ابوخالد عبدالله
09-25-2009, 08:52 AM
بِسـْـم الله الرحمن الرحيم
ابودجانة الخرساني يقدم: حـَـادي الأرواح إلى بــِـلاد الأفْــراح !
عندما أعلن مجـلس شورى المجــاهدين قيام دولة العــراق الإسلامية , لم استطع أن أقي نفسي من إشعاعها الرباني ,
فبالرغم من الحـــواجز المادية الفاصــلة بيننا , إلأ أني اختــصرت كل الأبعـــاد الدنيوية من زمن و مسافة و رحلت إلى هناك لأبايع أبا عمر البغــدادي ,
و منذ ذلك الزمن و أنـــا أعيش في حـــالة نفسية معقــدة, أحــرجت كل أدبــيّات الطب النفـــسي ...
فأنا عـــندما أتسكع في شـــوارع المدينة , لا أكــون هنا , بل هـناك , أي في بــلاد الرافـــدين ...
عندما أنظر إلى الجــدران المهترئة في أزقتنا الضيقة , أرى آثـــار رشقات كلاشن تحــفر على دفتر التــاريخ بقلم " الرصاص" :
"هنا دولة العراق الإسلامية ..."
" أبطــال دولة العراق الإسلامية مــَروا من هنا ..."
فلا أجد نفسي إلا جالسا بحضرة تلك الجدران أبثها حــر أشواقي :
و ما حب الديــار شغـفن قلبي
و لكن حــب من سكـــن الديــار...
عندما أقرأ يافطة إرشـــادية على مفترق طــرق , تستعجم علي الأسماء المكتـوبة في اللوحة , فــأقــرأها :
إلى ديــالى 25 كم ...إلى الأنــبار 30 كم...إلى الموصـــل 60 كم...
أقرأ في هويتي معلومــات غريبة , لا أراها إلا عند تعريض البطاقة لضــوء الخيال , حتى كأنها رقمت بالحــبر الســري :
الإسم : أبو دجانة الخـــراساني
العمر : ســــــنة
مكان الولادة : محافظة الأنبار و صــلاح الدين و ديالى و نينوى ,
الجنسيـة : دولة العــراق الإسلامية ,
اسم الأم : مجلـــس شـــورى المجـــاهدين ....
عندما أرى طفلا يلعب ( الاستغماية ) مع رفــاقه , فيختبئ خلف سيارة مصطفة بجانب الطريق أو وراء جـــدار بناية..., تتراءاه عيناي كمــلثم يترصــد لدورية أمريكية عســكرية و ينتـــظر بلهفة ســــــاعة الصفر ,
تتحول صرخاتهم الطفــولية إلى تكبيرات و تهليـــلات و كـــأنه كمين :
الله أكبر , فتح من الله و نصر قريب ,
نفذ أخــي على الهمر , نفذ على الدبابة !
أنظر إليهم مستسلما لخيالي , متخليا عن بقـــايا " ملكــة التمييز الواقعي" فأنــا ألمــح في وجوههم بـــراءة أراهــا في وجوه جنود دولة العراق الإســـلامية ,
أقرأ على محــياهم شقــاوة بريئة ممزوجة بسعــادة كبيرة طالما قرأتها على محيا الرجال في بـــلاد الرافـــدين ,
فكلما رأيت طفلا , يلعب سعــيدا في الحارة وقد تعفر وجهه بالتراب , يضحك ببراءة برغم كل تــعبه , ثم ينام بملابسه و حذائه و غباره لحظة وصوله إلى منزله , لتقوم أمه الحنون بعد ذلك بتبديل ملابسه و خلع حذائه و مسح غباره برفق و عناية كيلا يستيقظ صغيرها , أتذكــر رجـــال دولة العراق الإســلامية و هم " يتساقطون " ..
أقول يتســاقطون بلغتهم لا بلــغتنا ,
فهؤلاء عندما يسقطــون , لا يهــوون إلى الأرض , بل يصعـــدون إلى السماء ..
أقول يتســاقطون بقوانينهم لا بقوانيننا ,
فعند هؤلاء ....تنعدم الجاذبية الأرضية , فيسيرون على سطح الأرض أخفاء و كأنهم طيور ...
