تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إحالة الواقع الراهن إلى المهدي المنتظر



ali abusurra
12-24-2009, 10:30 AM
يقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد : أن السبب الذي دفع أمريكا و حلفائها إلى شن هجوم على دول في المنطقة و الذي لم يصرحوا به هو علمهم بأنه سيأتي يوم يظهر فيه رجل من نسل آل محمد (صلى الله عليه وسلم)في هذه المنطقة و يقضي على جميع الظالمين في العالم و الشعب الإيراني من بين أنصار هذا الرجل و الجمهورية الإسلامية لديها وثائق تثبت ذلك .
عجيب أمر الرئيس الإيراني حين ينسب ما يجري من وقائع إلى المبني للمجهول الى مهدي منتظر إذ حسب هذا النهج الأمريكيون لا يرودون حماية مصالحهم في المنطقة من خلال إسقاط أنظمة أو خلخلة اركانها او حصارها او خلق الفتن او التمهيد لإنقسامات أو بناء شرق أوسط جديد . و الأميركيون لا يريدون تعميم ثقافات معينة بهدف الحد من ظواهر التطرف الديني و انعكاسات هذه الظواهر على الأمن و السلم الدوليين .و الأمريكيون لا يريدون تأمين ممرات آمنة للنفط و إنشاء خط مواجهة متقدم للزحف الآسيوي الإقتصادي و غير الإقتصادي بعد سقوط الإتحاد السوفياتي و انتهاء الحرب الباردة .و الأمريكيون لا يريدون توسيع مظلة الحماية الدائمة لإسرائيل و تطويع الممانعين و كسر شوكات حركات المقاومة و التحرر .... هم يريدون استنادا إلى تصريح أحمدي نجاد احتلال المنطقة لهدف عقائدي خائفين من ظهور المهدي المنتظر . و هذا المنطق الذي يصدح به الرئيس الإيراني لا يختلف عن منطق القاعدة و زعيمها في العموميات و لو اختلفت التفاصيل فالصراع في العالم جوهره ديني لا سياسي و لا اقتصادي و لا مصلحي , و كل ما يشهده العالم من غطرسة و سيطرة و حروب و احتلال و قمع و تشريد و تخلف سببه النزاع العقائدي .
ماذا ينتج عن هذه الفرضيات ؟ تعبئة مركزة و قاسية لرفض الآخر من منطلقات وجودية حقيقية بالنسبة للذين يعتبرون الدين دينا و دنيا . و تعبئة قائمة على إلغاء خيارات التعامل مع الآخر و حصرها بخيار المواجهة المعبر عنه الجهاد. و تعبئة قائمة على نكران الدنيا أو دار الفناء بما فيها لأنها الخسران بعينه و لذلك فالفوز هو في الآخرة و عالم البقاء . و تعبئة قائمة على الترهيب من خسارة الدنيا و الآخرة على السواء . و تعبئة قائمة بعد الترهيب على التصنيف فأنت إما مع الإيمان و إما مع الكفر , و تعبئة قائمة على استحضار كل ما هو خارج الواقع لتوظيفه في خدمة الأهداف على أرض الواقع . فالرئيس الإيراني عبر مرار عن وجود قوى غير منظورة تدعمه سواء في إظهار حلقة النور فوق رأسه و هو يخطب في الأمم المتحدة أو في دعم السماء له خلال الإنتخابات الأخيرة , و أسامة بن لادن قال مبررا ً غزوات 11 سيبتمبر ان الرسول عليه الصلاة و السلام زاره في المنام و أمره بالقتال .. إلى ما هنالك من رؤى لم تقدم شيئا ً لتطور المجتمعات الإسلامية .
لعل الشرور التي تحيط بالأمة الإسلامية و العربية سببها هكذاإدعاء يلعب فيه المروجون له على عواطف الجمهور معتقدين أن أمامهم قطيعا ً من الناس يخاطبون غرائزهم و عارضين عليهم الويل مذكرين إياهم بموروث ديني لا ننكره و لكن ندعو إلى التريث و الحنكة في استحضاره رأفة بالعقل .