تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وأخيرا أسدل الستار على أسطورة (الصراع الأمريكي – الإيراني) 1, 2



محمد دغيدى
10-09-2009, 09:45 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وأخيرا أسدل الستار على أسطورة (الصراع الأمريكي – الإيراني) 1
جاءك الموت يا تارك الصلاة
مثل عراقي

شبكة البصرة

صلاح المختار

في كل مسرحية او صراع مسرحي لابد من الوصول للذروة ثم النهاية، وعندها يتمتع المشاهد باكتشاف كم كان غافلا، واحيانا كم كان مغفلا، فلم يرى الخفايا الدرامية التي خبأت عمدا في زوايا الفصول وتعمد المؤلف ان يضلل المشاهد كي لا يتوقع النتيجة وعندها تحصل المفاجئة الدرامية المطلوبة. وايران تخوض صراعا مسرحيا رئيسيا مع امريكا مرسوما بدقة وموجها بدقة اكبر مع امريكا والكيان الصهيوني، وهذا الصراع المسرحي (الرئيسي) يتوكأ على، ويستغل بقوة ويستمد زخمه من وجود صراع غير مسرحي، لكنه ثانوي الطبيعة والحدود، موجود فعلا بينهما هو صراع تقاسم النفوذ الاقليمي على حساب الامة العربية.
الان وصل الصراع الامريكي - الايراني - الصهيوني في المسرحية الى فصل الذروة والفصل الختامي الذي يستبطن مفاجئة لسذج وخدج! يوم 17/9/2009 يوم غير عادي كشف فيه الوجه الحقيقي لايران بخطوة امريكية واضحة وصريحة وبخطوة صهيونية اكثر وضوحا وصراحة، حينما نقلت الشبكات الاخبارية ومنها السي ان ان والجزيرة الانكليزية، عن الرئيس الامريكي باراك اوباما قرار الغاء نشر منظومة الدرع الصاروخي في اوربا، وعقد في نفس اليوم وزير الحرب الامريكي روبرت جيتس مؤتمرا صحفيا مشتركا مع الجنرال جيمس كارترايت، نائب رئيس اركان الجيش الامريكي اعلنا فيه الغاء نشر الدرع في بولونيا وتشيكيا واستبداله بتكنولوجيا اعتراضية ارضية - بحرية تتمتع بمرونة عالية في الاستجابة للتهديدات وتخفض النفقات الحربية بشكل كبير كما قالا. واللافت للنظر هو ما قاله جيتس عن الخطر الايراني المزعوم والذي حوّل الى مصدر رعب وقلق في اوربا والعالم، حيث انه قال ان الصواريخ الايرانية البعيدة المدى لا تشكل تهديدا فوريا كما اعتقدنا سابقا! لذلك استبدلنا تلك السياسة بالسياسة الجديدة والتي اقرها الكونغرس والبنتاغون.
اعلان هذا التغيير الامريكي قد يبدو عاديا، وهو كذلك بالنسبة لمن يعرفون خفايا العلاقات الامريكية الايرانية، لكنه مفاجئ وكبير بالنسبة لمن جهلوا، او تجاهلوا، الطبيعة الحقيقية للعلاقات الامريكية الايرانية وافترضوا وجود صراع رئيسي حقيقي – اي ليس مسرحيا - بينهما خلال اربعة عقود من الزمن، لان هذا التغيير الامريكي، وهو تغيير ستراتيجي كبير كما سنرى، يؤكد ويدعم كل ما قلناه مرارا وتكرارا من ان الصراع الامريكي الايراني ماهو الا صراع ديوك، الاصطناع فيه طاغ ومحرك له لدرجة ان الطرفين واحدهما ينقر الاخر يعلمان انه نقر تمثيل غير مؤلم ومحسوب الهدف الرئيسي له هو اثارة اعجاب المشاهد واقناعه بان ما يجري هو نقر حقيقي ينزل فيه منقار الديك الى عظم الديك الثاني، تماما كما هي تكتيكات المصارعة الحرة الامريكية، وهكذا تضمن امريكا وايران وجود اطراف تدعم كل منهما بصدق، لانها صارت ضحية تضليل حول تحديد طبيعة الصراع الحقيقية : هل هو صراع ديوك مرتب يحركه تنافس حول المغانم؟ ام انه صراع عدائي حقيقي ورئيسي؟
