تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مؤرخ غربي: المسلمون استوعبوا كل الصدمات التي حدثت لهم،عدا صدمة الصفويين



أحمد الظرافي
10-05-2009, 11:21 PM
مؤرخ غربي: المسلمون استوعبوا كل الصدمات التي حدثت لهم،عدا صدمة الصفويين


إعداد: أحمد الظرافي



هذا ما يستفاد من كلام الدكتور والمؤرخ الأمريكي: وليم ماكنيل: ( - 1917 ) William McNeill (http://www.amazon.com/exec/obidos/search-handle-url/ref=ntt_athr_dp_sr_1?%5Fencoding=UT F8&sort=relevancerank&search-type=ss&index=books&field-author=William%20McNeill) أستاذ التاريخ في جامعة شيكاغو، في كتابه الشهير صعود الغرب، والمؤلف شخصية معروفة، بل ومشهورة، وهو ينتمي إلى مدرسة شيكاغو التاريخية، التي تتحدث عن التاريخ العالمي والنظام العالمي. وهو مؤلف العديد من الكتب في التاريخ ومنها هذا الكتاب الذي نحن بصدده الآن واسمه بالكامل:
صعود الغرب: تاريخ المجتمع البشري. الذي حصل على جائزة أحسن كتاب في التاريخ في عام 1964،
وبالإنجليزية:The Rise of the West: A History of the Human Community
وقد عرضت مجلة الاجتهاد المتخصصة، التي تصدر عن دار الاجتهاد بلبنان، لهذا الكتاب ضمن العددين 34 و35 السنة التاسعة ( نشرا في مجلد واحد ) شتاء وربيع العام 1417هـ - 1997. بقلم رئيس التحرير المشارك، الفضل شلق.
يتحدث المؤلف عن ابتداء انبعاث الشرق الأوسط قبل الميلاد، وهي المنطقة التي يصفها بأنها " التي نضجت فيها أولى الحضارات البشرية" وما آلت إليه هذه المنطقة من انقسام سياسي بعد ذلك، بين الرومان والفرس، حتى جاء الإسلام فوحدها "من جديد في إطار سياسي وحضاري مميز".
وعموما هو كتاب يحاول الإجابة على السؤالَ المركزي في دراسة التاريخ الكوني، وهو: كيف تكون العالم الراهن؟
وفي السياق يتحدث المؤلف عن الإسلام وعوامل انتشاره - ويبدو على جانب كبير من الموضوعية - ويولي الحضارة الإسلامية جانب من الاهتمام، فيتحدث عن نشأتها وتطورها، وعوامل ازدهارها وعلاقتها بالحضارات الأخرى، ثم عوامل ضعفها التدريجي، حتى وصول المجتمع الإسلامي إلى مرحلة الجمود في القرن الثامن عشر، مشيرا إلى الدور الكبير الذي لعبه الصراع السني الشيعي في ذلك الجمود. ومنوها إلى أن ردة الفعل الأولى على ذلك كانت إصلاحية ( الوهابية )...
والحقيقة أن المؤلف لا يقول الكلام الذي أردناه على لسانه في العنوان بالنص، ولكن سياق كلامه حول الصفويين، هو الذي جعلنا نخلص لتلك النتيجة، كما سيتبين ذلك لكم.


