تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلاميون السنة في البحرين.. صوفية وسلفية وإخوان



من هناك
11-17-2009, 03:54 AM
الإسلاميون السنة في البحرين.. صوفية وسلفية وإخوان


صـادق الشيـراوي

نجحت هذه التيارات في فتح بعض إطارات التجديد داخل الحركة الإسلاميةشهدت خريطة الحركات الإسلامية السنية في البحرين -وما زالت- تحولات مستمرة منذ منتصف القرن العشرين حتى الوقت الراهن؛ حيث تميزت أولا بانفراد الإخوان المسلمين من خلال جمعية "الإصلاح الاجتماعي" التي تأسست عام 1941، ولكن لم يلبث القرن أن ينتهي حتى ظهرت حركات وتيارات أخرى، هي: الحركة السلفية التي تمثلها "جمعية التربية الإسلامية"، وتقع على يمين الإخوان المسلمين، والإسلاميون غير المؤطرين الذين تمثلهم الجمعية الإسلامية، إلى جانب الصوفيين الذين يكافحون من أجل جمعيات تمثلهم اجتماعيا وسياسيا.

ومع انطلاق مرحلة الإصلاح في مملكة البحرين في بداية الألفية الثالثة قامت الحركات الإسلامية السنية بتأطير نفسها على شكل جمعيات (أو بالأحرى أحزاب) سياسية، وتشكلت خريطتها من الجمعيات التالية: جمعية المنبر الإسلامي التي تمثل الذراع السياسية لجمعية الإصلاح (الإخوان المسلمين)، وجمعية الأصالة الإسلامية وهي تمثل الذراع السياسية لجمعية التربية الإسلامية (الحركة السلفية)، وجمعية الشورى الإسلامية وتمثل ذراع الجمعية الإسلامية (إسلاميون مستقلون، عددهم قليل نسبيا، وينشطون في العمل الخيري، وهم أقرب فكريا إلى الإخوان المسلمين).

وبالتالي يظل الإخوان المسلمون والسلفيون والصوفيون هم أهم الحركات والجماعات السنية، وإذا كان من غير الواضح أن يقوم الصوفيون بتوحيد أنفسهم في جمعية سياسية ويخوضون الانتخابات المقبلة عام 2010، فإن الحركة السلفية رغم حديثها المستمر عن أهمية التحالف مع الإخوان المسلمين، فإن لديها طموحات مستقبلية غير خافية في أن تكون أكبر الحركات الإسلامية السنية اجتماعيا وسياسيا.

الإخوان المسلمون

تعبر جمعية الإصلاح عن جماعة الإخوان المسلمين، وتشارك في مجلس النواب (البرلمان البحريني) من خلال ذراعها السياسية "جمعية المنبر الوطني الإسلامي"، ويختلف إخوان البحرين عن غيرهم من الإخوان في دول عربية أخرى في أنهم يرتبطون بعلاقات تعاون وتحالف تاريخي مع الحكم.

- التطور الحركي: تأسست جمعية الإصلاح، التي تتخذ الآية الكريمة {إِنْ أُرِيدُ إِلا الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} شعارا لها، تحت اسم (نادي الطلبة) في مايو 1941م، ثم تحول اسمها إلى ( نادي الإصلاح الخليفي)، قبل أن يتحول النادي إلى جمعية الإصلاح، بموجب قرار من وزارة العمل والشئون الاجتماعية تحت رقم (15/80) بتاريخ 24 أبريل 1980م.

وقد تعرضت الجمعية لخصومة شديدة من التيار القومي واليساري المسيطر خلال عقدي الخمسينيات والستينيات الذي اتهمها بالرجعية؛ نظرا لعلاقتها مع إخوان مصر، ولكن لم ينته عقد الستينيات حتى بدأت انطلاقة جديدة للجمعية تمثلت في مشروعات كبرى اجتماعية وتعليمية وتربوية ودعوية.