ومن المؤشرات ذات الدلالة ترحيب روسيا فورا بالخطوة الامريكية إذ ان موسكو في السابق ضغطت على واشنطن طويلا وهددتها بنشر منظومة صواريخ روسية مضادة اذا نشرت منظومة الصواريخ في اوربا، من اجل الغاء نشر الدرع في بولونيا وتشيكيا وثار خلاف وحصل توتر بين العاصمتين بسبب ذلك المشروع الستراتيجي. وترحيب موسكو يقوم على ادراك رسمي ومعلن في الكرملين بان الدرع الصاروخي موجه بالاساس والواقع لروسيا وليس لايران، وهو جزء من ستراتيجية امريكا التوسع شرقا التي تبنتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فروسيا تبقى كابوسا مفزعا لامريكا لانها قوة نووية عظمى تستطيع حرق امريكا مائة مرة بسلاحها النووي. اما ايران فان صواريخها بدائية وبسيطة مقارنة بالروسية، ومداها مازال محدودا وهي صيد سهل للصواريخ الامريكية المضادة للصواريخ، لذلك فان خطر هذه الصواريخ على امريكا هو صفر، والخطر الاساسي الذي تشكله هذه الصواريخ هو على الاقطار العربية وتأكيدا لذلك هددت ايران رسميا بقصف منشآت النفط العربية.
كما علينا تذكر ان الصواريخ الايرانية الاولى استخدمت في ضرب مدن العراق بكثافة في الثمانينيات وذهب ضحيتها آلاف العراقيين وليس لقصف الكيان الصهيوني او القواعد الامريكية، واخيرا وليس اخرا لابد من التنبيه الى ان الصواريخ الايرانية خطر على ايران ذاتها لانها اذا استخدمتها ضد اوربا او امريكا، على افتراض انها قادرة على الوصول اليهما، فان الرد عليها سيكون ساحقا وماحقا ومدمرا وكارثيا، وهو ما تعرفه الزعامات الايرانية جيدا لذلك رأيناها تناور وتداور مع امريكا اثناء التفاوض وتتجنب صرامة الموقف وتتراجع وتحني رأسها حينما تصل امريكا الى حد الحسم في ممارسة تقليدية للدهاء الفارسي التقليدي والعتيق.
ولم تتوقف عملية تسليط الضوء عل طبيعة النظام الايراني وكشف حقيقته، التي اراد طويلا إخفاءها، على ما اعلنته امريكا بل اعلن في نفس اليوم 17/9/2009 ايهود باراك، وزير الحرب الصهيوني، طبقا لصحيفة يديعوت احرونوت، بان (ايران لا تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل وان كانت تسبب تحديات). وتصريح باراك هذا مؤشر آخر يزيح النقاب عن الوجه الحقيقي لايران لان كلام وزير الحرب الصهيوني غير كلام الدعاية والحسابات السياسية المباشرة للاعلام الصهيوني وبعض المسئولين الصهاينة، أنه كلام يحدد بدقة الدور الايراني الحقيقي والفعلي دون تزويق ام تمويه، فايران لاتشكل تهديدا رئيسيا للكيان الصهيوني وانما هي تسبب تحديات تخلقها ايران عمدا من اجل غنيمة اكبر واعتراف امريكي – اسرائيلي بها كقوة عظمى اقليميا ولها الحق في حصة كبيرة من غنيمة العرب الثمينة.
هل هذا الكشف جديد؟ كلا لقد قلنا ذلك وكررناه منذ فرض خميني الحرب على العراق، وكشفنا شعارات ايران المضللة ومنها (الموت لامريكا) و (الموت لاسرائيل)، وراينا الطبيعة الحقيقية لنهج ملالي ايران التوسعي الاستعماري الذي يتوكأ على الدعم الامريكي والصهيوني مباشرة، كما في ايرانجيت، وكما في حالة العراق المحتل حيث لعبت ايران علنا ورسميا ودون غطاء دور الشريك الاول لامريكا في غزو وتدمير العراق ومحاولات تقسيمه عبر نشر الفتن الطائفية فيه من قبلها، والمفاوض الرسمي لامريكا حول (تقرير) مصير العراق والاقطار العربية كلها.
