تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : د.أحمد نوفل: جدارنا و جدارهم



فـاروق
01-26-2010, 04:40 PM
منبر السبيل

تاريخ النشر

21/01/2010 - 07:00 م







كانت القيادة الفلسطينية تسمي الجدار الإسرائيلي، "جدار الفصل العنصري" تشبيهاً له بالجدار الذي أقامه "الأفريكان" أي البيض الذين استوطنوا إفريقيا، في وجوه أصحاب البلاد الأصليين من السود الأفارقة. "وكارتر" سماه في كتابه الذي أقام عليه قائمة اليهود حتى اعتذر أخيراً، سماه أيضاً جدار الفصل العنصري. والعجيب الغريب اللامنهجي واللاعقلاني في تفكير القيادة الفلسطينية أن تدافع باستماتة، وكان يكفيها أن تصمت أو تخرس أو تبلع لسانها أو..، لكنها أبت إلا أن تسفر عن وجهها الكالح القبيح، فقامت تنافح وتكافح وتناضل وتقاتل وتستبسل في الدفاع عن الجدار الرفحي الغزي الفولاذي، وتستشهد في دفاعها بالسيادة والشرعية -التي يفهمونها جيداً- ومصر حرة (فيلم لإحسان عبد القدوس) في أن تفعل في أموالها ما تشاء، وتتصرف في أراضيها كما تريد، وتستثمر سيادتها كما تهوى.. إلى آخر المعزوفة المعروفة.

ولكن ما موقفنا بعد الجدار الفولاذي من الجار العربي الشقيق مع جاره، ومن الأم نحو بيت بنتها..؟ ما موقفنا بعد جدار العار العربي السيادي، من جدار الأعداء الألداء الذي أسماه العالم والعرب من العالم: جدار الفصل العنصري؟ أليس من أهم إنجازات الجدار الجديد أنه أحسن محامي دفاع عن الجدار الإسرائيلي؟ وإذا كان المنطق التسويغي والتبريري والذرائعي العربي يتمترس بمثل المقولات الفجة: منع تهريب السلاح إلى غزة، ومنع المخدرات، ومنع الإرهاب والإجرام الفلسطيني.. إذا كان هذا هو المنطق العربي الذي يتردد لتبرير جدر العرب، أوليس هذا بذاته أعظم مصداق لمنطق دولة الإرهاب والبغي..؟ أليس هذا أعظم تزكية للإعلام والسياسة الإسرائيليين؟ إذاً كل ما تقوله دولة العصابات صحيح.. فيما يتعلق بالتطرف والإرهاب والعدوان المنطلق من غزة، وهكذا فلتكن الخدمة لقضايانا وإلا فلا!

أية جريمة نرتكبها بحق أنفسنا وإخواننا؟ وأي تشويه لصورتنا في العالم؟ وكيف إذا كان الكلام كله عن الإرهاب والمخدرات كذباً في كذب، وإفكاً وتلفيقاً وزوراً؟ نكذب لنشوّه إخواننا، ونخدم أعداءنا، ونصغر أنفسنا وبلداننا. ورحم الله القيم والهمم والقمم والأمم!

وقد رجعت إلى مادة "جدر" في القرآن الكريم، فوجدت أول مواردها في العرب وآخرها في اليهود، فأما أول ورودها فهو: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا.." التوبة97. وأما الجدار بالمفرد معرفاً ومنكراً فقد ورد في سورة الكهف في قصة موسى والعبد الصالح وهي معروفة. وأما آخر المواطن فهو في كيفية قتال اليهود لنا وأنها لا تكون أي مقاتلتهم إلا مختبئين وراء الجدر لشدة رهبتهم وخشيتهم وخوفهم وجبنهم وقلة رجولتهم! "لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله" وذلك في سورة الحشر التي تكلمت عن الإخراج الأول المتصل بالإفساد الأول، وهو الذي تكلمت عنه كذلك سورة الإسراء، لكن الآية تبين ناموساً وسنة ثابتين فيهم، أنهم لا يقاتلون إلا من وراء الجدر. والجدر كما تعلمون تكون مادية وتكون معنوية.. وتكون أحياناً بشرية، فكم تمترس اليهود المجرمون وراء متاريس بشرية من أطفال وغيرهم؛ ليأمنوا ألا تطلق عليهم النار، وفي أثناء المداهمات والتفتيشات، كانوا يضعون في الواجهة دونهم، بعض العرب ممن يختطفونهم من منازلهم ليتخذوهم متاريس أو جدراً بشرية، وهذا صنيع خسيس ندر أن تجد مثله في التاريخ والجغرافيا، إلا عند هذا الشعب الخسيس، الزاعم زوراً أنه الشعب السوبر المختار.

أما الآية الكريمة فهي: "لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر.." وإني لأستروح من الآية أنه مع انتهاء الجدار الفولاذي المنصوب المضروب حول غزة تبتدئ حملة "رصاص مصبوب" جديدة، في تنسيق سيادي عربي يهودي وثيق محبوك!