ولم تكن جمعية الإصلاح تمارس عملا سياسيا قبل ميثاق 2002، فكانت تعلن مواقفها السياسية عن طريق البيانات والندوات والزيارات للمسئولين، وبعد انطلاق العمل السياسي في مملكة البحرين سعت إلى تأسيس ذراع سياسية لها عام 2002 تمثلت في جمعية المنبر الوطني الإسلامي.

وفي نفس العام رأت جمعية الإصلاح أيضا أهمية تأسيس جمعية نسائية هي "الجمعية البحرينية لتنمية المرأة" بهدف الإسهام في خدمة المجتمع، ودعم وتبني المشاريع الإنتاجية للمرأة في القطاعات المعيشية المختلفة، وتمثيل المرأة الإسلامية في المنظمات والمنتديات المحلية والإقليمية والدولية.

- فكر الحركة: عند النظر لوثائق جمعيتي الإصلاح والمنبر الوطني الإسلامي يلاحظ الآتي:

أولا: تأثرهم بشمولية مدرسة الإخوان المسلمين التي تجمع العمل الدعوي والتربوي والاجتماعي والخيري والاقتصادي والسياسي... إلخ.

ثانيا: كتابة وثائقهم في ضوء الاستفادة من وثائق الأحزاب والحركات الإسلامية في الدول العربية كالأردن والجزائر والمغرب؛ مما يعني انفتاحا نظريا على كل إشكاليات الواقع المطروحة.

ثالثا: أنهم انطلقوا من "قاعدة ذهبية" حاولت تيارات أخرى التشكيك فيها أو ربما تغييرها وهي: "أن المطالبة بالمزيد من المشاركة الاجتماعية والسياسية لا يجب أن تَرْقَ إلى التشكيك في شرعية النظام السياسي أو مناوأته"؛ على اعتبار أن ذلك يمثل توافقا بين الشعوب الخليجية عموما والنخب السياسية الحاكمة.

لكن فريقا من الشيعة يذكر أن إخوان البحرين لا يستغلون أجواء الحرية المتاحة لاستكمال مبادرة التعايش التي قام بها الشيخ عيسى آل خليفة عام 2002 من أجل تعزيز الاستقرار السياسي، والعدل الاجتماعي، ومعالجة أشكال معينة من التمييز يتحدث عنها الشيعة، معتبرين أن البيان الذي نشرته جمعية الإصلاح أثناء أحداث العنف السياسية في عقد التسعينيات بعنوان: "هذا بياننا"، اتسم بالموضوعية والوسطية؛ لأنه تأثر برؤية الشيخ عيسى آل خليفة -رئيس الجمعية- حيث لم ينحز بشكل واضح للحكم، وإن أبدى تفهما للإجراءات التي اتخذتها الحكومة في التصدي لأعمال الشغب والتخريب، مشددا على تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية لتجنب انزلاق البلاد إلى "الفتنة".

كما يرى ليبراليون أن الإخوان لا يعنون بتجديد خطابهم الفكري؛ لأنهم ينشغلون بتجذير قواعدهم وأنشطتهم الاجتماعية والخيرية؛ مما أدى إلى نوع من الانغلاق الأيديولوجي والتوجس من خرق ما يعتبرونه (ممنوعات كبرى) ثقافيا واجتماعيا وسياسيا؛ حيث ينحصر خطابهم في التركيز على ما يعتبرونه تهديدا إيرانيا، أو تناول موضوعات أخلاقية كملاحقة الدعارة والخمور.

- أهم الرموز: يعد الشيخ عبد الرحمن الجودر (1922 – 1989) أهم رموز الإخوان، وأحد القلائل الذين التقوا الشيح حسن البنا خلال فترة ابتعاثه للدراسة في مصر بين عامي 1944 و1946؛ حيث تعرف وقتذاك على قيادات الإخوان المسلمين، واطلع على أنشطة وبرامج الجماعة الثقافية والتربوية والاجتماعية.

شارك في تأسيس نادي الطلبة 1941، وكان مثال الحركة والنشاط الدعوي في الجمعية، أو في سلك التعليم والوعظ؛ حيث قضى أكثر من خمسة عشر عاما في التدريس، كما اشتغل إماما لأحد المساجد في المملكة.

