تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخراســـــــــــاني وفن تلطيش الأمريكـــــــــــــان



ابوخالد عبدالله
01-10-2010, 10:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الخراساني وفن تلطيش الأمريكان


ذكر فيكتور أستروفسكي ضابط الموساد الإسرائيلي في كتابه الماتع " عن طريق الخداع " العديد من القصص التي تحكي طرق الموساد في تجنيد العملاء واختراق الدول والتجسس عليها ، وأساليب الإغتيالات السرية وغيرها من أسرار جهاز الإستخبارات الإسرائيلي المعروف بالموساد ، والحقيقة أني قارنت عمليات الموساد الإستخباراتية كعملية [ أبو الهول ] التي تم فيها تجنيد أحد مهندسي البرنامج النووي العراقي ، وأدى ذلك بالنهاية إلى تدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981 بضربة جوية إسرائيلية اعتمدت على المعلومات الإستخباراتية المستقاة من العميل ، أو عملية موسى عام 1985 التي تم فيها تهريب يهود أثيوبيا - الفلاشا - إلى إسرائيل عبر منتجع سياحي أنشأه عملاء الموساد على الساحل السوداني من البحر الأحمر من غير أن تشعر الدول العربية بذلك ، قارنتها بغيرها من العمليات النوعية لبعض أجهزة الإستخبارات العالمية فوجدتها الأفضل من حيث القدرة على الخداع والإستدراج والتضليل ، إلا أن ما حدث في قاعدة [ تشابمان ] في خوست الأسبوع الماضي قد غير قواعد اللعبة !


أكاد أتفجر من الضحك وأنا أتخيل أبا دجانة الخرساني وهو يدخل قاعة الإجتماع في قاعدة تشابمان للعمليات الأمامية ، ومسؤولي السي آي أيه المتلهفين للمعلومات الثمينة بانتظاره على أحر من الجمر ، وعميلهم الأردني غير الشريف علي بن زيد يرحب به بفخر أمام أعمامه الأمريكان ، وفي ظل هذه الأجواء الإستخباراتية الجدية الساخنة والمنقولة أحداثها كما كشف لاحقا إلى البيت الأبيض والتي ينتظر رؤساء وأساطين السي آي أيه نتائج الإجتماع فيها بفارغ الصبر ، ولا ألومهم على ذلك فقد تعرضوا لعملية ترزيل وشتم من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى أصغر صحفي في أحقر صحيفة أمريكية بعد أخطائهم الكبيرة في فورت هود و اليمن وديترويت فجاء هذا الإجتماع والذي كان ثمرة لعملية تجنيد استمرت أكثر من عام - كما يظنون - ليضع اللمسات الأخيرة على عملية اغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة ، وهذا الأمر الوحيد الذي سيحفظ ماء وجوههم ويعيد لهم أمجادهم كأسياد للعمل الإستخباراتي ، ويعيد للسي آي أيه هيبته المهزوزة ! ولكن كما قيل في المثل المصري : جت المتعوسة تفرح ملأتلهاش مطرح !


من المعروف أن نظام الترقية في الأجهزة العسكرية والأمنية في جميع الدول يحدد بشكل كبير تبعا للأقدمية وعدد الدورات التخصصية وأوسمة الشرف وغيرها ، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تشترط بجانب ذلك نسبة معينة من الذكاء فيمن يراد ترقيته إلى جنرال فما فوق ، وهذا يتم عن طريق اجتياز اختبار الذكاء المعروف ب" مقياس ركسلر للذكاء" ، والحصول على درجة عالية في مجموع نقاطه ، وموضوع الذكاء هذا يراعى بشكل أكبر في الأماكن التي تعتمد على أساليب العمل الذكي كوكالة السي آي أيه ، وكما هو معروف أن عملاء السي آي أيه الثمانية الذين قتلوا في وسط قاعدتهم كانوا من ذوي الرتب العالية بل إتضح أن من بينهم مديرة القاعدة نفسها ! ومن هنا نعرف أن أبا دجانة كان يتعامل مع نخبة من أذكى أذكياء العقول الإستخباراتية في أمريكا ! وهذه النخبة من الأذكياء مع ما يلحق بها من أجهزة وتقنيات وطائرات بدون طيار وإدارات دعم وعلماء نفس وضباط ارتباط وغيره ، انقادت بشكل تلقائي وطبيعي لكل الإشارات التي كانت تصدر من عميلهم المفترض " د.همام " ، وهذا يدل على أن هناك ذكاء من نوع آخر . . . من نوع لا يستطيع مقياس ركسلر ولا غيره سبر أغواره ، استطاع التعامل بحذر مع كل تلك العقول وعلى مدى سنة كاملة دون أن تلوح لائحة شك حوله ودون أن يفقد أهميته لديهم لأنه كان يزودهم بالمعلومات المطاطية ، وأقصد بالمطاطية التي يفرح بها الآخرون وفي نفس الوقت لا تضر المجاهدين ! حتى وصل إلى درجة [ عميل مهم جدا ] وهي تقسيمة خاصة بالعملاء ، فالموساد مثلا يقسم جواسيسه إلى درجات ويتعامل معهم بحسب درجة أهمية كل منهم ، وهذه المكانة الهامة التي وصل إليها أبو دجانة هي التي دعت قيادات السي آي أيه إلى السفر للقائه فور طلبه ذلك ، وهذه المكانة هي التي خطط لها أبو دجانة وفريق العمل الإستخباراتي الخاص به ، وهي التي حيرت الرأي العام الأمريكي فأخذ يسأل بحرقة وغضب : كيف استطاع خداعهم ؟ فأجاب السي آي أيه : لقد استحوذ على ثقتهم !!


