تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اسرائيل تسعى شراء تلفزيون الجزيرة!



من هناك
10-11-2009, 12:00 AM
ترددت أنباء خلال الأيام الماضية، عن محاولة هي الثانية من نوعها، يقوم بها رجل أعمال يهودي بارز، لشراء 50% من أسهم قناة الجزيرة القطرية، وهي المحطة العربية التي فتحت في العقد الأخير نافذه أمام الشارع العربي، الذي كان أسيرا للمحطات التلفزيونة المحلية، والتي كانت تحرص كل منها في الغالب على تقديم وجهة النظر الرسمية للدولة التي تبث منها، قبل أن تغير الجزيرة القطرية من طريقة تفكير المتلقي العربي من خلال إطلاعه على مالا يقال في وسائل الإعلام في بلاده، وتركت المجال في الوقت نفسه لجدل كبير حول قضية تعمدها إظهار الجوانب السلبية لبعض الأنظمة والدول العربية، فيما يقدر البعض أن الأمر يرتبط بطبيعة العلاقات السياسية السائده بين قطر وبين هذه الدول.



وفي جميع الأحوال، تسببت الجزيرة القطرية في نقله نوعيه هامة في الإعلام العربي، ونجحت في إقتحام المجال الفضائي بقناة اخرى باللغه الإنجليزية، وأصبحت مصدر رئيسي لجميع الصحف ومحطات التلفزة والإذاعه في العالم، كما أنها أصبحت حلما لجميع العاملين في مجال الإعلام، بما في ذلك المذيعين ومقدمي البرامج ومنتجي الافلام الوثائقيه والمبدعين العرب من الشباب الذي وجد أحيانا مجالا للتعبير عن نفسه سواء بشكل تطوعي أو مقابل أجر مالي يعتبر هو الأفضل.


ولكن أحدا لم يتوقع أن يتم الحديث عن أزمة مالية في قناة الجزيرة القطرية التي دخلت الساحه عام 1996 بدعم من الحكومة القطرية وبميزانية تجاوزت وقتها 150 مليون ريال، غير أن من يتحدث عن تلك الأزمة، يربطها بشكل لافت بالأزمة المالية العالمية، فيما كانت هناك أنباء عن أزمة في البث باللغه الإنجليزية، وأن بعض العاملين فيه إنسحبوا على خلفيات مالية أو أيدولوجيه.


على كل حال، إتسعت المحطة القطرية وتشعبت، وباتت برامجها المختلفة تسبب أزمات في العديد من الدول، خاصة تلك البرامج التي أثارت قضايا كانت قد دفنت مع أصحابها، أو تلك البرامج التي تعتمد على المناظرة بين شريحتين سياسيتين مختلفتين مثل برنامج الإتجاه المعاكس ويقدمه فيصل القاسم، أوبرنامج أكثر من رأي، ويقدمه سامي حداد، أو بلا حدود ويقدمه أحمد منصور.


ولأن قناة الجزيرة إعتمدت من البداية فكرة (الرأي والرأي الآخر) فقد حاول البعض إستغلالها لإطلاق آراء مضاده لتلك الأراء السائده في العالم العربي، خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية، والتي كانت قناة الجزيرة من أهم المحطات التي نقلت العديد من تفاصيلها، خاصة العدوان الاخير الذي شهده قطاع غزة أواخر العام الماضي، وبداية العام الجاري، حيث تابع العالم العربي الجرائم الإسرائيلية على الهواء مباشرة، فيما ركزت الآلة الإعلامية الإسرائيلية جهودها على إستغلال المساحه التي منحتها الجزيرة للرأي الآخر، ووضعت إسرائيل خطة إعلامية أثناء العدوان لمواجهة الشارع العربي برأي مضاد، فظهرت على شاشة الجزيرة العديد من الشخصيات الإسرائيلية البارزة، أمثال تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وقتها، أو إيهود باراك وزير الدفاع، أو آفي ديختير رئيس الشاباك السابق، أو الصحفي البارز يوآف شتيرن، أو الخبير السياسي مردخاي كيدار وغيرهم، غير أن رسالتهم لم تمتد لأكثر من مدة إستضافتهم، ولكنها في النهاية شكلت خطرا كبيرا، لأن ظهور الشخصيات الإسرائيلية تم بناء على برنامج إسرائيل إعلامي دعائي مخطط، وهو أمر إعترفت به إسرائيل، فيما بدا أن الجزيرة القطرية أرادت الإستماع إلى وجهة النظر الإسرائيلية فحسب، كنوع من تعدد الآراء.