أسس الشيخ الجودر مكتبة الآداب خلال النصف الأول من عقد الخمسينيات، والتي ظلت لفترة طويلة من أكبر المكتبات الإسلامية التي تروج للفكر الإسلامي في البحرين، وشارك في عضوية العديد من المؤسسات الإسلامية؛ فكان عضوا مؤسسا في منظمة المساجد التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وعضوا مؤسسا في الهيئة الخيرية الإسلامية بدولة الكويت.

ومن الرموز أيضا: الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة (1938 -..) الذي يتولى رئاسة جمعية الإصلاح بالبحرين منذ نهاية عقد الستينيات، ولم تشغله مناصبه الوزارية كوزير العدل عام 1974م، ثم وزارة العمل والشئون الاجتماعية حتى عام 1980م، عن العمل الدعوي والاجتماعي والقانوني.

تعرف الشيخ عيسى آل خليفة على الإخوان أثناء دراسته بمدرسة حلوان الثانوية للبنين 1950/1951 في مصر، والتقى المستشار حسن الهضيبي مرتين خلال العام الدراسي التالي 1951/1952، وحينما عاد من القاهرة أوائل عقد الستينيات حاملا ليسانس الحقوق، رجع وهو يحمل (مشروع العمر)؛ حيث رسم في مخيلته مشروع نهضة فكرية واجتماعية يقوم على فكر إسلامي مستنير، وظل يجاهد من أجله أكثر من ثلاثة عقود، حتى بلغ من الكبر عتيا، وترك القيادة لشخصيات حركية غير معروفة.

- الانتشار في المجتمع: يركز إخوان البحرين -كالنموذج الكويتي- على العمل الاجتماعي، وما يزالون أكبر رواده -رغم دخول جمعية التربية الإسلامية بقوة على خط العمل الخيري- وإذا كانوا لم يدخروا وسعا في وضع إستراتيجيات واضحة للعمل الاجتماعي العام، فإنهم نجحوا أيضا في توسيع قواعدهم الاجتماعية بما يجعل جماعتهم الأوسع امتدادا وحيزا داخل الوسط السني حتى الوقت الراهن.

ووفقا للمعيار الانتخابي فإن جمعية المنبر الوطني الإسلامي قد خاضت انتخابات 2002 وحصلت على 7 مقاعد من أصل 8 مقاعد كانت تتنافس عليها، ثم خاضت انتخابات 2006 في قائمة موحدة (تحالف) مع جمعية الأصالة الإسلامية السلفية، وحصلت على 7 مقاعد أيضاً من أصل ثمانية، بنسبة(87%) من قائمتهم الانتخابية و(100%) من القائمة البلدية.

سلفيو البحرين

يتم تصوير السلفيين دائما بأنهم يمشون في ضباب نظرية (ولي الأمر)، التي تجعل الحاكم قطبا تدور الأمة حوله، وأنهم يحمون التخلف السياسي بخطاب ديني، ويفتحون الباب لرياح العلمنة والتغريب والهيمنة الأطلسية، لكن تلك الصورة النمطية تخلط بين التيارات السلفية وتجمعهم في سلة واحدة من دون معرفة دقيقة بتفصيلات الخريطة السلفية في مملكة البحرين.

- مراحل التطور: عدا النسيج الاجتماعي الشيعي يمكن القول إن أغلبية المواطنين السنة غير مؤطرين؛ وهو ما أتاح لجماعة الإخوان المسلمين الانتشار والتوسع التدريجي في الفترة الواقعة بين عقدي الأربعينيات والسبعينيات، حتى دخلت التيارات السلفية في صراع هادئ على النفوذ منذ ذلك الوقت؛ وذلك بعد أن تزايد -وفقا للشيخ عادل المعاودة- عدد طلاب العلم والدعاة في البحرين، وتوافد إليها بعض الدعاة السلفيين من دول عربية أخرى.

