تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لقب شيخ .. ودار الفتوى



من هناك
02-10-2010, 11:19 AM
لقب شيخ .. ودار الفتوى


بقلم / المحامي أحمد المجذوب الصباغ - صيدا:

قضية الشيخ المجذوب، أُعطيت أكثر من حجمها عندما أثيرت مسألة الاختطاف وأخذت أكثر مما تستحق عند انكشاف تفاصيل عملية الاختفاء.
اوقف الشيخ وأحيل إلى القضاء المختص ليقول لاحقاً كلمة الفصل في حجم ما اقترفه هذا الشخص من جرم جزائي مع شريكه، وإلى حين البت بالدعوى ينخفض الكلام عن الموضوع ويعلو صوت أسباب هذه المهزلة التي حصلت.
لعل أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في حصول هذه الواقعة هي شخص الشيخ نفسه الذي فعل فعلاً يمكن أن يرتكبه أي شخص آخر بغض النظر عن موقعه ومكانه، وإذا كان الشيخ رمزاً للطائفة الإسلامية فهذا لا يعني أن الشيخ لا يخطئ أبداً أو أن المشايخ لا يقترفون أفعالاً لا تليق بهم فهم بشر وليسوا معصومين.
ومن المؤكد أنه لا يمكن أن نحمل دار الفتوى مسؤولية هذه القضية باعتبار أن الفاعل شيخ ينتمي إليها، لكن من الضروري أيضاً أن تتنبه دار الفتوى وتتحمل مسؤوليتها وتعتبر هذه الحادثة هي ناقوس الخطر الذي يمكن أن يزعزع الثقة فيما لو لم تتخذ التدابير اللازمة لصيانة هيبتها وحفظ كرامة مشايخها الكبار وعلمائها الذين يتضررون من حصول أي أفعال مشينة يأتي بها شيخ ليس على مستوى المسؤولية.
وما نلاحظه ويلاحظه الجميع أننا فعلاً نواجه أشخاصاً يدعون المشيخة ويضعون العمامة ويلبسون العباءة الشرعية وهم لا ينتمون إلى واقع الدين أو حتى إلى أي علم شرعي يجعلهم يستحقون ارتداء اللباس الشرعي والحصول على لقب الشيخ.
وأذكر على سبيل المثال أننا كنا نصلي في أحد مساجد صيدا، وفي هذا المسجد إمام مقرىء جميل الصوت متقن علم التجويد، فحصل أن جاء شخص يرتدي العباءة ويضع العمامة وقدم نفسه للإمام على أنه إمام أحد المساجد في الجنوب، فما كان من إمام المسجد إلا أن قدمه للصلاة ليصلي بنا إماماً، وهنا تفاجأنا جميعا بأن هذا الدعي لا يفقه شيئاً بالقراءة أو بعلم التجويد وكان هناك كلام عن إمكانية إعادة الصلاة بسبب الأخطاء التي ارتكبها لفظاً أثناء القراءة، وعندما انتهينا من الصلاة توجهنا إلى الإمام لنعاتبه على تقديمه هذا الشخص فقال لنا " عرفني على أنه إمام مسجد وغرتني عمامته وعباءته".
إمام مسجد غرته عمامة هذا الشخص، فما بال عامة الناس أمام هذا الشيخ وما يمكن أن يصدر عنه من فتاوى أو مسؤوليات شرعية.
إذاً القضية تكمن في أنه ليس هناك ما يمنع أي شخص غير مؤهل دينياً من ارتداء هذا اللباس الشرعي ولا حدود تميز بين من هو عالم أو شيخ أو شخص جاهل يرتدي اللباس الشرعي، وهذا المثال الذي طرحناه هو غيض من فيض على واقع هذه المسألة، وهناك الروايات التي لا تشرف إطلاقاً في سردها عن أشخاص يرتدون اللباس الشرعي ولا يفقهون شيئاً في الدين.
إن دار الفتوى أمام مسؤولية كبرى هي ضرورة وضع حد لظاهرة حرية ارتداء العمامة واللباس الشرعي من قبل أي شخص يدعي العلم والشريعة والتقوى، وعلى دار الفتوى في كل منطقة أن لا تكتفي بتحديد هوية الأشخاص الذي يرتدون هذا الزي الرسمي بل عليها أن تتشدد من كل من يحق له هذا اللباس وأكثر من ذلك أن تلاحق قضائياً كل من يفرض نفسه باللباس الشرعي وكل من يدعي أنه عالم شرعي بدون أن يكون مجازاً بالعلم ومنتسباً إلى دار الفتوى وأن تحرص على ملاحقة كل شخص يزعم أنه يمثل دار الفتوى أو أنه بصفته عالم من علماء صيدا مثل مدينة صيدا في مناسبة ما، لأن حق التمثيل لعلماء صيدا محصور قانوناً بدار الفتوى وكل شخص تكلفه دار الفتوى تمثيلها.