بينما تشــدهم الجاذبية السماوية إلى " السقوط " إلى الأعلى .. إلى جنة عرضها السموات و الأرض ...
يتساقــطون بكيفيتهم لا بكيفيتنا ,
فهم يموتون و هم يبتسمون , فيفســدون على قـــاتلهم فرحته ..
يختلط علي الأمر , فلا أدري هل أنا في حارة يلهو فيها الأطفال ,أم أمام ساحة نزال يجاهد فيها الأبطــال ,
هل ما أراه حقيقة لـــهو صبيان , أم إصدار لمؤســـسة الفرقـــان !
عندما أشاهد زفة عريس ... حوله أهله و أحبته مبتهجين و محتفلين بــ "زين الرجال" ...
يغنون له أحلى الأهازيج الشــعبية :
هلا بالعريس يا زين العرســـانة ,
حولوا اصحابوا و كل أحبابوا فرحــانة...
فجأة , ينسحب أصحاب المشهد الحقيقي , ليتركوا أماكنهم لكتيبة الاستشهاديين ,
الأحداث نفسها , المشاهد نفسها , لكن أبطالها مختلفين ...
العريس يتحول إلى أبو معاوية الشمالي و أبو البراء الليبي و عبد الرحمن الدوسري ...
يتحول نشيدهم إلى حداء الشهداء :
زفوا الشهيد و خلوا الزفة عالســـنة ,
زفوا الشهيد لبيته الثاني في الجنـــة ,
أم الشهيد مبارك عرسه و تهـــني ,
ابنك شهيد تصونه الحور متهـــني ..
كلما استمروا في إنشاد الأهـــازيج , استمر خيالي بالتحليق في بلاد " الأفــراح " :
روض الجنان ...صوت الحســـان
يدعوك يا شبل الزمــــان...
حور الخيـــام...تاقت غــــرام ...
و تقول هيا للأمـــــــام ...
نفس الابتســامة الخجولة , نفس الأعين الحَيـِـيّة , نفس الفرحة العفوية , نفس اللمّة الأسرية ,
تجدني أشــاركهم النشيد و الزفة , و عيناي الخائنــتان تبــوح بما يجول في خاطري , فأضطر لمسحــهمـا بين الفــينة و الأخــرى لإتــلاف الأدلة على " انفصــامي " ...
عندما أقـــود سيــارتي باتجـــاه نقطة شرطة مــرور على جانب الطــريق , يتغير محيطي بكبسة زر" فـــلاشية " , لأجد نفسي استشهاديا يركب لوري مفخخة تتقدم نحو سيطرة للحــرس الوثني ,
يتحول المكبح اليدوي إلى دغمة تنتــظر " الضغطـــة الأخـــيرة "
يبدأ لســـاني بذكر الله و التشـــهد ..
أُكـبّر الله كلما اقتربت أكثر نحو نقطــة السيطرة ,
" الله أكبر الله أكبر , اللهم ســـدد اللهم ســدد "
و ما أن أصل إلى هدفي المزعوم , أتفاجأ بواقعي المرير , فلا أنا أركب مفخخة , و لا المكبح اليدوي " دغمة " , ولا أجد أمامي إلا شرطي يحرر لي مخالفة " وجــدانية " لمريض انفصام ...
يستغرب الشرطي عندما يرى دموعي الوجلة تخــدد خديّ , فهو لم ير من قبل " مجنونا " يبكي لمخالفة مرورية , و لم ير متهورا يزيد من سرعته عندما يلمح " نقطة شرطة " .. في تحدي غريب مليئ بالتنــاقض !
كلما شاهدت إصـــدارا مرئيا لمؤسسـة الفرقــان , يسقط مشهد آخر من حيــاتي اليومية الواقعية تحت أقدام طيف دولة الإسلام , لتزداد الهوة بين واقعي و خيالي , و تتعقد حـــالتي أكثر و أكثر ,
فلقد تمزق كياني الوجداني بين قوتي شــد متساويتين في المقدار و متعاكستين في الإتجاه , و محصلتهما صفر...
