تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الميزان لحركة الطالبان



ابوخالد عبدالله
10-25-2009, 05:30 AM
حركة طالبان في الإعلام الدولي والعربي والإسلامي (http://majmo3pages.atspace.com/Taleban-004.htm)

وقبل الحديث عن تفاصيل واقع الحركة يحسن بنا أن نضع المعالم والخطوط الرئيسية لخطة تناول الإعلام العالمي لواقع حركة طالبان،

وهذا الإعلام العالمي يعد هو المصدر الرئيسي وربما الوحيد للمسلمين الذين أخذوا منه تصوراً وفكراً محدداً عن الحركة، بل وبنا بعض الفقهاء حكمه على الحركة من خلال تلك الصورة التي نقلت له من الإعلام العالمي، فيجب توضيح واقع الإعلام العالمي مع الحركة وكيف تناول عرض واقعها.

يلاحظ المتابع لوسائل الإعلام العربية والعالمية شبه اتفاق وتناغم فيما بينها جميعاً على مهاجمة حركة الطالبان ووصفهم بأبشع الأوصاف.

فالإعلام الغربي من ناحيته ركز على وصفهم كحركة أصولية منغلقة متخلفة تعتمد التعصب القبلي البشتوني والمذهب الحنفي، كما أثار عدداً من القضايا التي تعتبر استفزازية في حس الإنسان الغربي مثل تركيز الإعلام على إثارة قضية منع تعليم النساء ومنعهن من العمل وإعادتهن للبيوت، حيث وصل هذا الأمر إلى حد تهديد منظمات الإغاثة والهيئات التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر بإنهاء أعمالها ووقف المساعدات لأفغانستان إذا لم يقبل الطالبان برامج لتعليم النساء وإعادتهن للعمل، كما أثار الإعلام الغربي قضايا تطبيق حدود الشريعة مثل قطع أيدي اللصوص وتطبيق حدود الحرابة، ووصف ذلك بالوحشية والتخلف والقسوة، كما يركز الإعلام الغربي على تقديمهم كأداة في يد حكومة باكستان،

ثم أبرزت وسائل الإعلام أخبار منع الطالبان للتلفزيون ووقف بثه ومنع الموسيقى وإحراق الأفلام وإغلاق الملاهي ودور السينما، ومنع بيع ونقل وتعاطي الخمور، وقدمتها الأفلام الوثائقية في قنوات التلفزيون بصورة منفّرة، في حين أغلقوا تماماً أخبار مكافحة الطالبان للمخدرات واحراقها للحقول المزروعة بها وإتلافها لما تقع يدها عليه من ذلك حسب الإمكان، ومطاردتها لكبار تجار المخدرات رغم أن هذا يتوافق مع ما يزعم الغرب وأمريكا من حملات مطاردة لكبار تجار المخدرات الدولية، كما غير الإعلام الغربي نغمته في الحديث عن قادة أحزاب المجاهدين، الذين كانوا على حسب وصف الإعلام الغربي مصاصوا الدماء وتجار الحرب، فبدأ الإعلام يثني عليهم وتوجه التحليلات السياسية الأخبارية السامع والمشاهد للتعاطف مع أولئك الذين كان يصفهم بزعماء الأصولية والإرهاب ومجرمي الحرب الأهلية !!

كما يلمس بوضوح تسليط الأضواء على الجنرال الشيوعي دوستم وتوجيه الرأي العام للتعاطف معه، وكذلك أعطت وسائل الإعلام الزيارات الخاطفة التي قام بها دوستم ورباني ومسعود الهالك لبعض الدول الإسلامية والغربية أكبر من حجمها، وباختصار يركز الإعلام الغربي على تشويه الطالبان والتنبؤ بإسقاطهم ويدندن حول ضرورة حل موسع يشترك فيه جميع الأطراف في حكم أفغانستان، ويحاول أن يرسخ فكرة تناقض الواقع تماماً وهي أن الحرب الأفغانية لا يمكن أن تحل بالقوة، ولا بسيطرة حزب واحد، وكل هذه الحملة بالطبع من أجل رفع معاناة الشعب الأفغاني المسلم كي ينعم بالأمن والرفاه والتحضر بزعمهم !!!.

أما الإعلام العربي سواء منه الحكومي في البلاد العربية أو التابع له بصورة غير مباشرة مما يصدر في الغرب وفي لندن خاصة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون وقنوات فضائية، كله على وتيرة الإعلام العالمي في تشويه الطالبان والهجوم عليهم وترديد نفس الاتهامات، وزاد عليها التركيز على مخاوف الدول العربية من إيواء الطالبان لمعسكرات (الإرهابيين العرب !!) وما يشكله ذلك من تهديد مباشر للأنظمة.

وتتولى جريدة (الشرق الأوسط) ومجلة (المجلة) بالإضافة إلى صحيفة (الحياة) ومجلة (الوسط) الصادرة في لندن بتمويل سعودي، وكذلك صحف ومجلات كثيرة مثل (الوطن العربي) و(الحوادث) وغيرها من القائمة الطويلة، هذه المصادر تتولى بشكل خاص ومكثف عملية التشويه ورجع الصدى لما ينشر في الإعلام الغربي المعادي، فهي عبارة عن ترجمة للمواد المعادية التي يبثها الحقد (اليهودي، الصليبي) على الإسلام وأهله، فالحياة مثلاً كتبت سلسلة من المقالات والأخبار هاجمت فيها الطالبان، من دون أدنى بينة تدعم ما تزعمه، وبلغت إحدى مقالاتها التي يكتبها جمال خاشقجي الكاتب السعودي !! إلى وصفهم بأبشع الأوصاف، وبالعمالة لأمريكا وبأنهم ألعوبة في يد سياستها الرعناء وفي بلاد المسلمين لضرب الحركة الإسلامية،

وكذلك جريدة الشرق الأوسط حينما نشرت للكاتب (فهمي هويدي) العقلاني المنحرف، سلسلة مقالات شوه فيها حركة طالبان وبزعمه أنه هو القيّم على أمة محمد ليصوب هذا ويخطئ ذاك وهو لا يعرف سنن الوضوء حتى يتكلم في مثل هذه الأمور، ولا يكاد يستثنى من وسائل الإعلام العربية ذات الاتجاه الوطني القومي إلا جريدة (القدس العربي) الصادرة في لندن والتي غطت تلك الظاهرة ولا سيما قضية الأفغان العرب والطالبان تغطية شبه موضوعية،

كذلك يستثنى من وسائل الإعلام إعلام دولة الباكستان التي تعتبر كلامها عن الطالبان إيجابياً وجزءً من حملة الدعم الباكستانية للطالبان في ظل صراع المصالح الإقليمية، وذلك قبل بداية الحرب الصليبية الجديدة على أفغانستان والتي شاركت فيها حكومة باكستان بكل ثقلها.

أما بالنسبة للصحف والنشرات والدوريات الإسلامية فهي تنقسم إلى قسمين: إما صحف مدعومة تابعة للمراكز الإسلامية في الغرب، أو صادرة في بعض البلاد العربية وتتبع في معظمها جماعة الإخوان المسلمين الدولية وفروعهم ونظائرهم في تلك البلاد مثل الجماعة الإسلامية في باكستان مثلاً.

أما الجهات الإسلامية الحكومية في بعض البلاد العربية فقد أصدرت آراء مشوهة للطالبان، لا تستند على أي علم لواقع الطالبان من قرب، فأصبحت مثل هذه الفتاوى مادة للصحف والإعلام حيث بلغ الحقد على لسان شيخ الأزهر الطنطاوي إلى أن يتهمهم بالضلال والانحراف والكفر - وهذا ما لم يقله في حق الأمير تشارلز في لقاءه الحميم معه - وزاد على ذلك بفتوى عامية المحتوى قال فيها (دول والله شوية حمير كده بقا).

أما وسائل الإعلام الإيرانية من جهتها شنت حملة شعواء على الطالبان متهمة إياهم بأبشع الأوصاف ومسمية ظاهرة حركة طالبان بالكارثة والطامة، وأنهم خوارج يشبهون الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتوافق ذلك مع أخبار الجسر الجوي الذي تساند به الحكومة الرافضيه في إيران !! الجنرال الشيوعي دوستم والذي ينطلق يومياً من الجمهورية الرافضيه !! إلى قواعد دوستم في مزار شريف.

بالإجمال لم يسلم الطالبان من أي وسيلة من وسائل الإعلام، العالمية والعربية والإسلامية، فحتى مجلات إسلامية تعتبر مستقلة مثل مجلة (السنة) الصادرة في لندن والتي يديرها ويشرف عليها محمد بن سرور زين العابدين نشرت في أحد أعدادها بتاريخ 10/1996م مقالاً نددت فيه بالطالبان ووصفتهم بأنهم صنيعة باكستانية أشرفت على صناعتها (بنظير بوتو) ومخلب أمريكي لضرب الحركة الإسلامية في أفغانستان ومنع أحزاب المجاهدين من إقامة الحكم الإسلامي !! وأنهم أداة وألعوبة جئ بها لتنفيذ مخططات التآمر على المسلمين !!.

ولا يمكن أن نستثني من وسائل الإعلام الإسلامية إلا بعض النشرات والدوريات الإسلامية المقربة من بعض الجماعات والتنظيمات الجهادية، حيث تناولت أخبار الطالبان بشئ من التعميم الإيجابي وتأمل الخير، تاركة الباب للوقت من أجل تقصي الحقائق والحديث والشهادة على بينة من باب على مثل الشمس فاشهد أو دع.

وتشكر مجلة البيان على عرضها للقضية الأفغانية وإن كانت قد تأخرت بعرضها بحياد لمدة خمس سنوات من قيام حركة طالبان، فعرضت مقالات لعبد العزيز كامل ومقالات مشابهة أخرى تصب في الدفاع عن الطالبان وإن كان باستحياء، إلا أننا نقول جزاهم الله خيراً على ماقدموا.

ولا نكاد نقع على وسيلة من وسائل الإعلام لم تستند إلى الصورة التي رسمتها وسائل الإعلام الغربية والعربية، وسقط في تأثيرها معظم الرأي العام العربي والإسلامي حتى دخل إلى الجماعات الإسلامية، التي كان من المفترض فيها أن تكون أول المناصرين والمصححين لطريق الطالبان.

أما بعد بداية الحرب الصليبية فقد زادت الحملة التشويهية في الإعلام العالمي وتبعه الإعلام العربي أيضاً ولكن بضراوة أكثر.

