تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة للنقاش الهادئ مع معالي الوزير



إبداعات
11-04-2009, 06:11 AM
د.عبدالله مرعي محفوظ

اطلب كرماً من معالي الوزير عبدالله احمد زينل أن يتقبل نقاشنا بصدر رحب ، ونحنُ جميعاً مع المنطق والرأي السديد ، فقد فرحنا بنظام مجلس الغرف الجديد بعد أن أقرت وزارة التجارة والصناعة هذا النظام المتكامل ، وهو النظام ذاته الذي اخذ وقتاً كافياً في المناقشة مابين أعضاء مجلس الشورى حتى تمت الموافقة عليه في 2007 ، ليرفع بعد ذلك لمجلس الخبراء لاعتماده من المقام السامي ، وكانت حينها التسريبات الإعلامية تقول بأن النظام الجديد أعطى استقلالية كاملة لمجلس الغرف السعودية ، حيث أضيفت عليه بنود ايجابية مثل الموافقة على تغيير اسمها إلى «اتحاد الغرف السعودية» ، وكذلك أضيف عليه انتخاب كامل أعضائها تقديراً للفترة الزمنية الطويلة لمجلس الغرف السعودية والتي يعمل تحت مظلتها 25 غرفة تجارية و 26 لجنة وطنية بها آلاف من التجار والصناع المتفاعلين في حراكها السنوي مع الحكومة.
فلماذا رجع النظام ؟ هل حصلت مستجدات هامة من الوزارة على النظام الجديد ، أو تغيرت النظرة الاستقلالية بعد 30 سنة من إنشاء مجلس الغرف السعودية التي تعتبر المنبر (الوحيد) لرجال الأعمال والصناعة، خاصة أن هذا الكيان ساهم وأسس اغلب الهيئات الاقتصادية في الوطن.
القضية ليست مواجهة أو تحدياً ما بين التجار والصناع مع وزارة التجارة والصناعة ، لسبب أساسي وهو أن الوزارة تعتبر المظلة النظامية لنا ، ولكن القضية (الأساسية) هي مسؤوليتنا الأخلاقية أمام منتسبين للغرف التجارية بحق حماية مصالحهم وحماية كيان المجلس الذي يعتبر القناة الوحيدة التي نتعامل من خلالها مع كافة القطاعات الحكومية، وإن حدث بأن واكب هذا النقاش والآراء (ضجيج) إعلامي ، ولكن هذا يعتبر ظاهرة ايجابية ، وثبت بالوقائع السابقة أن الإعلام السعودي ساهم دائماً في توضيح وجهات النظر ما بين المجتمع والحكومة وكانت النتائج في اجماليها لصالح الحق العام ، وإن كان هناك بعض الكتّاب من أخذها بصورة انفعالية ، إلا أن هناك الجانب الآخر الذي يؤمن بشفافية الحوار العام وطرحها بقلب مفتوح وتناولها بمنطقية ، ولم يقصد منها مواجهة شخصية مع الوزارة.
معالي الوزير إن فاعلية المنظمات الاقتصادية أو الاجتماعية تتجسد من خلال تمتعها بالاستقلالية، وبتعدد مصادر قوتها المادية والبشرية، وبتوافر نظام حديث تباح فيه حريات التنظيم والنشاط والحماية القانونية لعملها ، والشواهد التاريخية الموضوعية تشير إلى أن المقام السامي دعم العمل الاستقلالي ودعم قيام مؤسسات تمثيلية ودعم المشاركة الانتخابية بصورة تصاعدية وبشكل لفت فيه أنظار الدول الغربية قبل الدول العربية ، ودوركم الكريم نقل هذه الرغبة إلى مجلس الوزراء والعمل على إقرار نظام مجلس الغرف الجديد.
معالي الوزير تأكيداً لما سبق، المقام السامي دفع بتفعيل الانتخابات في المجالس البلدية وجعلها في المرحلة الأولى ان يكون الانتخاب بنصف والتعيين بالنصف الآخر ، إلا انه اعطى هيئة المهندسين حق الانتخاب الكامل بعد ان اكتمل نظامه الأساسي واللائحة التنفيذية ، وكذلك دفعت الحكومة بهذه الثقافة للتعليم في وزارة التربية والتعليم وفي التعليم العالي ، وهناك دراسات أخرى تشير بأن وزارة الداخلية تسعى لتفعيل اكبر لدور مجالس المنطقة وإمكانية إجراء انتخابات لجزء من مقاعدها.
معالي الوزير ، إذا كنا نعتقد بأن هذه المرحلة هناك نصف المنتسبين للغرف خارج المشاركة في حق الانتخابات ، إلا اننا نقول بأن المجتمع السعودي في المقابل مجتمع متغير بسرعة، وبه طاقات شابّةجديدة وهم في الغالب مزودون بتحصيل تعليمي عال مما يفتح الباب أمام توسيع القاعدة الاجتماعية للمشاركة في المستقبل. إن البيئة السياسية والقانونية والاجتماعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تعكس نفسها على كافة آليات وعمل الهيئات الاقتصادية والاجتماعية ، فالهامش المحدود سابقاً ، توسع (اليوم) بشكل مطرد وايجابي ، ولا يمكن اليوم قبول تحجيمها أو حتى تحديد نشاطها ، ولا يصل اختلاف وجهات النظر بيننا إلى التراجع عن أهداف القرار السامي الصادر لصالح الغرف التجارية.
لقد أظهرت غرف التجارة والصناعة في السعودية حراكاً كبيراً في السابق أمام بعض القرارات الوزارية على مدار تأسيسها ، في العمالة والضرائب والتأمينات الاجتماعية وفي منع التصدير وفي معوقات الاستثمار، وعلى الرغم من نجاح الوزراء في فرض بعض القرارات إلا أنها اضطرت إلى العدول عن البعض الآخر، ولكن التفكير في تغيير النظام الجديد سوف يضع رجال المال والأعمال في حالة مواجهة مع اغلب الوزارات وليس فقط وزارة التجارة والصناعة ، مع أن الدور الرئيسي لوزارتكم الموقرة ترجمة عملية لتعزز دور الغرف التجارية السعودية كشريك للحكومة، وخلق الأرضية الملائمة لتقليص الاحتكاكات ، وما من شك ان تعميق الإصلاحات وتجذير المشاركة يوفر المناخ الملائم لتفجر إبداعات المجالس والهيئات الاقتصادية وتعظيم مساهمتها في عمليات التنمية وخلق علاقة ايجابية بين طرفي المعادلة ، الحكومة والقطاع الخاص.
ختاماً لقد أعطت هيئة الخبراء بمجلس الوزراء ممثلة في رئيس الجلسة الدكتور محمد بن عبدالعزيز الجرباء فرصة رائعة للقطاع الخاص للمشاركة بالرأي والمشورة في تغيير المادة (16) وكان النقاش مثمراً وبناء ، وقد تفهمنا الأسباب الحقيقية للقرار وهو يستند على منهجية مقبولة ، ولكن أؤكد لك أن هناك آراء ايجابية أخرى عرضت في الاجتماع قد تكون أفضل من تغيير نظام الانتخاب، مثل نظام الحوكمة لمجلس الغرف السعودية، او الاقتراح الثاني في إعادة النظر في المادة (21) بالنسبة لاختيار المرشحين ... والله ولي التوفيق.
المصدر: صحيفة المدينة، الأربعاء 04 نوفمبر 2009
رابط المقال:
http://al-madina.com/node/195220