تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تاريخ القاعدة في اليمن !



admin
10-07-2009, 12:46 AM
تاريخ القاعدة في اليمن !


الكاتب/ نبيل البكيري (http://www.minbaralhurriyya.org/content/viewauthor/825/63/)


لا يفوت المراقب لشأن تنظيم القاعدة في اليمن حقيقة أن هذا التنظيم قد وجد في اليمن منذ فترة مبكرة سابقة لفترة تأسيس التنظيم بصيغته العالمية الحالية التي أعلن عنها في فبراير 1998م أي قبل هذا التأريخ بأكثر من تسع سنوات إي إلى ما قبل إعلان قيام الوحدة اليمنية، وذلك لأسباب عدة ومختلفة منها تبعية النظام الحاكم في عدن للمعسكر الروسي إيدلوجيا فضلا عن الجذور اليمنية للأسامة بن لادن الذي يعتبر اليمن أهم قاعدة إستراتيجية لهذا التنظيم.

ففي مقدمة هذه الأسباب و لا شك الأصول الحضرمية للمؤسس والممول الأول لهذا التنظيم الشيخ أسامه بن محمد بن لادن، عدا عن الإرتباطات الإيدلوجية بين الحزب الإشتراكي اليمني الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة مع المستعمر السوفيتي لأفغانستان الذي كان السبب الرئيس لنشؤ ظاهرة الجهاد المعولم الممثل اليوم بتنظيم القاعدة.

ويعد الجهادي السوري أبو مصعب عمر عبد الحكيم صاحب كتاب " مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم " أهم المنظرين السياسيين لتنظيم القاعدة وأهم المقربين من زعيم التنظيم الذي يكن هو الأخر رؤية خاصة تجاه اليمن ، ويعد هذا الكتاب بالنسبة للقاعدة بمثابة " رؤيتها الجيوسياسية" تجاه اليمن، ومن هنا يتبين لنا قضية الإهتمام الزائد باليمن من قبل القاعدة.

ومن خلال قراءة أهم محاور كتاب أبي مصعب السوري التي بنا عليها استنتاجاته بأهمية اليمن بالنسبة للقاعدة، يأتي العامل الديني في مقدمة الأولويات والذي تمثل بعدد من الأحاديث والبشارات النبوية المتعلقة باليمن والتي تجعل من اليمن بمثابة المنطلق الرئيسي للجهاد فضلا عن الموقع الجغرافي الإستراتيجي لليمن وكذا العامل الديموغرافي الذي يميز اليمن بكثرة سكانها وخاصة في الفئة العمرية الشابة التي يتراوح أعمر شبابها بن الخامسة عشر والثلاثين عاما.

ومن خلال تتبع مراحل الإهتمام القاعدي باليمن يتضح لنا أنها أي المراحل تنقسم إلى ثلاث مراحل تبدأ الأولى منذ ما قبل الوحدة ولكنها أجلت إلى فترة ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية حتى عام 1994م الذي شهد حربا طاحنة بين الحزب الإشتراكي اليمني وحليفه في تحقيق الوحدة المؤتمر الشعبي العام.

أما الفترة الثانية فهي تمتد من عام 1994م حتى 2006م وخلال هذه المرحلة تم الإعلان عن تدشين مرحلة الجهاد العالمي تحت مسمى الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والصليبين في فبراير 1998م وهي ما تعرف اليوم بالقاعدة والتي إعلن عنها من خلال إعلان إنضمام جماعة الجهاد المصرية بقيادة الدكتور المصري والرجل الثاني اليوم في القاعدة أيمن الظواهري مع مجاميع الجهاديين تحت إمرة الشيخ أسامة بن لادن الذين تم إعدادهم بعد إنتهاء الجهاد الأفغاني بإنسحاب السوفيت من أفغانستان.

المرحلة الأولي للقاعدة في اليمن
وتمتد هذه المرحلة كما اشرنا سابقا إلى ما قبل قيام الوحدة اليمنية ولكن ظرف وتحضيرات الإعلان عن قيام الوحدة بين الشطرين ساهما في تأخير مبادرة الشيخ أسامه وخطته بالسعي نحو إعلان الجهاد في الجنوب اليمني التي كان يعد لها العدة ولم يبق إلا مرحلة التنفيذ وهي التي تأجلت لا حقا إلى ما بعد إعلان قيام الوحدة.