وأيضاً فقد تحسن أداء الإعلام الإسلامي في تعاطيه لقضية الإمارة الإسلامية والنظر إليها بإنصاف، وقد صورت غالب المطبوعات الإسلامية أن الحرب ليست حرب إرهاب كما تزعم أمريكا بل هي حرب للإسلام، والجميع وقف مشكوراً ليشجب ويعارض وينادي بإيقاف قتل الأفغان المسلمين، وهناك أصوات نشاز داخل تلك المطبوعات إلا أنها قليلة ولله الحمد وهي أقل من أن تذكر.

أما قناة الجزيرة فهي التي اعتبرت المنفذ الوحيد لبيان واقع وحجم المعاناة والدمار من داخل أفغانستان منذ بداية الحرب الصليبية حتى الانسحاب من كابل، إلا أن قناة الجزيرة كما يصفها بعض مراسليها بأنها تتاجر بدماء الأبرياء، فقناة الجزيرة ليست صاحبة رسالة لا دينية ولا اجتماعية ولا ثقافية، بل صاحبة كسب مادي وشهرة فقط، وإن كانت تنقل جزء من أخبار أفغانستان فإنها لا تنقل جميع ما ينبغي أن ينقل، فقد أخفت ثلاثة أرباع ما تم تصويره لها من قبل الإمارة الإسلامية لأنه لا يتماشى مع تغطيتها أو أهدافها كما تقول، ولا بد من التفريق بين القول بأن القناة لا تنقل الحقائق وبين أن القناة لا تنقل كل الحقائق التي ترغب الإمارة بإظهارها، فقناة الجزيرة كانت تنقل تقارير مصورة لا يشك في حقيقتها، ولكنها لم تكن تنقل كل ما تراه أو تم تصويره لها، أو تطلبه الإمارة منها، رغم أنها تنقل كل ما يطلبه العدو منها أيضاً بحجة الموضوعية والحياد، إلا أنها بعد ضربها في كابل وانسحاب الإمارة من كابل أصبحت إلى حد بعيد جداً بوقاً لشبكة الـ (سي إن إن) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أما المطبوعات الإسلامية من صحف ومجلات فإن أكثرها حاول أن يلتزم الحياد ويقف مع الشعب الأفغاني فقط وليس مع الإمارة الإسلامية وقليل منها يدعوا لمناصرة الإمارة الإسلامية والوقوف معها.

ولا زالت الأمة الإسلامية تعاني من انعدام وسيلة من وسائل الإعلام التي تبث بكل صدق وإخلاص وتحرر من منطلق الحرص على تبليغ الرسالة الإسلامية، تبث أخبار ومآسي المسلمين وتدعوا إلى نصرتهم موضحة الحقائق وكاشفة للعورات الإعلامية الزائفة من حولنا،
نسأل الله أن يعلي كلمته وينصر دينه.

من خير امه
10-25-2009, 02:10 PM
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في افغانستان والعراق والشيشان والصومال اللهم انصر كل موحد على الطغاة البغاه
اعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

ابوخالد عبدالله
10-26-2009, 01:24 AM
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في افغانستان والعراق والشيشان والصومال اللهم انصر كل موحد على الطغاة البغاه

اعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم



آمين
........
شكرالله لك

ابوخالد عبدالله
10-26-2009, 01:35 AM
أفغانستان وصراع المصالح الإقليمية والدولية

1- حدود أفغانستان: يحد أفغانستان من الشمال حدود طويلة مع الجمهوريات السوفياتية سابقاً (طاجكستان – أوزبكستان – وتركمنستان) ولها مع الشرق حدود ضيقة على أهمية كبرى مع الصين عبر (ولاية بامير – نور ستان)، ويحدها شرقاً وجنوباً حدود طويلة تمتد لأكثر من ألفي كم مع الباكستان، ويحدها من الغرب إيران.

2- وتتألف أفغانستان من مسطح جغرافي يبلغ (652225كم2) وهو بالغ الوعورة والتعقيد، والخصوبة في الموارد المائية والزراعية والثروات الباطنية من المعادن الثمينة، وبعض المواد الخام البكر التي لم تُستهلك ولم يكتشف معظمها حتى الآن.

3- يتألف الشعب الأفغاني البالغ تعداده 23 مليون نسمة من بضع وثلاثمائة قبيلة موزعة على أربعة أعراق رئيسية تتكلم لغات مختلفة هي (البشتون ويشكلون أكثر من 75% من السكان ويقطن معظمهم وسط وجنوب أفغانستان، ويتوزع الربع الباقي من السكان بين الطاجيك والفرسوان والأوزبك) وكل هؤلاء من المسلمين السنة الأحناف، وفيهم نسبة من الشيعة يقطنون ولاية (باميان) وتقطن أقلية منهم في أطراف كابل ويبلغ الشيعة بمجموعهم في أفغانستان 5% من السكان وفي الشمال أقلية من الإسماعيلية أيضاً، ويوجد عدد لا يذكر من الهندوس النازحين من الهند قديماً إلا أن حكومة طالبان ألزمت كل الكفار من الأفغان بالصغار كما أمر الله بذلك فأمرتهم بالتميز بالملبس والأعمال والهيئات كما فعل عمر رضي الله عنه مع أهل الذمة، وأطلقت الإمارة عليهم أهل الذمة.

4- يرتبط كثير من القبائل الباكستانية البشتونية في جوار أفغانستان بأواصر قربى وعلاقات نسب مع القبائل البشتونية في أفغانستان، بل إن إقليم (سرحد) وعاصمته بشاور، يعتبر من الأراضي الأفغانية وقد ضم إلى باكستان إبان خروج الإنجليز من تلك البقاع.

5- تعتبر باكستان بلاد الأفغان الكتلة الإسلامية ذات الشوكة والتاريخ العام في شبه القارة الهندية عمقاً استراتيجياً للمسلمين الباكستان، في وجه خصمهم التاريخي المتمثل في الهند، وقد دأبت السياسة الباكستانية منذ أيام بوتو الأب على الإرتباط بمحاور قوى هامة في أفغانستان من أجل الحفاظ على هذا الظهر، وورث ضياء الحق ذلك وطورها لنظرية استراتيجية كان يعتبر فيها انتصار المجاهدين الأفغان مرتكزاً أساسياً لتوجهاته الإسلامية والوطنية في باكستان، وقد أدى خروجه عن الخطوط الحمراء مع أمريكا إلى اغتياله، وبقيت من بعده السياسة الباكستانية حتى في عهد بوتو الإبنة محافظة على هذا الخط لأن التهديد الهندي صار أكثر جدية ومشكلة كشمير المحتلة والتي جعلت البلدين على حافة الحرب أكثر من مرة توجب على الباكستان الحفاظ على محاور صديقة لها بل تابعة لتوجهاتها في أفغانستان، وقد وجدت في صراع الأحزاب الستة لا سيما الحزبين الرئيسين، رباني وحكمتيار الفرصة لنسج خيوط سياسة سمحت لها بالهيمنة والتحكم في مسار القضية الأفغانية.

6- إيران من جهتها تعتبر نفسها حامية الأقلية الشيعية في أفغانستان، وبعد انتصار ثورتها ما زالت حكومة طهران تحاول أن تكون اللاعب الأساسي في مستقبل الجمهوريات السوفياتية وهذا يوجب عليها أن تحفظ لنفسها مركزاً قوياً في أفغانستان ولذلك قد أنشأت لنفسها عدة أحزاب شيعية ودعمتها بالمال والسلاح بل وبالرجال أيضاً وتدخل الحرس الثوري الإيراني أكثر من مرة في أفغانستان ولا تزال الأسلحة الإيرانية التي غنمها الطالبان في المعارك مع الرافضة وأفراد الحرس الثوري موجودة معهم حتى الآن.

7- كان الإتحاد السوفيتي البائد ينظر عبر حلم الروس القياصرة القدماء إلى السيطرة على بلاد الأفغان لأنها الثغرة الأساسية واللقمة الصعبة التي لو ابتلعها فسيكون ابتلاع الكيلومترات القليلة الباقية للوصول لمياه الخليج الدافئة وتهديد ممرات البترول والضغط على أمريكا سيكون عندها أسهل من شرب الماء بعد تلك اللقمة الصعبة، ولكن الروس لم يقرأوا التاريخ الذي سجل بوضوح تكسر كل الغزوات التاريخية والمعاصرة على صخور جبال الهندكوش، ويكفي الإشارة إلى أن الإسكندر الأكبر اجتاح المشرق في سنين قليلة، وكانت الهزيمة الأولى والأخيرة له عندما انهزم جيشه على يد القبائل الأفغانية، على سفوح الهندكوش، وربما لم يسجل التاريخ الإنجليزي فيما بين الحربين العالميتين هزائم أهم في تاريخه من تلك التي شهدها في تلك البلاد وانسحب منها من دون أن يحقق شيئاً، لكن الروس لم يقرأوا التاريخ وأثبت المؤرخون أن الإتحاد السوفيتي طوى عَلَمه بيده وتفتت بسبب تلك المقاومة بصورة رئيسة، ولكنه اليوم يرى في أفغانستان السيل العرم، الذي يجب أن يصده بدفاعه عن الجمهوريات الإسلامية المحتلة، والتي يتململ المسلمون فيها ليبلغوا من محتليهم الروس ثأراً تراكمت حساباته على مر سبعين سنة، ولا أدل على ذلك من إعلان زعماء روسيا مؤخراً بكل صراحة لدعمهم لدوستم قائلين (نحن ندافع عن الجمهوريات السوفيتية الجنوبية من ممر (سلانغ) ولو سقط الممر بيد الطالبان، فلن يقف خطر المسلمين إلا على أبواب موسكو) ويبدوا أن هذا صحيح من خلال دروس التاريخ والجغرافيا، ولا زال الروس يقفون بكل قوة خلف التحالف الشمالي، وبعد سقوط (طلقان) بيوم واحد توجه مبعوث رباني (عبد الرحيم) إلى موسكو ليطلب المساعدات لإيقاف تقدم الطالبان، وروسيا لا زالت تدعم بكل قوة التحالف الشمالي لإسقاط طالبان، حتى أنساها حقدها على الطالبان عدوها بالأمس رباني وسياف فدعمتهما وأجبرت الجمهوريات الإسلامية المحتلة على فتح أراضيها وقواعدها للتحالف، وكانت روسيا أول الدول التي أنزلت المعونات العسكرية للتحالف الشمالي من دبابات ومدرعات وقطع مدفعية بعد إعلان التحالف الصليبي شن الحرب الصليبية على أفغانستان.