ومنذ نشأة الدعوة السلفية الوهابية، وطوال تاريخهم كان لدى السلفيين اختلال كبير فيما يتعلق بالنظر إلى الواقع ومنهج التعامل معه وخصوصا الجانب السياسي منه؛ مما أدى إلى ظهور التيارات السلفية، وأخطرها السلفية الجهادية التي لا توجد مؤشرات على وجودها في البحرين.

ومن أهم التيارات السلفية -كما نراها الآن في الواقع البحريني:

أولا: السلفية الجامية: ولهم بعض المساجد في المحرق والمنامة، ومن رموزهم الشيخ وليد سيف النصر، وينظر إلى تيارهم باعتباره مواليا للحكم؛ حيث يستخرجون أدلة من القرآن والسنة تؤكد على وجوب موالاة الحاكم وطاعته طاعة مطلقة.

ثانيا: السلفية العلمية: وتقوم بالتنقيب في أخطاء (الفرق الإسلامية) الأخرى، فلا تهتم بقضايا الأمة المصيرية الداخلية والخارجية، بل تنشغل بأخطاء التيارات الأخرى، وتتحدث عن أخطاء عقيدية لدى الإخوان، وكفر الشيعة... إلخ.

ثالثا: التيار السلفي المنضوي في عملية الإصلاح: ويمثله جمعية التربية السياسية وذراعها السياسية جمعية الأصالة والتي تتمركز قواعدها في أوساط القبائل العربية لأسباب اجتماعية أكثر منها دينية عقائدية، وأساس منطلقاتها الفكرية فتاوى ودروس علماء الجزيرة ابن باز وابن عثيمين، والشيخ الألباني في الشام.. رحمة الله عليهم.

- الفكر السلفي: إذا كانت التيارات السلفية تختلف في منهج النظر إلى الواقع؛ وهو ما يؤدي باستمرار إلى وجود انقسامات لدى تياراتها وأشخاصها على عكس الانضباط التنظيمي لدى جماعة الإخوان المسلمين، فإن هذه التيارات جميعا تتفق في طريقة التعامل مع النصوص الشرعية؛ حيث يجمعون على مجموعة من القواعد التي تسمى (منهج التلقي)، ومنها: كل ما وافق الكتاب والسنة أثبتوه، وما خالفهما أبطلوه، ولا معصوم عندهم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن إجماع السلف عندهم حجة شرعية ملزمة لمن بعدهم، ولا يقرون قولا ولا يقبلون اجتهادا إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة والإجماع، ولا يعارضون القرآن والسنة بعقل أو رأي أو قياس... إلخ.

لكن الإشكالية الكبرى لدى التيارات السلفية تتمثل في (التكفير) والتي تنال بعض السلفيين أنفسهم، ودائما ما يشكو الشيعة والصوفيون من الحملات المستمرة لتكفيرهم وتضليلهم، ويتحدثون عن ممارسات عديدة يقوم بها السلفيون للتضييق على حرية ممارسة الشعائر الدينية لهم، والحديث في خطبهم ومنتدياتهم أن الشيعة والكفر شيء واحد.

ومن المفارقة أن التكفير نال الشيخ عادل المعاودة -أحد قيادات كتلة الأصالة السلفية في مجلس النواب- حيث صدر بيان عام 2007 لمجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم (أنصار الخلافة) تكفر فيه المعاودة؛ لأنه "من الذين آثروا أن يدخلوا في عبادة العجل ونصرته، وموالاته، والثناء عليه، والدعاء له!"، واصفة إياه بأنه "شيخ الإرجاء والإرجاف".

- رموز الحركة: على خلاف الإخوان الذين يتنوع رموزهم بين القيادات الدعوية التنظيمية والأكاديمية ورجال الأعمال، نجد أن رموز الحركة السلفية يطلق عليهم "العلماء"، أو "طلاب العلم"، وهؤلاء ينشطون الآن إلى جانب العمل الدعوي في العمل الخيري والبرلماني في الوقت الراهن، على خلاف الرموز التاريخيين الذين برزوا خلال القرن العشرين وكانوا ينشطون في الدعوة إلى الوهابية ومنهم: الشيخ قاسم بن مهزع، والشيخ محمد الفضالة الذي كان يلقب بالقاضي السلفي، والشيخ صالح بن محمد آل مبارك.




