تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحظات عابرة على لقاء الأسد وسعد الحريري



من هناك
12-25-2009, 03:12 AM
كثيرة تلك التحليلات والتعليقات والتي تناولت اللقاء غير العادي بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في أول زيارة يقوم بها الأخير منذ نجاحه في تشكيل وزارته، والتي نالت ثقة غير مسبوقة بعد فترة طويلة تكاد تكون غير مسبوقة في محاولات فاشلة لتشكيل الحكومة الجديدة. غير أن هناك ملاحظات سبقت ذلك اللقاء وأخرى ترافقت معه جديرة بالتوقف عندها:


اللقاء الذي بدا حميما وحارا وتجاوز الطرفان فيه الكثير من البروتوكول، جاء بعد اتهامات حادة بينهما وصلت إلى درجة العمالة والتخوين. اللقاء أتى ليؤكد مجددا عبثية السياسة العربية الرسمية والطفولية الهازلة والتي تتحكم بتصرفات غالبية شخصياتها وشخوصها.
الانتخابات اللبنانية والتي تعتبر في الوضع العربي الحالي الأكثر ديمقراطية، فهي وإن تحكمت فيها العوامل الطائفية والمذهبية والمالية، غير أنها بريئة إلى حد كبير من تهم التزوير والتزييف. هذه الانتخابات يتحكم في أبطالها وشخوصها وما يتمخض عنها أكثر الأنظمة العربية الشمولية دكتاتورية، وفي الأمر مفارقة ساخرة تضيف إلى اللوحة السياسية العربية مزيدا من القتامة والسوداوية.
اللقاء كان ضربة موجعة لمعارضي النظام السوري وعلى الأخص الذين راهنوا على الموقف الدولي بعد اغتيال رفيق الحريري وخروج القوات السورية المذل من لبنان. فالسياسة الدولية لا تعرف القيم الأخلاقية ومن مصلحتها ومصلحة حليفتها الدولة العبرية أن تحكم دمشق نظام يستند إلى أقلية بقاؤها مرتهن بتوازنات وسياسات أبعد ما تكون عن المصالح العربية أو السورية الحقيقية.
لقاء القمة السوري اللبناني جاء في خضم تطورات سياسية تعصف في المنطقة وتتسارع وتيرتها بشكل لافت. فلاريجاني المسؤول الإيراني البارز في القاهرة يلاقي استقبالا حارا من الرئيس مبارك، وزيباري يناشد القاهرة أن تتواجد في العراق لإحداث توازن في القوى وإياد علاوي يزور دمشق فيما تحتل القوات الإيرانية بئرا عراقيا فتلقى ردة فعل أمريكية باردة وهادئة تعتبر المسألة وعلى لسان رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مايكل مولين ومن بغداد بأنها قضية سيادية، ويجب أن تعالج من قبل القادة العراقيين. فهل تلك الأحداث تشير إلى صفقة أمريكية إيرانية تشمل تقاسم النفوذ في المنطقة أم هي تمهيد للتطورات كبيرة وضربات عسكرية خاطف؟
بدا بشار الأسد جذلا وطربا باللقاء، وكان فرحه العارم باديا على محياه حين استقبل الحريري على مشارف قصره في دمشق. وإذا كانت أجواء التصالحية المفترضة تستوجب وقارا وابتسامات دبلوماسية هادئة، فإن مشاعر الأسد البادية كانت مستغربة خصوصا وأنها جاءت بعد أيام معدودات من نعيه لشقيقه الأصغر مجد. فهل السلطة والهيمنة تحول بين الأسد والمشاعر الإنسانية من تعاطف وحزن وخصوصا وأن ذلك الجمود والبرود يسرى بشكل فاقع على سجناء رأي قضوا جل أعمارهم في السجون الأسدية وما زالوا يعانون من ظلمها وظلماتها؟

ياسر سعد