الحقيقة أن أبا دجانة الخراساني لم يفجر حزامه الناسف في أجساد عملاء السي آي أيه فقط بل فجره في أحلام الأمريكيين ‏، وفخرهم واعتزازهم بهذه الوكالة التي طالما أذلت رقات الدول وأخضعتها للسيادة الأمريكية التي وقفت خلف اغتيال أكثر من عشرين زعيما في العالم ، والتي دأبت على تنظيم الإنقلابات العسكرية في مختلف الدول ، والتي ما فتئت تزرع بذور الحروب الأهلية في شرق الأرض وغربها ، والتي تعتبر بحق اليد الخفية الضاربة للولايات المتحدة الأمريكية ، وها هي تشتاط غضبا وتنشوي خجلا بعد أن تملطشت وتلطشت وترطشت على يد من بنت أحلامها عليه ! إن أقسى الضربات التي يمكن أن توجه لأي دولة عظمى ليست التي تعرضها للخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات فقط بل هي التي تجعلها تفقد الثقة في نفسها كدولة !‏ لأن خسائر الأرواح والممتلكات قد تعوض وتنسى مع مرور الوقت ، ويمكن للناس أن يتفهموا ظروف الحرب التي تتطلب مثل ذلك الثمن أو تلك التضحيات ، ولكن عندما تأتي الضربة على القفا لتشعرك بأنك غبي و أحمق ومغفل فهذه يصعب على الناس تقبلها أولا ويصعب على الدولة اجتيازها ثانيا .


أزمة ثقة


الحقيقة أن آثار غزوة أبي دجانة الخراساني لم تتوقف على هز مكانة وكالة الإستخبارات الأمريكية وزعزعة ثقة الأمريكيين فيها فحسب ، بل تعدت إلى خلخلت ثقة الوكالة في عملاءها وجواسيسها ، بل وفي جدوى تعاونهم مع أجهزة المخابرات الأخرى كالمخابرات الأردنية التي جاءت مهرولة بذلك السبق الإستخباراتي - يا ما جاب الغراب لأمه - ! وهذه الهوة السحيقة من الشكوك التي خلفتها العملية هي التي ستتسبب في تأخير العملية الإستخباراتية وتقلقلها وتفقدها أهم عناصرها الإدارية وهو القدرة على اتخاذ القرارات الجريئة لأن هناك بعض العمليات التي يجب أن يتحمل أحد مسؤولي السي آي أيه كامل المسؤولية عن جميع نتائجها قبل الشروع فيها ‏، وهذه هي النقطة التي حطمها أبو دجانة الخراساني في نفوس أصحاب القرار في الوكالة ، فسلسلة الإستقالات المتوقعة بين صفوف زعماء السي آي أيه ستجعل من بعدهم يحسبون ألف حساب قبل كل عملية أو تعاون استخباراتي ‏، وهذا هو الشلل الإداري الذي سيجعلها عاجزة عن اتخاذ القرار لا لعدم تمكنها من ذلك ‏، ولكن لعدم ثقتها في العملاء و النتائج ، وهذا البطء في العمل الإستخباراتي هو الذي سيجعلها بجانب الإستخبارات السودانية في الترتيب العالمي !


وهذه رسالة إلى الخبراء الإعلاميين في مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي في أن عليهم واجب استثمار وإبراز جوانب هذا العمل الإستخباراتي الفذ ، وإخراجه بشكل وثائقي مميز ، فالنشاط الإعلامي الذي يواكب الأحداث المهمة هو الذي يحدد حجمها عند الجمهور ونحن هنا أمام فن راق من العمل الإستخباراتي قلما نجد نظيره في ملفات المخابرات العالمية ، وأقولها عن علم ، فقد تصفحت واطلعت على العديد من العمليات الإستخباراتية التي أبرزت كمآثر وسجل شرف لبعض الأجهزة الإستخباراتية ولم تكن لتصل إلى هذه الدرجة في أذهان الجمهور لولا الضخ الإعلامي المركز والمسلط عليها ، فالجاسوس المصري المعروف برأفت الهجان وهو من هو في عالم الجاسوسية كانت تقارير ضابط الإرتباط المسؤول عنه توصي بإيقافه عن العمل وسحبه من إسرائيل لعدم فائدته ، ومع أن المخابرات المصرية تزعم بأن له دورا حيويا في الحرب مع اليهود إلا أنه قدم للجمهور بحجم أكبر بكثير مما هو موجود في ملفات مخابراتهم ، وقل نفس الكلام عن الإرهابي العالمي كارلوس الذي تصنفه وسائل الإعلام العالمية على أنه أخطر رجل في العالم ، ويرجع الفضل في ذلك إلى الموساد الإسرائيلي الذي أحب أن تسلط الأضواء على شخصية كارلوس الإرهابية لارتباطها الوثيق بجماعة أيلول الأسود الفلسطينية ، وهذا يحقق لها شيئا من التشويه الإعلامي للقضية الفلسطينية ، ومن هنا نعرف أهمية الدور المطلوب من المؤسسات الإعلامية الجهادية أن تلعبه في هذه الفترة ، يجب أن يفهم الأمريكان بأنهم كانوا حميرا طوال الوقت ! وبأننا كنا نوجههم ونلقي لهم بالطعم وهم كانوا يلتقطونه في كل مرة ! وبأنهم فعلا أكلوا علقة ما أكلهاش حمار في مطلع !!



عبدالله بن محمد
جزيرة العرب
الأحد 24 محرم 1431

الزبير الطرابلسي
01-13-2010, 07:30 PM
رحم الله هذا العملاق الذي دك معاقل الكفر والعمالة
نسأل الله ان تكون خاتمتنا مثل خاتمته في شهادة تكون لنا عونا في نيل ما عند الله من النعيم الذي لا يفنى