8- بالنسبة للصين لا يبدوا لها تأثير كبير في السابق على القضية الأفغانية باستثناء مجموعة قليلة من سكان المناطق المتاخمة، قاتلوا السوفييت متأثرين بالفكر الماوي الشيوعي والقومية الأفغانية، ولكن احتمالات اهتمامها تأتي من خلال وجود أكثر من 170 مليون مسلم في تركستان الشرقية (الأيغور) يرتبطون تاريخياً وإسلامياً ببلاد الأفغان والمسلمين، ومما يزيد مخاوف الصين في الآونة الأخيرة أن قادةً وأفراداً من شعب (الأيغور) المسلمين يسكنون أفغانستان بحماية من الإمارة الإسلامية، وقد أرسلت الصين وفداً رفيع المستوى يطالب الملا محمد عمر بتسليمهم مقابل إنشاء المرافق الحيوية للعاصمة، إلا أن الملا عمر رفض إخراج أي مسلم التجأ إلى بلاده، ولا زالت الصين تتأرجح بين منهجين للتعامل مع الطالبان، منهج أسلوب الترغيب وذلك بمحاولة إحتوائهم وعقد الصفقات معهم، أو الترهيب من خلال اتحاد (شنغهاي) الذي تلعب الصين فيه الدور الرئيس لصد المد الأفغاني والإرهاب الإسلامي عن الجمهوريات الإسلامية المحتلة، وبعد الحملة الصليبية على أفغانستان لم يسع الصين إلا أن تدور في فلك أمريكا، ولا زالت تتوجس من أمريكا شراً وخطراً داهماً عليها.

9- الجمهوريات السوفيتية رغماً عنها لا بد أن تدور في فلك روسيا التي يضمها معها اتحاد (شنغهاي) لمكافحة الإرهاب، وكذلك اتحاد دول (الكومنولث) الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي للتعاون المشترك، وجميع هذه الدول لا سيما المطلة على أفغانستان على علم تام أن هدوء الأوضاع في أفغانستان واستتباب الأمن للطالبان يعني زعزعة الأمن فيها، لا سيما وأن حركات المعارضة الإسلامية في تلك الدول تتخذ من أفغانستان مقراً لها بموافقة من الطالبان، لذا هذه الدول حريصة كل الحرص ألا تسيطر طالبان على كامل الأراضي الأفغانية وألا تقف الحرب على الأقل، وهي لا زالت تدعم التحالف الشمالي الذي يتخذ من طجكستان مقراً لقواعده العسكرية والسياسية، إلا أن هذه الجمهوريات بدأت تشعر بأن حصانها التي تراهن عليه سيخسر إن عاجلاً أو آجلاً، فبدأت منها بوادر جديدة تجاه التعامل مع الطالبان، بعد خسارة المعارضة الشمالية لأهم مواقعها العسكرية في الشمال، إلا أن تلك البوادر والنوايا الحسنة اضمحلت وذهبت أدراج الرياح عندما رأت تلك الجمهوريات عزم العالم أجمع على شن حرب صليبية ضد الإمارة الإسلامية، فكانت تلك الدول أول الدول المتقدمة لمساعدة أمريكا وأول الدول التي فتحت أجواءها وأراضيها للحملة الصليبية، رغم تحذيرات موسكو لها من مغبة الاستعجال في مثل تلك الخطوات من غير أخذ الضمانات الدولية أو العمل تحت مضلة الأمم المتحدة.

10- بالنسبة لأمريكا فقد شكل انطلاق الجهاد الأفغاني الفرصة التاريخية أمامها من أجل وقف سلسلة التراجعات التي عاناها حلفاؤها أمام مكاسب موسكو في الستينات والسبعينات في معظم مناطق التماس ولا سيما في بلاد العرب والقرن الأفريقي، فسخرت إعلامها لصالح الأفغان وأعطت الضوء الأخضر لبعض حكام العرب كي يسمحوا بمرور الشباب المتحفز للجهاد إلى هناك وشجعتهم على عقد المؤتمرات وأطلقت التصريحات وكانت قنصليتها في بيشاور أكبر من سفارتها في إسلام آباد نفسها، ورغم الدور الثانوي جداً لأمريكا في انتصار الأفغان، بل الدور الذي لا يذكر عملياً، راحت وسائل الإعلام الأمريكية والعربية تبعاً لها تعمل على نفخ الدور الأمريكي في الجهاد حتى جعلت من صاروخ (ستنجر) سبب هزائم الروس وهذا مضحك عسكرياً وسياسياً لمن يعرف حقيقة الأمر، ومع ذلك فقد سخّرت أمريكا انتصارات المسلمين لصالحها وحصدت جهودهم التي دمرت الإتحاد السوفيتي حتى صاح فلاسفتها منادين بنهاية التاريخ !!.

وكل متابع للأحداث يعلم أن أمريكا لم تحضر صواريخ ستنجر إلا بعد عام 1406هـ وكان الأفغان قد حققوا انتصارات باهرة في حربهم حتى ذلك التاريخ، فالحرب بدأت مع الروس منذ عام 1398هـ وحتى مجيء ستنجر كان الأفغان قد سيطروا على أكثر الطرق والجبال والقرى في أفغانستان، فكيف يجيّر انتصار الأفغان لهذه الصواريخ، رغم أن الأفغان قد امتلكوا قبل صواريخ ستنجر بسنوات صواريخ (سام 7) الروسية وهي أبعد مدى من صواريخ ستنجر الأمريكية، فلماذا لا يقال بأن صواريخ سام 7 هي سبب انتصار الأفغان.

ونستغرب كثيراً من بعض المحللين لأحداث أفغانستان عندما يجيّرون انتصار الأفغان لصالح أمريكا، ظناً منهم أن أمريكا كانت تملك العصا السحرية لقلب الموازين وتغيير الأحداث، فإذا كانت أمريكا هي التي انتصرت على الاتحاد السوفيتي من خلف الكواليس كما يزعمون، فلماذا هُزمت أمريكا في الصومال عندما أدخلت جيشها وتدعمه أكثر من 30 دولة أمام الشباب العربي والصومالي المسلم ثم انسحبت تجر أذيال الهزيمة ؟ ولماذا لم تستطع أمريكا إلى اليوم تحقيق أي تقدم يذكر عندما وقفت بكل قوة خلف حليفها في السودان (جون جرنج) بل إنها عينت مبعوثاً عسكرياً خاصاً لمتابعة شؤونه وحاصرت السودان وضربته بضربات جوية ولم تحقق حتى الآن أي تقدم ؟ ولماذا لم تستطع أمريكا قلب موازين القوى في الشيشان عندما وقفت خلف القوات الروسية وأمدتها بكل ما تحتاج ورغم ذلك لا زالت القوات الروسية تخرج من خسارة إلى خسارة ؟ ولماذا لم تستطع أمريكا أن تأخذ موطئ قدم لها في لبنان رغم أهميتها العسكرية والسياسية وخرجت منها مذعورة ؟ هذه الأسئلة وغيرها كثير، تدل إجاباتها دلالة واحدة أن الحكومة الأمريكية تسيطر على الإعلام العالمي وتبث الرعب والأوهام في أذهان السذج وهي لا يمكن أن تصنع شيئاً في ميدان المعارك لا سيما المعارك التقليدية منها، نعم نحن لا ننكر أنها تمتلك ترسانة تكنلوجية هائلة تتفوق فيها على العالم لكن ترسانتها لا يمكن أن تستخدمها في حروبها ضد العصابات، وليس الترسانة التكنلوجية هي كل شيء، كما أن أمريكا لا يكاد يعرف عنها أنها خاضت حرباً برية تقليدية فانتصرت إلا إعلامياً، وفي حرب الخليج لم تقم أي معارك برية تذكر حتى تنتصر فيها، فأمريكا خدعت السذج وصورت أنها انتصرت في كل حرب تشارك فيها بأي صفة، هذا الرد من الوجه الأول.

أما الوجه الثاني فهو: لا بد أن يعلم الجميع أن أمريكا توقف عملها في تسهيل بعض الأمور للجهاد الأفغاني عام 1409هـ، ثم انقلبت تحارب الجهاد الأفغاني عام 1411هـ وبالتحديد بعد فتح (خوست) حيث عملت بعد اغتيال ضياء الحق والمشاركة في اغتيال الشيخ عبدالله عزام على قطع الإمدادات على المجاهدين الأفغان وذلك بشراء جميع الذخائر من السوق السوداء وفرض حصار على طرق تزويد السوق بالسلاح والذخائر، وقاموا بتفجير المستودعات الضخمة قرب إسلام آباد والتي كانت تحوي كميات هائلة من الذخائر بأنواعها خشية أن تصل تلك الذخائر إلى أفغانستان، كما قامت بضغوط على باكستان لإغلاق حدودها أمام الأفغان، والعمل على تشكيل حكومة موسعة تضم نجيب ومن معه، وبدأ المجاهدون الأفغان يحاربون أمريكا بعدما فرغوا من الروس إلا أن الله رد كيدها في نحرها وسقطت كابل التي كانت أمريكا تدعم حكومتها عن طريق الهند بكل قوة بعد انسحاب القوات الروسية بغية احتواء الوضع في أفغانستان قبل أن يؤول إلى أيدي المجاهدين، فالمتابع الصادق للأمور لا يجد عناءً في إثبات ثانوية الدور الأمريكي عمليا في بداية الجهاد، وإن كان قوياً إعلامياً، ومن ثم انقلاب الدور الأمريكي إلى عدو شرس ضد الجهاد، فهزم الله الروس والأمريكان على أيدي الأفغان ولله الحمد والمنة.

واليوم تشتبك أطماع أمريكا الإقتصادية في أفغانستان والجمهوريات الإسلامية جنوب روسيا بمخاوف من عودة الجهاد وانطلاق الطالبان وتمركز المجاهدين العرب مرة أخرى هناك، بما يفرض عليها تدخلاً وتواجداً مصيرياً هناك، ساهمت سياستها الخرقاء نفسها في تسعيره، وأمريكا اليوم ترى أن أعظم عدو لها في العالم يستحق أن يواجه هو الجهاد والمتمثل في الإمارة الإسلامية وفي المجاهدين العرب الذين بايعوا أمير المؤمنين على الجهاد ما عاشوا.

هذا ببساطة شديدة وإيجاز بعض ملامح الصراع الإقليمي في أفغانستان رغم إغفالنا لأطراف عديدة خشية الإطالة، كبعض البلدان الأوربية والسعودية والدول العربية وتركيا التي تشتبك مصالحها ومخاوفها باللعبة مباشرة أيضاً.

