تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حياة ٌ لا تشبه إلا .....



من خير امه
01-01-2010, 07:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
حياة ٌ لا تشبه إلا .....
[بقلم: (احمد النعيمي)]








أن تعيش في دولة تحسب نفسك فيها آمناً ، وتضع جسدك على الوسادة لتنام بكل هدوء إلى جانب زوجتك ، ثم تفاجأ بأشخاص يقتحمون عليك بيتك بدون إذن أو استئذان مسبق ، ويدخلون برفقة كلابهم البوليسية وفي وقت متأخر من الليل ، ولا تنتبه من نومك إلا وهم فوق رأسك في غرفة نومك وإلى جانبك زوجتك شبه عارية ، فلا تكاد تفتح عينيك إلا واحدهم يقفز على زوجتك ويلقيها على الأرض لتنكشف عورتها ، وآخرين يتجهون إليك يقيدونك ويضعون على رأسك كيساً لا ترى من خلاله إلا الظلام .


ثم تقاد بعدها إلى السجن وسط معاملة لا يعاملون كلابهم بعشرها ولا حتى بجزء من المليون منها ، وتعرى من ملابسك جميعها وتفتش أعضائك التناسلية عضواً عضواً وبكل دقة خوفاً من أن تكون قد حوت متفجرات بداخلها ، وأن يتبول أحد الضباط على سجادة صلاتك ويصيب البول المصحف الكريم ، وتتعرض للشتم والسب والتهديد بالاغتصاب في وجبات باتت أكثر تناولاً من وجبات الطعام اليومية ، ثم تمضي سنوات طويلة في السجن تعلن فيها الإضراب عن الطعام ولا تنجح محاولتك ، وسط الضرب والاهانة والعذاب والألم والإصابة بالعمود الفقري التي تعيقك عن الحركة .


ثم تخرج من السجن ليقال لك نحن آسفون ونعتذر لم يثبت عليك شيء .. هكذا وبكل بساطة !؟ فتخرج من سجن صغير إلى آخر أبشع وإن كان اكبر قليلاً إلا أنه اشد وانكى من سابقه ، وتوضع تحت الإقامة الجبرية تراجع خلالها دوائر الأمن مرتين يوميا في الصباح وفي المساء وتتصل بهم في اليوم ثلاث مرات لتثبيت نبرة صوتك ، ولا تخرج من بيتك إلا لتتجول وحيداً في الطرقات بدون أن تحدد أي موعد مسبق مع أي احد ولا تغادر بيتك بعد السابعة مساءً لأي ظرف كان ، وإذا أراد صديق أن يقابلك أو يزورك فإن عليه أن يقوم بإجراءات عديدة يكون آخرها أن يصبح حاله أشد حالاً منك ، وبالإضافة إلى زيارتك لدوائر الأمن كل أسبوع مرتين فإنهم لا يحرمونك من رؤيتهم فيدخلون عليك في أي وقت شاءوا وأرادوا في نومك أو صلاتك في غرفة معيشتك أو غرفة نومك ، ويقومون بتعريتك أمام زوجتك وأطفالك كما ولدتك أمك ، وتمنع منك الفلوس ولا يسمح أن يكون في بيتك أكثر من 90 باونداً ، وتمنع من اقتناء أي كتاب أو جريدة أو حتى أن يكون في بيتك جهاز كمبيوتر أو أي سيدي أو فلاش فضلاً عن منعك من استخدام أجهزة الاتصالات بشكل قطعي .


وأن تساوم على التخلص من هذا العذاب والحصول بدلاً منه على الجنسية وحل أمورك جميعها مقابل أن تصبح جاسوساً وتشهد على أناس أبرياء كانوا محتجزين ظلماً وعدواناً كحالتك سابقا ً وفي أي مكان من العالم فترفض ، لتزداد حالك سوءاً لدرجة أنك تفكر بالانتحار لولا تثبيت الله لك ، تطلب منهم أن يخرجوك من هذا البلد فلا تلقى إلا الإهمال والرفض ، ويكتشف مع زوجتك " فلاش " لجهاز الكمبيوتر وتعاد للسجن من جديد ، وتهرب زوجتك وأولادك إلى بلدهم لكي يتخلصوا من هذا العذاب والموت والخوف والرعب ، وتبقى أنت لتزداد وحدتك وحدة اشد وأقسى .


