف على النصوص وقد يكون سبب ذلك أن هذا كان حوارا في مقابلة صحفية وليس بحثا علميا مؤصلا.
الشيخ محمد الددو الذي تربطني به علاقة ود ومحبة في الله أعرفه منذ أكثر من عشر سنين. وهو ظاهرة علمية فذة بذكائه وحافظته واستحضاره للنصوص والأدلة في شتى القضايا وليس من السهل مناظرته إلا لمن كان ندا له في العلم والتأصيل.

طرح أدلة المخالفين وتفنيدها ومن ثم الرد عليها وإزالة الشبهات حولها هو من أشهى البحوث وأمتعها بالنسبة لي وهناك الكثير مما طرحه الشيخ يمكن الرد عليه ولكني أوافقه تماما في مسألة مهمة جدا وهي قضية المعاهد والمستأمن وعصمة دمه.

لكني أتمنى على كل من يتصدر للرد عليه أن يحاوره بنفس الأسلوب العلمي الرصين الذي استخدمه دون استهزاء أو استخفاف أو إسفاف.

مقاوم
02-13-2010, 05:47 AM
بحثت على الشبكة لأرى إن كان هناك من العلماء من رد على الشيخ الددو فوجدت أن الشيخ حامد العلي حفظه الله قد فعل ذلك في معرض جوابه على سؤال متعلق بالموضوع وإليكم رده:

سؤال من بلاد المغرب ، لعلماء الدين : قرأت خبر اليوم مفاده أن السلفيين في موريتانيا قد تابوا ، فاستغربت هذا كيف يكون ؟ كما وأسأل أننا لو فرضنا تغير رأي شخص في مسائل الخلاف هل يقال إنه تاب ؟! وسؤال ثالث ما رأيك فمن يقول إن ثمة فرق بين المعطل لشريعة الله ، والمبدل لشريعة الله ، فالأول لايكفر ، والثاني يكفر بشرط أنه يزعم أنه الشريعة المبدلة هي من الله أيضا ، فهل لهذا أصل ، والله يحسن إليك ويرفع قدرك في الدارين آمين



جواب الشيخ :





الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد ، وعلى آله ، وصحبه ، وبعد :





فينبغي أولا أن نعرف بمعنى السلف ، و(السلفيين ) ، وكذلك نبين في نبذة مختصرة ، الدعاة إلى النهج السلفي في موريتانيا ، وآثارهم الحميدة على المسلمين عبر العصور ، فنقول وبالله التوفيق :



سلف هذه الأمة هم الصحابة ، والتابعون ، وتابعوهم ، للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل : أي الناس خير ؟ فقال : ( قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) والمقصود من كان في هذه القرون متمسّكا بالكتاب ، والسنة ، والأصول التي أجمع عليه الصحابة ، ولأنَّ عامة من كان في هذه القرون المفضلة ـ بسبب قربهم من نور النبوة ـ على هذا النهج السديد ، والطريق الرشيد ، جاء تفضيلها بوحي العزيز الحميـد.



والسلفيون هم الذين يقتفون هذا النهج ، ويسلكون في هذا الفـج ، ويرجعون إلى منابع الدين الصافي قبل حدوث الفرق الضالة ، والبدع المضلة ، وينتسبون إلى أهل السنة والجماعة ، ويتبرءون من سبل المبتدعة مثل الخوارج ، والروافض ، والمرجئة ، والجبرية ، والقدرية ، والجهمية ، والمعتزلة ، والأشعرية ، وسائر من تنكَّب عن صراط السلف الماضين ، والأئمة المرضيين .



وأبرز صفاتهم جعل العقل تابعا للوحي ، متلقيا منه ، خاضعا له ، فطريقتهم كلَّها دائرة على التمسك بالنصوص ، والإستدلال بها ، ولهذا رفضوا التأويل الكلامي ، والذوق الصوفي ، والتعصُّب المذهبي ، لأنَّهـا تصـدُّ عن الإنقياد التام للوحي الذي هو قطب رحى الدين ، وأصل أصول دين الموحدين ، فالتأويل الكلامي طوَّع النصوص لآراء أهل الكلام المذموم التي بنوها على تخرُّصـات عقولهم المريضة بشبهات الفلاسفة ، فصرفوا نصوص الوحي عن دلالاتها بتأويلات باطلة ، وتصرفات متكلِّفة ، عن كلِّ هدى عاطلة ،



كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمـه الله واصفا حقيقة مذهبهم : ( إنَّ الاستدلال بالسمع مشروط عند المتكلمين بألاَّ يعارضه قاطعٌ عقلي ، فإذا عارضه العقلي وجب تقديمه عليه ) الفرقان ص 91 ، وهذا مصرح به كتبهم كما في أساس الرازي ، ومواقف الإيجي وغيرهـما .



