تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ذئاب إسرائيل و "وادي الذئاب"



admin
01-13-2010, 06:00 PM
ثمة ضجة إعلامية كبيرة، واحتجاجات عبرية حادة وصلت إلى درجة الإسفاف والوقاحة من خلال معاملة غير دبلوماسية ولا لائقة للسفير التركي في إسرائيل، والسبب الأبرز مسلسل تركي يعرض في بلاد الأناضول بعنوان "وادي الذئاب". المسلسل يتحدث عن التجاوزات الأخلاقية للإسرائيليين وعن جرائم القتل والخطف التي يقترفونها تحت مسميات عديدة وذرائع مختلفة. الدولة العبرية تريد لهذا المسلسل أن يتوقف وأن لا يبث لأنه – ومن خلال التهمة الجاهزة- معاد للسامية، على الرغم من أنه وبحسب معلوماتي لم يتناول اليهود بسوء ولكن تعامل مع ممارسات إسرائيلية تتم جهارا ونهار كما الحال في قطاع غزة، إن كان في عملية الرصاص المسكوب أو ما قبلها وما تلاها من قصف واغتيالات بالإضافة لمحاصرة القطاع وسكانه في جريمة ضد الإنسانية تمارس علنا ومنذ ما يربوا على أربع سنوات.

عبارة المسلسلات التركية أصبحت في الوعي العربي مرادفة لفن الإسفاف والإباحية وتشجيع الزني والعلاقات المحرمة، بعد أن تسابقت العديد من الفضائيات العربية لبث تلك المسلسلات وصناعة نجومية كبيرة لرموزها في عيون المراهقين والشهوانيين. المسلسلات التركية بُثت في فضائيات تخصصت في الهجوم وتسفيه فكر المقاومة وفي تسويق ثقافة الانهزام والرضا بذل وهوان الأمر الواقع. تلك الفضائيات ترفض بإصرار وصف الاعتداءات الإسرائيلية والشهداء والمقاومة بمسمياتها الحقيقة والمجردة، بدعوى الحيادية وهي أبعد ما تكون عن المهنية والحيادية والأخلاق الإنسانية.

وإذا كانت بعض الفضائيات العربية تتسابق على بث المسلسلات التركية الهابطة بدعوى عوامل السوق وصناعة الأرباح، فإن شهرة مسلسل وادي الذئاب تجعل منه سلعة رائجة وبضاعة رابحة لأية فضائية عربية تسعى لبثه على الجمهور. ومع ذلك فإن أكاد أجزم أن ذلك المسلسل لن يرى النور في الفضائيات العربية والتي تبث على مدار الساعة مسلسلات الحب وأفلام والهيام وبرامج ستار أكاديمي وصناعة أوهام الشهرة والثروات المليونية والتي تسعى لإلهاء الرأي العام العربي وإشغاله عن قضاياه وعن الحرائق المشتعلة في البيت العربي وفي أكثر من جهة وعلى أكثر من جبهة. هناك إعلام عربي ومن خلال مواقفه ومصطلحاته وبرامجه وضيوفه قد أصطف وبشكل لا مواربة فيه ولا خلاف عليه في جانب الهجمات الصهيونية والأمريكية والتي تستهدف الأمة فكرا وعقيدة وأمنا بل ووجودا، هذا الارتباط لم يكن في شكل طابور خامس بل في جبهة متقدمة وحماسة منقطعة النظير.

إنه إعلام الهزيمة النفسية والانهيار القيمي والذي يسبق ويتسابق مع الإعلام الإسرائيلي والأمريكي اليميني المحافظ والغربي المتطرف في تجريم المسلمين وفي اتهام تيارات المقاومة بكل تهم التطرف والتشنج تحت مسميات مختلفة. إعلام يقف على رأسه ذئاب بشرية تجردوا من القيم والأخلاق الإنسانية. ففي الوقت الذي نرى تيارات وشخصيات وجمعيات في الغرب تقف مواقف داعمة لغزة في الحياة وفك الحصار، وتفضح الأكاذيب الأمريكية والبريطانية فيما يتعلق بغزو العراق وتدميره، نجد ذئاب الإعلام العربي وهي تتشفى بحقد دفين وتستمتع بسادية عجيبة بمعاناة سكان القطاع وأهل العراق وغيرهم من بني جلدتهم.

ياسر سعد