ان الاسئلة التي تثار في ضوء التطور الرسمي للموقفين الامريكي والصهيوني من ايران هي : هل كانت امريكا بكل مخابراتها المتطورة وعلمها وتكنولوجيتها تجهل ان صواريخ ايران لم تتقدم بما يكفي لتشكل خطرا عليها؟ من المؤكد ان الجواب هو كلا، فامريكا لديها القدرة على تحديد الاطار العام للمستوى الذي بلغته ايران تكنولوجيا وعسكريا، لكنها ارادت ان توحي بانها لا تعرف وتجهل ما يجري في ايران كجزء من لعبة استغلال (البعبع الايراني) لامرار مشاريع امريكية في العالم، مثلا الدرع الصاروخي الموجه ضد روسيا بالاساس، او في منطقتنا، مثلا نشر الفتن الطائفية لتقسيم الاقطار العربية والقضاء على عروبتها بواسطة الادوات الايرانية.
اما اذا كان الجواب نعم امريكا تجهل ما يجري في ايران فنحن امام سؤال محرج لامريكا : اذن كيف عرفت امريكا الان ان صواريخ ايران لا تشكل خطرا؟ واين تذهب المبالغ الاسطورية المخصصة لوكالة المخابرات الامريكية والتي اعلن قبل يومين من تاريخ التغيير الامريكي انها اكثر من سبعين مليار دولار سنويا؟ انها ميزانية دولة متوسطة الحجم تكفي لإعاشة عشرين مليون انسان، كما هو واضح، فاين تذهب الاموال الاسطورية هذه اذا كانت امريكا لا تعرف اين وصلت ايران في تطوير صواريخها؟
اما بالنسبة للكيان الصهيوني فان نفس السؤال يطرح : هل كانت المخابرات الصهيونية تجهل حجم التهديد الايراني لها ونوعيته ثم اكتشفت الان انه تهديد ثانوي كما اكد باراك وزير الحرب؟ واذا كان الجواب كلا لم تكن تجهل الحقيقة فان السؤال الاخرالذي يفرض نفسه هو : لم زوّرت الدعاية الصهيونية والتصريحات الحكومية الدور الايراني باطلاق تصريحات زائفة تقول بان ايران تشكل تهديدا كبيرا على (امن اسرائيل) وقامت بنشر سيناريوهات (مخيفة) حول كيفية قصف المشروع النووي الايراني؟ هل كانت الدعاية الصهيونية تريد تضخيم الخطر الايراني من اجل تعزيز تأهيل ايران لتظهر بصورة المقاوم لاسرائيل وهو الدور الايراني المطلوب في الوطن العربي لاجل كسب دعم عرب لها وشقهم واعداد ايران لتنفيذ مشروع قومي توسعي على حساب العرب، وليس على حساب اسرائيل في كل الاحوال، تكون نتيجته تقسيم الاقطار العربية واشغالها بخطر ايراني يجعل الخطر الصهيوني ثانويا، فتتحرر اسرائيل من اعباء ومخاطر الصراع مع العرب؟
ان حجم التضليل الامريكي والصهيوني كبير جدا وخطير جدا لانه استهدف عمدا وتخطيطا تقديم ايران بصفتها القوة المناهضة لامريكا والكيان الصهيوني والتي تهددهما ومن ثم يجب تركيز الجهد عليها، وهو امر يخدم ايران عربيا بتصويرها كانها تحارب امريكا والكيان الصهيوني فيما الانظمة العربية تتواطأ مع اسرائيل وامريكا ضد المصالح العربية، كما اكد احمدي نجاد الرئيس الايراني عدة مرات، وبذلك يتحقق لامريكا والكيان الصهيوني هدف خطير وهو وجود عرب يدعمون ايران حتى وهي تحتل العراق، مع امريكا، وتحتل الاحواز والجزر وتنشر الفتن الطائفية لمجرد انها تدعم القضية الفلسطينية وتناهض امريكا والكيان الصهيوني، الامر الذي يزيد من تمزق العرب وتشرذمهم واضطراب رؤيتهم للعدو وتحديده بدقة.
