تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شهادة أوليفيه روا في الإسلام السياسي



من هناك
12-09-2009, 05:32 AM
شهادة أوليفيه روا في الإسلام السياسي

http://www.almustaqbal.com/ (http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=382533)stories .aspx?StoryID=382533



شمس الدين الكيلاني

بدأ (أوليفيه روا) دراسته للإسلام السياسي بموضوعات فرعية، وجزئية: (أفغانستان: الإسلام والحداثة والسياسة) و(الأعراف والسياسة في آسيا الوسطى) تمهيداً لكتابه الأهم (تجربة الإسلام السياسي) كتتويج لدراساته (الإسلامية) التي تكاملت مع أبحاثه اللاحقة، بعد 11من سبتمبر. فانطلق من حقيقة أن التحديث الذي قامت به الدولة أساساً، أصبح أمراً واقعاً يجب الانطلاق منه لا ضده إن أردنا سياسة ناجعة، وبالتالي فالاحتجاج ضد الحداثة والغربنة، هو شبيه بالخطاب البيئي، تمّت صياغته بعد فوات الأوان.
ولقد نشأت الإسلاموية في تواصل مع السلفية وفي محاولة القطيعة معها. أما المصدر الأساسي لها فيجدها (روا) في الاخوان (حسن البنا) و"جماعت إسلامي" الباكستانية (أبو الأعلى المودودي). وقد ميزها عن السلفية بثلاث علائم: مفهومها للثورة الإسلامية، وللشريعة، ولقضية المرأة. ينظر الإسلاميون إلى السياسي، من فكرة أن الإسلام هو فكر شامل وكلي، ومن هنا يجب التحرر من الدولة الفاسدة، والحاكم المرتد. وفيما يتعلق بالمرأة، فهم يؤيدون تعلّم النساء، ومشاركتهن في الحياة العامة، شريطة أن تكون منقَّبة. ويتميزون أيضاً بجعل الشريعة مشروعاً لا مدونةً ثابتة، فيتحدث سيد قطب عن (فقه حركي) يصدر عن التأويل الذي يقوم به أولئك الذين يجاهدون من أجل الإسلام، مقابل فقه العلماء الجامد.
فشل الفكر والسياسات: يلاحظ روا أن الفشل يحيط التجربة الإسلاموية في كل اتجاه:هذه التجربة لم تقدم خياراً بديلاً جديّاً للنظم القائمة. فعلى الرغم من تأكيد الإسلامويين على ضرورة السلطة السياسية، غير أن نقاشهم يضع المؤسسات جانباً لصالح نقاش حول صفات القادة وفضائلهم. ويطرحون مفهومي: الأمير والشورى ويرفضون تحديدهما. فليس شكل المؤسسة المهم، بل الطريقة التي تتوارى بها المؤسسة خلف تطبيق المبادئ الإسلامية. وبما أن الأنموذج السياسي الإسلاموي، لا يمكن أن يتحقق، في الواقع، الاَّ في الإنسان، وليس في المؤسسات، فإن ذلك وحده يكفي لجعل المدينة الإسلاموية مشروعاً مستحيلاً؛ بل،إن منطق الإسلامويين يقود إلى التبشير بنهاية الدولة: الغاية ليست الدولة وإنما التقوى. والتقوى ممارسة فردية وليست (ممارسة اجتماعية). كما أن تجاربهم السياسية لم تستطع أن تخلق واقعاً يتجاوز القومي والقبلي أو الجهوي، إلى الأممي الإسلامي. بل إنها حافظت على بقاء عدة مراكز لها ، وتبرز لديهم الخلافات والتباينات، ويبقى الإطار القومي هو الإطار الغالب. ففي إيران التي رفعت راية الثورة الإسلامية، مارست سياسة قوة إقليمية قبل أي شيء آخر، وحاولت تحويل المجموعات الشيعية ـ في الخارج إلى أدوات تهويل في استراتيجيتها.
الاقتصاد الإسلامي المستحيل: إن التيار الإسلاموي لم يقدم تعبيراً اقتصادياً مناسباً وبديلاً، فالخميني في مؤلفه "توضيح المسائل" يعامل المسائل الاقتصادية كأعمال فردية تخضع للتحليل الأخلاقي. متفقاً بذلك مع بقية الإسلاميين في اعتقادهم بلزوم توافق النشاط الاقتصادي مع الغاية الخلقية التي يحددها القرآن. والإسلاميون الراديكاليون يقدمون، على وجه العموم، رؤية اشتراكية شعبوية للاقتصاد "تعترف بالملكية الخاصة، لكنها تريد ضمان العدالة"، ولا بد للحد من شهوة تملك الإنسان الذي ليس له سوى الانتفاع بالأرض والأرزاق، أما ملكيتها العليا فلله وحده.. وتُستخدم الزكاة للحد من المراكمة ، ولخدمة المعوزين. ويوجد اليوم - برأي (روا) - مخططان متحققان من الاقتصاد الإسلامي: هناك الرؤية الإسلامية الدولتية الاجتماعية، التي تجسدت في إيران الخميني. وهناك الرؤية التقوية المحافظة التي نُفذت جزئياً في باكستان، وفي بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في الشرق الاوسط. وينتهي (روا) إلى التأكيد على أنه ليس هناك فكر إسلامي حول المؤسسة الاقتصادية، لأن كل شيء لديه يستند على الفضيلة الفردية أو التقوى، واقتصاد يقوم على فضيلة الفاعلين، لا يمكن إلاَّ أن يكون وهماً، جميلاً جداً، إلاَّ أنه غير فعال، ينتج عنه نقيضه: استغلال السلطة، المضاربة، والفساد، التي يعتبرها (روا) الجرح النازف للأنظمة الاقتصادية الإسلامية.
المجتمع الكئيب: وفي النهاية، فإن الطوبى التي تحملها الإسلاموية، يجدها (روا) لاتتعدى أن تكون وسطاً كئيباً شاحباً لاحياة فيه، وهو شيء لا يُقاس مع زهو وغنى الحياة في الحضارة الإسلامية الكلاسيكية، التي عرفت الموسيقى والفلسفة والشعر.. والعلمانية ، على حد تعبير (روا). فالسلفية الجديدة تدعو إلى إنشاء مسرح خاو، يجاهد فيه المؤمن لتحقيق المثال الأخلاقي، والمتنفس الوحيد في مثل هذا المسرح، هو العائلة التي هي حيز المتعة الوحيد بالنسبة للرجال وحدهم. والحال أن المتداول في الأسرة المدينية نقيض نمط الحياة الإسلامي: إنه نتاج غربي. لهذا يتنبأ (روا) أن لا ينتج عن الإسلاموية إلاَّ الاستلاب، بل الامتثال، والسأم. إنه إرهاص مجتمع مصاب بالفصام، وهو شأن كافة النزعات الطهرانية، سوف يمارس المحرمات (المخدر. الكحول، الجنس..الخ) في الخفاء. ولكن حتَّام أن تقبل الشبيبة بالسأم، وهي تجد أن النمط الآخر من العيش، في متناول يدها!ويصل (روا) إلى ذروة استنتاجاته التي تقفل الدائرة أمام الإسلاموية حيث يتنبأ لها أن تصبح عامل علمنة للمجتمعات المسلمة، ذلك لأنها ترد الديني إلى النطاق السياسي، الذي سيفرض استقلاله بعد أن يفرِّغ النطاق الديني من قيمته كمفارق للمادة، وكملاذ ، بسبب مماهاته للسلطة الجديدة.