تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تراث الشعوب ......المنهوب



ali abusurra
10-26-2009, 11:59 AM
حملت أنباء الأسبوع الماضي وقائع تبعث على القلق إذ يبدو أن نهب التراث الثقافي عاد ليسود مفردات العلاقات بين الدول , بحيث أن نار الخلافات الثقافية ربما تعود لتسيطر على العلاقات بين الدول . فقد أوقفت مصر تعاونها و علاقاتها مع متحف اللوفر الفرنسي مالم يعد المتحف قطع فرعونية استعارها من مصر . و قالت إيران إنها ستوقف تعاونها الثقافي مع المتحف البريطاني و ذلك إذا لم يعرها أحد الكنوز الأثرية المحفوظة لديه و هو حجر كورش الذي يعود تاريخه إلى فترة احتلال الملك الفارسي لمدينة بابل و حكمه فيها .
و على الرغم من أن الإثارة المصرية قد تبدو ردة فعل غاضبة على الموقف الغربي من ترشح فاروق حسني وزير الثقافة المصري لمنصب الأمين العام لليونسكو إلا أن تواتر هذه الأنباء قد تقود إلى تشكل جبهة عالمية تطالب بعودة التراث الوطني للدول إلى منابعها بعد أن تم نهبها إما بفعل الإحتلال أو قيام عدد من الحكام في الدول النامية ببيع تراثهم و آثار بلادهم و تهريبها إلى الدول الغربية .
إذ أنه ما بين متحف ((ترفورين)) في بلجيكا و متحف الفن الأفريقي في واشنطن ,مرورا ً بمتحف ((كي برانلي))في باريس و متحف ((بيرغام))في برلين , تمتلك بلدان الشمال عدداً لا يحصى من الأعمال الفنية و الحرفية القادمة من بلدان الجنوب , و لا سيما من القارة السوداء , و يفوق عدد هذه الكنوز الثقافية و العلمية التي جرى تجميعها عبر القرون في الغرب ما تملكه المجتمعات التي قدمت منها . إضافة إلى أن النسخ الأصلية لكتب التراث أضحت قابعة في تلك الدول .فالهيمنة الإستعمارية (البرتغال,المملكة المتحدة,هولندا,بلجيكا,فرنسا,ألمانيا )ترافقت في الواقع مع عملية نهب قام بها الأفرقاء من القطاعين الخاص و العام ,الأوروبيون الذين اهتموا بداية بالذهب الأفريقي,سرعان مالاحظوا الحرف و الأعمال الفنية ,و التجار الذين قدموا من أجل البهارات و العبيد,وقعوا على أغراض منحوتة من العاج,و المكتشفون الذين وظفتهم الشركات لتحديد مواقع حقول المواد الأولية ,راحو يجمعون (الغرائب)التي راجت في القرن التاسع عشر,و العسكريون استولوا على كافة غنائم الحرب و المبشرون الذين طالبوا بتدمير الرموز الوثنية ,اغتنموها أحيانا ً,و المسؤولون الإستعماريون أرسلوا أعداداً كبيرة من القطع إلى بلدانهم ..تم إجبار الشعوب الأصلية على ذلك , أو أنها لم تتخيل نتائج ما سيتحول إلى نهب ثقافي على نطاق واسع , إذا كانت القيمة الفنية للعديد من القطع تثير الإهتمام لكن المطالبات الشرعية للبلدان المعنية ,تثير عددا ً من التساؤلات ,فيما تجري المطالبة ؟بكل أو بجزء من القطع فقط ؟و يبدو وضع إحصاء للمقتنيات أمرا ً ضروريا ً,و كذلك طرح نقاش حول ((العولمة الثقافية )) فمديرو المتاحف الغربية ,مع اعترافهم بمشروعية المطالبة , يشيرون إلى الدور الذي تؤديه مؤسساتهم في الترويج الثقافي لبلدان الجنوب,كما في التقاسم العالمي للمعارف .وهناك تساؤل:لمن تسلم هذه القطع ,فلم يعد ممكنا ً تحديد مالكيها,و الدول المعنية,و الفقيرة عموما ً,لاتتمتع دائما ً بالوسائل للعناية بها و لعرضها ضمن مجموعات ,و قد جرى منذ وقت قريب السطو على عدة متاحف أفريقية خصوصا ً في نيجيريا و اختفت قطع نادرة ستدخل بالتأكيد إلى السوق العالمي المزدهر للفن الإفريقي ,كما أن السوق العالمي شهد بيع قطع نادرة من المتاحف العراقية التي نهبت بعد الإحتلال الأمريكي للعراق . إضافة إلى وجود الوثائق الأصلية لتاريخ الدول النامية و مسلسل تاريخها في مكتبة الكونكرس الأمريكي؟ و يبدو أن الحاجة ملحة لتعاون دولي لتنظيم هذه المسألة التي تبعث على القلق في العلاقات الدولية .