تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ميزان التقوى



السيد مهدي
10-18-2003, 12:43 AM
ميزان التقوى :

في موضوع كيف يفهم المسلم المعاصر الدين، شخصنا بأن هناك قلة مخلصة من علماء الدين المجاهدين وممن يؤمنون إيمانا صادقا بقيم الإسلام ومبادئه السامية.وهذه القلة المؤمنة الواعية والعارفة بما يدور خلف الكواليس، هي التي تحمل هموم الأمة،وهي التي تتحرق وتجاهد بكل ما في وسعها وعندها من جهد وطاقة لعمل أي شيء يعيد للأمة كرامتها، وإحساسها بمسؤوليتها العظيمة تجاه شعبها بل وتجاه كل البشرية.وذلك بتحكيم إسلامها، وهؤلاء النخبة المخلصة من علماء الدين هم الذين تعقد عليهم الآمال في توعية الأمة بالوعي الصحيح، وهم المتصدون للسلطة الجائرة، وهم الذين سوف يصنعون البديل للحكم المتعسف الجائر، بإقامة دولة العدل الإلهي، ولكن هذه القلة الواعية ورغم ما عندها من علم ومعرفة وإيمان بالعقيدة الإسلامية وإستعدادا للتضحية. رغم كل ذلك، ولكونهم بشر يخطأون ويصيبون في حركتهم الميدانية، فقد تتنازعهم الأهواء الشخصية والمطامع الدنيوية، لذلك لا يجب تركهم بدون رقابة صارمة من قبل بقية أفراد الأمة أومن بعضهم البعض. إذن لابد من ميزان توزن به أعمالهم، لكي لا ينساق الناس وراء السراب، ولكي لا يترك الباب مفتوحا لكل من هب ودب، لإصدار الأحكام وللقيادة والتصدي.
والميزان الذي توزن به أعمالهم(وخاصة بعد أن تمييزوا وأصبحوا تحت المراقبة) وأعمال كل المسلمين بصورة عامة، هو:

ميزان التقوى.

فيجب أن يقيموا وتقيم أعمالهم وأسلوب حياتهم وفق هذا الميزان وهذا ما سوف نتناوله بالشرح والبحث .

نبدأ بشرح ميزان التقوى بإعتباره الميزان الذي توزن به أعمال الخلق، والتقوى تعني تقوى الله.
أي إن المسلم يجب أن يؤمن ويجهد ليعرف بأن هناك معنى واحدا للخوف فقط. وهو الخوف من الله ولا غير، فلا منعم إلا الله. ولاحاكم إلا الله. ولا محاسب إلا الله. ولا مجازي إلا الله. وهكذا عندما يكون الفرد عبدا ًلله ولا غير، وعندما يتجه نظر المسلم الموحد إلا الرب الرحيم ولا غير، وإلى الواحد القهار ولا غير، يكون المسلم بذلك قد ربط حياته بشدها إلى المثل الأعلى وإلى الكمال المطلق وعندها لا يرى الأشياء حواليه إلى من خلال دين الله، وبهذا يكون قد أتقى وخاف الله عز وجل في كل عمل يعمله، وهذا هو ميزان التقوى .

فالبشر يختلفون في موازينهم وتقييمهم للظواهر والأشياء، إذ كل فرد يرى الأمور من منظاره الخاص، فما تراه صحيحا ومباحا، يراه غيرك بمنظار آخر فيعتبره خطأ وغير مباح. وهكذا تختلف القيم بإختلاف المقيمين. وحتى المقيم الواحد قد يحكم على الشيء بمنظارين مختلفين إختلافا كبيرا جدا، تبعا لتقلب مزاجه وتغير إرادته، أو تبدل ظرف حياته زمانيا أو مكانيا أو رضوخه لضغوط معينة مفروضة أو ..أو .. الخ. وهذا الإختلاف والتفاوت في الوصول إلى ميزان واحد مدعاة أو سببا للتقاتل والتناحر والصراع بين أفراد البشر.

فلكي يتوحد البشر على ميزان واحد يقبله الجميع شرع الباري عز وجل ميزانه الديني جاعلا منه الميزان المقدس الذي يريح الفرد فيقبل عن طيب خاطر ورضى بما شرعه الله حتى لو كان هذا الميزان يميل لصالح الخصم، وهذا الميزان هو ميزان التقوى.