والذوق الصوفي قدَّم ما يجده الصوفي في نفسه من الوساوس ، والوجـد النفساني ، على هداية الوحي الرباني ،



والمتعصبون للمذاهب جعلوا مشهور المذهب كأنـَّه نص معـصوم ، يؤخـرون خلفـه منطوق النص ، والمفهوم .



وقد دأب السلفيون على مـر العصور ، وتعاقـب الدهور ، متمسّكين بالوحي المنزل ، على حماية عقيدة الإسلام الصافية ، ومحاربة البدع الظاهرة ، والخافية ، فهم قلعة الدين ، وحرز الإسلام الحصين ، وجنـود التوحيـد المجاهدين .



وقد كتبت في هذا مقالا قديما بعنوان ( المجددون ) ذكرت فيه في كلِّ عصر أئمة التجديد الماضين على هذا النهج السديد هنـا (http://www.h-alali.net/m_open.php?id=bca05600-d719-1029-a62a-0010dc91cf69)



هذا .. ولم يخـل صقع من أصقاع المسلمين من هذه الدعوة المباركة ، أما بلاد شمال أفريقيا بأسرها ، فقـد كانت معروفة بتمسِّكها بالطريقة السلفية ، ومتميّزة بذلك ، كما قال ابن خلدون رحمه الله ( كان أهل المغرب بمعزل عن إتباعهم ـ أي الأشاعرة ـ في التأويل ، وأخذ رأيهم فيه ، إقتـداء بالسلف في ترك التأويل ) العبر 6/226



وكانت دولة المرابطين بقيادة الإمام عبدالله بن ياسين رحمه الله ، على هذا النهج السلفي ، حتى عاث فيها ابن تومرت السفاح فساداً بإدخال مذاهب المتكلمين الرديّة ، مع سائر بدعه .



لكن لم يلـبث الإمام ناصر الدين أبو بكر الشمشوي في القرن الحادي عشر الهجري ، حتى أعاد إلى النهج السلفي علوَّه ، وقوَّته ، في بلاد المغترب ، وأعلن الجهاد لنشر الإسلام في غرب أفريقيا ، وأرسل الجيوش لذلك ، وجاهد على النهج السلفي الخالص ، لمحو آثار الشرك ، والخرافة .



ثم قامت بعد ذلك بمـدة ، دعـوة الشيخ العلامة المجيدري بن حبيب الله كمال الدين ، المتوفى عام 1204هـ ، وهي دعوة سنية سلفية مباركة في موريتانيا ، وكان المجيدري رحمه الله أحـد أربعة هم أكابر علماء شنقيط بأسرها .



وكان من علماء هذه الدعوة المجيدرية المباركة ، العلامة المأمون بن محمد ، الذي رد الردود السلفية القوية على المختار بن بون لما عارض العلامة المجيدري في مسائل العقيدة ،



وكذلك ممـن تأثروا بالعلامة المجيدري ، تلميذه العلامة مولود بن أحمد الجواد .



ثم جاء الإمام الأوحد العلامة الجهبذ الشيخ سيدي باب ، فأظهر الدعوة إلى الطريقة السلفية بقوة ، ونافح عنها بعلمه الغزير ، وفهم العالم النحريـر ، ومن تلاميذه الذين حملوا دعوته من بعده ، الشيخ العلامة محمد بن أبي مدين من أبرز علماء السلفيين في عصره في موريتـانيا بل في المغرب العربي بأسـره ، والعلامة عبد الودود بن عبد الملك رحمه الله ، الشيخ محمد المهابة بين سيدي محمد ، وهو الذي زكى كتابه الشيخ بداه بن البصيري في مسألة الصفات ووافقه عليها ، كما زكاه الذي محمد الشيباني النجمري وقال : ( إنَّ لايختلف عما قاله شيخ الإسلام بن تيمية ).



وأيضا من علماء هذه الدعوة المتأثرين بآثار الشيخ سيدي باب ، الشيخ المختار بن حامد ، وسيدي المختار بن عبدالمالك ، ومحمد الشيباني .



ثم جاء الإمام العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب الأضواء ، فدعا إلى مثل ما دعا إليه من سبقه من أئمة الدعوة السلفية في موريتانيا ، ومن تلاميذه الشيخ أحمد بن احمد المختار ، ومحمد عبدالله بن الصديق ، ومحمد المختار بن سيدي محمد ، ومحمد بن ماديك ، ومحمد الخضر الناجي ، ومحمد سيدي الحبيب ، والشيخ الحسين بن عبد الرحمن ، ومحمد الأمين بن الحسين ، ومحمد عمر بن حويه ، وسيد محمد ساداتي ، والشيخ التلميد بن محمود ، ومحفوظ بن سيدات ، وغيرهـم كثير .