النائب السلفي جاسم السعيدي

وفي الوقت الراهن يبرز من رموز الحركة السلفية: الشيخ عصام إسحاق رئيس جمعية التربية الإسلامية وأحد مؤسسي مركز "ديسكفر إسلام" الذي يختص بتبليغ الإسلام إلى الجاليات الآسيوية والأوروبية في البحرين، والنائب السلفي الشيخ جاسم السعيدي الذي ينظر إليه كرمز للتوترات الطائفية في البلاد، والنائب الشيخ عادل المعاودة الذي يتسم ببرجماتية سياسية تتيح له التعاون مع كل من كتلة الوفاق الإسلامية الشيعية، وهيئات رسمية وأهلية سعودية تجد أن مصلحتها دعم السلفيين في مواجهة كل من الإخوان والشيعة!

- الانتشار: بغض النظر عن السلفية الجامية والعلمية اللتين تتقوقعان في المساجد، فإن السلفية الإصلاحية التي يمثلها الشيخ عادل المعاودة تغوص في العمل الخيري النافع اجتماعيا للناس، وخصوصا في عملية توزيع المساعدات على الفقراء، وجمع التبرعات لفلسطين، كما تسيطر على الأوقاف السنية، وكثير من المساجد والجمعيات الخيرية. ووفقاً للمؤشر الانتخابي فقد حصل هذا التيار على 5 مقاعد في انتخابات عام 2002، زاد عددها إلى 8 عام 2006، وما زالوا يطمحون إلى زيادة غلتهم الانتخابية في انتخابات 2010 .

الصوفيون

لم تخل البحرين يوما من المدرسة الصوفية، التي ظهرت تاريخيا في مواجهة إقبال الناس على الدنيا بعد زمن الفتوحات الكبرى؛ حيث بدأ تيار ينادي بالزهد، وظهرت جماعات يسمون "الفقراء"، وأخرى تسمى "البكائين"، وثالثة تسمى "المحبين"، وأشهرهم "رابعة العدوية"، ثم ظهر أقوام من الصوفية تكلموا عن الجوع والفقر والوساوس والخطرات، ثم بدأ يظهر على الساحة تيار يقسم الدين إلى ظاهر وباطن.

- الوجود والأفكار: تمثل "جمعية الإمام مالك" التي يرأسها الشيخ إبراهيم المريخي غالبية صوفية البحرين، وكان الشيخ المريخي خطيبا لجامع الشيخ عيسى بن علي حتى عام 1988 حيث مُنع من الخطابة بعد إلقائه خطبة عن مصيبة الإمام الحسين بن علي، كما منع في عام 2006 من الترشح للانتخابات النيابية، لكنه ظل حاضرا في الساحة كأبرز شيوخ المتصوفة.

ويستغرق الصوفيون في الحديث عن الروحانيات وأحوال القلوب، والصلة بالله؛ حيث يقولون إنه لابد لكل صوفي أن يمر بها من خلال أربع مراحل هي: الوجد، ويقصد به كشف حالة بين العبد وربه، وظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ثم مرحلة الغلبة عندما يزيد الوجد ويغلب صاحبه الصوفي ولا يكون مميزا لما يستقبله، ثم مرحلة السكر وهي المرحلة التي يغيب فيها الصوفي عن تمييز الأشياء، ويغيب عن نفسه ليدخل في المرحلة الرابعة وهي الشطح وهي من زلات المحققين ومحاولة لوصف ما لا يوصف ولا يؤاخذ صاحبه عليه حتى لو تكلم في ذات الله!

ويدعو الصوفيون إلى التسامح والتعايش الاجتماعي وهو ما يفهمه الإخوان والسلفيون على أنه تمييع الدين وإذابة الفروق بينها، وفي هذا الإطار كان الشيخ المريخي أحد المبادرين للتوقيع على وثيقة للتسامح والتعايش الاجتماعي في البحرين أواخر نوفمبر 2008، والتي دعت فيها شخصيات من أتباع الديانات في مملكة البحرين إلى التعايش السلمي في البحرين "بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي أو الفكري"، ونشر ثقافة التسامح الديني، ونبذ العنف والكراهية والتطرف والتعصب.