وبحسب القيادي الجهادي والمنظر الفعلي للقاعدة السوري أو مصعب في كتابه الإلكتروني " دعوة المقاومة الإسلامية العالمية الصادر في يناير 2004م " فإن المشروع الجهادي للشيخ أسامة كان يقتضى إحداث حركة جهادية كبرى في جنوب اليمن وخاصة بعد ضعف وتضعضع جمهورية الرفاق الإشتراكية بعد صراعهم الدامي في يناير 1986م.

إلا أن هذه الخطة أو المشروع قد تم تأجيله بإنتظار إقناع قيادات الصحوة الإسلامية في اليمن من الإخوان والسلفيين للدخول في هذا المشروع إلا أنهم جميعا لم يصلوا إلى نتيجة في هذا الخصوص وخاصة مع الخطوات الإجرائية السريعة التي أدت إلى إعلان قيام الوحدة في مايو 1990م.

وقد مثلت فترة ما بعد الوحدة والتي دخل فيها الإسلاميون في تجمع الإصلاح في صراع أيدلوجي مرير حول مسألة إسلامية الدستور اليمني فترة هامة بالنسبة للقاعدة التي كانت تبلور حينها فكرة كفرية الدستور وكفرية الدولة التي تعمل به ومن ثم وجوب مقاتلة هذه الدولة ورئيسها وهو ما يمكن تمييزه هنا بتحول المشروع الجهادي لدي بن لادين من إسقاط نظام عدن الماركسي إلى مشروع الإستيلاء على اليمن الموحدة كلها بفعل هذا الدافع الشرعي الذي توفر من خلال كفرية هذه الحكومة.

وقد سعى بن لادن إلى إستغلال هذه الفرصة التأريخية التي قادتها له الأقدار والظروف، حيث قدم إليه في هذه الفترة مجموعة من علماء اليمن والذين كان في مقدمتهم الشيخ المشهور في دعمه ونشاطه في الحرب الافغانية عمر أحمد سيف والذي كان قد أضاف إسمه إلى مجموعة أسماء المشائح الكبار من خلال كتاب أصدر حينها أثبتوا فيه بالدليل والبرهان كفرية دستور دولة الوحدة وبتالي كفرية الحكومة القائمة عليه ومن ثم شرعية الجهاد ضدها بحسب أبو مصعب السوري.

ويشير أبو مصعب السوري مصطفى ست مريم إسمه الحقيقي والذي تم إعتقاله من قبل المخابرات الباكستانية في 2005م ، يشير قائلا أن الشيخ أسامة سعى خلال تلك الفترة أي بعد إعلان الوحدة اليمنية إلى كل مشايخ اليمن وكبار دعاتها من السلفيين وعلى رأسهم الشيخ مقبل من هادي الوادعي وكذا الإخوان وزعمائهم كا لشيخ الزنداني لتأليفهم وإستمالتهم للإلتفاف حول هذا المشروع ولكن كل هذه الجهود والأموال الطائلة التي بذلت وأنفقت من قبل لادن في تأليف الشيوخ والقبائل اليمنية حول هذا المشروع الجهادي فشلت.

إلا أن إستراتيجية بن لادن حينها كانت قد تبلورت في إتجاه أخر يقتضي التحالف مع حزب المؤتمر الشعبي العام في صراعه المرير مع خصمه وشريكه في إعلان الوحدة وهو الحزب الإشتراكي اليمني الماركسي والذي شهد خلال تلك الفترة عمليات تصفيات وإغتيالات واسعة طالت العديد من قياداته وأنصاره كالعقيد ماجد مرشد والوزير عبد الواسع سلام وغيرهم.

وكل هذه الإغتيالات كان يقف خلفها عناصر جهادية كانت موالية بل ومن المقربين من الشيخ أسامة بن لادن الذي كان قد دعا أنصاره فيما بعد إعلان الوحدة اليمنية وإنتهاء الحرب الإفغانية إلى التوجه إلى اليمن بعد أن تم تدريبهم وإعدادهم للحرب والجهاد في معسكرات خاصة أنشأت لهذا الهدف كمعسكر خوست في أفغانستان، وهو ما تمثل بدخول المجاميع الجهادية العائدة من أفغانستان في المعركة إلى جانب الجيش اليمني الشمالي في حرب صيف 1994م.

ويذكر أبو مصعب في مذكرات دعوة المقاومة الإسلامية العالمية أن الشيخ أسامة كان قد درب مجموعة من الشباب الجهاديين اليمنين لخوض الجهاد في اليمن من أمثال الشيخ طارق الفضلي وجمال النهدي لكن الرئيس اليمني كما يذكر أبو مصعب إستطاع إستمالتهم وكسبهم إلى صفه من خلال إعطائهم رتبا في الجيش اليمني لمن أراد السلك العسكر والوظائف المدنية فركبوا السيارات وتولوا المناصب.