والشيخ العلامة محمد بن البصيري المشهور بـ ( بداه ) ، أو محمد بداه ، وهو صاحب الكتاب المشهور ( تنبيه الخلف الحاضر على أن تفويض السلف لاينافي الإجراء على الظواهر ) ، إذْ بيـَّن فيه أنَّ التفويض هو تفويض الكيفية ، وله كتاب جليل القدر بعنوان ( الدر النضيد في علم الكلام وحقيقة التوحيد ) وقد أفحم فيه المتكلمين أيمُّـا إفحـام ، وألجمهم أيمـا إلجـام .، وكتاب ( أسنى المسالك في أنَّ من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب الإمام مالك ) ورد فيه على أهل التعصـُّب المذموم ، وله كتاب ( الكتائب الشرعية في صد هجوم القوانين الوضعية ) وله مؤلفات أخرى كثيرة جدا ، وكلها نافعة مباركة ، وهذا الإمام هو حقا من أكابر أئمة الدين ، وهـو من مجددي العصر ، وكان أمَّاراً بالمعروف ، نهـَّاءً من المنكر ، ولكن أكثر الناس لايعلمون



وهو الذي رثوتـه بهذه القصيدة :



مضى فالعلْم منتحبٌ يَهيــمُ ** وكـلُّ المسْلمينَ بهمْ وُجـُـومُ

ومن لمْ يبكِ من أسَفٍ عليهِ ** فلا نُعْمـى عليهِ ، ولا كريــمُ

كــأنَّ تردَّدَ الأفْلاكِ نَعْـيُّ ** تـُردِّدُه ، بــها حزنٌ إليــمُ

تطيفُ بهِ الكواكبُ نائحاتٍ ** وذلكَ أنَّ كوْكَبـَـهُ الزعيــمُ

وقدْ بكت النُّجوم لهُ وناحتْ ** فقـدْ كانتْ به تُهدَى النجـومُ

كذا الجوزاءُ تذْكره فتُبـْدي ** إلى الدبران ما يُبـدِي الكليـمُ

هو المثَـَلُ الكبير من المعالي ** هو الأدبُ الرفيـعُ ، هو العلـومُ

هو الأسَدُ الهزبرُ فلا يُبـَالي ** يقولُ الحقَّ ، إنْ ضـَجَّ الغَشـُومُ

وأطلقَ منْ مَعارفـِهِ عُلوُمــاً ** بها في النَّاس تنْـدهشُ الفهُـومُ

علا فوقَ المعارفِ وهْيَ شمسٌ ** ففوْقَ الشمسِ منزلُه العظيــمُ

سأبكيـِهِ ومـا أُبقـي بعيـْنٍ ** سـوى دمـعٍ على دمعٍ يدومُ



وقد أثـمرت دعوته عدة مدارس سلفية تنشر الدعوة السلفية في موريتانيا ، وإنتشـر السلفيون يدعـون إلى الله تعالى ، بالدعوة الإسلامية الصافية النقية من كلِّ شوائب البدع ، والخرافات ، وآراء الفرق الضالة ، حتى نشأ فيها آلاف من العلـماء ، و الدعاة ، والمصلحين ، والمجاهدين ، ولازالوا إلى يومنا هذا هم من خيرة المجتمع الموريتاني المجبول على التمسك بالدين .



فهذه نبذة مختصرة عن السلفيين في موريتانيــا ، وهم على نهجهم ماضون ، وبدعوتهم المباركة سائرون ، ولهم في الناس أعطر سيرة ، وأجمـل سريرة ، بفضل الله تعالى ، ومعلوم أنّ السلفيين هم خير المجاهدين في بلاد الإسلام ، ومن قاموا بوجه الحملة الصليبية ضد الإسلام أحسن قيام ، في أفغانسـتان ، والعراق ، وفلسطين ، والصومال ، وباكستـان ، وغيرها ، فلله درهم ، وعليه شكرهم .

،





وبه تعلم ما في نشـر خبـر بصيغة ( توبة السلفيين في موريتانيا ) ـ إن كان المقصود به تراجع مجموعة من الشباب عن رأي ما ـ من التجنِّي ، والظلم ، والتلاعب بالألفاظ ، بقصد نصرة طرف على طرف ، وإظهار السلفيين بصورة مشينة ، لحاجة في نفس ناشر الخبـر ، جنحت إلى التعصـب ، نسأل الله أن يجمع المسلمين على الحبِّ ، ويؤلـف بين قلوبهـم .



أما سؤال هل يقال لمن رجع عن إجتهاده في مسائل الإجتـهاد أنـه تاب ، وذكرت أنت لذلك مثلا : مراجعة نهج التغييـر للسلطة غير الشرعية ، فالجواب أنَّ هذا أيضا من التلاعب في الألفاظ ، الذي قـد تستعمله السلطات الطاغيـة لتزرع في نفوس الناس أنَّ مجرد التفكير في تغييرها خطيئة تجـب التوبة منها !