العالم الإسلامي بين 1500 و 1700
بعد أن يتحدث المؤلف حول التطورات التي مر بها الإسلام، والضربات التي تعرض لها نتيجة الانقسام السياسي، والحركات الانفصالية الخارجة على دولة الخلافة، ودخول الترك إلى دائرة الصراع ودورهم في الدفاع عن الإسلام، والنتائج الذي ترتبت على ذلك، مرورا بالحروب الصليبية، ثم الصدمة العنيفة التي تعرض لها الإسلام على يد المغول، يخلص إلى القول: لقد استمر التحول إلى الإسلام، رغم الضعف العسكري الذي أصابه:
- فالأوزبك البدو (1507- 1515 ) يغزون عبر جيحون آتين من سهوب اواسط آسيا.
- وفلول الترك من ورثة تيمور لنك ينسحبون إلى الهند ويزيلون آخر ممالك الهندوس الفيجاياناغارVijayanagar
- وفي جاوة ينشئ المسلمون تحالف مدن ساحلية للقضاء على الملكية الهندوسية في الداخل (ص611).
- وفي أفريقيا الغربية يتكرر المشهد نفسه على يد تجار ودعاة دينيين مدعومين من دول إسلامية في تمبكتو وبورنو والمغرب
- هذا بينما يبسط العثمانيون سيطرتهم في مناطق مختلفة في هنغاريا ومحيط البحر الأسود، وصولا إلى حصار فينا الثاني عام 1683 (ص612)
لكن المسلمين - يستدرك المؤلف - ، رغم استمرارية العهود السابقة عانوا من أمور ثلاثة:
أولها: الصليبية الأيبيرية ضد الإسلام في المتوسط والأطلسي والهندي،
وثانيها: تثبيت وتوحيد مملكة موسكو في مواجهة خانات سهوب غربي آسيا الذين ما عادوا قادرين على المواجهة.
وثالثها: الشقاق العنيف بين الإسلام السني والشيعي. وكان هذا العامل الأخير أهم العوامل الثلاثة لأن المسلمين في أواخر القرن السادس عشر استطاعوا استيعاب المد الأيبيري (ص613)

النزاع السني الشيعي وأثره على المسلمين
تحت هذا العنوان يتحدث المؤلف حول قيام الدولة الصفوية، والنتائج الخطيرة التي تربت على قيامها في العالم الإسلامي، سياسيا ودينيا وثقافيا واقتصاديا وحضاريا، سواء في المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، فيقول: أدى ظهور الصفويين في إيران (1499) إلى زعزعة توازن تاريخي سياسي وديني. أحرزا انتصارات، وسيطروا على مجمل الهضبة الإيرانية، واعتمدوا على جند متحمس، واضطهدوا أهل السنة. وأدت انتصاراتهم إلى خروج الشيعة من التقية في الأقطار الإسلامية الأخرى. فاندلعت انتفاضة شعبية عارمة في شرق الأناضول، مما اضطر السلطان سليم إلى مواجهة الصفويين في إيران، وانتصر عليهم في معركة جاديران عام 1514 واحتل تبريز عاصمتهم. فقد كانت إيران في القرن السادس عشر عنصر إثارة للقلاقل في العالم الإسلامي دفاعا عن الشيعة. وكانت في حالة عداء دائمة مع العثمانيين (ص619)
وفي النصف الأول من القرن السابع عشر، أدر العثمانيون وآل هابسبورج ظهورهم بعضهم لبعض كي يحارب كل منهما الهراطقة في داره ( البروتستانت والشيعة ) ، ولم يعقد العثمانيون صلحا دائما مع الصفويين إلا في عام 1639.- قلت: أي بعد أكثر من قرن وثلث القرن من الصراع، ورغم ذلك ولم يكن هذا الصلح الهش خاتمة للصراع، بل إن الصراع استمر وكان الأمر المركزي طوال القرن السابع عشر والثامن عشر كما سيأتي –.
وعندما فشل السلطان سليم في إزاحة الصفويين من الحكم عام 1514، أنصرف إلى محاربة المماليك في 1516- 1517، وانتصر عليهم بفضل المدفعية ثم انصرف غربا إلى شمال أفريقيا حيث واجه الأسبان والحكم السعدي في المغرب ( حيث كان الأشراف السعديون قد انشئوا دولة في عام 1511 (ص621).
تبنى الأوزبك في وسط آسيا – يواصل المؤلف – الإسلام السني في مواجهة الصفويين. وفي الهند، أنشأ بابر مملكة المغول وتبنى هو وابنه من بعده المذهب الشيعي من أجل الحصول على دعم الصفويين...(ص622). وفي عهد أورانجزيب، ( 1659- 1707 ) جرى تبني خط سني متشدد، كما تمت إزاحة الحكام الشيعة من جنوب الهند. وفي عهده تحقق أوسع مدى للإمبراطورية المغولية في الهند.
كانت إيران وأذربيجان والعراق المناطق الأكثر تأثرا بالتشيع. وفي الوقت الذي كانت فيه صوفية والسنة تٌضطدان، كانت البروتستانتية في أوروبا تضطهد أصحاب الأديرة في أوروبا (ص623)
استخدم الصفويون جيشا ضخما من الأرمن والجيورجيين الذين اعتنقوا الإسلام مكان الجيش القبلي، بدءا من أيام الشاه عباس، وذلك على غرار جيش الانكشارية لدى العثمانيين. ولم يكن العثمانيون مضطرين لممارسة الاضطهاد الديني كالصفويين. لكن كل من العثمانيين والصفويين تبنى المذهب الواحد.
لقد كان للتحولات الدينية والسياسية المترتبة على الثورة الشيعية الصفوية أثر بعيد المدى في الثقافة الإسلامية العليا. تراجع الشعر والأدب الفارسيان بسبب الموقف غير المتسامح. وازدهرت الآداب التركية والعمارة والحرف التي تصنع مواد الترف. ومن يتأمل الفنون الإسلامية في القرنين السداس عشر والسابع عشر، لا يمكن أن يخمن أن حضارة المسلمين وثقاقتهم كانتا في تراجع في بداية القرن السادس عشر. فقد كان العالم الإسلامي يزدهر بالمقارنة مع غيره من البلدان غير الأوروبية.
لا يمكن التقليل من أهمية الصراع السني الشيعي في تسبيب الجمود، إذ إنه قاد إلى التمسك بمفاهيم وصيغ قديمة للحقيقة، مما جعل المسلمون يهملون العناصر التي أدت إلى نهوض أوروبا. وساهم التركيب الاجتماعي في الجمود أيضا، إذ كان للدول الإسلامية قاعدة ضيقة من العسكر والإداريين، كما أخضع سكان المدن للموظفين وأسياد الأرض (ص632)
في القرنين السابع عشر والثامن عشر كان الصراع الشيعي السني هو الأمر المركزي في حين كان الصراع الديني في أوروبا أمرا ثانويا ( ص633)