إن كل تلك المشــاهدات التي أراها بعيني روحي وضعتني في غربة قصرية عن مجتمعي و انفكاك شعوري عن واقعي أعيشهما منذ أعلن مجلس شورى المجاهدين قيام دولة الإسلام على أرض العراق , فلقد عشنا أجيـــالا متتالية , و دعاة الدعة و الاستكانة يصرون على تجــمد الزمان في القطب المكي الشمــالي , و مجرد التفكير بدولة إسلام تحكم الشريعة الإسلامية يعد في نظر هؤلاء تصــادما مع النصوص الشرعية و السنن الكونية و التضاريس الأرضية ...الخ ,
تلك الطغمة المستسلمة التي تفهم الإسلام بالشــقلوب , فيعلنون على الملئ أن المرحلة المكية قد نَســَخت المرحــلة المدنية أو تكاد ,
عندما أرى رجـــال دولة العراق الإسلامية يصنعون المجد من عدم و ينجــحون ,
عندما أرى القلة المصابرة تحارب من الــعالم أجمع و يصمدون ,
أتمنى أن كون جـــزءا من الحدث ,
أتمنى أن لا أبقى من المشاهدين عبر التلفاز أو المذياع أو الإنترنـــت ,
كمراهق يقطن في صعيد مصر و يدعي أنه يشجع ريال مدريد !
لا أريد أن أكون جمهورا على المدرجــات يواسيه المحللون بنعته " اللاعب الثــاني عشر" ,
أريد أن أنزل إلى أرض النــزال , حيث تجري أحداث ملحمة القرن الواحد و العشرين بين أهل التوحيد و المشركين ...
أريد أن أهاجر إلى دولة العراق الإســـلامية , أريد أن أهاجر إلى أبي عمر البغـــدادي ,
فهناك الشفـــاء من سقــمي , و الراحــة من وهمي
حيث يلتحم الخيال بالواقع , و يتحد الوجدان بالإنسان , و يصبح الفصام وئاماً ...
برغم كل ما ذكرت , فأنا مدرك تماما أن أي فكرة بلا إرادة , ليست إلا معــاناة ذهنية , لذا ..لن أسمح لإعاقتي النفسية هذه أن تحــول بيني و بين العمل من أجل ما أتمــنى , فمن أعياني حبهم علمــوني الكثير بجهادهم و صبرهم و رباطهم ,
علموني أن اليأس ليس إلا إحـــدى معرفات " الخوف من الفشـــل " ,
علموني أن قبول التحدي هو خير رياضــة للنفوس الكبيرة ,
علموني أن السباحة عكس التيار , قد تكون الوسيلة الوحيدة للنجاة من شـــلال غــاضب يدفعك نحو الهاوية ,
علموني أن الثبات على المبادئ هو أصعب من تبنيها , و أن البقاء في القمة هو أصعب من تسلقها ...
علموني أن الجسد هو أتفه رهينة قد يحصل عليها العدو , فليفعلوا برهينتهم ما يشاؤون مادامت العقيدة سالمة...
علموني أن الذي يقضي عمره يفكر في أسنان القرش , فلن يحصل أبدا على اللؤلؤ ...
إن دولة العراق الإسلامية هي أعظم مدرسة في عصرنا لتهذيب الأرواح و تأديب النفوس ,
فالبرغم من كل ما يحيط بهم من أعداء متوحشين , لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة , و بالرغم من كل الأسلحة الموجهة إلى صدورهم من العدو الأصفر و الأسمر , إلا أنهم لا يتنازلون عن أملهم و ثقتهم بالله ,
ترى في بياناتهم هدوءاً و بشرى لا يرتبطان بأحداث المعركة , ليس لغيابهم عن إحداثيات سير الأمور , بل لأنهم مؤمنون كل الإيمان أن النصر من عند الله وحده ,
بالله عليك يا مؤسسة الفرقان , طيري بنا إلى بلاد الأفراح , إلى جنة دولة العراق الإسلامية ,
احرقينا بنورك و أنت تقدمين لنا أجراما سمــاوية تضيئ لنا فضـــاء الأرض ...
ألهبينا أملا , فإصداراتك عبوات ناسفة على قارعة اليأس , تفجر فينا روح الانكســـار الخذلان ,
انزعينا من قبور الذل للحيظات , حتى نذوق حياة العزة بنكهة فرقانــية ,
فأنت بحق حـــادي الأرواح إلى بـــــلاد الأفراح .....