ولكن كل ذلك لا يتعدى كونه مجرد رأي لشخصيات إسرائيلية غير مقبوله على الشاشات العربية، ولكن الخطير في الموضوع، والذي يجب على الجزيرة أن توضحه للمشاهدين قبل المحللين، هو الأنباء عن محاولة إمبراطور الإعلام اليهودي حاييم سابان، الإستحواذ على نصف أسهم القناة، وهو الأمر الذي يحمل أبعادا كبيرة، لا يمكن أن تقتصر على الجوانب المالية والترويجيه فحسب، ولكنها حتما ستمتد إلى جوانب سياسية وإجتماعية خاصة إذا علم من هو حاييم سابان.


حاييم سابان:
ولد سابان في الخامس عشر من أكتوبر 1944 في الإسكندرية شمال مصر، ويعتبر سابان من أبرز رجال الأعمال ممن يستثمرون في القطاع الإعلامي والترفيهي في الولايات المتحده الأمريكية، وتمتد علاقاته المتشعبه بالإقتصاد والسياسة الإسرائيلية فهو في النهاية داعم أساسي لأيدولوجيا مححده، تظهرها سيرته المهنية.



هاجر سابان وعائلته إلى إسرائيل عام 1956، ودرس في المدرسة الزراعية في قرية هانوعار بن شومين، فيما أقامت عائلته في شقه في تل أبيب، وكان والده بائعا متجولا ينتقل من منزل إلى منزل، وفي عام 1964، إنهى حاييم سابان تعليمه الثانوي، فيما كان يعمل من أجل توفير متطلبات الدراسة، وقد خدم في الجيش الإسرائيلي قبل أن ينضم عام 1966 إلى فرقة موسيقية محلية كعازف جيتار، وإنتقل من فرقة موسيقيه إلى اخرى، حتى أصبح لديه القدر الكاف من الثورة التي أهلته لإنتاج وتمويل (مهرجان أغاني الأطفال) في مطلع السبعينات، وما زال هذا المهرجان قائما حتى الآن.


إنتقل إلى فرنسا عام 1975، وأسس هناك شركة للكاسيت والألبومات الغنائية، وباع ملايين النسخ، والتي درت عليه أرباحا ماليه وفيره، بالإضافة إلى عمله بالتلحين الموسيقي، والموسيقى التصويريه للمسلسلات خاصة مسلسلات الرسوم المتحركه، وفي عام 1983 إنتقل إلى لوس أنجلوس، وأسس هناك ستوديوهات تسجيل، والتي ألفت ووزعت موسيقى المسلسلات، ووضع إسمه على عشرات الأعمال التلفزيونية كملحن، قبل أن يظهر إسمه مجددا على أعمال فنية كمنتج، فكان أول أعماله الإنتجاية، مسلسل تليفزيوني يحمل إسم (كيد فيديو).


وفي عام 1988 أسس شركة Saban Entertainment، والتي أنتجت عدد من المسلسلات التلفزيونية، خاصة الكوميدية، ومنها (إكس مان)، وفي عام 1993 إتجه للإنتاج السينمائي، كما أنتج سلسلة "باور رينجرز" الشهيره، وفي عام 1995 دمج شركته مع شركة (فوكس كيدز نت ورك)، والشركة المشتركة نجحت في شراء شبكة (فوكس فاميلي) التي تبث عبر الكوابل للملايين في أمريكا وأوروبا، وذلك عام 1977.


في أكتوبر 2002 باع اسهمه الخاصة بالمجال التلفزيوني لشركة والت ديزني، مقابل 1,7 مليار دولار (أكبر صفقة بين فرد ومؤسسة في أمريكا)، فيما غير إسم محطة (فوكس كيدز) إلى محطة (جيتيكس)، ثم أسس شركة تحمل إسم (سابان كابيتال جروب) والتي تخصصت في المجال الإعلامي، ونجحت عام 2003 في شراء محطات تلفزيونية هامة في ألمانيا، وفي عام 2008 إشترى هو وشركاؤه شبكة التلفزيون (يونيفيجان) التي تبث باللغه الإسبانية مقابل 14 مليار دولار.


ترك سابان مجال الإنتاج، ويقضي معظم أوقاته حاليا في أعمال التمويل والأنشطة السياسيه، فهو في النهاية أحد أبرز أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي، وصديق مقرب للرئيس السابق بيل كلينتون، ومن المتبرعين البارزين للحزب، فمثلا قدم 7 ملايين دولار عام 2002 من أجل إقامة مقر جديد للحزب الديمقراطي، ولقب بـ (منقذ الحزب) وقتها، قبل أن يتبرع بسبعة ملايين أخرى، ثم ثلاثة ملايين لصالح الصندوق الإنساني الخاص بالرئيس بيل كلينتون، وبعد ذلك تبرع بالملايين لصالح المرشحه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية الحاليه، لدعم ترشيحها للرئاسة عام 2008.


