تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا.. لا تكون «إسلامية»؟



من هناك
12-15-2009, 05:33 AM
لماذا.. لا تكون «إسلامية»؟

هناء مكي
ابتداءً مما انتهينا منه في المقال السابق، المعنون بـ «القوة القادمة من الشرق»، والذي تم من خلاله استعراض أبرز مفاهيم الاقتصاد الاشتراكي للدولة الصينية الشيوعية قاصدة فقط تسليط الضوء على نجاح تجربتها الاقتصادية في ظل انكسارات للاقتصاديات الكبيرة، بأن تلك الدولة ذات القوانين الصلدة، تمكنت من تحريك اقتصادها بمفاهيم متماهية مع العصرنة، كاسرة بنفسها تلك الغلظة في التشريعات الوضعية التي بدت مقدسة في يوم ما في الدولة الشيوعية.
ونجحت حينها الصين من خلال مرونتها في وضع تشريعات اقتصادية لزجة وقصيرة المدى في أن تكون قوة اقتصادية في وقتنا الحالي، وأن يتم الالتفات إلى أن المرونة وحدها هي من جعلت الصين اليوم لاعباً أساسياً في الاقتصاد الدولي.
وبالطبع، فلكل نظام اقتصادي سلبياته كما له إيجابياته، وإن كانت سلبيات النظام الرأسمالي هي الملكية الفردية التي تعزز كثيراً من الأمراض المهنية منها الفساد الإداري واحتكار السوق وانعدام المنافسة والغطرسة والأنانية المفضية كلها إلى البطالة والتضخم وغيرها، وهي المسبب في العديد من الأزمات الدولية اليوم. فهناك من ينظر إلى أن الاشتراكية أيضاً تتمثل سلبيتها في أنها تنظر إلى الفرد كأجير لا يمكنه أن يرتقي بالحوافز أو الرتب، وعليه التزامات وواجبات أكثر من الحقوق، وهو ما يؤدي إلى تهاون الشخص في عمله وإهماله، ما يكلف ذلك قلة الإنتاجية وانخفاض معدل الجودة ومعدل التزامه بالعمل إلى حد «البيروقراطية» الرتيبة، بحيث يبقى في نقطة البداية من دون تحرك.
والحق فإن هذا ما أردتُ إبرازه من نجاح لدور الصين في التغلب على تلك السلبيات وإبدالها بإيجابيات أكبر وأكثر فاعلية، ومنها يمكن الاستفادة من التجربة لا استيرادها.
إلا أن هناك من يتساءل، لمَ لا تكون القوة الاقتصادية القادمة إسلامية وتعمّ العالم فلا شرقية ولا غربية، في ظل امتلاك بعض الدول الإسلامية قوة الموارد الخام والبشرية، في وقت تتعالى الصيحات بضرورة إبدال نظام الصيرفة التقليدي الفاسد والمتسبب في الأزمة المالية العالمية بنظام صيرفة إسلامي يُبنى على أصول ومبادئ إسلامية سامية.
أتفق تماماً مع وجهة النظر تلك، ولكن كنت أتكلم عن تجربة وعن نظام متكامل بجزئياته الصغيرة، والحديث عن الصيرفة لا يمكن أن يكون كالحديث عن نظام اقتصادي إسلامي متكامل، فلدى العديد من الدول الإسلامية اليوم ما يجعلها قادرة على أن تصنع لنفسها نظاماً قائماً بذاته، ولكنها تفشل إلى اليوم في توحيد جهودها سياسياً فما بالك اقتصادياً.
ورغم أن الظروف الحالية مواتية لقيام اقتصاد إسلامي نشط بموارد متاحة، إلا أن تلك الفكرة لم تطرح حقاً، وعليه فيَـدٌ واحدة لا يمكنها التصفيق.