الجمود الإسلامي 1700- 1850
سبق أن المع المؤلف إلى دور الصراع السني الشيعي في تسبسب الجمود في المجتمع الإسلامي، ويواصل حديثه حول هذه النقطة تحت هذا العنوان الفرعي فيقول: كان صلح كارلوفيتز، الذي سلم العثمانيون بموجبه المجر للنمسا هو الحد الفاصل لانقلاب ميزان القوى بين العالم الإسلامي وأوروبا. وكان ذلك بعد 16 عاما فقط من حصار العثمانيين لفيينا الذي أحدث ذعرا في نفوس الأوروبيين وأذهلهم. وفي عام 1707 مات أورانجزيب، أمبراطور المغول في الهند، وأدى ذلك إلى أضطراب واسع زج فيه الهندوس والسيخ والمسلمون والفرنسيون والإنجليز. وفي عام 1709 ثار الأفغان ضد الصفويين وأطاحوا بحكمهم وأحدثوا أضطرابا تنافس فيه الترك والأفغان والأوزبك والروس (ص693)
أحدث الاضطراب السياسي في العالم الإسلامي تراجعا اقتصاديا، لكن الآثار المدمرة لتغيير أنماط التجارة وحلول المنسوجات والمصنوعات الأوروبية مكان الشرقية، لم تحدث إلا بعد 1830. فقد استمر ميزان القوى حتى آخر القرن السابع عشر لصالح المسلمين. ولم تحدث عندهم قبل 1699 كوارث سياسية، إذ أنهم استطاعوا استيعاب جميع ما أصابهم من قبل، بما في ذلك الغزو المغولي. لكن الحالة الجديدة هزت المسلمين وزعزعت ثقتهم بأنفسهم... وكانت ردة الفعل الأولى إصلاحية ( الوهابية ) أما ردة الفعل الثانية فكانت تقنوية في المجال العسكري (ص694) .. ولم ترض الإصلاحات العثمانية سوى العدد القليل من الناس. وبقي معظم المجتمع الإسلامي في القرن التاسع عشر في حالة غيبوبة وتجمد، وساد التقليد المتحفظ المتمسك بنظام قديم عاجز عن الإيفاء بمتطلبات العصر (ص695)

فليت شعري ماذا سيقول الشيعة عن هذا المؤلف الأمريكي: ناصبي أم وهابي ؟