ويعد أبو مهدي يسلم باراسين الذي قتل في ظروف غامضة بعد إندحار قوات الحزب الإشتراكي في معارك حضرموت صيف 1994م بمثابة الذراع الرئيسي للشيخ أسامة بن لادن الذي حاول من خلال أبو مهدي إحداث إختراق في جنوب اليمن من خلال مده بالمال والسلاح وعمله على إنشاء معسكر للشباب في محافظة شبوة وتدريبهم وتزويدهم بالسلاح حينها.

المرحلة الثانية للقاعدة في اليمن
وتمتد هذه المرحلة من بعد حرب صيف 1994م أي من بداية 1995م وحتى عام 2006م وهي المرحلة التي تم خلالها الإعلان عن الشكل الرسمي للجهاد العالمي من خلال الإعلان عن تشكيل ما بات يعرف بالقاعدة أو قاعدة الجهاد التي تشكل كما اسلفنا في فبراير 1998م في إفغانستان تحت مسمى الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والصليبين.

وتعد هذه المرحلة حالة جديدة في شكل وأطر العمل الجهادي للجهاديين العائدين من أفغانستان والذين عرفوا بالإفغان العرب ومن ضمنها اليمنيون وفي هذه المرحلة نشط المشروع الجهادي في اليمن ولكنه من خلال إستراتيجية أخرى ومختلفة هذه المرة من خلال التركيز على محاربة رأس الأفعى كما يسميها أسامة بن لادن أي أمريكا وفي هذه المرحلة كان يقتضي الجهاد ضد الأمريكان عدم الإنجرار في مواجهات مع عملاء الأمريكان وهم من ثقصد بهم الحكومات العربية.

ويذكر أبو مصعب السوري أن في هذه المرحلة كان قد إشتد الصراع ضد الجهاديين من قبل الحكومة اليمنية التي بادرت فيما بعد حرب صيف 1994م إلى إعتقال العديد من الجهاديين الذين شاركوا الجيش اليمني في معاركة ضد الإشتراكيين إلا أن الرئيس اليمني أضطر إلى إطلاق سراحهم بعد أن تلقى رسالة تهديد شخصية من قبل أسامة بن لادن تذكره أن معركة القاعدة - التي لم تكن قد عرفت بهذا الإسم حينها - ليست مع الحكومة اليمنية وأنه بإمكانها أن تجعلها كذلك.

ويعد أبو الحسن المحضار مؤسس ما عرف بجيش عدن أبين الإسلامي أواخر عام 1997م أبرز رجال المرحلة الثانية للقاعدة في اليمن حيث سعى هذا الرجل الذي يقال أنه لم يتلقي قط بأسامة بن لادين إلا من خلال إتصال هاتفي سجل له مع بن لا دن.

وقد سعى أبو الحسن زين العابدين المحضار إلى تكوين جيش عدن أبين بتجنيد الشباب وتدريبهم على مختلف أنواع السلاح في منطقة المراقشة محافظتي شبوة وأبين حيث إنضم إليه في هذا المعسكر أكثر من مئتي شاب وبدأو أول عملياتهم بإختطاف 16 سائحا غربيا إلى منطقة المراقشة مطالبا الحكومة بإطلاق سراح عدد من الجهاديين المحتجزين لدى السلطة مقابل إطلاق سراح هؤلاء السياح.

الإ أن الحكومة لم تخضع له وأصرت على إطلاق سراحهم بالقوة وهو ما أدى إلى الإشتباك الذي خلف وراءه مقتل أربعة من السياح البريطانيين وإطلاق الباقين فيما تم إعتقال أبو الحسن المحضار الذي قدم للمحاكمة بعدها وتم إعدامه لا حقا عام 1999م.

وبعد إعدام أبو الحسن تم تعزيته بمناسبة إحتفائية في أفغانستان من قبل أسامة بن لا دن الذي لم يتلق مع أبي الحسن ولكنه اشاد به وبأعماله الجهادية حينها في اليمن وتم الإنتقام لأبي الحسن من خلال تدمير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول قبالة سواحل عدن في أكتوبر 2000م.


وبإعدام أبو الحسن يكون العمل الجهادي في اليمن قد دخل مرحلة أخرى تماما تمثلت بنفيذ عمليات جهادية كبرى كاعملية المدمرة كول ولا مبرج الفرنسية بل إشتداد المواجهة مع الحكومة إلى ذروتها وخاصة مع العملية الكبرى للتنظيم الدولي للقاعدة المتمثلة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م التي أدت إلى دخول اليمن شريكا فاعلا في محاربة الإرهاب مع الولايات المتحدة الأميريكية.