وإذا كان الفقهاء قد اختلفوا في إجتهادهـم في الخروج على الحاكم الجائر ، وكان معلومـا أنَّ من تغير رأيـه في مسائل الإجتـهاد ، لايقال إنه تـاب ! فكيف بمن تغيـر إجتهاده في وسيلة التغييـر لسلطة لاتحكـم بالشريعة ، فهي سلطة غير شرعية ، إذ أجمعـوا على أنّ شرعية الحاكم ، مرتبطة بحاكمية الشريعة ، فلا حاكمٌ شرعي إلاَّ من حكـم بالشريعة ، ونصوص الكتاب ، والسنة الدالة على ذلك قطعية الدلالة ، والثبوت ، لامجال لتأويلها.



وأنقل لك ما ذكرته سابقا في مسألة الخروج على الحاكم الجائر ، فقد ذكرت نزاع العلماء في حكمه ، فقلـت ما يلي :



( مذهب من يقول من السلف ، والخلف ، بوجوب خلع الحاكم الجائر ، ولو بقوّة السلاح ، إن لزم الأمــر :


قالوا : ذلك أن الله تعالى أمر بإنكار الظلم وإزالته ، وشرع ذلك أولاً باليد ، ولأنّ الجور سبب لفساد البلاد والعباد ، وفي دفعه تحقيق الصلاح ، والمصالح العامّة التي ماجاءت الشريعة إلاّ لتوفيرها للناس ، وما مبنى هذه الشريعة ـ أصـلا ـ إلاّ على هذا الأساس .

قال الإمام ابن حزم رحمه الله : ( إنّ سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ، إذا لم يمكن دفع المنكر إلاّ بذلك ) الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/171

وقال رحمه الله : ( وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكلُّ من معه من الصحابة ، وقول أم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها ، وطلحة ، والزبير ، وكلُّ من كان معهم من الصحابة ، وقول معاوية ، وعمرو ، والنعمان بن بشير ، وغيرهم ، ممن معهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وهو قول كلّ من قام على الفاسق الحجاج ، ومن والاه من الصحابة رضي الله عن جميعهم ، كأنس بن مالك ، وكلّ من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين ) .

ثم قال ( ثم من بعد هؤلاء من تابعي التابعين ، ومن بعدهم كعبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله بن عمر ، وكعبدالله بن عمر، ومحمد بن عجلان ، ومن خرج مع محمد بن عبدالله بن الحسن ، وهاشم بن بشر ، ومطر الوراق ، ومن خرج مع إبراهيم بن عبدالله ، وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء ، كأبي حنيفة ، والحسن بن حي ، وشريك ، ومالك ، والشافعي ، وداود وأصحابهم ، فإنّ كل من ذكرنا من قديم ، أو حديث ، إما ناطق بذلك في فتواه ، وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكـرا ) الفصل 4/171ـ172

وقال أصحاب هذا المذهب :

وقد أمرالله تعالى بقتال الفئة الباغية قائلا : ( فَقَاتِلوُا التّيِ تَبْغِي حَتىّ تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) وقد علق الحكم على وصف البغي ، وهو دليل بيـّن على أن السلطة إنْ تحقق فيها هذا الوصف ، يجــب أن تقاتل حتى تفيء إلى أمر الله .

فإن قيل : إنَّ الآية في طائفتين اقتتلتا باغيةً إحداهما على الأخرى ، وليست في قتال السلطة الباغية ؟!

فالجواب : إنّ عموم الآية يتناول سلطة البغي ، المنحاز إليها طائفة البغي ، الظالمة لبقية المسلمين ، فهي طائفة بلا ريب ، وهي باغية بلا شك ، فوجب الانقياد للأمر الإلهي بقتالها ، عملا بظاهر القـــــرآن.

قالوا : ولئن دل قوله تعالى : ( فإنْ بَغَتْ إِحْداهما عَلىَ الأُخْرَى فقَاتِلُوا التي تبْغي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) على وجوب قتال الباغين من غير السلطـة إلى غاية الرجوع إلى حكم الشريعة ، فما باله لايدل على قتال الباغين من ذوي السلطة إلى غاية هي الرجوع إلى الشريعـة ؟!! والحال أن بغي السلطة أشد ضررا ، وأعظم خطرا ، وأكثر فسادا ؟! إنَّ هذا لعجـب !!

وقالوا : وقد عمل من ذكرنا من السلف بهذه الآيــة ، وبالنصوص القرآنية التي تنفي العهد عن الظالمين قال تعالى: (قالَ إنيّ جاعِلُك للنّاسِ إِمَاما قاَل لاَيَنالُ عَهْدِي الظّالميِن ) .