نشاطه لصالح إسرائيل وفضيحه هيرمان:
طيلة هذه السنوات، كان سابان من أبرز المتبرعين لدعم الأنشطة الإسرائيلية السياسية والإستيطانية والعسكرية، والحملات الإنتخابية للكثير من المرشحين لمناصب مختلفه، خاصة منصب رئيس الحكومة، وقدم الكثير من التبرعات لدعم مؤسسات إسرائيلية مثل جامعة تل أبيب، ومستشفى سوروكا في إسرائيل، والتي تبرع لها بـ15 مليون دولار، كما حرص على دعم العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، فأسس (منتدى سابان للديمقراطيه)، الأمر الذي إنعكس على محاولات إختراق خطوط حمراء سياسية، بشكل غير مباشر، فقد تسبب في لقاءات نادرة بين مسئولين من باكستان ومسئولين إسرائيليين مثلا.



إشترى سابان عام 2005 هو ومجموعة رجال أعمال شركة الإتصالات الوطنية الإسرائيلية (بيزيك) مقابل 4,2 مليار شيكل، وتلك الشركة تسيطر على عالم الإتصالات في إسرائيل، حيث تضم شركات إتصالات هي (بيلافون، بيزيك الدولية، بيزيك اون لاين، وyes)، كما إستحوذ على 22% من أسهم (كيشيت) بالقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي، مقابل 12 مليون دولار، ثم باع تلك الأسهم بقيمة ربحية وصلت إلى 300%.



وفي أبريل 2009، تم الكشف عن جانب من الأنشطة غير المعلنه التي يقوم بها حاييم سابان، حين كشفت التحقيقات في قضية تجسس لصالح إسرائيل، عن تورط منظمة أيباك الصهوينة الأمريكية بالضغط على نائبة ديمقراطية هي جين هيرمان، عضوة لجنة الإستخبارات بالكونجرس، من أجل ممارسة سلطتها لدعم موقف الجاسوسين ستيف رزان وكيث فايسمان، وإن لم تفعل، فإنها لن تحصل على دعم مالي من رجل الأعمال حاييم سابان، وطال الامر أيضا رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، والتي تم تهديدها بعدم الحصول على أي دعم من سابان في حال لم تمارس ضغوطا على هيرمان، وهو الأمر الذي كشف النقاب عن شبكة متشعبة من المصالح الإسرائيلية والصهونية في الولايات المتحده الامريكية والعالم تتم بدعم مالي من حاييم سابان.



سابان وقناة الجزيرة القطرية:
وبالأمس إهتمت وسائل الإعلام العربية وإسرائيلية على السواء، بأنباء عن محاولات سابان الإستحواذ على 50% من أسهم الجزيرة القطرية من خلال وسيط مصري يعمل في قطر، وبحسب صحيفة (المصريون) التي تم إقتباس النبأ عنها، فقد دخل رجل أعمال مصري يعمل في مجال الاستثمار الغذائي والتوريدات بقطر ويتمتع بعلاقات وطيدة مع رجال الأعمال والسياسيين الإسرائيليين، الأسبوع الماضي، في مفاوضات مع قيادات قطرية رفيعة لشراء 50% من أسهم قناة الجزيرة نيابة حاييم سابان، بعد أن استطاع حاييم الحصول على معلومات من داخل الحكومة القطرية مفاداها أن القناة تعاني أزمة مالية كبيرة بسبب الأزمة المالية العالمية.



وقالت إن هذا الطلب هو الثاني من نوعه، حيث دارت مفاوضات مباشرة بين حاييم وأمير قطر في عام 2003، طالب خلالها رجل الأعمال اليهودي رسميا شراء القناة أو نسبة من أسهمها، موضحة أنه زار قطر مع الرئيس الأمريكي الأسبق بل كلينتون أثناء المؤتمر الذي دعا إليه الشيخ حمد لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وأكدت الصحيفه أن أمير قطر تعامل وقتها مع العرض الإسرائيلي بشكل جدي، حيث استأجر الأمير شركة خدمات مثمنة اسمها (برايس ووتر هاوس).


على كل حال، لا يفترض أن تتم تلك الصفقة، خاصة وأن الصحيفة تؤكد أن سابان إنسحب بعد ذلك، على الرغم من حديثها عن تجدد العرض ورفع السعر المقترح، ولكن هذا قبل أن يتسرب الأمر لوسائل الإعلام، ومن المحتمل ان القيادة القطرية، في حال كان الأمر صحيحا لم تكن على علم بهوية صاحب العرض الأصلي، وأنها إعتمدت على الوسيط المصري، لأن إتمام مثل هذه الصفقة من شأنه أن يضع القيادة القطرية في حرج، ويفقد المحطة نفسها مصداقيتها وجمهورها العريض خاصة وأن قطر نفسها لم تفتتح بعد مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحه، والذي أسسه الإسرائيلي سامي رافيل عام 1996، وتم إغلاقه إبان عملية الرصاص المسكوب، وظهور قطر كراعية للقضية الفلسطينية.