تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من مفارقات وسائل الاعلام:ازمة المصطلحات ومفارقات دلالتها



ابو عبدو
11-19-2009, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

من مفارقات وسائل الاعلام:ازمة المصطلحات ومفارقات دلالتها


كان الاعتراف بدولة اسرائيل من قبل العرب والمسلمين في العقود الثلاثة التي تلت احتلال
فلسطين بمثابة الكفر والردّة، وتمّ وصم مرتكبي ذلك بالخيانة العظمة.وقد كان لاات الخرطوم
الثلاثة تضرب مثلا في بدهيات هذا الموقف، وهي : لا تفاوض -لاصلح -لااعتراف.
وهذا على النقيض ما وصل اليه الحال في ايامنا هذه حيث اعترف قادة العرب بالاجماع
بدولة اسرائيل واعلنوا استعدادهم المطلق لمنح اسرائيل الشرعية والامان ، واعلنوا ذلـــك
على رؤوس الاشهاد ، بل وبات الانكار على المعترفين بدولة اسرائيل والمتفاوضين معهـــا
هو عين الجمود والتطرف والعمى مما قلب المعادلة راسا على عقب.

وهذه النبرة تشمل الكثير من القضايا العامة والمتعلقة عادة بمواضيع شديدة الحساسيّة
وبالغة الاهمية كالسياسة والدين والجنس ، فنجاح مصطلح ما في واقع هذه المياديـــــن
يؤدى الى تشكل مفهوم يصعب الخروج عليه او تجاوزه. فارتباط المصطلحات بالعــرف
العام السائد في المجتمع تجعل لها سلطة معنوية على الناس ، سواء كان ذلك المصطلح
متعلّقا بمجتمع مخصوص ،كالعيب والحلال والحرام والكفر والايمان لدى المسلمين، او ما
تمّ عولمته من مصطلحات اريد لها ان تصوغ الراي العام العالميّ وتوجهه بما يتناسب مع
الثقافة الغربية ، كالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والارهاب، لتكون قاعدة فكرية
تتحكم بتصوير الاحداث والحكم عليها من زاوية خاصّة.
وبما ان للمفهوم العام المرتبط بمصطلح ما ،التصق باذهان الناس تاثيرة الكبير فــــي
سلوكهم لهيمنته وبروزه ، يعجز الكثيرون ممّن لهم موقف مخالف له من انتقاصه فضــلا
عن مهاجمته او تغييره ،مخافة اصطدامهم بقوّة الواقع والقوى المتحكّمة فيه. ولذلك فان
اولئك عادة ما يلجئون الى استعمال نفس المصطلحات بعد تفريغها من مضمونها او قصرها
على بعض معناها ، كالقول بانّ الديمقراطية تعني الانتخابات مع انّها اوسع من ذلــــك
واشمل بكثير ، فهي نمط حياة وطريقة عيش تمتلك نظاما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
وفرديا بشكل متكامل .
ومن خلال الوقوف امام بعض المصطلحات الرائجة اليوم وتطوّرها والنظر الي كيفيّـــــة
استعمالها ، نتنبّه الى كمائن فكرية يراد زرعها من خلال اعتماد وضع مصطلحـات تتناسب
مع سياسة الاقوياء الذين يسخّرون وسائل اعلامهم ومناهجهم التربوية والثقافية ونفوذهم
للترويج لما يريدون تصويره للناس من خلال ربطهم بهذه المصطلحات ، وخاصة اذا ما وعينا
ان المصطلحات تلخص العقائد والايديولوجيا والمبادئ والاديان، كاطلاق مصطلح الاشتراكية
على الفكر الماركسي ، ومصطلح الديمقراطية على النظام الليبرالي الرأسمالي، ومصطلح
الخلافة على النظام السياسي في الاسلام .
ولعلّ ذكر بعض الامثلة يبيّن اكثر فكرة استعمال المصطلحات واهميّـها من ناحية عملية
فالعمليات الاستشهادية التي يضحّي الانسان فيها بروحه في سبيل قضيّة يؤمن بها نيلا
لرضى الله، بات يروّج الاعلام بانها عمليّات انتحارية وقد تمّ تعميم ذلك في وسائل الاعلام
حتّى الغي ذكر العمليّات الاستشهادية من شاشات التلفاز والاذاعة، ومحي من صفحات
الجرائد والمجلاّت ، ولعلّ الفرق واضح بين الاستشهاد الذي يعدّ مفخرة لصاحبه يفضــي
به الى الجنّة وبين الانتحار الذي يعدّ عارا على صاحبه ويفضي به الى النار، فضلا عن
انّ مصطلح الانتحار منفّر بطبيعته لارتباطه باليائسين العدميين الذين اسودّت الدنيا في
وجوههم فلم يقووا على مواجهة الحياة فاختاروا الخلاص منها بالموت .
ومصطلح الجهاد الذي يبذل فيه الانسان النفس والنفيس من اجل اعلاء راية عقيدتـــــــه
وتحرير بلاده من رجس المحتلّين الاعداء على النحو الذّي يحصل في كثير من بـــــــلاد
المسلمين كالعراق والشيشان وكشمير، فقد بات يطلق على اولئك الذين يذودون عــن
دينهم وارضهم وعرضهم اوصاف المتمردّين والانفصاليين والارهابيين ، بالاضافة الى تلك
المصطلحات التي تجعلهم خارجين على القانون وتبيح معاملتهم اسوأ اسوأ من مجــرمي
الحرب، بينما نرى في المقابل اطلاق اسم حركة التحرّر على مقاتلي تيمور الشرقية في
اندونيسا وحركة التحرر على مقاتلي جنوب السودان ، كما يطلق اسم محاربة الارهاب
على ما تسبّبه امريكا واسرائيل وحلفائهما من قتل وتدمير وابادة في العراق وافغانستان
وفلسطين ولو قتل في ذلك الالاف من الاطفال والابرياء من المدنيين .
ويطلق مصطلح متخلف رجعي ومتزمّت متشدد على من وضع نصب عينيه ميزان الحلال
والحرام وطابق بتطبيق شريعة الله ومنهجه في المجتمع ، ومن هنا اقترن اسم الاسلاميين
بالتشدد والتزمت والتخلف والتطرف ، بينما يطلق اسم الحداثيّ العقلانيّ الواقعي المتقدّم
على من طالب بعزل منهج الاسلام عن الحياة وفرض الثقافة الغربية ، ولفظ المسلم المعتدل
على من حصر جلّ همّه من المسلمين بالمطالبة بالديمقراطية والحرية والحياة الكريمة .

