تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما أسباب الإسلاموفوبيا؟



من هناك
12-04-2009, 05:26 AM
ما أسباب الإسلاموفوبيا؟

- "الموت من أجل حميد كرزاي؟"
- لا.
- هل ذهبت القوات الأمريكية إلى كابول لتعلم الأفغانيات؟
- لا.
- هل ستغادر القوات الغربية أفغانستان؟
- لا.

هكذا لخص سيرج حليمي، محرر افتتاحية لموند ديبلوماتيك عدد نونبر 2009، الجدل الدائر الآن في الغرب حول مستقبل التحالف الدولي في أفغانسان.

وهو نقاش لا يذهب إلى العمق، وهذا ما يفتقده حليمي مقارنة مع إناسيو راموني، الذي يكتب الافتتاحيات عادة.

تعكس الأسئلة والأجوبة مأزق باراك أوبما، الذي رفع شعار التصالح مع العالم الإسلامي، مع بقاء الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان. والسبب الحقيقي هو الخوف من قيام نموذج حكم إسلامي متشدد يعدي الشباب في باقي البلدان الإسلامية.

في سويسرا، انتصر الرافضون لباء مآذن في البلاد.

لهذا الخوف تجليات مغربية أيضا، ف "التطرف الإسلامي يبطئ الإصلاحات في المغرب" حسب جريدة نيويورك تايمز.

www.nytimes.com/2009/08/27/ (http://www.nytimes.com/2009/08/27/world/africa/27morocco.html?_r=2&em)world/africa/27morocco.html?_r=2&em

وأضافت الصحيفة أن ضغط الإسلاميين دفع الملك محمد السادس إلى إبطاء وتيرة التغيير، ونبهت إلى أن الإبطاء مس إصلاح حقوق المرأة لتجنب استفزاز المحافظين، خاصة في العالم القروي، حيث يصطاد المتطرفون زبناءهم. وقد حذر وزير الخارجية المغربي من تزايد التوجه نحو النغمة الإسلامية لدى الأطفال، بينما حصر مدير المخابرات تهديد المغرب في المدين الشيعي والوهابي، وكلاهما عنيف حسب السيد ياسين المنصوري.

سينكر أي إسلامي أن يكون سببا للخوف، لذا لن نعرض عليه أعراض الإسلاموفوبيا كما يقدمها ليبرالي يخشى تسييس الدين أو يساري مؤدلج، بل سنقدم الطريف، والطريف هو أن أبلغ من حصر تجليات الخوف من الإسلاميين بعمق ليس أحد خصومهم، بل أحد المتعاطفين معهم، وهو وزير الأوقاف السابق عبد الكبير العلوي المدغري، المرشح حسب توقعات أيديولوجية بأن يصير سفير المغرب في السعودية ليعمق معرفته بالوهابية، وذلك في كتابه "الحكومة الملتحية، دراسة نقدية مستقبلية".

يعترف المدغري بذكاء وعمق:

1- يخاف الحداثيون اللائكيون الديمقراطيون والمجتمع المدني من الإكراه في عقيدة النظام الإسلامي، يخافون من صورة الحكومة الإسلامية الإرهابية وهي تلاحق رجال الفكر والفن والأدب والثقافة بسكين تقطر دما. الحل الذي يقترحه المدغري للسلوك العدواني لدى الإسلاميين هو أن تكون الحكومة الملتحية مبدئيا ودستوريا ضد الإكراه الديني.

2- يخافون من الجهاد، خاصة وقد ظهرت جماعات إسلامية اتخذت الجهاد شعارا ودعت لإحياء الفريضة الغائبة ص119 وهي تأخذ بقول ابن تيمية "فمن عدل عن الكتاب قوّم بالحديد" وهذه الجماعات تربي الشباب ليقوم بعمليات انتحارية في سبيل الله.