ان نتيجة هذا التكتيك الامريكي – الصهيوني بارزة امامنا، فهناك عرب يجادلون بان ايران تخوض صراعا مع امريكا والكيان الصهيوني، بل ان هناك من يتجرأ ويقول بان الصراع الرئيسي في المنطقة هو بين امريكا والكيان الصهيوني، ويترتب على هذه الكذبة جعل ايران في موقع من يجب دعمه من قبل العرب ضد امريكا والكيان الصهيوني وتأجيل مناقشة او اثارة المشاكل معها بسبب احتلال العراق والاحواز والجزر وغير ذلك لما بعد دحر امريكا والكيان الصهيوني، من جهة، وانزال مرتبة المقاومة العراقية الى مستوى ظاهرة ثانوية مع انها هي وليس ايران من تقاتل امريكا في المعركة الرئيسية في عالم اليوم على مستوى الكرة الارضية كلها، من جهة ثانية، ووصم من يكشف الدور الايراني بانه يخدم امريكا والكيان الصهيوني، رغم ان ايران لم تطلق رصاصة واحدة على امريكا والكيان الصهيوني والعكس صحيح، من جهة ثالثة!
يتبع............
25/9/2009

ملاحظة : لقد كتبت في الشهور الماضية دراسة عنوانها (المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم؟) لكنني اجلّت نشرها، وبعد ايام سأنشرها بحلقات لتوسيع نطاق مشاهدة مؤخرات قرود ايران العرب وهي حمراء ومنتفخة.

محمد دغيدى
10-10-2009, 01:05 AM
وأخيرا أسدل الستار على أسطورة ( الصراع الأمريكي – الإيراني ) 2
جاءك الموت يا تارك الصلاة - مثل عراقي
حرب النجوم لعبة التوريط ولفت النظر
في عهد الرئيس رونالد ريجان في مطلع الثمانينات اعلن عن تبني مشروع ستراتيجي كبير وخطير وهو منظومة حرب النجوم، او مبادرة الدفاع الستراتيجي Strategic Defense Initiative، والتي تسمى اختصارا ب ( ( SDI، وقيل وقتها إن الهدف من هذه المنظومة هو إنشاء شبكة دفاع صاروخي في الفضاء تستطيع اصطياد الصواريخ المتجهة للولايات المتحدة الامريكية قبل الوصول الى اراضيها وتدميرها في الجو. وقتها كان واضحا ان امريكا تريد تدمير الاتحاد السوفيتي ليس بالوسائل العسكرية بل باستنزافه ماديا من خلال اجباره على دخول سباق تسلح جديد مكلف جدا لموازنة الشبكة الصاروخية الامريكية، مما اضطر موسكو وقتها الى تحويل موارد مالية ضخمة من التنمية والخدمات العامة الى تطوير صواريخ جديدة لمنع امريكا من تحقيق تفوق كبير وابقاء الاتحاد السوفيتي قادرا على الردع الستراتيجي، وهكذا وقعت موسكو في الفخ الامريكي.
لكن العنصر الدعائي والطبيعة النظرية لبرنامج حرب النجوم كانا واضحين وذلك للصعوبة القصوى لتطوير صواريخ قادرة على اسقاط صواريخ متطورة وبدقة متناهية خصوصا وان الاتحاد السوفيتي كانت لديه صواريخ نووية (عنقودية ) اي صاروخ ام يطلق صواريخ اخرى عديد من داخله لتضليل وتعجيز القدرة الامريكية على اصابة كل الصواريخ.
نتيجة التكلفة العالية وعدم الدقة في الاصابة تركت الادارات الامريكية المتعاقبة مشروع حرب النجوم دون ان تلغيه وأبقته اداة ابتزاز للاتحاد السوفيتي! وفي عهد بوش – تشيني الفاشي، وبالنظر لوجود مخطط استعماري كوني لتلك الادارة والتي بدأت بتنفيذه بعملية 11 / ايلول – سبتمبر عام 2001 بضرب البرجين في نيويورك، وهو عمل الجهات الامريكية دون ادنى شك الان واخر من اعترف بذلك هو احد ابرز مساعدي باراك اوباما، من اجل ايجاد المبرر المقنع للامريكيين العاديين لدعم غزوات امريكا في العالم، نقول في عهد بوش – تشيني عادت تلك الادارة لبرنامج حرب النجوم واستخدمت له تسمية هي ( الدرع الصاروخي ) لتحقيق هدفين مترابطين: الاول زيادة انعاش الصناعات العسكرية، وهي احد اهم المؤثرين في صنع القرار الامريكي واحد اهم مصادر الدخل القومي الامريكي، والثاني إكمال نفس سيناريو ريجان وهو ايجاد مبرر للتدخل في العالم بحجة وجود تهديد خطير للامن القومي الامريكي.