11- من الناحية الاقتصادية تشكل أفغانستان خط تقاطع (ترانزيت) الطرق التجارية الهامة جداً ولا سيما مع انفتاح سوق اقتصادية استهلاكية بكر عظيمة جداً في الجمهوريات السوفيتية نفسها، فالهند ترسل بضائعها إلى ميناء (بندر عباس) وتعبر إيران إلى أفغانستان ومن ثم الجمهوريات السوفيتية وتشكل بلاد الأفغان والجمهوريات لها سوقاً حيوياً تنقل إليها منتجاتها ومنتجات جنوب وشرق آسيا واليابان، كما تشكل أفغانستان السوق الأساسية بالنسبة للبضائع الباكستانية وما يمر منها عبر أفغانستان إلى بلاد الجمهوريات.

إيران من جهتها شقت طريقاً مباشراً إلى الجمهوريات مرفقاً بخط سكك حديد، وتركيا تعتبر الجمهوريات ولا سيما المقاطعات التركمانية سوقاً وعمقاً هاماً جداً تتنافس مع إيران عليها، أما الصين فتعتبر أفغانستان بالنسبة لها المعبر المهم الأقصر إلى هناك للخليج العربي وسوقاً هاماً للسلاح والبضائع.

ولكن الذي عقد الشبكة جداً وأثار لعاب كبريات شركات الإحتكار الدولية اكتشاف كميات هائلة من النفط والغاز في تركمنستان وكازخستان الذي يبلغ مقداره أكثر من (50 مليار برميل) وهذا تقدير أولي ربما المخزن يفوق ذلك بعشرات الأضعاف، ولقد أخذ الأمريكان حصة الأسد من العقود في أنتاج هذا المخزون وليس أمامهم سوى مد أنابيب عبر إيران وبالتالي تحكّم إيران بهم، وما يخلفه ذلك من وزن سياسي واقتصادي كبير لإيران، أو مدها إلى أفغانستان إلى الحدود الباكستانية لتعبر مسافة قصيرة إلى كراتشي حيث بحر العرب وطرق إمداد النفط من الخليج، ولما كان طريق أفغانستان آمن سياسياً وأقصر وأسهل في التمديد لمنتوج نفطي وغازي يجاوز أو ينافس انتاج واحتياطي السعودية ذاتها، صار الصراع على النفوذ اليوم هناك على أشد ما يكون، ناهيك عن التحركات الإسرائلية في المنطقة التي يربطها مع حكومة (كريموف) في أوزبكستان علاقات وثيقة وتبادل دبلوماسي رفيع المستوى، برعاية أمريكية للسيطرة على الكميات الهائلة من النفط في أوزبكستان التي تطمع أمريكا وإسرائيل أن تكون المصدر البديل والرخيص للطاقة بدلاً من الخليج.

في ظل هذه المعلومات الموجزة، نجد أن الهند تمكنت عبر حكومة رباني وأخلاقه الميكافيلية من إقامة حلف مشترك معه ومع إيران وروسيا، وكان الروس على وشك افتتاح سفارتهم في كابل مرة أخرى لو مكث رباني في الحكم شهوراً أخرى !!.

أحست باكستان بالويل لدى اكتشافها طائرات للسلاح قادمة من الهند لرباني من أجل مواجهة حكمتيار، وعلمت أن الخبراء الهنود يشرفون على إعادة تجهيز وتسليح قوات رباني التي يقود معظمها كوادر شيوعية، دخلت عبر دوستم والميليشيات وجيش نجيب المفكك، ولم يكن أمامها إلا مزيد من الدعم لحكمتيار رجل باكستان الأول، ولكن هذا الأخير قرر اللعب لحسابه فيما يبدو واتفق مرغماً على تغيير تكتيكه إلى قبول حل وسط مع مسعود ورباني واستلام رئاسة الوزراء والخروج على الخريطة الباكستانية.

في تلك الأثناء كانت طالبان تنطلق، فلقد ولدتها ظروف دينية واجتماعية محضة في معزل كامل عن هذا الصراع بين القوى الإقليمية والدولية.

رأت باكستان فيما يبدو في طالبان ورقة رابحة بإمكانها أن تجعل منها حزباً ثامناً يوسع أمامها هامش المناورات، فدعمتها مستفيدة من تداخل المؤسسة الدينية المولوية بين باكستان وأفغانستان، ولكن هذه الورقة التي ظنتها باكستان حجراً آخر في الرقعة انطلقت لتبتلع باقي الأحجار نتيجة الظروف الداخلية، وتأييد الشعب الأفغاني المتذمر من الوضع غير الآمن، فتعاون معها جميع الفصائل التي توقفت عن الجهاد بعد فتح كابل مثل خالص وحقاني وغيرهما، وغدت طالبان لاعباً منفرداً وقويا، يهدد استقلاله اليوم مصالح كل اللاعبين بما فيهم باكستان نفسها، وصارت السياسة الباكستانية بين دعمهم مع احتمال احتوائهم وكسب حليف قوي جداً في مواجهة إيران والهند وروسيا أو التخلي عنهم وكشف ظهرها وخاصرتها اليسرى للهند وإيران، وما تزال بالخيار الأول، على مثال (مكره أخاك لا بطل).

والذي عقد الوضع الباكستاني صراع وإعادة توزيع أدوار داخلية وعالمية نتج عنه انقلاباً أبيضاً أطاح برئيسة الوزراء (بنظير بوتو) والطاقم الذي معها والذي شهد ميلاد وتطور الطالبان على رأسهم (نصر الله بابار) وزير الداخلية الذي يقبع اليوم في سجنه الإجباري، وزاد الأمر تعقيداً بعد الإطاحة بنواز شريف واستلام العسكر لمقاليد السلطة، وازدياد الحصار الذي كان مضروباً على باكستان بعد التجارب النووية، ومن ثم مقاطعة دول (الكومنولث) البريطانية بسبب الإنقلاب العسكري، وبدأت باكستان تعاني من وضع اقتصادي حرج للغاية، سببه لها هجرة رؤوس الأموال بسبب الحكم العسكري المتعنت، زد على ذلك ازدياد نشاط الحكومة الهندية في كشمير وتصعيد الوضع رغبة في حسم القضية وسط اضطراب الحكومة الباكستانية العسكرية لإدارة البلاد، كل هذه الظروف مجتمعة جعلت الحكومة الباكستانية العسكرية ترى في أفغانستان وحركة طالبان خاصة أفضل خيار يحمي لها ظهرها، لا سيما بعد إعادة العلاقات الهندية الصينية ونشاط الحكومة الروسية لإقامة التحالف الرباعي (روسيا – الصين – الهند – إيران)، وبهذا لا يوجد أمام باكستان إلا مجموعة خيارات أحلاها مر، فاختيارها السيئة بالنسبة لها أفضل من وقوع الخيار الأكثر سوءً عليها، فإذا كان الموت قادماً لا محالة فتأخيره ولو للحظات يعد مربحاً بالنسبة لباكستان، فالتسهيلات الباكستانية الممنوحة لحركة طالبان لمواصلة حربها ليس إلا حلاً تختاره وهي تتجرع المر فلا غرابة إذا من الدعم الباكستاني للطالبان، فدعمها لهم لم ينشأ عن انصياع الطالبان لباكستان ولكن لخوف باكستان من التحالفات المحيطة بها خاصة بعد اتضاح الموقف الأمريكي المؤيد للهند ضدها، فاحتاجت إلى عمق استراتيجي في المنطقة يضمن لها بقائها في تلك الضروف الصعبة.

وهناك سبب بعيد المدى يجعل من باكستان تختار حليفاً لها في أفغانستان، وتحرص أن تكون الحكومة الأفغانية القادمة على صلات صداقة قوية وولاء مطلق، وسبب ذلك أن الحكومة الباكستانية بسبب النزاعات المتواصلة في أفغانستان بدأت تمد حدودها الشمالية تجاه أفغانستان حتى استحوذت على أغلب إقليم (سرحد)، الباكستاني وكذلك مناطق كبيرة في ولاية (بكتيا جنوب خوست) وكذلك المناطق المجاورة (لطورخم)، وأكثر ما تخافه أن تعيد الحكومة الأفغانية مطالبتها بهذا الإقليم أو تلك المناطق الذي توضح الخرائط الدولية أحقية أفغانستان بها، لذا لا بد أن تكون باكستان ذات يد عليا على أي حكومة أفغانية قادمة لتنسيها مثل هذه المطالبة، لا سيما أن الحكومة السابقة قد ألمحت إلى ترسيم الحدود الجنوبية وهذا ما لا تريده باكستان أبداً.

وكانت باكستان في وضع حرج إما أن تتخلى عن الطالبان فيعود التحالف الشمالي فيسيطر على أفغانستان وهو حليف للهند وروسيا وإيران، أو التخلي عن طالبان بسبب الضغوط الأمريكية، ولا تقبل السياسة الباكستانية العليا أن تتخلى عن طالبان حتى لو لم توافق أمريكا بسبب تطبيق الشريعة ووجود الأحزاب الإسلامية من العرب وغير العرب في أفغانستان، وكانت باكستان تعيش في صراع داخلي فبسبب تبعيتها لأمريكا تفرض عليها وقف الدعم عن طالبان، وسياستها الداخلية وحربها مع الهند وخلافها مع إيران وروسيا يفرض عليها وجود حليف لها في المنطقة، فلا بد من مراعاة المصلحة القومية، فالتزمت دعم طالبان وذلك لأن الجيش يسيطر على باكستان ويعتبر هناك قومية باكستانية، فقدمت المصالح القومية على علاقتها الخارجية مع أمريكا وغيرها وهي مضطرة إلى ذلك، ولذلك كانت العلاقات مع الطالبان بين المد والجزر، إذا ارتفع الضغط الأمريكي تزداد المشاكل بين الطالبان وباكستان وإذا ضغطت المصلحة القومية الباكستانية تجد باكستان تفتح المجال لطالبان، وخلاصة القول أنها تقاطع مصالح وليس حلفا، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أنه يوجد علماء كبار في باكستان بايعوا أمير المؤمنين في أفغانستان، والآن باكستان تخشى من ولادة طالبان باكستانية.
والذي عقد اللعبة الأفغانية وجود العرب وقدوم الشيخ أسامه بن لادن وإعلان الجهاد على الأمريكان وتعاطف المؤسسة الدينية في أفغانستان وباكستان ومسلمي الهند وبنجلاديش وكشمير والجمهوريات الجنوبية لروسيا مع المجاهدين العرب، والنداء التاريخي لمواجهة أمريكا، وهنا تعقدت المعطيات وتضاربت لأول مرة مصالح باكستان مع مصالح أمريكا مباشرة ومصالح السعودية والإمارات والسلطنات العربية في الجزيرة ومن وراء ذلك الأنظمة الدكتاتورية في بلاد العرب والمنطقة.

