تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شبان سعوديون يواجهون البطالة ببراد شاهي



من هناك
10-25-2009, 08:55 PM
شبان سعوديون يواجهون البطالة ببراد شاهي








يبدو أن الملل من طول الانتظار للحصول على وظيفة مناسبة، أو انتظار قرض لبدء مشروع تجاري دفع شبابا إلى اللجوء لمشاريع تجارية بعضها دائم وأخرى موسمية، من دون رأسمال يذكر، باستثناء براد شاهي أو عربة خشبية أو دراجة نارية، أو مثلهم بتكلفة لا تذكر.

ولأن الحاجة أُم الاختراع، فإن هؤلاء الشبان المكافحين رفعوا شعار "إن الزمان إذا لم يطعك فأطعه"، وحملوا أحزان عدم الحصول على وظيفة -تحقق لهم ما يؤمن مستقبلهم- وحولوها إلى دافع لأمل مستقبلي عسى أن يصبح عوضا عن خسائر مضت.

مشعل الفرحان، شاب في منتصف عقده الثاني، يجلس أمام مبسط شعبي يقدم الشاي والقهوة العربية بطريقة بدائية على الحطب، على مشارف متنزهات الهدا في الطائف، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أستمتع في الجلسة بجوار أصدقائي وأبناء الحي الذين يقدمون لي المساعدة، متى ما احتجت إليها، في إعداد الشاي أو غسل الأكواب وغيرها من الأمور البسيطة».

وأكد الفرحان أن النشاط الذي يمارسه، حقق أرباحا لم يتوقعها، معللا ذلك بإغلاق الدكاكين الشهيرة بشكلها على هيئة الرمان في المتنزة، التي كانت تقدم المشروبات للمتنزهين، على إثر استثمارها وتطويرها من قبل رجال الأعمال.

وأضاف: «أحقق يوميا أرباحا ليست سيئة، مقارنة بما يحققه التجار في المراكز التجارية، ولكن الفرق هنا أنني أستمتع وأحقق الأرباح، وهم يعملون من أجل كسب المال».

وأكمل مازحا: «قد يقطعون ثيابهم بعد انتهاء اليوم تعبا من العمل، بالنسبة لي، يجتاحني حزن مرتبط بأمل العودة في اليوم التالي، ومتعتي منقطعة النظير بهذا النشاط الذي اعتدته منذ ثلاث سنوات». واصفا نفسه بالاجتماعي، والعاشق لوضع لمساته الفنية التي تعطي للشاي النكهة الخاصة.

وكشف الفرحان لـ«الشرق الأوسط» وصفته السرية المحتوية على إضافات خاصة بالشاي الذي يقدمه قائلا: «أستخدم الحطب في إعداد الشاي، حيث يضفي نكهة مختلفة، إضافة إلى ثلاث نكهات هي النعناع، والحبق، والعطرة، حيث يستخدم عادة كل صنف منها على حدة، أما أنا أستخدمها مع بعضها، وتنتج نكهة عطرية ممزوجة بطعم مميز للشاي المغلي على الحطب». واستطرد: «أحب تقديمه للناس كي يساعدهم على الاسترخاء والاستمتاع بالأجواء الصيفية مع كوب لطيف (يمخمخ) الرأس».

تين شوكي..سياحي
أما حسن غريب، وهو شاب في العقد الرابع من العمر، يستثمر بيع الفاكهة التي يقطفها من مزرعة والده مجانا، فوق سفوح الهدا الباردة، وبجوار مبسط يمتلئ بفاكهة التين الشوكي.

ويتكئ الشاب حسن غريب على كرسيه البسيط، وهو عبارة عن وعاء دهانات، يساعده في أخذ قسط من الراحة بين زبون وآخر، في منفذ طريق الهدا الدائري الموصل إلى مكة المكرمة وجدة.

يقول غريب: «لا تكلفني هذه التجارة سوى قفازات ووعاء دهان، وزيارة بسيطة لمزرعة والدي في منطقة الشفا، وأبدأ في قطف وتعبئة صناديق فاكهة التين الشوكي».

وأضاف: «من ثم أنطلق نحو طريق الهدا ـ الكر السياحي، حيث يحبذ المارة دائما شراء التين الشوكي وهو جاهز للأكل، من دون تكبد عناء التقشير وملامسة الشوك الذي لا يعرف سر التعامل معه إلا قلة من الناس».

وزاد: «يبلغ سعر الصندوق الصغير عشرة ريالات (2.75 دولار)، وأبيع في اليوم الواحد أكثر من مائة صندوق صغير».

ومن جهته يرى محمد العوهلي، وهو زائر قدم من شمال البلاد، أن مجرد وجود أبناء الوطن في تقطيع وتقديم التين الشوكي عمل يبعث الفخر لأهل البلد، وقال: «أحرص كل عام على الوجود في الطائف ومحاولة اقتناء أكبر قدر ممكن من الفاكهة التي لا تتوفر على مدار العام، وأتعامل مع الكثير من الباعة الذين يتجاوبون بشكل عفوي جميل، يعكس مظهر ذلك الفتى الريفي البسيط الذي يسعى لكسب لقمة العيش الحلال، بالتعامل الحسن، والمنتج الجيد».

استثمار الهدية
أما نصر الدين سمرقندي، وهو شاب في الثالثة والعشرين من العمر، يؤجر دراجته في متنزه الردف في ساحة قريبة من حديقة الحيوان في الطائف، يقول: «منحني والدي دراجة نارية كهدية نجاح، واقترح علي أحد الأصدقاء أن نؤجرها يوميا بالساعة، في أحد الساحات الخاصة باللعب بالدراجات النارية».

وأضاف: «في العام الحالي حققنا أرباحا بلغت 12 ألف ريال، وهي أكثر من قيمة الدراجة نفسه، ووجدت في ذلك متعة كبيرة، مع أن والدي مقتدر ماديا، ولكن المبالغ هذه تساعدني في شراء الكماليات التي أحتاجها في حياتي اليومية».