تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (CIA) والحرائق المنظمة.. من بيشاور إلى فلسطين



مقاوم
11-04-2009, 12:42 PM
(CIA) والحرائق المنظمة.. من بيشاور إلى فلسطين

كتب أ. محمد الزواوي


http://qawim.net/images/stories/logoqawim/_exb.pngيشهد العالم الإسلامي منذ قدوم الاحتلال الأمريكي لغزو أفغانستان والعراق حالة من الفوضى العارمة، وخاصة في المنطقة الممتدة من باكستان وحتى فلسطين، ودخل ذلك الشريط في سلسلة من التفجيرات الدامية والقلاقل الداخلية وفي حالة عامة من عدم الاستقرار، حيث شهدت باكستان انفجارًا في الأوضاع الأمنية، ومواجهات عسكرية مع حركة طالبان على ضفتي الحدود الباكستانية الأفغانية، تلك الحركة التي كانت تمثل عمقًا استراتيجيًا للدولة الباكستانية وأصلاً من أصولها، لتدخل باكستان في دوامة من العنف الداخلي من الجماعات الإسلامية المسلحة ردًا على سلسلة من العمليات العسكرية الباكستانية في معاقل الإسلاميين في وادي سوات وغيره، وكانت آخر العمليات تلك السيارة المفخخة في أحد الأسواق في بيشاور، والتي أسفرت عن مصرع 90 شخصًا معظمهم من النساء مساء الأربعاء 28 أكتوبر 2009.

أما أفغانستان في ظل الاحتلال فأصبحت عبارة عن دولة من الركام تزرع بالمخدرات يسيطر عليها اللصوص وأمراء الحرب برعاية أمريكية، في ظل انتخابات رئاسية صورية بين دميتين للولايات المتحدة. وبالأمس القريب شهدنا قطار التفجيرات يتوجه إلى إيران؛ حيث وقع تفجير زهدان الذي أودى بحياة العشرات من السنة والشيعة على حد سواء، ثم تحولت التفجيرات إلى بغداد؛ حيث شهدت العاصمة العراقية تفجيرين هائلين أسفرا عن مقتل 132 شخصًا وجرح 618 آخرين، في حين أشارت أصابع الاتهام العراقية هذه المرة إلى سوريا، وهي المحطة قبل الأخيرة لقطار الفوضى؛ قبل أن يحط رحاله في فلسطين المشطورة إلى نصفين.

ولنا جميعًا أن نتساءل: من أين أتت جماعة "جند الله" الإيرانية بمتفجراتها؟ ومن أين أتى مفجرو بغداد بعبواتهم الناسفة الهائلة؟ ومن أين أتى مفجرو بيشاور بهذه المتفجرات الهائلة التي أودت بتسعين نفسًا؟ ومن الذي له مصلحة في "انتشار وشيوع" مثل تلك الأسلحة والمفرقعات والعبوات الناسفة في طول هذا الشريط من باكستان إلى فلسطين؟ ومن الذي لديه القدرة على إمداد مختلف الأطراف ـ سنة وشيعة عربًا وعجمًا ـ بكل تلك الترسانة الهائلة من أسلحة الفتك والدمار؟

وتعود بي الذاكرة إلى التفجيرات الدامية بين السنة والشيعة والتي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق في 2003؛ حيث خرجت علينا مزاعم آنذاك بأن الجيش الأمريكي "لا يملك خطة خروج" من العراق بعد احتلاله، وأنه وضع خطته لغزو العراق ليستقبله أهله بالورود والرياحين، ثم يطبق الديموقراطية ويخرج منتصرًا! وهذا ما لم يحدث؛ بل ما قام به الجيش الأمريكي هو تحطيم كافة مؤسسات الدولة العراقية ونهب المتاحف والبنوك وتفكيك الجيش العراقي والمساعدة في بناء قوة شرطة قوامها من الشيعة، وبالرغم من ذلك تم تفجير الأضرحة والمراقد الشيعية وتدمير المساجد السنية وتعذيب أئمتها، وهو ما أشعل فتيل الحرب الأهلية، بالإضافة إلى تأليب الطائفة الكردية لتحقيق حلم الانفصال.