وكان الجهاد يتركز بكل شراسة على محاولة اختراق طالبان واحتواء قادتها عبر بعض الأنظمة العربية عن طريق إسلام آباد، ومختصر تلك المؤامرة يتركز حول استدراج بعض قيادات الطالبان أو صناعة قيادات من الدرجة الثانية عن طريق الوعود والهبات ونحو ذلك والإجتماع بالمؤسسات الدينية الحكومية لتخدير الطالبان وشراء ذممهم (نسأل الله أن يحفظهم).

وكانت باكستان تحاول منذ بداية قيام الطالبان أن تستفيد من دعمها الاضطراري لها بأن تصنع لها تياراً موالياً داخل الحركة إلا أنها عجزت عن ذلك تماماً، فتحاول بالترهيب تارة وبالترغيب أخرى وكل محاولاتها بائت بالفشل ويبدوا أنها استسلمت للأمر الواقع في نهاية الأمر وبدأت تتعامل مع الإمارة الإسلامية على أنها دولة لها كيانها وسيادتها ويجب تبادل المصالح معها وفق الشريعة الإسلامية التي تفرضها طالبان على تعاملاتها الداخلية والدولية.

إلا أن باكستان انقلبت على نفسها في واقع الأمر مع بداية الحملة الصليبية الجديدة على أفغانستان، وارتمت بأحضان أمريكا، في تسابق شديد مع الهند لمن يحرز قصب السبق في الانبطاح لأمريكا وأوروبا من وراءها، وبهذا الانبطاح الذي جعل باكستان أولى دول المنطقة المرتمية تحت أقدام أمريكا، تكون باكستان قد ضربت أمنها القومي، ووضعت تقدمها العسكري وسلاحها النووي في يد أمريكا، فدخلت الهند عبر أمريكا في العمق الباكستاني لتستكشف العمق الاستراتيجي الباكستاني، وخسرت بذلك باكستان قضيتها السياسية الأولى وهي كشمير بعد أن أصبحت أسيرة السياسة الأمريكية، وخسرت أيضاً جزء من أراضيها وسيادتها عليها وذلك بانتفاض الشعب الباكستاني البشتوني تأييداً للإمارة الإسلامية، وبهذه الخطوة الخائنة التي لم تحقق باكستان من ورائها أي مكاسب دينية أو سياسية أو عسكرية، بل حققت جزء من مكسب اقتصادي كان ثمناً لخسارتها العظمى.
فيما تركزت سياسة إيران وتركيا وروسيا على دعم دستم وتحالفه الشمالي بكل أشكال الدعم لتحطيم الطالبان والخلاص من التهديد الأصولي، وتبدو سياسة الهند مع هذا المنحى على استحياء وتخوف من مغبة التورط المكشوف كما هو حال إيران وروسيا وتركيا، ولا تخفى أصابع أمريكا في دعم الإتجاه عبر تمويل روسيا أيضاً، عن طريق اجتماع دول (6+2) وهي دول الجوار لأفغانستان + أمريكا وروسيا.

هذا قبل بداية الحملة الصليبية أما بعدها فدول الجوار جميعها تقف خلف رافعة راية الحرب الصليبية أمريكا والتي ستستمر بقيادة العالم في هذه الحملة حتى يقصمها الله بقوته عاجلا غير آجل بإذن الله.

هذا بإيجاز شديد بعض ملامح الصراع الإقليمي والدولي وخارطة التحالفات والجبهات السياسية والعسكرية وصراع الاستخبارات من وراء الستار،


نسأل الله أن يحفظ أهل الإسلام ويمكن لهم.

الزبير الطرابلسي
10-26-2009, 07:52 PM
جزاك ربي كل خير اخي ابو خالد
وعليك بزيادة النشاط في هذا المنتدى الكريم لفضح المتامرين والخونة وانصار الجماعات الاستسلامية
تقبل تحيات اخوك في الله

ابوخالد عبدالله
10-27-2009, 11:41 PM
جزاك ربي كل خير اخي ابو خالد
وعليك بزيادة النشاط في هذا المنتدى الكريم لفضح المتامرين والخونة وانصار الجماعات الاستسلامية
تقبل تحيات اخوك في الله
شكر الله لك
أخي في الله الزبير الطرابلسي ثقتك بأخيك
وسأبذل جهدي إن شاء الله لِنُصرة دينه وإعلاء كلمته.

اللهم أُنصر من نصر الدين
وأخذل من خذل عبادك الموحدين

ابوخالد عبدالله
10-27-2009, 11:48 PM
أفغانستان قبل نشأة حركة طالبان

كانت الحرب الجهادية الطويلة المدى التي خاضها الشعب الأفغاني المسلم الفقير قد انهكت الإتحاد السوفياتي، وكانت أكبر الأسباب التي أدت إلى النهاية التي وصل إليها حيث طوي علم تلك الإمبراطورية والدولة العظمى إلى غير رجعة، ليدخل العالم بأسره في خريطة (جيوسياسية) جديدة تماماً،

وبحلول عام 1412هـ 1992م كان النظام الشيوعي في كابل قد اقتصرت سيطرته على بضعة مدن محاصرة بالمجاهدين، وبعض الممرات الحيوية التي تربط كابل ببعض الولايات القريبة بالشمال عبر الممرات المؤدية إلى موسكو التي كان جيشها قد أجبر على الإنسحاب وترك النظام الشيوعي في كابل ليلاقي مصيره، ونتيجة لحسابات وصراع مصالح بين الحزبين الرئيسيين في أحزاب المجاهدين (الحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار) والجمعية الإسلامية بزعامة (برهان الدين رباني وقائده الرئيسي أحمد شاه مسعود) ونظراً لإنهيارات عسكرية متعددة تعرضت لها قوات نجيب الله، دخل قائد المليشيات الشيوعية في الشمال الجنرال دوستم في تحالف مصالح مع قائد رباني الأبرز (شاه مسعود) من أجل قطع الطريق على سقوط كابل بأيدي تحالف المجاهدين، يشكل حكمتيار وقواته الكتلة الأقوى والأبرز فيه، وسقطت كابل وانفرط العقد وتتابع تسليم القوات الشيوعية لقيادات المجاهدين المحاصرين لهم في باقي المدن الرئيسية، وفر نجيب الله والتجأ إلى مقر الأمم المتحدة في كابل، وبهذا الفصل الأخير ابتدأ فصل جديد من الصراع على السلطة في كابل وما حولها والذي كان الصورة المباشرة لصراع المصالح الإقليمية والدولية التي يشترك فيها اللاعبون الكبار وعلى رأسهم أمريكا – باكستان – إيران – الهند – السعودية – روسيا وغيرهم، كانت اللعبة الدولية تسعى جاهدة عبر غطاء ما يسمى (بالأمم المتحدة) من أجل تشكيل حكومة إئتلافية موسعة يشترك فيها جميع الأطراف،

وهذا المصطلح هو التعبير اللطيف عن إفساح المجال لإنقاذ الكوادر الشيوعية الأساسية وعلى رأسها دوستم ومليشياته، وبقايا جنرالات الجيش، وكبار ضباط (الخاد) الإستخبارات التابعة لـ(الكي جي بي) الروسية بالإضافة لمن يسمون (التكنوقراط) وهم بعض الإستقراطيين والعلمانيين الأفغان الذين تم إعدادهم بعد أن هجروا أفغانستان وقعدوا ينتظرون أن يستنزف الجهاد الطويل قدرات المجاهدين وقادتهم ليعودوا من فنادقهم الرغيدة ومنتجعاتهم في أمريكا وروما وبعض دول أوروبا لحكم أفغانستان، وكانت باكستان ثم السعودية البوابة الرئيسية لإدارة خيوط المؤامرة الدولية في أفغانستان وكادت هذه المؤامرة أن تتم لولا أن قيض الله لها داخلياً من القيادات الأفغانية الميدانية المخلصة، وبعض الرموز العلمية والشرعية في افغانستان من أفشلها، وقد لعب بعض قادة المجاهدين العرب في أفغانستان دوراً مهماً في تثبيت قيادات المجاهدين (لرفض مشروع الحكومة الموسعة من أجل تشكيل حكومة من الأحزاب الجهادية الستة التي اتفق على دعمها خلال فترة الجهاد التي امتدت لأكثر من أربعة عشر عاماً).

ثم دخلت الأحزاب في صراع على السلطة انحصر في النهاية بين (برهان الدين رباني) وخصمه العنيد (حكمتيار) ومن دخل في حلف كل منهما، واستطاع رباني وقائده مسعود التمركز في كابل، ولم يسمح له حكمتيار بأن يهنأ في هذه السلطة يوماً واحداً، وصار هذا الخلاف مدخلاً لكوادر الشيوعية السالفة وبعض الفرق الأخرى، والأقلية الشيعية المدعومة من إيران، كي تتوزع على طرفي هذا الصراع وتذكي أواره طيلة خمسة أعوام، كما صار هذان الفريقان مركزاً جديداً للعبة الصراع الإقليمية وأطرافها الرئيسية (باكستان – إيران – الهند) والدولية وعلى رأسها (أمريكا – الغرب – روسيا) سحق هذا التطاحن في النهاية أكثر من أربعين ألف قتيل من المدنيين راحوا ضحية القصف الوحشي والإقتتال اللانهائي على السلطة عبر سلسلة من التحالفات الغريبة والتناقضات العجيبة التي قامت كلها على أسس قبلية أو مصلحية أو سوى ذلك، مما لا يمكن أن ينسب إلى أسباب شرعية أو مبدئية بحال من الأحوال.

