تحمل واقعة مجريات المباراتين بين مصر و الجزائر و ما أحاط بهما من أحداث و ردود أفعال دروسا ً جمة لمن يريد أن يعتبر من ذاك التهافت و السخف الذي يحيط بالعلاقات العربية . فقد كانت الخلافات بين الأنظمة السياسية العربية سائدة منذ الإستقلال و بقيت الشعوب بعيدة و في منأى عن هذه الخلافات . اليوم أصبحنا نرى عداء بين الشعوب العربية حتى غدت مباراة بكرة القدم محور اهتمام الشعبين المصري و الجزائري و معهما الشعوب العربية المؤيدة لهذا الفريق أو ذاك .
ماذا سيقول علم الإجتماع عن هكذا ظاهرة بل ماذا سيقول التاريخ عن حالة يتم فيها استرجاع الجاهلية التي نبذها العرب .نبذوا داحس و الغبراء.لكنهم اعتزوا مثلا ً بحلف الفضول الذي جاء الإسلام و أشاد به .لماذا نتمسك بداحس و الغبراء و نترك كل ما هو جميل في تاريخنا .
يبدوا أن العلاقات بين مصر و الجزائر تحتاج إلى زمن و جهود لرأب ما حصل فيها .فالأخبار التي راجت حول المباراتين جذابة بيد أنها بائسة .
- القيادتان السياسيتان المصرية و الجزائرية متفرغة للخلاف .
- الشعوب تنكأ جراح بعضها و تبرز ما هو قاتم من علاقات .
- وسائل إعلام تفرغت لنقل تفاصيل تخاطب الغرائز .
- وزراء إعلام يظهرون على الفضائيات للردح و المشاكسة .
- اعتداء على اللاعبين الجزائريين و هم داخل حافلتهم و قذفهم بالحجارة داخل القاهرة و يتم جرح بعضهم و مصر تقول :لا اعتداء بل اشتباك بين اللاعبين الجزائريين أنفسهم .
- استدعاء متبادل للسفراء و الجزائر ترسل إلى الخرطوم حيث المباراة الفاصلة عشرة آلاف من قوات الصاعقة الجزائرية برداء مدني للقضاء على مشجعي مصر .؟!!!
يبدو أن القيادتين في مصر و الجزائر استفادت من هذا الإلهاء للجمهور كي يتم نسيان سمات الفقر و الفساد الذي ينهش البلدين ,فتم عبر الإعلام و ببراعة تحويل الجمهور إلى قطيع يساق لأهداف غير نبيلة إذ أنه بدلا ً من أن يفكر الجزائري و المصري بآفاق التنمية و محاربة الفساد و مشجعي الإرهاب باتو يفكرون بالأحذية و كرة القدم التي لاتقدم و لا تأخر في مستقبلهم و دخلهم و رفاههم .