ولا يستطيع المرء وهو يشاهد كل تلك التفجيرات والدماء والأشلاء المتناثرة، وتبادل الاتهامات بين إيران وباكستان ـ فيما يتعلق بعملية جند الله في زهدان ـ وتبادل الاتهامات مرة ثانية بين العراق وسوريا في انفجاري بغداد الأخيرين ـ إلا أن يربط بين فوضى كوندوليزا رايس الخلاقة، وما بين جحافل الاستخبارات الأمريكية التي تتمركز في أفغانستان وترعى فيها تجارة المخدرات للإنفاق على أنشطتها السرية وأجندتها الخاصة التي لا تخضع لرقابة الكونجرس ولا الرئاسة الأمريكية.

فقد أكدت تقارير صحفية أن هناك وجودًا قويًا للاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والهندية في أفغانستان المحتلة، حيث ترعى تلك الاستخبارات عمليات زراعة وتجارة المخدرات، وهي تجارة يصل حجمها إلى تريليونات الدولارات، للإنفاق على الأنشطة السرية للأجهزة الثلاثة، فقد كتب اللواء الباكستاني المتقاعد آصف هارون راجا في صحيفة آسيان تريبيون بتاريخ 26 فبراير 2009 تقريرًا أكد فيه على أن العلاقة ما بين الاستخبارات الباكستانية والأمريكية كانت تسير بشكل تعاوني حتى كشف الباكستانيون أن الاستخبارات المركزية الأمريكية تلعب لعبة مزدوجة في منطقة القبائل وفي منطقة بلوشستان عن طريق تقديم كافة المساعدات المطلوبة إلى الاستخبارات الهندية لزعزعة استقرار بعض المناطق هناك. وتدهورت العلاقة بين جهازي الاستخبارات الباكستانية والأمريكية بعدما قتل الملحق العسكري الهندي والذي كان يعمل داخل السفارة الهندية في كابول في 7 يوليو 2008 في تفجير انتحاري؛ فقد كان الشخصية المحورية المسئولة عن ترتيب صفقات المخدرات وكان من أجل ذلك مهمًا جدًا للاستخبارات الأمريكية.

وسجل الاستخبارات الأمريكية حافل في الاتجار بالمخدرات لتمويل عملياتها السرية، مثل تلك التي كشفت عنها فضيحة "إيران ـ كونترا" واستخدام أموال المخدرات في تمويل ميليشيات الكونترا بأمريكا اللاتينية تحت رعاية جون نجروبونتي، الذي أصبح فيما بعد مديرًا للاستخبارات المركزية الأمريكية. كما كشفت النيويورك تايمز بتاريخ 28 أكتوبر 2009 تقريرًا يفيد بتلقي شقيق كرزاي رواتب من الاستخبارات المركزية الأمريكية وأنه متورط حتى أذنيه في تجارة الأفيون وكان يتلقى رواتب شهرية ثابتة في السنوات الثماني السابقة من السي آي إيه، ويدخل ضمن نطاق وظيفته أيضًا تجنيد قوة مسلحة أفغانية تعمل تحت إشراف الاستخبارات المركزية في مدينة قندهار الجنوبية ومحيطها.

ومع تغلغل النفوذ الاستخبارات الأمريكي في منطقة بلوشستان فإن هذا يجعلنا نربط تلقائيًا بين ذلك النفوذ وبين عملية زهدان الأخيرة، والتي استهدف فيها "استشهادي" اجتماعًا يضم قادة من السنة والشيعة للتقريب بين الجانبين في إقليم بلوشستان ذي الغالبية السنية، وراح ضحية ذلك التفجير العديد من زعماء القبائل السنية، إلى جانب ستة من قادة الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يثير الريبة مرة أخرى حول دوافع ذلك الهجوم ونتائجه السلبية، وإيجابياته ـ إن وجدت ـ على السنة في تلك المنطقة.