كما نرى محاولة حرف المسلمين عن دينهم بتلخيص عقيدتهم وكامل دينهم بقصره على
اية او حديث استهوى القائمين على وسائل الاعلام امعانا بتضليل المسلمين وحرفهم عن
دينهم ، كما حصل باخراجهم الاية الكريمة (لااكراه في الدين ) من سياقها وقيامهم بعرضها
بشكل نسخوا من خلاله احكام الاسلام الثابتة والقطعية منها كتلك المتعلقة بالجهاد و
حمل الدعوة وتطبيق الحدود ووجوب وحدة الامة وفرضية تطبيق الاسلام ، ولو على غير
المسلمين واقامة دولة الخلافة بحجّة انّ في ذلك كلّه اكراها للغير وهو ما نفاه الاسلام
ونهى عنه بزعمهم.
ولعلّ ما يثير الاشمئزار اكثر هو محاولة تسويق تلك المصطلحات النشار بغية تلطيفها
الى نفوس الناس تمهيدا لفرض قبلوها واحترامها لاحقا ، كما حصل مع استبدال مصطلح
الشاذّين جنسيا بمصطلح جديد هو "المثليين جنسيا" مما يعبر بحق عن خطورة ترويــج
المصطلحات وعدم براءة من يقف وراء ذلك.
وللاْثر الذي تحدثه المصطلحات عموما وتلك التي تسوقها وسائل الاعلام وروّادها اليوم
في العالم الاسلامي خصوصا لزم الحذر منها ، ووجب تنفيسها وضبطها بالمفاهيـــــم
الشرعية قبل اخذها والقبول بها، والا فقدت الامة تدريجيا ثقافتها المميّزة وذابــت
هويتها . واكتفي بضرب مثال على ذلك وعليه تقاس بقية المصطلحات :
فالمطالبة بتطبيق الاسلام في الحياة الشخصية من خلال الفرد او في حياة الامـــــة
من خلال الدولة هي من واجبات كلّ مسلم على حدّ سواء، ونصوص القران في ذلك
واضحة جليّة كقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون ) وقوله
تعالى ( فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ) .
ولا ينبغي النكوص عن ذلك لايّ سبب كان لانّ فيه انحرافا عن معنى التزام الانسان
برسالة الاسلام في الحياة ، قال تعالى( وما خلقت الجنّ والانس الاّ ليعبدو) وقولــــه
تعالى ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ) .
فهذا الواجب الشرعي الواضح يراد تسويقه لنا على انّه تخلّف فضلا عن انّه تزمّت وتشدّد
فساء ما يحكمون .
وبناءا على ما سبق وجب عدم الانجرار وراء كلّ ناعق ولو اشتهر اسمه وكبرت لفتها
وطالت لحيته ، وكثر تواجده في الفضائيات والارضيات ، سواء تحت اسم مفكر او
مثقّف او باحث او محلّل او عالم ، فجلّ ما يقدّمه امثال هؤلاء للامّة من مصطلحــــــات
مشبوهة باتت قواعد عامة في الفهم ،انما هي التي تحمل معاني مريبة ، وتتضمن
مفاهيم غربيّة محضة في غالبها وهي على النقيض ممّا يعتبر من مسلّمات الامـــــّة
وقطعيّات دينها وبالتالي وجب عدم الانجراف وراء كلّ ما له بريق ، فكما يقال:"ليس
كلّ ما يلمع ذهبا".

حسن الحسن

من هناك
11-20-2009, 11:42 PM
لأن من يعلمونهم يعرفون ان تغيير الثقافة يتم بتغيير المصطلحات. إن المصطلح يعبر عن مفهوم في عقل المرء ومجموعة المفاهيم تكون الشخصية الفردية والجماعية للأفراد والمجموعات.

من هذا المنطلق استطاع الصهاينة تغيير مفهوم الإحتلال في عقول الحكام العرب ومن يواليهم ثم غيروا مفهوم الإستقلالية والمقاومة والآن يحرمون اهل البلد الواقع تحت الإحتلال من مجرد التفكير بالتغيير لأن التغيير المصاحب بالقوة هو التغيير الوحيد الذي ينفع لأن ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.

لكن الحكام ومن لف لفهم يحبون التغيير الغاندي وطويل العمر نفسه طويل ايضاً وعيش يا كديش