في هذا الاطار كانت قصة الخطر الايراني وخطر القاعدة هي مبرر العودة للعبة حرب النجوم، فقد استغلت ادارة بوش هجمات سبتمبر لغزو افغانستان والعراق وتدميره، وبعد ان تم لها ذلك بدعم ايراني شامل وكامل، لولاه لما نجحت امريكا في غزو افغانستان والعراق كما اعترف قادة ايران، بدأت اللعبة الاخرى وهي التلويح بالخطر الايراني النووي والصاروخي من اجل مواصلة التوسع الامبريالي الامريكي في العالم، لذلك كان من مصلحة امريكا تضخيم الخطر الايراني سواء التوسعي في الاقطار العربية او الحربي ممثلا بالمشروع النووي الايراني وتابعه الصواريخ الايرانية.
لقد استغلت الدعاية الامريكية افضل استغلال ما سمي ب ( الخطر الايراني ) عليها لتحشيد الراي العام الامريكي خلفها ودعمها، مع انها بكل اجهزتها الامنية كانت تعرف ان ايران لا تشكل خطر عليها ولا على حليفتها اوربا، ومن جهة اخرى عززت امريكا تعاونها مع ايران في اطار خطة تمزيق وتفتيت الاقطار العربية بنشر الفتن الطائفية بواسطتها، وهو احد اهم الاهداف الستراتيجية الامريكية – الصهيونية ولهذا فان الدور الطائفي الايراني كان ومازال الخطر المميت بالنسبة للاقطار العربية. وهكذا ولدت معادلة سرطانية شيطانية: فمن جهة تستخدم امريكا أطروحة الخطر الايراني لضمان دعم الراي العام الامريكي والاوربي لها مع انه خطر وهمي، لكنها، من جهة ثانية هي الداعم الرئيسي للتوسع الايراني في نشر الفتن الطائفية مع انه خطر حقيقي وقاتل بالنسبة للعرب والمسلمين كافة لان هذا الدور ينفذ ما يخدم امريكا والكيان الصهيوني.

من هنا فان مشروع الدرع الفضائي الامريكي استغل الطموحات النووية الايرانية ومنظومة الصواريخ الايرانية من اجل ابقاء عجلة التوسع الامبريالي الامريكي دائرة وتتقدم في العالم، تماما كما استخدم رونالد ريجان ( الخطر الشيوعي ) القادم من الاتحاد السوفيتي لتخصيص مبالغ اسطورية لدعم الصناعات الحربية الامريكية وتطوير القوات المسلحة الامريكية لتكون قادرة على تحقيق تفوق على الاخرين. وكما ان امريكا اهملت حرب النجوم بعد بروز غورباتشوف قائدا للاتحاد السوفيتي، وهو الذي كان رجل الغرب الذي مهد ورتب عمليه تفكيك الاتحاد السوفيتي، فان امريكا الان وبعد اكمال العناصر الاساسية في الصفقة الامريكية – الايرانية حول الاقطار العربية لم تعد ثمة حاجة لوجود الدرع الصاروخي فقرر اوباما الغاء نشره.
ويجب الانتباه هنا الى ان القرار الامريكي ليس الغاء برنامج الدرع الفضائي بل الغاء نشره في بولونيا وتشيكيا فقط، مع إبقاءه نائما لابتزاز روسيا والصين وغيرهما كلما برزت خلافات مع هذه الاطراف، تماما كما فعلت ادارة ريجان باهمال حرب النجوم لحين مجيء ادارة بوش الابن التي احيت المشروع واستخدمته مرة اخرى. انها لعبة الامم النموذجية والتي يتكرر استخدامها كلما كانت هناك حاجة امريكية لها، ولا ينتبه لهذه الحقيقة التاريخية السذج او المتساذجين من انصار امريكا او انصار الجزء المكمل لامريكا وهو الجزء الايراني في لعبة الامم، الذي يعرف ان استغلال صراع الديوك المفتعل والكاذب والدعائي مع امريكا هو افضل غطاء لمواصلة ايران سياسة توسعها الامبريالي على حساب العرب دون ان يفقد طابورها الخامس العربي الحجة للدفاع عنها.