كتبه.. أبو دجانة الخراساني
ابودجانة الخرساني يقدم: حـَـادي الأرواح إلى بــِـلاد الأفْــراح !
عندما أعلن مجـلس شورى المجــاهدين قيام دولة العــراق الإسلامية , لم استطع أن أقي نفسي من إشعاعها الرباني ,
فبالرغم من الحـــواجز المادية الفاصــلة بيننا , إلأ أني اختــصرت كل الأبعـــاد الدنيوية من زمن و مسافة و رحلت إلى هناك لأبايع أبا عمر البغــدادي ,
و منذ ذلك الزمن و أنـــا أعيش في حـــالة نفسية معقــدة, أحــرجت كل أدبــيّات الطب النفـــسي ...
فأنا عـــندما أتسكع في شـــوارع المدينة , لا أكــون هنا , بل هـناك , أي في بــلاد الرافـــدين ...
عندما أنظر إلى الجــدران المهترئة في أزقتنا الضيقة , أرى آثـــار رشقات كلاشن تحــفر على دفتر التــاريخ بقلم " الرصاص" :
"هنا دولة العراق الإسلامية ..."
" أبطــال دولة العراق الإسلامية مــَروا من هنا ..."
فلا أجد نفسي إلا جالسا بحضرة تلك الجدران أبثها حــر أشواقي :
و ما حب الديــار شغـفن قلبي
و لكن حــب من سكـــن الديــار...
عندما أقرأ يافطة إرشـــادية على مفترق طــرق , تستعجم علي الأسماء المكتـوبة في اللوحة , فــأقــرأها :
إلى ديــالى 25 كم ...إلى الأنــبار 30 كم...إلى الموصـــل 60 كم...
أقرأ في هويتي معلومــات غريبة , لا أراها إلا عند تعريض البطاقة لضــوء الخيال , حتى كأنها رقمت بالحــبر الســري :
الإسم : أبو دجانة الخـــراساني
العمر : ســــــنة
مكان الولادة : محافظة الأنبار و صــلاح الدين و ديالى و نينوى ,
الجنسيـة : دولة العــراق الإسلامية ,
اسم الأم : مجلـــس شـــورى المجـــاهدين ....
عندما أرى طفلا يلعب ( الاستغماية ) مع رفــاقه , فيختبئ خلف سيارة مصطفة بجانب الطريق أو وراء جـــدار بناية..., تتراءاه عيناي كمــلثم يترصــد لدورية أمريكية عســكرية و ينتـــظر بلهفة ســــــاعة الصفر ,
تتحول صرخاتهم الطفــولية إلى تكبيرات و تهليـــلات و كـــأنه كمين :
الله أكبر , فتح من الله و نصر قريب ,
نفذ أخــي على الهمر , نفذ على الدبابة !
أنظر إليهم مستسلما لخيالي , متخليا عن بقـــايا " ملكــة التمييز الواقعي" فأنــا ألمــح في وجوههم بـــراءة أراهــا في وجوه جنود دولة العراق الإســـلامية ,
أقرأ على محــياهم شقــاوة بريئة ممزوجة بسعــادة كبيرة طالما قرأتها على محيا الرجال في بـــلاد الرافـــدين ,
فكلما رأيت طفلا , يلعب سعــيدا في الحارة وقد تعفر وجهه بالتراب , يضحك ببراءة برغم كل تــعبه , ثم ينام بملابسه و حذائه و غباره لحظة وصوله إلى منزله , لتقوم أمه الحنون بعد ذلك بتبديل ملابسه و خلع حذائه و مسح غباره برفق و عناية كيلا يستيقظ صغيرها , أتذكــر رجـــال دولة العراق الإســلامية و هم " يتساقطون " ..
أقول يتســاقطون بلغتهم لا بلــغتنا ,
فهؤلاء عندما يسقطــون , لا يهــوون إلى الأرض , بل يصعـــدون إلى السماء ..
أقول يتســاقطون بقوانينهم لا بقوانيننا ,
فعند هؤلاء ....تنعدم الجاذبية الأرضية , فيسيرون على سطح الأرض أخفاء و كأنهم طيور ...
بينما تشــدهم الجاذبية السماوية إلى " السقوط " إلى الأعلى .. إلى جنة عرضها السموات و الأرض ...