إن مثل هكذا حياة تقشعر لها الأبدان من الألم والقهر لهي حياة اشد قسوة ، وإن مثل هكذا قصة لم تحدث في بلد يمتاز بالدكتاتورية وقمع شعوبه مثل إيران أو سوريا ولكن هذه القصة حدثت في بلد الحريات بريطانيا العظمى والتي تتبجح بها ليل نهار ، وكل هذه الإحداث وغيرها سردها صاحبها الذي لا زال يعانيها ويعيشها خوفاً وألماً ، وذلك على قناة الحوار التي استضافت الفلسطيني محمود أبو ريدة السجين السابق في السجون البريطانية ، والموجود تحت الإقامة الجبرية هناك والمطالبِ بأن يرحل إلى أي بلد آخر ليتخلص من هذا الجحيم ، وذلك في برنامج بوضوح الذي استضافه يوم الأحد 14 حزيران 2009م .


ومثل هذه الحياة الجحيمية يعيشها الشعب العراقي الذي يعاني الخوف والرعب والترقب والموت مئات المرات في الليل والنهار تحت نير الاحتلال الأمريكي – الذي يدعي كذلك أنه بلد الحريات – وأذنابهم من الحكومة العميلة وعلى رأسها حزب الدعوة المصنوع إيرانياً ، فأرقت ليلهم وأبكت جوارحهم وأدمت عيونهم قهراً وهواناً ، وقتلت أبنائهم ورملت نسائهم ويتمت أطفالهم وساقت شبابهم وشيوخهم إلى غياهب السجون واحتجزتهم سنوات طويلة بدون أي محاكمات ، وشردت الكثير منهم خارج البلد المنكوب ، والتي كان يتحدث رئيسها ومن أيام عن معنى التسامح ويدعو للعدالة ، وهم ابعد الناس عن هذه الأخلاق .


فمن معاناة الحملات والمداهمات والدخول على البيوت الآمنة بدون أي استئذان ، وكم من مرة دخلوا على البيوت والأزواج في أوضاع لا تليق بأحد أن يراهم فيها ، فأخذوهم من أحضان زوجاتهم وساقوهم إلى غياهب السجون .


إلى أهانتهم وسبهم وضربهم واحتجازهم سنوات عديدة بدون تقديمهم لأية محاكمات ومعاملتهم معاملة الحيوانات وتجرديهم من ملابسهم كما ولدتهم أماتهم ، واستخدام البعض منهم جواسيس من أجل الشهادة على الأبرياء المحتجزين لديها أو إخراجهم من أجل شق صفوف المجاهدين ، كالفتنة التي افتعلها أبو العبد – قائد صحوات العامرية السابق – بين القاعدة والجيش الإسلامي ليصبح بعدها قائداً لقوات الصحوة في العامرية ثم كان نتيجة هذا الخائن بعد أن قضوا منه وطراً أن طورد ولوحق وهرب إلى خارج البلاد .


وهذا الحال ذاته تعانيه الشعوب العربية والإسلامية وإن اختلفت الأشكال وتنوعت من قبل حكامها المتسلطين على مقاليد الحكم فيها أذناب المستعمرين وأعوانهم الفراعنةِ على أبناء جلدتهم ، والمثبتين لأقدام المحتلين وإعطائهم الشرعية في احتلال بلادنا .


فهل حقيقة أن حالنا بات كحال المسلمين أيام دخل المغول بلادنا ، فكان المغولي يجمع ثلاثة عشرة رجلاً ويطلب منهم أن ينتظروه لكي يأتي بسلاحه ، فيبقون متسمرين في أماكنهم إلى أن يعود ويقتلهم واحداً واحداً !؟ أم أن حالنا باتت اشد سوءاً وذلاً ومهانة وضياعاً !؟






احمد النعيمي


مركز المقريزي للدراسات