وقد اتهمت إيران عناصر موالية للغرب من داخل الاستخبارات الباكستانية بالضلوع في التخطيط لتلك العملية لصالح الاستخبارات الأمريكية، حيث تخطو باكستان الدولة إلى شفا الانهيار بسبب ظروفها الداخلية والخارجية ومعاناتها الاقتصادية، مما يجعلها مثل الريشة في مهب الريح هي الأخرى في الفترة الراهنة، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تمارس عليها ضغوطها بسهولة شديدة، ورأينا في الفترة الأخيرة تصاعد عمليات الجيش الباكستاني ضد حركة طالبان وضد الإسلاميين المتحصنين في مناطق القبائل، وفي وزيرستان وقامت باقتحام معاقلهم، كل ذلك بإيعاز من الولايات المتحدة التي ربطت المعونات العسكرية "السخية" التي تعطيها لباكستان بقضائها على "المتمردين" في تلك المناطق، وهو ما لم تملك باكستان أمامه خيارًا، خاصة في ظل حكومة زرداري الموالية للغرب، والتي عقدت بأوامر من الولايات المتحدة لقاءات مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها تنسيق رفيع المستوى بين البلدين، برعاية أمريكية.

كما إن انفجار بيشاور يضع العديد من علامات الاستفهام حول التوقيت والهدف؛ حيث إن التوقيت تزامن مع زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية إلى باكستان، ويبدو أنه تم اختيار التوقيت لإلصاقه بحركة طالبان، والتي لا مصلحة لها على الإطلاق في شن تفجير على سوق تجاري مزدحم في مدينة يقطنها غالبية من البشتون ويسقط 40 طفلاً وامرأة في ذلك الانفجار الذي خلف أكثر من مائتي قتيل وجريح، والذي يبدو أنه أعد لتشويه صورة طالبان وكذلك لتمهيد محادثات هيلاري مع زعماء قبائل البشتون، التي طالبتهم فيها بـ "فتح صفحة جديدة" وبرسالة مفادها أن الولايات المتحدة لن تخسر الحرب وأنها لن تبقى هناك إلى الأبد، فانحازوا إلى الطرف الرابح!

إن الناظر على خريطة العالم اليوم سوف يرى حزامًا من نار يمتد من باكستان إلى فلسطين، بما في ذلك دمشق؛ بعد أن وجهت حكومة العراق الموالية للاحتلال الأمريكي أصابع الاتهام إلى سوريا بأنها تأوي الجماعات "الإرهابية" وتقوم بتمويل العمليات التفجيرية، وخاصة التفجير الهائل الأخير، وهو ما ينذر بعودة العلاقات العراقية السورية إلى التوتر، بعد أن سعت حكومة بغداد إلى الامتداد إلى بعدها العربي وأعربت العديد من الدول العربية عن نيتها في إعادة السفراء إلى بغداد، ويبدو أن ذلك لم يسعد ضباط الاستخبارات المركزية الأمريكية.

إن الفوضى هي جزء أصيل من الاستراتيجية الأمريكية لغزوها للعراق وأفغانستان، فليست الفوضى قصورًا من مخططي الجيش الأمريكي في البلدين، بل إن الفوضى هي ما أرادوا لكي تنشغل تلك المنطقة من العالم الإسلامي بمشكلاتها وتفجيراتها وشجاراتها البينية، فأفغانستان لم تعد مأوىً لتنظيم القاعدة أو حركة طالبان، بل أصبحت مسرحًا للشد والجذب بين قوات الناتو وبين جيش حكومة كرزاي من جهة، وبين حركة طالبان وتنظيم القاعدة من جهة أخرى، كما أضحت باكستان ممزقة بين الولاءات للإسلاميين وللغرب، بل إن الجيش الباكستاني نفسه تتنازعه حاليًا تلك الولاءات، انعكاسًا للصورة الأوسع لذلك البلد الذي أصبح ممزقًا ما بين إسلاميين مسلحين، وما بين إسلاميين يتبنون الحلول السلمية والانخراط في الانتخابات، وما بين موالين للمشروع الغربي بتغريب باكستان وبسيطرة الولايات المتحدة؛ بحجة منع النووي الباكستاني من الانزلاق في الأيادي الخطأ.

أما سوريا فتعاني هي الأخرى من تدهور حاد في كافة نواحي الحياة هناك، بعد أن رأت القيادة السياسية أنه لا جدوى من الحرب مع الكيان الصهيوني لاستعادة الجولان، فتوقفت عن تحديث جيشها، وتفرغت للبنان ولدعم حزب الله لتصبح "قنطرة" لتهريب السلاح ما بين إيران والجنوب اللبناني، في الوقت الذي تحولت فيه لتصبح "مركزًا" إقليميًا، ولكن لصناعة الدراما وتصديرها إلى كافة الأقطار العربية، وبات القطر السوري ممزقًا ما بين التبعية لإيران وما بين ولاءه العربي، ما بين الممانعة و"الاعتدال"، ما بين النهج الثوري وما بين التحول إلى الولايات المتحدة بحثًا عن تسوية مع الكيان الصهيوني برعاية تركية.