يتساقــطون بكيفيتهم لا بكيفيتنا ,
فهم يموتون و هم يبتسمون , فيفســدون على قـــاتلهم فرحته ..
يختلط علي الأمر , فلا أدري هل أنا في حارة يلهو فيها الأطفال ,أم أمام ساحة نزال يجاهد فيها الأبطــال ,
هل ما أراه حقيقة لـــهو صبيان , أم إصدار لمؤســـسة الفرقـــان !
عندما أشاهد زفة عريس ... حوله أهله و أحبته مبتهجين و محتفلين بــ "زين الرجال" ...
يغنون له أحلى الأهازيج الشــعبية :
هلا بالعريس يا زين العرســـانة ,
حولوا اصحابوا و كل أحبابوا فرحــانة...
فجأة , ينسحب أصحاب المشهد الحقيقي , ليتركوا أماكنهم لكتيبة الاستشهاديين ,
الأحداث نفسها , المشاهد نفسها , لكن أبطالها مختلفين ...
العريس يتحول إلى أبو معاوية الشمالي و أبو البراء الليبي و عبد الرحمن الدوسري ...
يتحول نشيدهم إلى حداء الشهداء :
زفوا الشهيد و خلوا الزفة عالســـنة ,
زفوا الشهيد لبيته الثاني في الجنـــة ,
أم الشهيد مبارك عرسه و تهـــني ,
ابنك شهيد تصونه الحور متهـــني ..
كلما استمروا في إنشاد الأهـــازيج , استمر خيالي بالتحليق في بلاد " الأفــراح " :
روض الجنان ...صوت الحســـان
يدعوك يا شبل الزمــــان...
حور الخيـــام...تاقت غــــرام ...
و تقول هيا للأمـــــــام ...
نفس الابتســامة الخجولة , نفس الأعين الحَيـِـيّة , نفس الفرحة العفوية , نفس اللمّة الأسرية ,
تجدني أشــاركهم النشيد و الزفة , و عيناي الخائنــتان تبــوح بما يجول في خاطري , فأضطر لمسحــهمـا بين الفــينة و الأخــرى لإتــلاف الأدلة على " انفصــامي " ...
عندما أقـــود سيــارتي باتجـــاه نقطة شرطة مــرور على جانب الطــريق , يتغير محيطي بكبسة زر" فـــلاشية " , لأجد نفسي استشهاديا يركب لوري مفخخة تتقدم نحو سيطرة للحــرس الوثني ,
يتحول المكبح اليدوي إلى دغمة تنتــظر " الضغطـــة الأخـــيرة "
يبدأ لســـاني بذكر الله و التشـــهد ..
أُكـبّر الله كلما اقتربت أكثر نحو نقطــة السيطرة ,
" الله أكبر الله أكبر , اللهم ســـدد اللهم ســدد "
و ما أن أصل إلى هدفي المزعوم , أتفاجأ بواقعي المرير , فلا أنا أركب مفخخة , و لا المكبح اليدوي " دغمة " , ولا أجد أمامي إلا شرطي يحرر لي مخالفة " وجــدانية " لمريض انفصام ...
يستغرب الشرطي عندما يرى دموعي الوجلة تخــدد خديّ , فهو لم ير من قبل " مجنونا " يبكي لمخالفة مرورية , و لم ير متهورا يزيد من سرعته عندما يلمح " نقطة شرطة " .. في تحدي غريب مليئ بالتنــاقض !
كلما شاهدت إصـــدارا مرئيا لمؤسسـة الفرقــان , يسقط مشهد آخر من حيــاتي اليومية الواقعية تحت أقدام طيف دولة الإسلام , لتزداد الهوة بين واقعي و خيالي , و تتعقد حـــالتي أكثر و أكثر ,
فلقد تمزق كياني الوجداني بين قوتي شــد متساويتين في المقدار و متعاكستين في الإتجاه , و محصلتهما صفر...