ملاحظتان ختاميتان
من الواضح الان ان ايران لم تعد تستطيع اخفاء مؤخرتها الحمراء التي اصبح كل مار في الطريق يراها بعد ان صعد القرد الايراني على الشجرة وصار عرضة للفرجة المجانية من تحت، لذلك لابد من تأكيد ما يلي:
اولا: ان ايران، وبعد ان حققت مكاسب ضخمة نتيجة غزو العراق، دخلت مرحلة المساومات الرسمية وهو امر يضعف قدرتها بصورة رئيسية على ادعاء انها تدافع عن مبادئ وحقوق بما فيها حقوق الشعب الفلسطيني لذلك لم تعد هناك تحفظات امنية امريكية – صهيونية على كشف الحقيقة وهي ان ايران لا تشكل خطرا عليهما.
ثانيا: لقد أجلست اعترافات امريكا والكيان الصهيوني، بان ايران لا تشكل خطرا عليهما، قرود ايران العرب على قازوغ كبير دخل من مؤخراتهم وخرج من أفواههم، فاصبحوا غير قادرين على الكلام بصورة طبيعية ولا على اخراج قاذوراتهم من تحت بسهولة. لقد ( جاء الموت لتاركي الصلاة )، كما يقول المثل، فلم يعد بامكان هؤلاء القرود الدفاع عن ايران بقوة وحرارة لان حرارة اعترافات امريكا والكيان الصهيوني تكفي لتدوير القازوغ بسهولة ليقوم بايلامهم.
ومما زاد في تألم قرود ايران، الجالسين على القازوغ، تصريحات مثيرة وخطيرة وتطلق لاول مرة بهذه الصراحة والوضوح صدرت عن شخصية ايرانية رسمية بارزة، فخلال مراسم توديع وزير الدفاع الايراني السابق وتقديم خليفته الجديد قال رئيس اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروز آبادي المقرب جدا من علي خامنئي أن دعم بلاده للقضية الفلسطينية هو " شكل من اشكال الاستثمار للحصول على امتيازات اقليمية ودولية ". ونقلت مواقع ايرانية رسمية عن فيروز آبادي في المراسم التي شارك فيها كبار القادة العسكريين الايرانيين، قوله " إن دعم القضية الفلسطينية بالرغم من التكلفة السياسية والدعائية والمالية لايشكل امرا عبثيا ومكلفا لنا ولم يفرض علينا بل انه يعد ضربا من الاستثمار لتحقيق مصالح اقليمية ودولية لنا " بهذا التصريح اصبح القازوغ حركيا ولا يتوقف ابدا!
لقد جاء الموت لتاركي الصلاة من قرود ايران وحانت لحظة الكشف الكامل عن ارتزاقهم لايران. وفي ضوء هاتين الحقيقتين لابد من طرح سؤالين مهمين:
1 – الا يشكل هذا التطور في الموقف الامريكي الصهيوني رسالة واضحة لايران تقول: هيا واصلي مشروعك النووي بلا توقف من اجل تركيع الامة العربية ومنع تحررها، بشرط اخضاعه لاشراف امريكي - صهيوني، ربما غير مباشر، لضمان استخدامه لابتزاز العرب؟ ان تجربة الحرب التي فرضها خميني على العراق تؤكد ان ايران مستعدة لضرب العرب باي سلاح تملكه.
2 – لماذا استخدمت امريكا الاكاذيب حول امتلاك العراق اسلحة دمار شامل وصلة بالقاعدة لتبرير غزوه وتدميره في حين ان امريكا استخدمت الاكاذيب ذاتها تقريبا – اسلحة دمار شامل ودعم الارهاب – من اجل دعم ايران ودورها وتأهيلها عربيا واسلاميا؟
25/ 9 / 2009