ولا تزال فلسطين ممزقة ما بين جيش دايتون وعملاء دحلان في الضفة وما بين حكم حماس المحاصر في غزة، والذي بات يعاني هو الآخر من مشكلات داخلية بعد حرب غزة ورغبته في بسط سيطرته على القطاع بعد ظهور حركات سلفية جهادية تبغي الخروج على سلطتها وإنشاء "إمارة إسلامية"، وبدعوات من تنظيم القاعدة إلى قادة حماس للخروج عليها، وذلك لأنها "خانت نهجها الإسلامي".

إن ما يحدث في العالم الإسلامي اليوم يذكرنا بهجمة التتار والتي بدأت من المشرق ولم تتحطم إلا على يد الجيوش المصرية بقيادة قطز، وذلك بعد أن أكلت الأخضر واليابس وحرقت وقتلت ونهبت واغتصبت ودمرت كل ما في طريقها حتى مشارف الحدود المصرية، ولكنها لم تكن وحدها: فقد كان معها جحافل الخونة والجواسيس وبائعي دينهم وأوطانهم، بالإضافة إلى قطعان ممن أغرتهم بالمال والجاه والسلطان، وقامت بالتحريش بين المسلمين بإذكاء نار العداوات الطائفية، واشترت الحكام ونصبتهم على البلاد ليحكموا باسم التتار! فقد رفض الملك الأشرف الأيوبي صاحب حمص الاستجابة لقطز في التوحد لقتال التتار، وفضَّل التعاون المباشر مع التتار، ليعطيه هولاكو إمارة الشام كلها ليحكمها باسم التتار، أما الملك (السعيد) حسن بن عبد العزيز صاحب بانياس فقد رفض التعاون مع قطز وانضم بجيشه إلى قوات التتار ليساعدهم في فتح بلاد المسلمين. أما قطز فقام بإصلاح الأوضاع الداخلية وعفا عن المماليك البحرية وقام بعقد التحالفات الخارجية، وقرب العلماء الصالحين وأعلى راية الجهاد في سبيل الله، ليكتب له الانتصار في النهاية، ويسجل اسمه بأحرف من نور في تاريخ رجال الدولة المسلمين.

إن الاستخبارات المركزية الأمريكية قد تغلغلت في أفغانستان وباكستان والعراق من أجل التحكم في إيقاع الصراعات البينية في تلك المنطقة، ودورها الأساسي يتمثل في الاتجار بالمخدرات لشراء السلاح والمتفجرات وإعادة بيعها للأطراف المتناحرة على أيدي عملائها من بني جلدتنا، لذا فإنها تمسك بخيوط اللعبة وتحرك العرائس طالما أنها في مكان أعلى يسمح لها بالرؤية الشاملة والتحكم بالخيوط، وإذا أراد المسلمون الانتصار على كيد التحالف الاستخباراتي الهندي الإسرائيلي الأمريكي فيجب عليهم أن ينظروا إلى الأمور من أعلى أيضًا، وأن تكون هناك قيادات إسلامية واعية قادرة على التخطيط والتحليل والقيادة، قيادات قادرة على تجميع الصفوف وتوحيد شراذم الفصائل والجماعات، قيادات قادرة على تحديد الأولوليات وعلى الوقوف أمام الهجمة التتارية الجديدة على بلاد المسلمين.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=5887&Itemid=1

من هناك
11-04-2009, 07:47 PM
هل الموضوع مكرر؟

مقاوم
11-05-2009, 06:57 AM
هل الموضوع مكرر؟
كيف يعني مكرر؟

من هناك
11-05-2009, 12:52 PM
كأتتي قرأته في مكان آخر

مقاوم
11-06-2009, 12:39 PM
كأتتي قرأته في مكان آخر
تقصد هنا في الصوت أو في موقع غير "قاوم"؟