وبالنصوص النبويّة التي أمرت بالأخذ على يد الظالمين ، فمن ذلك :

حديث أبي سعيد الخدري قال صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواهمسلم

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تلا قوله تعالى ( يا أيها الناس عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم ) فقال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية فتضعونها في غير موضعها وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنّ الناس إذارأوا المنكر ولا يغيرونه ، أوشك أن يعمهم بعقابه ) وقد ورد مرفوعا : ( إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ) خرجه احمد وأبو داود والنسائي

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من نبي بعثه الله قبلي إلا كان له من أمته حواريون ، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) رواه مسلم



قالوا : وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليتخوف على أمته الأئمة المضلين ، ثم لاتكون شريعته داعية إلى إزالة ما يخاف على أمّته منه !

ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال ( إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ) خرجه الترمذي ، وقال ( وإنما أتخوف على أمتي أئمة مضلين ) خرجه أحمد أبو داود وابن ماجـــة ، وقال ( أشد الناس عذابا يوم القيامة : رجل قتله نبيُّ ، أو قتل نبينا ، وإمام ضلاله .. الحديث ) خرجه أحمد

قالوا : ولهذا قال الصديق رضي الله عنه ـ كما في السير ـ في أول خطبة سياسية في الإسلام مبيّنا سنة هذه الأمة في تحقيق العدل ، ومحاربة الظلم : ( إن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ) ..قال ابن كثير : إسناده صحيح

ولهذا قال عمر رضي الله عنه لكعب رضي الله عنه : إني سائلك عن أمـرٍ فلا تكتمني ، قال: والله لا أكتمك شيئا أعلمه ، قال ، أخوف شيء تخوفه على أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أئمة مضلين ، قال عمر : صدقت ، قد أسر ذلك إلي ، وأعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . خرجه أحمد



قالوا : وهذا مذهب سيد الفقهاء أبي حنيفة النعمان رحمه الله ، قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن : ( وكان مذهبه رحمه الله مشهورا في قتال الظلمة وأئمة الجور) وقال ( وقضيته في أمر زيد بن علي مشهورة ، وفي حمله المال إليه ، وفتياه الناس سراً في وجوب نصرته ، والقتال معه ، وكذلك أمره محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن حسـن ) .



قالوا : وهذا نجم العلماء مالك بن أنس رحمه الله ، قد أفتى الناس بمبايعة محمد بن عبدالله بن حسن عندما خلــع الخليفة المنصور ، حتى قال الناس لمالك : في أعناقنا بيعة للمنصور ، قال : إنما كنتم مكرهين ، وليس لمكره بيعة ، فبايع الناس محمد بن عبدالله بن حسن عملا بفتوى الإمام مالك .. ذكــره ابن كثير في البداية والنهايـة 10/84



وقد قالت المالكية : ( إنما يقاتل مع الإمام العدل ، سواء كان الأول ، أو الخارج عليه ، فإن لم يكونا عدلين ، فأمسك عنهما إلاّ أن تراد بنفسك ، أو مالك ، أو ظلم المسلمين فادفع ذلك ) أحكام القرآن لابن العربي .



وقال ابن العربي : ( وقد روى ابن القاسم عن مالك : إذا خرج على الإمام العدل ، خارج وجب الدفع عنه ، مثل عمر بن عبد العزيز ، فأما غيره فدعه ، ينتقم الله من ظالم بمثله ، ثم ينتقم الله من كليهما ، قال الله تعالى " فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد ، فجاسوا خلال الديار ، وكان وعدا مفعولا " ، قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه ، قوتلوا إن كان الأول عدلا ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم ، إذا كان بويع لهم على الخوف ) أحكام القرآن



قالوا وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل في رواية ، فقد ذكر أبن أبي يعلى في ذيل طبقات الحنابلة عنه ( من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامــه ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا ) طبقات الحنابلة 2/305

قالوا : وإن كان المشهور من مذهبه ، تحريم خلع الإمام الجائر ، غير أنه يمكن التوفيق بأن قوله بالتحريم يحمل على عدم القدرة لأنه حينئذ فتترجح المفسدة ، ويبقى الظلم بل قد يزداد.



ولهذا ذهب بعض محققي الحنابلة إلى القول بخلع الجائر ، منهم ابن رزين ، وابن عقيل ، وابن الجوزي ، رحمهم الله ، كما ذكر ذلك المرداوي.