وللشيخ المريخي مبادرات تعاون لا تتوقف مع شيعة البحرين بهدف "جمع شمل المسلمين على كلمة واحدة، كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والعيش في جو هادئ مطمئن كما كان قديما بين أحضان العلماء والفقهاء والحكام الطيبين".

أما الموقف الفكري من الحكومة والعلمانيين فنجده لدى الدكتور ناجي العربي الأستاذ بجامعة البحرين وأحد رموز الصوفية الذين لا ينتمون لجمعية الإمام مالك، والذي يؤكد أن الصوفية يرفضون الخروج على الحاكم بالقول: "إننا لا نخرج على الحاكم ولا نبيح هذا الأمر.. إن لهم في أعناقنا بيعة"، وإذا كان هناك ظلم واقعا على الشعوب من حكامهم فإننا نفضل خيار المناصحة سرا وعلانية، ولكنها العلانية التي لا يقصد منها الفضيحة، مع تحريم اللجوء إلى ما أسماه (القوى الخبيثة) مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

ولا يحب الصوفيون توصيفات الإسلاميين والعلمانيين؛ لأن الكثير ممن يسمون بالعلمانيين يصلون في المساجد وليس قصدهم الوقوف ضد الدين وإنما تسللت إلى أنفسهم أفكار من هنا وهناك؛ مما يعني أهمية -بل وجوب- الانفتاح عليهم بقصد التقارب وبيان الخطأ والصواب.

- الرموز وحجم الانتشار: يعد الشيخان المريخي والعربي من أبرز رموز الصوفية في البحرين على الإطلاق، وفي حين يركز الشيخ المريخي على العلاقات مع الشيعة ومبادرات التعايش، فإن الشيخ ناجي العربي هو أحد أساتذة الحديث والفقه، ويأتيه طلبة العلم والصوفية من خارج البحرين، وله علاقات قوية مع الداعية اليمني الشيخ الحبيب علي الجفري.

ولا يعرف بالتحديد عدد منتسبي المدرسة الصوفية في البحرين، لكن الدكتور ناجي العربي يعتقد أن العدد كبير جدا، على اعتبار أن أهل البحرين قبل أن تنتشر الأفكار السلفية والإخوانية كانوا كلهم صوفية، وأن الاحتفالات الصوفية ما زالت تجتذب أعدادا كبيرة من المواطنين.

وتعد جمعية الإمام مالك بن أنس الجهة الرسمية الوحيدة التي أسسها الصوفيون، وتتميز بنشاط دعوي وتوعوي في البحرين وخارجها؛ حيث تهدف إلى "نشر الوعي الديني الصحيح ومنهج أهل السنة والجماعة؛ وذلك عن طريق إحياء المناسبات الدينية مثل ذكرى المولد النبوي الشريف، وذكرى الإسراء والمعراج، وإحياء ليلة النصف من شعبان وليلة القدر".

وخلاصة خريطة الحركات الإسلامية في البحرين هي: أنه رغم انغلاق الإخوان وانصرافهم عن هموم مجتمعهم، وتشظي السلفيين وانقساماتهم المستمرة، وتماهي الصوفيين مع فرق إسلامية أخرى، فإن هذه الحركات والتيارات نجحت في فتح بعض إطارات التجديد، وخصوصا فيما يتعلق بمشاركة المرأة في العمل الدعوي والاجتماعي، والدعوة إلى تفعيل سيادة الأمة في مواجهة النفوذ أو الهيمنة الأجنبية، ورفع الصوت بلا تردد في دعم المقاومة.. لكن التحدي الرئيسي أمامها يظل هو القبول بالمواطنة، وتحويلها إلى ثقافة جماهيرية تنعكس إيجابيا على الإصلاح والاستقرار السياسي والعدل الاجتماعي.

باحث ماجستير بحريني
*اسلام اون لاين