إن كل تلك المشــاهدات التي أراها بعيني روحي وضعتني في غربة قصرية عن مجتمعي و انفكاك شعوري عن واقعي أعيشهما منذ أعلن مجلس شورى المجاهدين قيام دولة الإسلام على أرض العراق , فلقد عشنا أجيـــالا متتالية , و دعاة الدعة و الاستكانة يصرون على تجــمد الزمان في القطب المكي الشمــالي , و مجرد التفكير بدولة إسلام تحكم الشريعة الإسلامية يعد في نظر هؤلاء تصــادما مع النصوص الشرعية و السنن الكونية و التضاريس الأرضية ...الخ ,
تلك الطغمة المستسلمة التي تفهم الإسلام بالشــقلوب , فيعلنون على الملئ أن المرحلة المكية قد نَســَخت المرحــلة المدنية أو تكاد ,
عندما أرى رجـــال دولة العراق الإسلامية يصنعون المجد من عدم و ينجــحون ,
عندما أرى القلة المصابرة تحارب من الــعالم أجمع و يصمدون ,
أتمنى أن كون جـــزءا من الحدث ,
أتمنى أن لا أبقى من المشاهدين عبر التلفاز أو المذياع أو الإنترنـــت ,
كمراهق يقطن في صعيد مصر و يدعي أنه يشجع ريال مدريد !
لا أريد أن أكون جمهورا على المدرجــات يواسيه المحللون بنعته " اللاعب الثــاني عشر" ,
أريد أن أنزل إلى أرض النــزال , حيث تجري أحداث ملحمة القرن الواحد و العشرين بين أهل التوحيد و المشركين ...
أريد أن أهاجر إلى دولة العراق الإســـلامية , أريد أن أهاجر إلى أبي عمر البغـــدادي ,
فهناك الشفـــاء من سقــمي , و الراحــة من وهمي
حيث يلتحم الخيال بالواقع , و يتحد الوجدان بالإنسان , و يصبح الفصام وئاماً ...
برغم كل ما ذكرت , فأنا مدرك تماما أن أي فكرة بلا إرادة , ليست إلا معــاناة ذهنية , لذا ..لن أسمح لإعاقتي النفسية هذه أن تحــول بيني و بين العمل من أجل ما أتمــنى , فمن أعياني حبهم علمــوني الكثير بجهادهم و صبرهم و رباطهم ,
علموني أن اليأس ليس إلا إحـــدى معرفات " الخوف من الفشـــل " ,
علموني أن قبول التحدي هو خير رياضــة للنفوس الكبيرة ,
علموني أن السباحة عكس التيار , قد تكون الوسيلة الوحيدة للنجاة من شـــلال غــاضب يدفعك نحو الهاوية ,
علموني أن الثبات على المبادئ هو أصعب من تبنيها , و أن البقاء في القمة هو أصعب من تسلقها ...
علموني أن الجسد هو أتفه رهينة قد يحصل عليها العدو , فليفعلوا برهينتهم ما يشاؤون مادامت العقيدة سالمة...
علموني أن الذي يقضي عمره يفكر في أسنان القرش , فلن يحصل أبدا على اللؤلؤ ...
إن دولة العراق الإسلامية هي أعظم مدرسة في عصرنا لتهذيب الأرواح و تأديب النفوس ,
فالبرغم من كل ما يحيط بهم من أعداء متوحشين , لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة , و بالرغم من كل الأسلحة الموجهة إلى صدورهم من العدو الأصفر و الأسمر , إلا أنهم لا يتنازلون عن أملهم و ثقتهم بالله ,
ترى في بياناتهم هدوءاً و بشرى لا يرتبطان بأحداث المعركة , ليس لغيابهم عن إحداثيات سير الأمور , بل لأنهم مؤمنون كل الإيمان أن النصر من عند الله وحده ,
بالله عليك يا مؤسسة الفرقان , طيري بنا إلى بلاد الأفراح , إلى جنة دولة العراق الإسلامية ,
احرقينا بنورك و أنت تقدمين لنا أجراما سمــاوية تضيئ لنا فضـــاء الأرض ...
ألهبينا أملا , فإصداراتك عبوات ناسفة على قارعة اليأس , تفجر فينا روح الانكســـار الخذلان ,
انزعينا من قبور الذل للحيظات , حتى نذوق حياة العزة بنكهة فرقانــية ,
فأنت بحق حـــادي الأرواح إلى بـــــلاد الأفراح .....
كتبه.. أبو دجانة الخراساني