تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دروس من بيروت



مقاوم
01-25-2010, 02:19 PM
دروس من بيروت




خالد عمر

أحييكم هذا الأسبوع من بيروت، العاصمة التي لاتكل ولا تمل صيفا أو شتاء، صانعة للبنانيين والعرب والعالم دروسا سياسية وأخلاقية تستحق الاحترام والتوقف عندها باهتمام.

أول أمس انتهى في بيروت الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة، وهو ملتقى دعا إليه المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن الذي يرأسه السياسي والمفكر اللبناني المعروف معن بشور، وشارك في تنظيمه العشرات من الهيئات والمؤسسات والاتحادات الشعبية العربية، ليمثل هذا الملتقى واحدا من أهم وأكبر الملتقيات العربية الدولية النوعية، وأقدرها تأثيرا على شرائح واسعة من المثقفين والسياسيين والمفكرين والإعلاميين والقانونيين والعلماء والشباب وممثلي التيارات السياسية والفكرية العربية والإسلامية، علاوة على جذب عدد كبير من الناشطين الأجانب المناصرين للقضايا العربية.

حسن نصرالله، يوسف القرضاوي، خالد مشعل، الناشط المغربي خالد السفياني، حارث الضاري، رمزي كلارك، وغيرهم من الأسماء امتلأت بهم قاعات ومنابر الملتقى مثلما اكتظت بيروت بآلاف المشاركين الذين قدموا من جميع القارات، قد لايمثلون بالضرورة نسيجا واحدا موحدا ولا تيارا سياسيا واحدا، لكنهم اجتمعوا على كل القواسم المشتركة التي تجمع السني بالشيعي، المسلم بالمسيحي، الإسلامي بالقومي البعثي أو الناصري أو اليساري أو الليبرالي.

إنها قدرة الحوار والتفاهم على صنع مثل هذا التشبيك بين كل هذه القوى والتيارات التي تبدو متناقضة متباعدة.. لكنها تستطيع أن تصنع الانتصار لفكرة المشترك والاتفاق عليه.

بيروت بدورها تثبت مرة أخرى قدرتها على التعافي، والخروج من جديد من شبح الفتنة الداخلية، وتجاوز الأفخاخ التي تنصب لها ولأهلها مرة بعد مرة بقصد توفير مناخات الانقسام والحرب الأهلية التي جربها اللبنانيون وندموا عليها، وبيروت تؤكد لنا باستمرار أن تعافي ساحة من الساحات العربية يصب في مصلحة تعافي الجسد العربي كاملا.

وبيروت بهذا، وبقدرتها على صنع أحداث كبيرة عظيمة من نوع هذا الملتقى وغيره مما يُسهم في ترميم الجسد العربي المُهترئ تؤكد لنا قيمة الحوار وأهميته وحتميته، وأنه ضرورة، وأن نتائجه تعني قوة ووحدة وائتلاف وانجاز.

بيروت 2010 بما تعيشه من أجواء مصالحة أهلية وعودة لتقارب كل الفرقاء، وماتقدمه من إسهام في خدمة القضايا العربية، الإسلامية، الإنسانية، تقدم لنا نموذجا حيا يدعو للإعجاب والاعتزاز.. كما يدعو كل من يتخبط في دوامة العنف وانفلات الأعصاب والتعاطي غير الحضاري وغير الأخلاقي وغير القانوني في أي مجتمع من المجتمعات إلى أن يحذو حذو لبنان واللبنانيين في الحوار والمصالحة.