زاد الدمار الذي خلفه الشيوعيون في الإقتصاد والمدن والطرقات بسبب هذه الحرب دماراً على دمار، وانعكس ذلك على الشعب الأفغاني فقراً وعناءً، صار مؤهلاً معه لتقبّل أي حل، فقد غاب الأمن وسيطر قطاع الطرق – من الملحدين والشيوعيين السابقين ومن كبار تجار المخدرات وأزلامهم من اللصوص الفاتكين – وانتشر النهب المسلح والسلب وقطع الطريق واختطاف الصبيان والنساء والإغتصاب وعمت الرذائل والفجور، وانتشرت تجارة المخدرات، بل إن كثيراً من قادة الأحزاب وصغار أتباعهم – وإن كانوا قلة قليلة - تحولوا بفعل انشغال قيادتهم في قتل المسلمين صراعاً على السلطة إلى لصوص وقطاع طرق، استخدموا أسلحتهم التي كانوا يقاتلون بها لنصب الحواجز الجمركية، وربط الحبال على مفارق الطرق لجباية المكوس والضرائب من فقراء الناس وأغنيائهم على السواء، بل إن بعض كبار جنرالات الحرب على السلطة كانوا يجبرون الناس على التجنيد في مناطقهم، تماماً كما كانت تفعل جنرالات نجيب في اختطاف الشباب وحملهم بالطائرات قسراً إلى معسكرات التدريب ثم لجبهات القتال، وباختصار شديد صارت هذه البلد الصابرة نموذجاً للفساد في الأرض،

إن هذه الأحوال جعلت الظروف تتهيأ حتى لطرح حلول تآمرية عجيبة بلغت أن سعت الأمم المتحدة إلى تشكيل جيش من المتطوعين من الأفغان المرتزقة براتب شهري قدره ثلاثمائة دولار كان من المفترض أن يبلغ تعداده نحو ثمانين ألف مقاتل، مستغلين ظروف الناس المعيشية والأمنية وتشوقهم لأي مخلص من أجل أن يفرضوا حلاً تضمنه الأمم المتحدة، تستورد بموجبه الملك العجوز (ظاهر شاه) من منتجعه في إيطاليا ليكون رمز الأمن والخلاص، وسط انتظار الناس لأي حل، وعلى الصعيد الإقليمي اكتشفت باكستان أن رباني ومن تحالف معه من الأحزاب قد أقاموا علاقة قوية مع الهند وإيران وروسيا، أصبحت تهدد الباكستان بشكل مباشر، وأحس الباكستانيون أن هذه اللعبة التي أداروها وقدموا فيها كل ثقلهم وجهدهم طيلة أربعة عشر عاماً، تكاد تخرج من أيديهم، ولم يكن قد بقي في جعبتهم إلا دعم (حكمتيار) الرجل المحسوب على باكستان طيلة فترة الجهاد الأفغاني، وفجأة اهتزت كل الحسابات الباكستانية لأن حكميتار فيما يبدو رأى بعد الصراع المرير دون جدوى أنه من الأولى له أن ينفرد بحساباته الخاصة، فقبل أن يدخل في الحكومة مع رباني واستلم رئاسة الوزراء في كابل، ليتابع صراع السلطة من داخل كابل بدلاً من أن يبقى حبيس الجبال، لا وسيلة لديه إلا مزيداً من القصف الصاروخي، والتحكم في قوافل الإغاثة والإمدادات الداخلية والخارجية من وإلى كابل، كانت هذه ظروف أفغانستان في الفترة التي شهدت ميلاد (حركة طالبان) وهذا الموجز هو حقيقة ماثلة للعيان، كان يراها ويعيشها كل متابع لقضية هذا الشعب المسلم بصرف النظر عن ميول العواطف.

وعلى صعيد الشباب العرب هناك كان الجمع الغفير منهم قد رأى في هذه الحرب الأهلية فتنة وتطاحناً بين المسلمين على السلطة لا غير، إذ كان تدخل الشيوعيين في صفوف كلا الفريقين وتدخل وصراع القوى الإقليمية والدولية فاجتنبها باستثناء فريقين صغيرين مال أحدهما – وهم نزر يسير – إلى تأييد رباني ومسعود، واستقر في كابل، وانحاز الفريق الآخر إلى صفوف حكمتيار – مجموعة صغيرة – قاتلوا معظم تلك الفترة إلى جانبه، ورأو فيه رجلاً مخلصاً دافع عنهم وآواهم ولم يغدر بهم على الأقل، على النحو المشين الذي قام به رباني الذي لم يستقر على كرسي السلطة في كابل حتى زار القاهرة ضيفاً على حسني مبارك واعداً إياه بملاحقة وتسليم (الإرهابيين العرب !!) والذي لم تجف بعد دماؤهم التي انساحت دفاعاً عن أرضه وعرضه !! بل إنه توج زيارته بوضع إكليل من الزهور على قبر الهالك السادات الذي أردته طلقات إخوانهم المجاهدين في تلك الحفرة، ولكن هذا الفريق المحدود أيضاً – المحالف لحكمتيار – انفض معظمه عندما وجدوه يحنث بوعوده بعدم التحالف مع الشيعة والشيوعيين في هذا الصراع ولم يبق معه في النهاية إلا قدر يسير أيضاً يرى فيه الزعيم المجاهد الذي يجب أن يقاتل معه رغم أنه تحالف مع أعداء الإسلام والمسلمين، قابلين للأعذار التي أطلقها الرجل في ظل حرب طاحنة على السلطة لا تسمح له بالإستغناء عن هذه التحالفات من أجل آراء بعض الشباب !!.

في هذه الظروف وفي بداية عام 1415هـ 1995م ظهرت حركة الطالبان في (قندهار)، وبدأ يرد في الأخبار العالمية أنباء عن ظهور قوة تجمع جديد تمدد نفوذها خلال نحو سنة في خمس أو ست ولايات جنوبية وغربية في أفغانستان، وسيطر عليها وطرد منها مسلحي الأحزاب، وبدأ بتطبيق أحكام الشريعة، ومطاردة اللصوص، وتناقلت الأنباء عنهم أخباراً متضاربة تراوحت بين الثناء والترحيب كأمل في إنهاء تلك الأوضاع وبين وصفهم بالتطرف والإنغلاق والتخلف، مع بداية سنة 1416هـ 1996م بدأ تحرك الطالبان يبتلع الولايات الواحدة تلو الأخرى وسط أنباء عن دعم باكستاني لهم ودعم إيراني هندي لخصومهم، وسرعان ما تسارعت الأحداث ليدخل الطالبان مواقع حكمتيار في الولايات الجنوبية الوسطى، ثم يطرقون على أبواب كابل حيث دخلوها في تسارع مذهل فاجأ أحبابهم وخصومهم على السواء.

وامتد سلطان الطالبان حتى منتصف شهر شعبان 1422هـ إلى أكثر من 96% من الولايات الأفغانية حيث فرت الحكومة السابقة ليصبح أقطابها الكبار أعداء الأمس حلفاء اليوم لا جئين عند خصمهم الشيوعي القديم الذي جرد من أقوى مركز له في (مزار شريف) وهؤلاء الحلفاء آملين أن تعيدهم حراب المليشيات الشيوعية إلى قصر الرئاسة في كابل.

ابوخالد عبدالله
11-02-2009, 02:05 AM
نشأة وأفكار وانطلاقة حركة طالبان


1- كانت الأحوال في أفغانستان قد آلت نتيجة صراع الأحزاب الإسلامية على السلطة إلى حالة من ضياع الأمن وانعدام أسباب العيش في الدنيا وانتشر قطاع الطرق، وعم الفقر والخراب والدمار، والاغتصاب والخطف، بشكل جعل الناس تضج وتنتظر أي شكل من أشكال الخلاص.

2- على أثر بعض جرائم قطع الطريق واختطاف عدد من النساء، على مرئى من (الملا محمد عمر)، تحرك بعض طلاب العلوم الشرعية على رأسهم (الملا محمد عمر) في قندهار واستفتوا العلماء في محاربة اللصوص لعجز والي قندهار من قبل رباني عن فعل أي شيء معهم وانشغاله بأموره، وأمور رجاله وتنظيمه، فأفتوهم بذلك.

3- تحرك الملا عمر وأحد عشر رجلاً معه إلى قرية (سنج حصار) حيث قتلوا عدداً من قطاع الطرق، ثم أسروا عشرة منهم، ووجدوا عندهم امرأتين مقتولتين، اعترفوا بقتلهما، فأقاموا عليهم الحد، بقتل الجميع المشترك في الجرم، وغنموا أسلحتهم وابتدأوا بمطاردة قطاع الطرق واللصوص.

4- تجمع بعض قطاع الطرق الشيوعيين على حدود قندهار مع باكستان في منطقة (بلوشستان) لمحاربة طلاب العلم فأغار عليهم الطلبة ففروا إلى باكستان، وغنم الطلبة كميات كبيرة من المعدات والأسلحة المختلفة.

5- عاد الملا عمر والطلبة إلى قندهار، وطلبوا من واليها أن يستقيل لعجزه ويسلم إليهم مقاليد الإمارة وعتادها، ليحاربوا اللصوص فأبى، فحاربوه وخلعوه واستولوا على الإمارة وأعلنوا تطبيق الأحكام الشرعية في قندهار ففر اللصوص وتفشى الأمن وانطلق الناس لشؤون حياتهم.

6- انضم أحد كبار قادة رباني بمن معه من الجنود والعتاد للملا عمر وناصرهم وقويت شوكتهم، وأرسلوا القضاة الشرعيين والولاة ورجال الأمن إلى مختلف القرى والأنحاء في قندهار، ونصبوا الملا عمر أميراً على الطلبة، ورفع الطلبة راية بيضاء وكان لهم هدفان، أولاً: تطبيق الشريعة على كل شبر يسيطرون عليه، ثانياً: فرض الأمن وجمع السلاح ومحاربة اللصوص ووقف قطع الطريق.

7- أرسل رئيس الحكومة آنذاك (برهان الدين رباني) وفداً يهنئ الملا عمر والطلبة على قمع اللصوص، وأرسل معهم مبلغاً من المال يعادل عشرة آلاف دولار ليستعينوا بها على عملياتهم ضد اللصوص، فردوها مع الوفد معتذرين عن قبولها، وطالبوه بإبعاد الشيوعيين من صفوفه ومكاتب حكمه في كابل، وإخراج النساء من المكاتب ومنع الإختلاط، وإنهاء مظاهر الفساد والفجور وإعلان تطبيق الشريعة.

8- تسامعت الولايات المجاورة بما حصل من الأمن والإطمئنان في قندهار، فأرسل أهالي ولاية (جوزجان) المجاورة وفداً وكذلك فعل أعيان ولاية (هلمند) الكبيرة، وطلبوا من الطلبة تسلّم مقاليد السلطة فيها وتطبيق الشريعة، فأرسل الملا عمر بعض الطلبة وبدؤوا بتنظيم صفوف الطلبة هناك، وقاموا بحملة واسعة لجمع السلاح، ثم أرسل أهالي ولاية (زابل) وفداً كذلك ليستقدموا الطلبة ففعلوا، وسيطر الطلبة على الولايات الخمس الجنوبية الغربية.