3- يخافون أن تكون البلاد الإسلامية دار حرب لا دار عهد، فحسب الفقهاء لا ينبغي أن تزيد الهدنة عن أربعة أشهر ليستريح الجيش الإسلامي وبعدها يستمر الجهاد وهو دعوة قهرية في بلاد الكفر، لأنه لا يجوز للمسلمين أن يتركوا الكفار على كفرهم. وهذا يقدم الإسلام بوجه عدواني إرهابي. يرى المدغري أن يراجَع فقه العهود وهو فقير، ويقترح ألا يقع الجهاد إلا بأمر من ولي الأمر ويضيف "وحيث أن ولاة الأمور اختاروا الهدنة الدائمة فإنه لابد من الطاعة والانضباط" ص139.

4- يخافون من ثقافة التكفير ومن الاتهام بالردة: تبرج وقُبل وخمر ورقص... هذا التحرر هو استهتار بالدين والأخلاق وانغماس في الرذيلة وتعد على حدود الله، بل فتنة وردة حسب الجماعات الإسلامية ص148. يقول المدغري "حكم المرتد في الفقه الإسلامي قاس جدا وخطير، لأنه حكم بالقتل من جهة، ولأنه لا يقتصر على تبديل الدين أو الشرك بالله والنطق بكلمة الكفر، بل يشمل جميع ما يدخل في حكم ذلك من الأقوال والأفعال" ص149 يرى المدغري أن القرآن لا ذكر فيه لقتل المرتد، هناك فقط قول ابن عباس "من بدل دينه فاقتلوه" ص157. وقد لام الكاتب الفقهاء لأنهم وسعوا حكم الردة حتى صارت الجماعات الإرهابية تحكم بالردة وتقتل الناس لقول قالوه أو مقال كتبوه وهذه مفسدة عظيمة، والملاحظ أن المدغري لا يعارض حد الردة بل يرى قصره على تغيير الدين فقط ص161.

5- يخافون من الاستعلاء الإيماني: يعي المسلم أنه وحده على حق، لأنه ينتمي لخير أمة، قائده وإمامه هو الرسول، والمسلم عضو في حزب الله ولهذا آثار نفسية عميقة، فالمسلم يحتقر بقية الأمم الضالة، وهو فقير يلبس قميصا قصيرا وله لحية وينظر إلى بوش وبلير باحتقار لأنهما لن يدخلا الجنة. والمسلم يرفض موالاة الكافرين، وهذه الموالاة شديدة اليوم، ويسخر المدغري من زعماء الأحزاب المغربية الذين يقلدون الفرنسيين، ومنهم من كان يقلد السوفيات ويشير الكاتب إلى جمعيات المجتمع المدني التي تتقاضى مساعدات من السفارات الأجنبية... ولا تهتم بما جاء في باب الولاء والبراء.

6- يخافون من زعزعة النظام الاقتصادي القائم لفرض الاقتصاد الإسلامي: يقول المدغري "إذا كانت الحكومة الإسلامية ستتمسك لا محالة بنمط الاقتصاد الإسلامي، فإن في إمكان الجميع أن يتصور طبيعة المعارك والصراعات التي ستنشأ بين العالم الإسلامي كقوة اقتصادية تملك البترول وغيره من الخيرات وبين سائر القوى الاقتصادية العالمية" ص190 هذا على الصعيد الخارجي، أما على الصعيد الداخلي فإن الحكومة الإسلامية لن تكتفي بالصلاة والصوم والحجاب واللحية، بل ستقلب الطاولة على أصحابها، أي البرجوازية المحلية، ستصادر الثروات لتعيد توزيعها ص199، وسيكون هذا بمثابة زلزال.

7- يخافون من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان والسيف: وخاصة عندما ينتقل النهي عن المنكر إلى المجال السياسي وينتهي الأمر بالخروج ضد السلطة التي لا تطبق شرع الله، ويتم شحن هذا الخروج بثقافة نضالية إسلامية شديدة. يقول المدغري "ومما زاد من خطورة هذه الثقافة النضالية أن الإسلام دين ودولة، وهذا يعني أن تغيير المنكر لا يقتصر على الجوانب الخلقية والعادات والأعراف والسلوك الاجتماعي للأفراد، وإنما يشمل نظام الدولة وسياستها والتشريع والاقتصاد وجميع الجوانب الضاربة في عمق السياسة" ص202.