إنتهى المقصود نقله من مقال سابق ،



وقـد قال الإمام الجويني بعدما ذكر عدم إنعزال الإمام بالفسق : ( وهذا في نادر الفسقِ , فأما إذا تواصل منه العصيان , وفشا منه العدوان ، وظهرَ الفساد , وزال السداد , وتعطلتِ الحقوق , وارتفعت الصيانة , ووضحتالخيانة , فلا بدّ من استدراك هذا الأمر المتفاقم , فإنْ أمكن كفُّ يده ، وتولية غيره بالصفات المعتبرة , فالبدار البدار , وإن لم يمكن ذلك لاستظهاره بالشوكة إلاَّ بإراقة الدماء , ومصادمة الأهوال , فالوجه أن يُقاس ما الناس مندفعون إليه , مُبْتَلون به بما يعرض وقوعه , فإن كان الواقع الناجز أكثر مما يُتوقَّع , فيجبُ احتمالُ المتوقّع , وإلا فلا يَسُوغ التشاغل بالدّفع ) أ.هـ



وقد رجحت في المقال المعزوُّ إليه ، عدم جواز الخروج على الحاكم الجائـر بالقوَّة ، بل يجب إستعمال وسائل أخرى ـ كما ذكر الإمام الجويني ـ كما بيَّنت في فتوى أخرى أنَّ محاولات تغييـر النظم الحاكم بغير الشريعـة بالسلاح ـ في مشهـدنا الحالي ـ نهج لايؤدي إلى هدف التغييـر المنشـود ، لفقدانه شروط التغييـر إلى الأحسـن ، بل يستفيد منه النظام للإمعان في فساده ، ودعوت إلى العدول عنه ، إلاَّ أن يستكمل مشروع التغييـر عوامل نجاحـه .



أما سؤالك عن التفريق بين تعطيل الحاكـم للشريعة ، وتبديله الشريعة ، وأنَّ الحاكم المبدِّل تشمله نصوص الحكم عليه بالـردِّة ، والمعطـّل ليس كذلك ، فتفريق متكـلَّف وغريـب جداً ، ليس عليه دليل من كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولاإعتبار صحيح ، وهو مع ذلك كلامٌ متناقض ، فالسلطة المعطّلـة للشريعة الإسلامية ، لابـدّ لها من شريعة أخرى تحكم بها ، فتكون مبدّلة ولابـد ، وحينئذ تتناولها النصوص التي بيَّنـت كفر الحاكم بغير شريعة الله تعالى ، فلا تعطيل إلاّ بتبديل ، ولاتبديل إلاَّ بتعطيل ، وهما متلازمان في مسألة الحكم .



أما سؤالك عن قـول القائـل : إنَّ المبـدّل للشريعة ، لايُسمى مبدلاً إلاَّ إذا زعم أنَّ ما حكم به من غير الشريعة ، هو من الله تعالـى ، فإنّ هذا تحكُّـم محـض ، لا برهان عليه ، ومعلـوم أنَّ جعل القوانين الوضعية الأوربية التي وضعها الكفرة ، الزناة ، الفجرة ، الملحدون ، الصادُّون عن دين الله ، بدل شريعة الله تعالى المطهَّرة ، المنزلة على سيد البـررة ، يُسمـَّى ( تبديـلا ) لغـةً ، فالتبديل هو جعل الشيء مكان الشيء ، أو تغييره مطلـقا.



ومعلوم أنَّ من جاء بأحكام الكفرة ، وقوانين الفجرة ، فحكم بها بين المسلمين ، ونزع القرآن ، والسنة ، وحارب تحكيمهما في أمة المؤمنين ، أنـَّه أشـدُّ جرما ، و أشنع خبـثا ، ممن زعم أنه يحكم بما أنزل الله ، وهو لايفعل ، لأنَّ الأوَّل جميع بين الحكم بغير الشريعة ، وتعظيم قوانين الطاغـوت ، وإخضاع المسلمين لدين الكفَّـار ، ذلك أنَّ القوانين الوضعيـة التي تحكم على السلوك الإنساني فتحرّم ، وتحلّل ، وتبيح ، وتجـرّم ، هي دين الكـفار الذي به يدينون في هذا العصـر ، وعقيدتهم التي إليها يرجعـون ، وهذا هو أعظـم صـور الموالاة لأعداء الله تعالى .



وكلاهما يتناوله قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا ) فنعمة الله هي رسالة محمِّد صلى الله عليه وسلم الهادية إلى كلّ خير ، والكفر هو كلّ ما يخالفها ، وكلُّ ما يخالفها هـو الجاهلية ، كما قال تعالى ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وقد ذكر الله تعالى ، هذه الآية الكريمة بعدما جمع أوصاف الذم للحاكم بغير الشريعة ، ثـم سمَّى كلَّ ما سواها ، حكمـاً بالجاهلية ، وقـد جعله تبديلا ، وحينئذ فلا يكون الحاكم بالجاهلية ، سلطةً شرعيَّـة لأمـّة الإسلام ، إذ لايوجد تناقض أكبر من التناقض بين الحكم بالإسلام ، والحكم بالجاهلية ، فكيف يكون الحاكم بالجاهلية ، حاكما شرعيا على المسلمين ؟!!