9- أرسل أهالي ولاية (غزني) يريدون من الطلبة أن يرسلوا وفداً لبحث بسط سيطرتهم على (غزني) فغضب حكمتيار الذي كانت له قوات هناك، فأرسل لقادته أوامر بمقاتلة الطلبة لو جاءوا إلى (غزني) وحاول الشيخ (جلال الدين حقاني) التوسط وأرسل لحكمتيار يرجوه أن لا يقتتل الناس في الشهر المبارك، وكان شهر رمضان لعام 1415هـ 1995م قد حل، وخرج الشيخ حقاني بنفسه في وفد للتوسط ولكن الوفد التقى بفلول قوات حكمتيار الذين اشتبكوا مع الطلبة وهُزموا بعد معركة قصيرة ودخلت (غزني) في نطاق سيطرة الطالبان.

10- فرح (رباني) بهزائم حكمتيار وأرسل وفداً لتهنئة (الطلبة) ثم بدأ الطلبة يعدون العدة للتوجه نحو كابل والإستيلاء على ما بينهم وبينها من ولايات وانضمت ولاية (بكتيا) بزعامة الشيخ حقاني صلحاً للطلبة، وكذلك فعل قادة (جلال آباد) بالإتفاق وكانت الكتلة الرئيسية منهم تابعة لحزب مولوي (يونس خالص) الذي ناصر الطلبة، كما وافق زعماء الكتلة الأخرى التابعين لسياف وعلى رأسهم القائد (سازنور) على تسليم المدينة للطلبة، ورفضوا أوامر قادتهم بقتال الطلبة بل إن (سازنور) رحمه الله [1] (http://majmo3pages.atspace.com/Taleban-007.htm#_ftn1)أرسل استقالته إلى سياف لما أصر عليه قائلاً بأنه لن ينهي تاريخه بقتال طلاب العلم الشرعي الذين ينشرون الأمن، ويحكّمون الشريعة.

11- أرسل الطلبة لقادة الأحزاب وعلى رأسهم رباني ومسعود وحكمتيار وسياف، أن يصطلحوا على حل بينهم، وأن يعلنوا تطبيق الشريعة، ويخرجوا الشيوعيين من صفوفهم، وينظفوا دوائر الدولة من مظاهر الفجور والإختلاط، وباءت محاولتهم في جمع شمل الأحزاب بالفشل.

12- تصدت قوات حكمتيار للطلبة، وحصلت بعض المعارك فرّت على إثرها قوات حكمتيار، والتحق عدد من قادتها بالطلبة، وهكذا أسقطت مواقعه الحصينة في (ميدان شهر) و(شهار سياب) و(لوجر) وأطلق الطلبة عدة قوافل إغاثية للأمم المتحدة وغيرها، كان حكمتيار قد احتجزها ليضيق على أهل كابل، ويجبر رباني ومسعود على الاستجابة له.

13- فرح رباني بهزائم حكمتيار الجديدة، واستقبل مسعود وفد الطلبة، وقال لهم إنهم موافقون على مطالب الطلبة، وسلمهم (مسدسه) ساخراً كرمز لموافقته على تسليم سلاح قوات رباني للطلبة، وطلب منهم عرض مطالبهم، فقدم الطلبة لرباني أربعة مطالب رسمياً علماً أنهم طلبوها يريدون من الحكومة إصلاحها ولم يأتوا إلى الحكومة لنزعها مباشرة، وكانت هذه المطالب:





أولاً: إبعاد الشيوعيين الذين تسلموا المناصب والوزارات والمسؤوليات الحساسة حتى إن قائد قوات رباني كان جنرالاً شيوعياً كبيراً، وكان وزير الداخلية أحد قادة حزب الوحدة الرافضي، فيما دخل في حلف حكمتيار فصيل آخر من الشيوعيين والشيعة، وبيّن الطلبة لرباني أنه بأسباب الحرب الأهلية تغلغل كبار الشيوعيين وضباط (الخاد) وعملاء موسكو في الفريقين وطلبوا منه محاكمة الشيوعيين وإعدام نجيب وكبار المسؤولين السابقين.




ثانياً: إبعاد جميع النساء من دوائر الدولة، ومعظمهن متخرجات من موسكو حتى إن وزارة العدل التي يفترض أنها ستطبق الشريعة كانت مليئة بالنساء والسكرتيرات فطلبوا منه إخراج المدرسات الشيوعيات من سلك التعليم ومنع الاختلاط.



ثالثاً: طالب الطلبة رباني بإعلان تطبيق الشريعة صراحة وإزالة مظاهر التبرج والغناء والموسيقى، والمنكرات ودور السينما، والمخدرات والخمور.





رابعاً: وقف تدخل السوفييت والهند وإيران في شؤون الحكومة الأفغانية.


14- غدر مسعود بوفد الطلبة صباح اليوم التالي وقتل عدداً من القراء وحفظة القرآن من وفد الطلبة وكان عدد المغدور بهم الذين قتلوا في المسجد نحو مائتين وخمسين من الطلبة في مذبحة واحدة !! ووقعت الحرب بين الطلبة ورباني ومسعود.


15- انضمت قوات حزب يونس خالص وكذلك الشيخ حقاني وقواد حزب الإنقلاب الإسلامي ومئات من العلماء والطلبة إلى الطالبان، والتحق معظم قادة سياف بهم، وكذلك بعض قادة الحزب (حكمتيار).

16- بدأ الأحزاب وحكومة رباني والتابعون لحكمتيار وسياف حملة اشاعات ودعايات لتشويه الطلبة واتهمهم رباني بأنهم شيوعيين أطلقوا لحاهم، بعد أن كانوا رحبوا بهم، وأثنوا عليهم في كافة وسائل الإعلام والإجتماعات والمناسبات، وبدأت الهند وإيران وتركيا وروسيا حملة مساعدات مكشوفة موسعة ومكثفة لدوستم والقادة هؤلاء لا سيما بعد أن انتصر الطالبان في المعارك حول كابل على قوات دوستم والحكومة.

17- وهاجم الطالبان كابل التي سقطت بسرعة كبيرة في ليلة 14/5/1417هـ 26 سبتمبر 96، وكان ذلك بسبب عدم الثقة بين الحزبين المدافعين عنها جماعة مسعود وجماعة حكمتيار وقبل الفجر دخل الطالبان كابل بعد قتال ضعيف مع بعض حاميتها من قوات مسعود ورباني وسياف وهربت الأحزاب شمالاً ليتوقف القتال عند خط جبل السراج وبوابة ممر سالنج وولايات الشمال وكان قد مر على انطلاق الطالبان نحو سنتين، وتحددت سيطرة الطالبان على ولايات الشرق والجنوب والغرب والشمال الغربي إلى هرات وبقي معظم الشمال الذي يشكل نحو 15% من مساحة أفغانستان والممتد من بدخشان إلى تخار إلى سمنكان إلى بلخ وعاصمتها مزار شريف إلى فارياب وبادغيس، باستثناء ولاية قندوز التي سيطر عليها الطلاب لوجود قادة وأغلبية من البشتون فيها وقفت مع الطالبان، وبقي مع حلف المعارضة ولاية باميان التي تسكنها الأقلية الشيعية في أفغانستان والتي سيطر عليها حزب الوحدة الشيعي التابع لإيران، دخل الطالبان كابل بسهولة نادرة، وذلك نتيجة الرعب والذعر الذي دب في قوات مسعود بعد أن دب الخلاف بينهم وبين الحامية التابعة لحكمتيار، والتي كشفت ظهر كابل بلا قتال، حيث كان مسعود وحكمتيار يتبعان الكيد لبعضهما رغم مواجهة الطالبان.

18- طارد الطالبان كبار الشيوعيين وألقوا القبض على بعضهم وأعدموا الرئيس نجيب الله بعد أن أخرجوه عنوة من مقر الأمم المتحدة ضاربين حماية وحصانة مركز الأمم المتحدة له هناك بعرض الحائط، وعلقوه مشنوقاً في كابل هو وأخوه، ورد قائد الطالبان على مسؤول الأمم المتحدة عندما قال له إنكم خرقتم قوانين الأمم المتحدة قائلاً (لدينا نحن قوانين الله فوق الأمم المتحدة)، ثم انضم قلة من فرق الأحزاب بقيت مع مسعود إلى قوات دوستم التي صارت الكتلة الرئيسية، وموئل الشيوعيين وكبار اللصوص في مواجهة الطالبان.

19- انتقلت الأحزاب إلى الولايات الشمالية وكان معهم (بدخشان وتخار وبروان وكبيسا) والولايات الشمالية (بمزار شريف وبلخ) والتي عاصمتها (مزار شريف) أما (قندوز) فهي مع طالبان منذ البداية وهي أول الولايات التي سقطت في أيديهم من الشمال لأن فيها أغلبية من طلبة العلم وأغلبية من البشتون، أما (بدغيس وفارياب وجوزجان) وغيرها فقد بقيت مع مسعود حتى مرحلة متأخرة، وفي أول عام 1417هـ قام الطالبان بحملة على الشمال انتهت بمذبحة ومؤامرة قام بها الأوزبك والشيعة على الطالبان تعرضت لها قواتهم في الشمال ذهب ضحيتها ما يقرب من عشرة آلاف من الطالبان حسب الأرقام التي ذُكرت في مجازر وحشية دفن كثير منهم فيها أحياء في مقابر جماعية على يد الميليشيات الأوزبكية الشيوعية في مزار شريف وحلفائهم الشيعة فيها، وبقيت آلاف الجثث في العراء دون دفن وعليها آثار التعذيب والتنكيل والقتل والتمثيل، وقتل فيها كثير من القيادات للطالبان والوزراء والعلماء حيث إنهم ذهبوا للاحتفال بفتح مزار شريف فغدر بهم الأوزبك اللذين كانوا قد سلموا المدينة، والأوزبك لهم قائدان (دستم) وهو من أعداء الطالبان و(عبد الملك) خصمه في قيادة المليشيات الأوزبكية، وقد أظهر أنه انحاز للطالبان وصالحهم وأدخلهم الولاية وأخرج دستم فلما أمن الطلبة غدر بهم، ثم عاد الوضع لما كان عليه قبل هذا الزحف، إلا أنهم رجعوا إلى مزار شريف بعد بضعة أشهر وسيطروا عليها وأعدموا كل من تأمر ضدهم من الجنود وقتلوا فيها أكثر من ثلاثة ألاف، ثم تتبعوهم إلى ولاية (باميان) عاصمة الشيعة وفتحوها، وأقاموا عليهم الحدود الشرعية عقوبة على الخيانة والقتل وشملت الحدود قرابة أربعة الاف جندي أخذوا بثأرهم فيها.