وبعد القرآن أحببت أن أراجع لسان العرب.. قال في لسان العرب: "والجدار: الحائط (لم يحدد مادته..)، والجمع جدر وجدران" قال: "وهو مما استغنوا فيه (أي العرب) ببناء أكثر العدد عن بناء أقله.." (أي أن المستعمل الدارج جدران، وهو جمع الكثرة لا جدر. لكثرة الجدران حول العرب، ولكثرة من يقيمونها، فمرة يهود ومرة عرب، ومرة أمريكان، ومرة في رفح ومرة في العراق ومرة حول الضفة ومرة..، وكأن صاحب اللسان كان يستشرف الآتي من الزمان والمكان حين أعلمنا أن العربان في ماضي الزمان ومستقبل الزمان سيستخدمون كلمة جدران المفيدة الكثرة على حساب جُدُر المفيدة القلة..) ونواصل ما قال في اللسان: "والجَدَرَة حي من الأزد (عرب يعني) بنوا جدار الكعبة. والجدري مرض يصيب الجلد، وعامر الأجدار أبو قبيلة من كلب" (هذا ليس شتماً!) (هذه من أسماء العرب! من بناة الجدران من المجاديب المجادير العرب. ولا عجب!)

وفي الحصار قال في اللسان: "والحصار: الموضع الذي يحصر فيه الإنسان، تقول: حصروه حصراً وحاصروه، وكذلك قول رؤبة (هو العجاج شاعر من الصعاليك العرب معروف!): "مِدْحة محصور تشكّى الحصرا" يعني بالمحصور: المحبوس. والإحصار: المنع والحبس. وأحصره العدو وحصره إذا ضيقوا عليه وأحاطوا به وحاصروه محاصرة وحصاراً!. قال ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو" (ابن عباس لم يشهد عصرنا بطبيعة الحال!) ثم قال: "وأرض محصورة ومنصورة" (هكذا بالنص بالدقة وهو من بديع الموافقات!)

وقد أحببت أن نستحضر وإياكم بعض المفردات العربية السياسية، أقصد اللغوية السيادية.. من باب زيادة المعرفة وإغناء اللسان وزيادة الوعي السياسي اللغوي الحصاري السيادي العربي! وبعد الكلام العربي نقرأ بعض الكلام العبري عن الجدار وفوائده واستغناء اليهود به عن السلام. (وحصرم عنبك يا عم عباس!) (قال في اللسان: رجل حصرم ومحصرم: ضيّق الخلق بخيل فاحش قليل الخير) (حاشاك يا عم عباس!).

نعود إلى اللسان العبري فقد جاء في مقال كاتب من كبار كتاب "نيوزويك" وهي مجلة الصهاينة الأولى في العالم (عُرّبَتْ): في عدد 12 من شهر يناير جاء عنوان المقال: "من يحتاج إلى السلام أصلاً"؟ وجاء فيه عن الجدار: "حين أكمل الإسرائيليون الجدار حول الضفة وجداراً مماثلاً حول القدس الشرقية لم يتمكن أي مفجر من دخول إسرائيل! هذا الجدار بني على أراضي الفلسطينيين.. ومع الجدل حوله فإن نتيجته واضحة.. هذا الجدار نجح. وبالمثل تمت كذلك تهدئة غزة.." ثم قال: "إن الإسرائيليين يتمتعون بمنافع السلام من دون اتفاق سلام!" (سامع يا عم عباس أنت والأخ سلام..؟!) "إن الإسرائيليين انسحبوا فكرياً وعاطفياً من عملية صنع السلام.." أما عم عباس فلم ولن ولا النافية والناهية.. لن ينسحب مهما كلفت الأثمان، وهو مع الجدار، بل هو ورموز سلطته كانوا ممن أسهم في تزويد جدار العبرانيين بمواده، وكانوا ممن أسند دعائياً ودفاعياً-إعلامياً جدار العربانيين! فكيف بعد كل تورطهم وتواطؤهم في الجدر ومع الجدر واستخدامهم كجدر يظلون قادة للشعب الفلسطيني؟ إنهم جدر يقاتلنا من خلفها قتلة الأنبياء.. وقتلة الشعوب!

ما أجدرهم أن يرتحلوا فهم كالجدري شوّهوا وجه شعب عظيم. آن أن يرتحلوا "آن أن تنصرفوا

من هناك
01-26-2010, 07:29 PM
هل تتوقع المزيد من المعارك بعد انتهاء بناء الجدار إذاً؟
اسرائيل ليست بحاجة للجدار كي تحتمي به الآن ولكنهم جبناء إلى قيام الساعة طبعاً.

فـاروق
01-27-2010, 08:28 AM
المتوقع هو رصاص مصبوب آخر..

ونسأل الله ان يلطف بعباده

من هناك
01-27-2010, 12:02 PM
لا اتوقع المعركة في هذه الفترة ولكن هناك صيغ كثيرة معروضة ونسأل الله ان ينجي منها المسلمين