،



هذا .. ونسأل الله تعالى أن يهدي الجميع لما يحبه ويرضاه ، وأن يسلك بهذه الأمة أمراً رشداً ، يعـزُّ الله فيه أهل طاعته ، ويحكم فيه بشريعته ، ويذل فيه أهل معصيته ، وتُقصى قوانين الطاغـوت من بلاد المسلمين .. آمين



والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

وداد
02-13-2010, 09:30 AM
أعذروني على خروجي عن الموضوع وعلى هذا السؤال الساذج نوعا ما ....الأولى عندي كعامي أن أعرف من هم السلفية..قبل الدخول بتفاصيل الموضوع ابتداءا من العنوان..الشيخ يمكن سلفي و شفت بالموضوع 3 أنواع من السلفية من الكثير من الأنواع الموجودين غيرهم على الساحة ممن يسمون أنفسهم سلفية...
مرة سألت**سلفية**قلت لها أعطيني تعريف السلفية...قالت لي هي اتباع السلف الصالح...قلتلها إي لكن بدي ماهية وتعريف عملي يعني اقصد اعمليلي إسقاط..عادتلي نفس القصة هي اتباع السلف الصالح.......:confused::frown:

مقاوم
02-13-2010, 12:34 PM
أعذروني على خروجي عن الموضوع وعلى هذا السؤال الساذج نوعا ما ....الأولى عندي كعامي أن أعرف من هم السلفية..قبل الدخول بتفاصيل الموضوع ابتداءا من العنوان..الشيخ يمكن سلفي و شفت بالموضوع 3 أنواع من السلفية من الكثير من الأنواع الموجودين غيرهم على الساحة ممن يسمون أنفسهم سلفية...

أختنا الفاضلة د. وداد
هل قرأت رد الشيخ حامد العلي؟ مقدمة رده كلها تعريف بالسلفية والمنهج السلفي.

وداد
02-13-2010, 12:58 PM
نعم قرأتها بارك الله فيك...لكن المشكلة اذا عملنا اسقاط الآن لن يكون هناك اختلاف عن مقدمة الشيخ بل جل الإختلاف هو عن ما ذكره بعد المقدمة...

من هناك
02-13-2010, 04:20 PM
لقد أكملت القراءة وهي فعلا شيقة لكن المتعة تلاشت تدريجيا لأني لمست الكثير من الدهاء والالتفاف على النصوص وقد يكون سبب ذلك أن هذا كان حوارا في مقابلة صحفية وليس بحثا علميا مؤصلا.
الشيخ محمد الددو الذي تربطني به علاقة ود ومحبة في الله أعرفه منذ أكثر من عشر سنين. وهو ظاهرة علمية فذة بذكائه وحافظته واستحضاره للنصوص والأدلة في شتى القضايا وليس من السهل مناظرته إلا لمن كان ندا له في العلم والتأصيل.

طرح أدلة المخالفين وتفنيدها ومن ثم الرد عليها وإزالة الشبهات حولها هو من أشهى البحوث وأمتعها بالنسبة لي وهناك الكثير مما طرحه الشيخ يمكن الرد عليه ولكني أوافقه تماما في مسألة مهمة جدا وهي قضية المعاهد والمستأمن وعصمة دمه.

لكني أتمنى على كل من يتصدر للرد عليه أن يحاوره بنفس الأسلوب العلمي الرصين الذي استخدمه دون استهزاء أو استخفاف أو إسفاف.
بوركت يا شيخ. يبدو انه صرعك في احدى المناظرات فأعلنت الإستسلام من الآن :)

الموضوع مهم..ولكن يحتاج الى اكثر من قراءة... و بعيدا عن التكفير هناك سؤال:
هل اعانة المسلم الظالم على اخيه المسلم المظلوم كاعانة الكافر الظالم على المسلم المظلوم ؟ السؤال طبعا من الناحية الشرعية
ثانيا: هل تم الجزم بان الحروب على بلادنا هي حروب اقتصادية وحروب مادية فقط ؟
ثالثا: قضية من لم يحكم بما انزل الله... الرد جميل جدا ولكنه منقوص..اي لم نعرف ضمن اي مخصوص تم وضعه وكيف تكم تنزيله على الحكام
كلا ليست إعانة المسلم المظلون على مسلم ظالم كإعانة الكافر ولكنني اظن انه قصد ان هناك فرق بين إعانة الكافر والإستعانة بالكافر. مع انني لا اوافقه إلا انني احاول ان اشرح ما فهمته.