20- عاود الطالبان الزحف شمالاً بحذر أكبر وسقطت بيدهم ولايات الشمال واحدة تلو الأخرى مرة أخرى فاستولوا على بادغيس ثم فارياب ثم مزار شريف ثم سمنغان ثم انحدروا جنوباً وسيطروا على الممرات الشمالية لباميان وانضمت إليهم مناطق من بدخشان، وانهارت قوات دوستم الذي فر إلى أوزبكستان، ولم يبق كقوة عسكرية أمامهم إلا مسعود في الوادي الضيق الممتد من بنجشير إلى جبل السراج إلى تشاريكار إلى بوابات كابل الشمالية حيث تقف معه قوات تابعة لسياف، بالإضافة لقوات حزب الوحدة الشيعي في باميان، ثم سقطت باميان في 10/5/1419هـ وكان مطلع شهر سبتمبر 1998، وسقط قبله وادي كيان الذي تستحكم فيه قوات الإسماعيلية الأغاخانية وهم أقلية موجودة في أفغانستان، وغنم الطالبان فيه غنائم تستعصي على الحصر من السلاح وذكروا أن أهل السنة لم يدخلوا هذا الوادي الإسماعيلي منذ 800 سنة مضت، وزحف الطالبان جنوباً وراء قوات مسعود عن طريق غوربند، واستمرت فتوحاتهم حتى بداية الحرب الصليبية التي يشنها العالم بقيادة أمريكا وبدأت في تاريخ 24/7/1422هـ ومع بداية الحرب الصليبية لم يبق مع التحالف الشمالي إلا ولاية بدخشان ووادي (بنشير)

21- التقى الطلبة بالشيخ ابن لادن والعرب الذين كانوا قد نزلوا في جوار يونس خالص، وقائده المهندس محمود رحمه الله في جلال آباد، فرحبوا بهم وأكدوا جوارهم وحمايتهم لهم، وقامت بينهم أوثق علاقات الود والجوار.

22- يؤكد الطالبان على أنهم ورثة الجهاد الأفغاني، وأن معظمهم (قادتهم وقواعدهم) قد ساهمت في الجهاد على مر أكثر من عشر سنوات، ثم عادوا لمعاهدهم بعد سقوط الحكومة، وإنهم سنيون أحناف سيعيدون تطبيق الشريعة، ونشر مدارس المذاهب الأربعة، ولا يخفون عداءهم الشديد لإيران، وتدخلها في أفغانستان، ويعدون بإقامة دولة إسلامية حقيقية تطبق فيه أحكام الكتاب والسنة بعد أن ضحوا لأكثر من خمسة عشر عاماً في سبيل هذا الهدف، وما زالوا يتحفظون في خطابهم لقادة الأحزاب ولكنهم أعلنوا صراحة أنهم لن يقبلوا لدوستم إلا بمصير نجيب على حبل المشنقة، وقد تحددت معالم القتال قبل الحرب الصليبية بين فريقين رئيسيين: دوستم من جهة والطالبان من جهة أخرى، ومن حيث الكتلة العسكرية يقف مع دوستم فلول الأحزاب ورموزها سياف رباني إسماعيل خان والرافضة والعلمانيين أتباع ظاهر شاه والأوباش من قطاع الطرق، ويقف مع الطالبان رموز العلماء والطلبة وكبار قادة الأحزاب سابقاً، وقواد الجهاد السابق مثل الشيخ حقاني وأمثاله من القادة الميدانيين.

23- يؤكد الطالبان على أنهم رغم الدعم والتأييد الذي يتلقونه من باكستان على استقلالهم وأنهم انطلقوا ينصرون الله ورسوله وأنه هو الذي أيدهم بهذه الفتوح السريعة والمعجزة، وأنهم سيثبتون ذلك لا سيما عندما تستتب لهم الأمور بالانتهاء من دوستم ومليشياته الشيوعية.

...............................
[1] (http://majmo3pages.atspace.com/Taleban-007.htm#_ftnref1)اغتاله قطاع الطرق فيما بعد مع عدد من القادة، وكان بينهم المهندس محمود التابع ليونس خالص، والذي أجار العرب في جلال آباد، ونزل عليه الشيخ ابن لادن ضيفاً ومجاوراً، وكان عددهم نحو 16 قائداً رحمهم الله.

الزبير الطرابلسي
11-03-2009, 09:30 AM
الله أكبر
الله اكبر

اللهم مكن لأسود الطالبان

من خير امه
11-04-2009, 02:40 AM
سدد الله خطاك وانار بصيرتك

ابوخالد عبدالله
11-04-2009, 05:42 AM
تأكيد أنصار الجهاد على ما سبق ذكره عن نشأة حركة طالبان



يؤكد مؤيدو الطالبان من الإخوة المجاهدين على صحة السياق السابق كأحداث تصدق الطالبان، ويرجعون تقدمهم واكتساحهم للقوى الأخرى بسرعة خارقة إلى أسباب ثلاثة من الناحية المادية:

أولاً: أن الشعار الذي رفعه الطالبان وهو تطبيق الشريعة ومحاربة اللصوص، وما تبع ذلك من أمن حقيقي تنفس الناس معه الصعداء وانطلقوا في معايشهم، وفّر للطالبان سمعة حسنة، عند الأفغان، وجعلهم رمزاً للحل والخلاص ولذلك دعموهم واستقبلوهم وفتحوا لهم الأبواب.

ثانياً: كون الطالبان طلبة علم شرعي يميزهم الزهد والتقشف ونظافة اليد وعدم الطمع في مغانم الحكم، فإن قواد الأحزاب وجنودهم يتهيبون قتالهم، لأنهم يعتبرون ذلك محاربة للدين في صورة محاربة رجاله حملة العلم الشرعي، بل حتى اللصوص الذين قاتلوا الأحزاب وممثلي الحكومة وتجرؤوا عليهم بما يرون من سرقاتهم وابتزازهم أيضاً للناس تهيبوا وتأثم كثير منهم بل تابوا حتى لا يقاتلوا طلبة العلم الشرعي، ومن يمثلون الدين أو الشريعة، فلم يلق الطالبان مقاومة تذكر إلا بعد فتح كابل من دوستم ومسعود.

ثالثاً: الدعم الباكستاني الذي تمثل بفتح خطوط الإمداد ولا سيما في الغذاء والوقود، وتسهيل انتقال طلبة العلم الشرعي الذين يدرسون في باكستان ليلتحقوا بجبهات القتال وليتسلموا الولايات والقضاء في أفغانستان، وذلك لما رأى فيه الباكستانيون انقاذاً لمصالحهم من أن تقع أفغانستان بين أيدي الهند وإيران على أيدي رباني ومسعود ووزيرهم الجديد حكمتيار.

ويؤكد محبو الطالبان على أن تأييد الله للطالبان ونصرهم بالرعب كان بادياً واضحاً لإخلاصهم في تطبيق الأحكام الشرعية والترفع عن مغانم الحكم ومواجهتهم اللصوص ونشرهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكرون من مناقبهم روايات كثيرة يردّون فيها على شبه خصومهم ومناوئيهم ومن ذلك:

1- أن قضية الصدق في تطبيق الشريعة وإزالة المنكرات بادية يعرفها العدو والصديق بل الصحافة الأجنبية نفسها.

2- إيقاف تعليم النساء مردّه إلى أن الطالبان وجدوا أن مناهج التعليم المعمول بها ومعظم المدارس هي نفس المناهج والهيكل الذي وضعه الشيوعيون ولا يمكن أن يسمحوا لهم ويأتمنوهم على تعليم البنات، فأوقفوا التعليم برمته، إلى أن يتم توفير المنهج والكادر الذي يمكن أن يؤتمن على هذه المهمة وأن ما أثاره الإعلام الغربي والتابع له وجهال الحركة الإسلامية كان مرده للتعصب والكره ولم يكن موضوعياً.

3- يشهد مؤيدوا الطالبان على المواقف الشجاعة والثابتة للطالبان في مواجهة تدخلات الأمم المتحدة والمنظمات الصليبية التي عندما هددت بالإنسحاب من أفغانستان، كان جواب مسؤول الطالبان عليهم جيداً ومميزاً عن كل ما سمعوه في تاريخهم، لقد قال لهم (إذا أردتم أن تنسحبوا من أفغانستان فلا بأس، نحن لدينا بطاطس كثيرة، ويكفي الطعام ولدينا قصب سكر يكفي للغذاء ومنذ مئات السنين، نضع تراب أفغانستان على جروحنا ونربطها، فنشفى ولا حاجة لنا بمساعداتكم !!)، فأسقط في أيديهم، فسحبوا تهديدهم وتابعوا مساعداتهم، لما يحققونه من وراء ذلك من المصالح التي صارت معروفة ومكشوفة.

4- باختصار يرى هذا الفريق في الطالبان انتصاراً إلهياً لدماء الشهداء والضحايا وتحقيقاً لما ضحوا من أجله، ويرون فيهم موئلاً للمشردين والمطاردين والمظلومين من المسلمين، ويدللون على ذلك بحسن جوارهم للعرب، ونصرتهم إياهم، ويعتبرون وجودهم فاتحة خير لعودة الإسلام إلى آسيا الوسطى والجمهوريات السوفياتية ومسلمي الصين، وشبه القارة الهندية والمسلمين من وراء ذلك، ويرون نصرتهم فريضة شرعية، لا أدل على وجوبها من هوية خصمهم (دوستم) حامل راية المليشيات الشيوعية وشريك نجيب الذي يجتمع على نصرته ضدهم اليوم، حلف يدل بعدائه للإسلام على طبيعة الطالبان والخير الذي فيهم (فهم إيران والهند وروسيا وتركيا) وفوق ذلك كله الحملة الصليبية التي تتزعمها أمريكا والتي جمعت دول العالم كلها تحت مظلة واحدة متناسية عداءها فيما بينها، لتتحد على دولة الإسلام لتئد حاملي راية الجهاد وتطبيق الشريعة أحياءً بكل مغولية، هذا باختصار ما ورد من عدد من الأخوة الذين وردت تقاريرهم بهذه الفحوى.