تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرئيس التركي عبد الله غول دخل «بيت الجمع» العلوي: انقلاب على العثمانيين



من هناك
11-07-2009, 04:24 PM
محمد نور الدين

تحت صور الإمام علي وحاجي بكتاش تقدم الرئيس التركي عبد الله غول إلى داخل «بيت الجمع»الخاص بالطائفة العلوية في مدينة تونجيلي التي تقطنها غالبية علوية وكردية.

لم يكن الحدث عاديا بل كان تاريخيا، لأنه للمرة الأولى يدخل رئيس للجمهورية التركية إلى مركز عبادة علوي والذي يطلق عليه اسم «بيت الجمع». زيارة غول تمت وسط طقس بارد وعاصف وهو ما أضاف تقديرا من جانب العلويين للرئيس الزائر.

لم يكن غول أول رئيس يزور تونجيلي، فقد سبقته زيارة لسليمان ديميريل في العام 1995، لكن ديميريل لم يدخل «بيت الجمع» العلوي حينها. كانت زيارة مقررة لمثلث المحافظة والبلدية والجامعة لكن غول أضاف إليها زيارة «بيت الجمع». وتم استقباله بلافتات معبّرة من بينها «لكم مكان فوق رأسنا يا فخامة الرئيس».

جلس غول على الأرض مثله مثل باقي الحضور وتابع رقصة السماع المشهورة لدى العلويين وهي طقس ديني، وسبقها بإضاءة شمعة «من اجل الأخوة والديموقراطية والسلام» على ما قال.

ليست حدثا عاديا تلك الزيارة، ويمكن أن يقال إنها خطوة في طريق الانفتاح على العلويين كجزء من إستراتيجية الانفتاح على كل مكونات المجتمع التركي ومنهم الأكراد، لا سيما أن غول مسلم سني متدين فيما لم يبادر إلى هذه الخطوة أكثر الرؤساء العلمانيين تشددا.

يذكّر رئيس تحرير صحيفة «راديكال» العلمانية عصمت بركان بمشكلة العلويين التاريخية، ليس فقط مع الإسلاميين بل مع كل النظام التركي الذي لم يعترف حتى الآن بالمكوّن العلوي المستقل عن الفئات الأخرى. وقد انسحب هذا الإنكار على كل المناحي الثقافية والدينية للعلويين، فالحكومات التركية لا تزال ترفض الاعتراف بأن «بيت الجمع» هو مركز عبادة وتعتبر أن الجامع هو بيت العبادة. ولذا لا تخصص الدولة أية مساعدات مادية من ميزانيتها لبناء بيوت الجمع أو رواتب للموظفين والعاملين فيها، فيما تقوم بذلك بالنسبة للجوامع.

وعلى هذا كان جواب رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان الدائم على سؤال عما إذا كان «بيت الجمع» مركز عبادة أم لا، «لا. بيت العبادة هو الجامع». ولم يكن جواب غول يختلف عن جواب اردوغان، وهو ما كان يثير حفيظة العلويين ويعتبرونه انتهاكا لشؤون عقيدتهم. والتراجع عن هذا الإنكار أصبح من شروط الاتحاد الأوروبي لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

أكثر من ذلك لم ينجح أي حزب إسلامي في تركيا في أن يضم إلى قائمة نوابه أي مرشح علوي، لذا فإن نواب حزب العدالة والتنمية في انتخابات العام 2002 لم يكن بينهم أي نائب ينتمي إلى الطائفة العلوية التي يبلغ تعدادها وفقا لغالبية التقديرات 20 مليونا. وهذا ـشكل ثغرة كبيرة في طبيعة التمثيل الشعبي لحزب العدالة والتنمية.

وفي الانتخابات الأخيرة لعام 2007 استطاع اردوغان أن يقنع مفكرا علويا بارزا هو رها تشامور اوغلو من الترشح ليكون النائب العلوي الوحيد اليوم في صفوف حزب العدالة والتنمية. لكن تشامور اوغلو استقال من المهمة التي أوكلها إليه الحزب بشأن حل المشكلة العلوية بعدما وجد أن السعي ليس جديا بما فيه الكفاية.

زيارة غول لبيت الجمع مهمة جدا، وإن كان الحكم على نتائجها سابقا جدا لأوانه قياسا إلى خيبات الأمل العلوية السابقة. العلويون سيقيسون جدية مسعى غول بالاعتراف ببيت الجمع مركزا لعبادة العلويين، وأيضا بعدم إلزام العلويين في مناطقهم بدراسة المذهب الحنفي من دون العقيدة العلوية، خصوصا أن النظام في تركيا علماني ويفترض المساواة بين مختلف الطوائف والاعتراف بها أيضا.

تونجيلي أيضا ذات خصوصية مزدوجة علوية - كردية، لذا كان مثيرا عندما زار غول مبنى البلدية أن يلتقي بالخصوصية الأخرى التي لا يزال النظام في تركيا ينكرها، وهي رئيس بلدية تونجيلي المنتمي إلى حزب المجتمع الديموقراطي الكردي الذي يتهم بأنه الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني.

حسب غول أن يكسر محرمات عمرها من عمر الجمهورية، وأحيانا من عمر الدولة العثمانية. وإذا كان التغيير قائما على قدم وساق فأولى أن يطال التغيير أعقد مشكلتين تثيران الانقسام الاجتماعي والسياسي: العلوية والكردية.