الحرب في اصلها ثقافية ودينية ولكن الغرب يجملها بانها حرب على الإرهاب ومن عندنا يجملونها بأنها حرب لسرقة المصادر. ولكن هل هناك اي فرق بالنسبة لمن يأخذ؟

بما ان الرد قد اعجبك، فلا تطلب المزيد :)

أعذروني على خروجي عن الموضوع وعلى هذا السؤال الساذج نوعا ما ....الأولى عندي كعامي أن أعرف من هم السلفية..قبل الدخول بتفاصيل الموضوع ابتداءا من العنوان..الشيخ يمكن سلفي و شفت بالموضوع 3 أنواع من السلفية من الكثير من الأنواع الموجودين غيرهم على الساحة ممن يسمون أنفسهم سلفية...
مرة سألت**سلفية**قلت لها أعطيني تعريف السلفية...قالت لي هي اتباع السلف الصالح...قلتلها إي لكن بدي ماهية وتعريف عملي يعني اقصد اعمليلي إسقاط..عادتلي نفس القصة هي اتباع السلف الصالح.......:confused::frown:
لأن السلفية يا اختي عملياً هي في اتباع المذهب السلفي وهذا يعتمد على الأخذ من مجموعة معينة من العلماء ممن اتبعوا هذه الطريق من مئات السنين. هل يكفي هذا كتعريف طبعاً لا.
لو اردت الإسقاط على الواقع يمكنك ان تجدي بضعة عشر مدرسة سلفية واتباع لها في كل بلد. الأسماء الأكثر شهرة هي:
الشيخ إبن باز ومدرسته
الشيخ العثيمين ومدرستة
الشيخ الألباني ومدرسته

هناك انواع اخرى من السلفية واشهرها السلفية الجهادية (القاعدة) او السلفية العلمية (المدخلي ومدرسته) والسلفية المودرن (سلفية الكويت ولبنان والغرب).

أختنا الفاضلة د. وداد
هل قرأت رد الشيخ حامد العلي؟ مقدمة رده كلها تعريف بالسلفية والمنهج السلفي.
لكن الشيخ يعرف السلفية من منظور منهجه هو ويتناسى افرع السلفية الأخرى.


نعم قرأتها بارك الله فيك...لكن المشكلة اذا عملنا اسقاط الآن لن يكون هناك اختلاف عن مقدمة الشيخ بل جل الإختلاف هو عن ما ذكره بعد المقدمة...
الإختلاف لن يختفي بتعريف مجموعة او اخرى. المدرسة السلفية لا تعتمد على التقليد المذهبي وتترك الباب واسعاً امام الإجتهاد من النص مباشرة ولذلك سيكون الباب مفتوحاً دوماً لفهم جديد للنص ولنشر مفاهيم سلفية جديدة. لذلك نرى ان السلفية هي الحركة الأكثر تمدداً وتفرعاً. قد يكون هذا الأمر غنى وسيجد القبول محلياً (في المناطق التي تنتشر بها المدارس المستجدة) إلا انه يوصل للفرقة والنزاع و "انا ومن بعدي الطوفان" و "لا اريكم إلا ما ارى" احياناً. كما انه يضعف الحركة عالمياً ويجعلها في مهب الرياح السياسية سواء تغير المزاج السعودي او حاول السلفين تبديل مواقفهم تجاه الحاكم.

عبد المجيد
02-13-2010, 06:36 PM
http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/11/21/1_870505_1_34.jpg



محمد الحسن ولد الددو .. بغض النظر عن انتمائه المذهبي أو فكره السياسي .. إلا أنه شيخ من شيوخ السلطة .. عالم من علماء المخابرات .. وإرهاب الدولة ..


لقد قام بنفس الدور الذي قام به "عائض القرني" قبل سنوات ... هل تذكرون "عائض القرني" عندما خرج على شاشة القناة السعودية وهو يهدد أكبر ثلاثة علماء أفاضل في جزيرة العرب ؟! كان يهددهم و"يطلب منهم التوبة" و "التراجع" عن عقيدة الجهاد ... وإلا فإن مخابرات محمد بن عبد الوهاب لهم بالمرصاد !


حسبنا الله ونعم الوكيل ... علماء الحكومات ومشايخ الحكام هم هم لم يتغيروا .. رسالتهم هي هي لم تتغير .. هم أداة بأيدي الأنظمة الحاكمة بشريعة الشيطان ...


ولد الددو يتباهى بأنه أقنع بعض الأسرى بترك الإسلام واعتناق بعض مفاهيم الردة والكفر .. إلا اثنين منهم ثبّت الله قلوبهم على الإيمان ..


وهذا هو الخبر كما جاء من المصدر ( مع التحفظ على كلمة "سلفي" الواردة في الخبر فهذه الصفة باتت فاقدة المعنى في ظل قيام الكنيسة النجدية بتحريف معناها الصحيح لحسابها الخاص ) .


http://www.aljazeera.net/NR/exeres/504D20DC-D842-431D-A173-2206F9455BC7.htm