8- يخافون من تطبيق الشريعة: يقول المدغري "إقامة الحكومة الملتحية أو الإسلامية أصبح يعني تطبيق الشريعة، وأصبح هذا التطبيق لا يعني سوى تطبيق الحدود وفرض الحجاب وإعلان الجهاد ... قطع رأس القاتل قصاصا، قطع يد السارق، ورجم الزاني، وجلد شارب الخمر وشاهد الزور" ص213.ستطبق الحكومة الإسلامية الشريعة، لكن النظام العالمي يعرقل ذلك، ثم إن تطبيق الشريعة سيقود للإستغناء عن النخب الحالية، يقول المدغري "ثم إن تطبيق الشريعة سيؤدي إلى تنحية رموز المجتمع المدني ومناضليه ومثقفيه، وإبعاد هذه الطبقة العريضة من الشباب العلماني التكوين اللائكي القناعة الذي يعتبر نفسه مسلما غير ممارس" ص227 اللائكيون يعتبرون تطبيق الشريعة رجوعا إلى الوراء ومنعا للحرية يوضح المدغري "هناك مقاومة داخلية عنيفة لتطبيق الشريعة، وهي مقاومة من شأنها زعزعة الأرض تحت كراسي الحكومة الملتحية إن قدر لها أن تأتي" ص228. وقد شاهدنا تطبيقا لمقاومة نذر الحكومة الملتحية في الجزائر، ألغيت انتخابات 1991، تدخل الجيش فانطلقت المجزرة.

بعد استعراض المخاوف يلخص المدغري المأزق:

تطبيق الشريعة هو مبرر وجود الحكومة الملتحية، هذا المبرر سيلقى مقاومة، فكيف ستتصرف الحكومة؟

لحل التناقض بين مبرر وجود الحكومة وعجزها عن تنفيذه يقترح وزير الأوقاف السابق ألا يتم الالتزام الحرفي بالشريعة بل "نستلهم نصوص الشريعة لأن الحرج مرفوع". ص233. بعد كل الصراع القائم، هل يقبل الإسلاميون بهذه الخلطة لحل مشكل تباعد الواقع عن أصالة الشريعة؟ هل يغير الواقع ليلائم الشريعة أن تغير الشريعة لتلائم الواقع؟ الواقع صلب والشريعة مقدسة. اللائكيون يطالبون الإسلاميين المنفتحين بالاجتهاد لحل هذا الإشكال، يطالبونهم "بإحداث التغيير اللازم في النصوص حتى تتلاءم مع العصر؟".

من يجرؤ؟ لا أحد.

مخاوف المطالبين هي مخاوف الدولة التي يمسكون بمفاصلها، دولة بكامل مشمشها تخاف من جمعية ميكروسكوبية تريد تنظيم مسابقة لتجويد القرآن في رمضان.

من حسن الحظ أن الخوف لا يقتصر على هؤلاء، لأن الحكومة الملتحية لن تتمكن هي الأخرى السيطرة على كل الحركات الإسلامية التي تقاسمها الأدبيات والشعارات، لأن الطاقة النضالية التي تملأ قلوب شباب الصحوة الإسلامية ستملأ الساحة بالخوارج ص 205. سينقلب الشباب على قادتهم، وعليه لن تضمن الحكومة الملتحية لجم الجماعات الإسلامية المناوئة التي تزايد في النهي على المنكر، وهذا سيقود إلى المجازر...

من ذلك اقتتال المجاهدين فور انسحاب السوفيات من أفغانستان بداية التسعينات من القرن الماضي.

شريف حسين يقاتل شبيبته في الصومال.

الرئيس المؤمن حسن البشير سجن معلمه حسن الترابي.

آخر درس تطبيقي دموي لهذه المخاوف جرى في غزة، عندما اكتشفت حماس في خندقها من يزايد عليها في إقامة شرع الله. فسحق الأخ إسماعيل هنية جند أنصار الله منتصف غشت 2009... في المسجد.
http://www.hespress.com/? (http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=17054)browser=view&EgyxpID=17054