تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نصائح يعقوب عليه السلام



علي سليم
11-27-2009, 03:26 PM
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للخلق أجمعين و على آله و صحبه الى يوم الدّين أمّا بعد:
مهما بلغ شأن العبد و علا كعبه و ارتفع قدره و طار ذكره فلا يليق به الاّ و النّظر في حِكَم الأولين فيما مضى منهم إذ قولهم بمثابة العسل المصفّى و إن شئت فقل كلَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ...
و مِنْ هؤلاء يعقوب والد يوسف عليهما السّلام فهو الكريم قولا و عملا و نصحاً فلم يفتأ يذكّر يوسف و إخوته بما يراه بعين الحكمة حتى بات الوالد النّاصح الأمين..
و أولى نصائحه كما في سورة يوسف قوله:
(قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (يوسف : 5 )
قدّم النّداء بصيغة الحنان و الرّحمة إذ هما أبلغ في قبول النّصح فقال (يَا بُنَيَّ) ثم ثنّى بالنّهي فقال (لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ) و علّل هذا بقوله (فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً) و ختم قائلا (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)
و ترك العمل بذه النّصيحة كان الحسد ثمّ الكيد...
لو اكتفى النّائم بقصّ رؤياه الصالحة الصادقة على طائفة من النّاس ممّن لا تربطه بهم صلة القرابة و لا الصداقة كانت رؤياه أسلم...
فلم يتجرأ قابيل على قتل هابيل الاّ الحسد كما لم يتجرأ إخوة يوسف على الكيد به الاّ الحسد و منْ كتم النّعمةُ كان و النّعمةَ في السّلم سواء...
ثمّ نصحهم قائلا:
(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف : 13 )
قال إن تذهبوا بيوسف هو حزنٌ لأبيكم علّهم يعزفون عن اصرارهم فلم يلتفتوا...
فلجأ الى صيغة التخويف بعدما أدرك أنّ صيغة العطف لم تؤت ثمارها فقال (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) و برأوهم بقوله (وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) ليبعد الظنّ بجميع أشكاله و ألوانه...
فحثّهم على الأخذ بالاسباب مخيفة أنْ يحدث ليوسف ما يجلب الحزن فذهبوا به غفر الله لهم.
النّصيحة الثالثة:
(وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف : 18 )
و شتّان بين دم منْ يمشي على أربع و دم منْ يمشي على رجلين !!! فكانت فراسة يعقوب عليه السّلام حاضرة و عندها أشار اليهم ببنانه (سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ) كناية أنّ فعلهم ذا في وضح النّهار لا يخفى على منْ ابيضت عيناه فضلا عمنْ كريمتيه في سلامٍ....
فالقميص لم تعبث به جوارح ذاك الذئب إذ لم تتغير معالمه الاّ لونه بات ملطخاً بالدّماء و هل كان ذئب إخوة يوسف عليه السّلام مثيل حوت يونس عليه السلام!!!
فلم يُهمّش له عظما فضلا أنْ يخدش له لحماً لينجوَ بفضل الله تعالى فكانت رعاية الله تعالى ترعاه و شتّان بين فعل الله الخالق و فعل العبد المخلوق ....
و هكذا بقي على أكذوبة موت يوسف عليه السّلام تمزيق قميصه لكنّ الله تعالى يترك للمكيد فسحة و فرجة في عمله و كيده تدل عليه أنّه الفاعل لا غير....
و لذا كان سلامة قميص يوسف عليه السّلام آية على أنّهم الفاعلون لا غير, فمهما بلغ دهاء الكائد فبينه و بين الاتقان كما بين السّماء و الأرض تزلّ قدمه للوهلة الأولى أمام منْ أوتي فراسة من الله تعالى.
النّصيحة الرابعة:
((قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (يوسف : 64 )
لانّ المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين...بينما المسلمون اليوم يلدغون من الجحر مرارا تحت دثارٍ فلنمنح الأعداء فرصة بينما الأخير بات يقابل فريسة....
النّصيحة الخامسة:
(قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (يوسف : 66 )
أخذ عليهم ميثاقاً غليظاً علّهم يرجعون...
و كلل الميثاق بالاستطاعة (إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ) و هكذا يتعامل المؤمن الملدوغ فلا يأمنْ لمنء لدغه و إن اضّطر للتعامل معه فليأخذ عليه الميثاق إن كان يقيم للميثاق وزناً و الاّ
كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ و شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ...
النّصيحة السادسة:
(وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (يوسف : 67 )
فالعين حقٌ و لو كان شيئا يسبق القدر لسبقته العين و انّها أي العين تُدخل الجمل القدر و الرجل القبر كما أخبر النبيّ صلّى الله عليه و سلم فتصيب أحيانا فتقع مكان المقتل و الله المستعان.
فخشي يعقوب عليه السّلام أن يدخل أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً من بابٍ واحدٍ بل عشرة كواكبٍ إذ أخاهم في عصمة يوسف عليه السّلام فخاف أنْ تدركهم عينٌ لا تخشى في الله لومة لائم فتُدخلهم القبر و يُصبح الحزن أحزاناً.
و لو انتبه المسلمون اليوم لقضية العين و عمل العائن و احترزوا لكانت غالبية أمراضهم لا وزن لها و لا مثقال,فلا ضير للمؤمن الفطن أن يستر شيئا من جماله الروحيّ فضلا عن جماله العضويّ ففيهما وقاية من عينٍ لامةٍ...
و حديث العين حديث ذو ذيول و فروع إن للعمر بقية نتناول جوانبا منها حتى نحطيها فهما و عملا رواية و دراية باذن الله تعالى.
النّصيحة السّابعة:
يتبع ان شاء الله تعالى...

الزبير الطرابلسي
11-27-2009, 07:46 PM
جزاك الله كل خير
مقالة رائعة

علي سليم
11-28-2009, 03:23 AM
و اياك جزيت خيرا....يرعاك ربي

عبد الله بوراي
11-28-2009, 08:01 AM
مبارك عيدكم
وفى إنتظار " ذياك " الألق التكميلى لهذه النصائح اليعقوبية

علي سليم
11-28-2009, 11:47 AM
مبارك عيدكم
وفى إنتظار " ذياك " الألق التكميلى لهذه النصائح اليعقوبية
و حلت عليكم البركة اخي الحبيب...اضحك الله سنك دوما...