إذ كان مرتب على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن ينتقل بن لادن من أفغانستان إلى اليمن وبدأ هذا الترتيب من خلال دعوة بن لادن للمجاهدين العرب بالتوجه إلى اليمن للإستعداد للمرحلة القادمة من المواجهة من الأمريكان وحلفائهم ولكن بن لادن تأخر عن القدوم إلي اليمن حتى اليوم ليسبقه إليها الكثير من أنصاره وأعضاء تنظيمه.

ومع إشتداد الصراع بين القاعدة وخصومها الذين غدا النظام اليمني أبرزهم في هذه المرحلة، بدأت أبروز الموجهات بمقتل أبو علي الحارثي الذي عرف حينها كالزعيم الأول للقاعدة في اليمن والذي تم التخلص منه من قبل طائرة أمريكية قيل أنها بدون طيار في نوفمبر 2002م في صحراء مأرب وهي العملية التي ردت عليها القاعدة بإستهداف ناقلة النفط الفرنسية لامبرج .

لكن الملاحظ أن بعد عملية مقتل أبو علي الحارثي ، تمت بعدها العديد من العمليات الناجحه ضد أعضاء القاعدة من خلال إلقاء القبض عليهم واحد بعد الأخر كأبي عاصم الأهدل المسؤل المالي للتنظيم الذي إعتقل بعد ذلك في العاصمة صنعاء.

المرحلة الثالثه للقاعدة في اليمن
وهي المرحلة التي لا زالت مستمرة حتى الآن والتي بدأت من خلال عملية الفرار الكبرى من سجن الأمن السياسي في العاصمة صنعاء في فبراير 2006م لعدد من أعضاء القاعدة من خلال عملية الحفر للنفق الذي قيل حينها أنهم فروا من خلاله.

ويشير بعض المراقبين أن هذه العملية قد تمت بعد أن تمكن هؤلاء الشباب من إعادة هيكلة التنظيم وتشكيل قيادة جديدة له في خلال مدة بقائهم في السجن حيث أن هؤلاء الفارين بدءوا بتأسيس مرحلة جديدة من عمل التنظيم من خلال التدريب والتنظيم للأعضاء الجدد أو العائدين من جبهات المعارك في العراق والصومال وغيرهما من المناطق التي تتواجد فيها القاعدة.

وخلال هذه الفترة نشط التنظيم ووسع من عملياته التي بدأت تستهدف هذه المرة أهداف عسكرية يمنية ولم تقتصر على إستهداف المصالح الأجنبية فحسب بل تم ضرب حقول النفط ومعسكرات الأمن في مأرب وحضرموت وتنفيذ عدد من العمليات ضد السفارة الأمريكية ومجمع سكاني للخبراء والمهندسين الأجانب في العاصمة صنعاء.

ورغم كل هذا النجاح من قبل التنظيم في إستعادة ترتيب أوراقه إلا أن السلطات اليمنية استطاعت أن تلقي القبض على عدد منهم وقتلت قائدهم المدبر لعلمية الخروج الكبيرة من سجن الأمن وهو فواز الربيعي فضلا عن ملاحقة عدد منهم وتسليم عدد منهم أيضا لأنفسهم إلى الأجهزة الأمنية.

ألا أن أبرز نشاطات التنظيم في هذه المرحلة هي ما تم الإعلان عنه مطلع العام 2009م عن تشكيل قيادة إقليمية جديدة للتنظيم تحت مسمى " تنظيم القاعدة في جزيرة العرب " تحت قيادة الشاب أبو بصير ناصر الوحيشي 30 عاما و الذي ينتمي إلى محافظة أبين.

ومن خلال تتبع تطورات الأحداث بالنسبة للقاعدة في اليمن يلاحظ أنها تأخذ مسارا مختلفا ومتداخلا ومتماهيا مع محيطها السياسي والاجتماعي الذي يأخذ طابعا محافظا يلتقي مع كثيرا مما تطرحه القاعدة من أفكار راديكالية تستثير حماسة الشباب المدفوعين بالفراغ والبطالة والفقر الذي يسهل مهمة التجنيد عند القاعدة كثيرا أفضل من أي بيئة اجتماعية أخرى ، فضلا عن حالة انسداد أفق التغيير السياسي الذي يحطم طموحات وأمال هؤلاء الشباب بمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.


© منبر الحرية، 16 سبتمبر/أيلول 2009