تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فقرات لها اثر في المكتبة الاسلامية - متجدد



أبو عقاب الشامي
09-23-2009, 08:58 PM
السلام عليكم,

افتح هذا الموضوع بعون الله تعالى على ان يضع كل منا مقتطفات من كتاب في الفقة او الاصول او التفسير او غير ذلك مما حوته المكتبة الاسلامية فقرات معينة على ان تكون تلك المقتطفات مما رأى العضو فيه فائدة لتزويد أو تذكير المسلمين به.


وأبدا ان شاء الله بصاحب الظلال سيد قطب (رحمه الله) ومما أبدع في تفسيره لسورة الكافرون:





"فلما جاءهم محمد [ ص ] يقول:إن دينه هو دين إبراهيم - عليه السلام - قالوا:نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد ?! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول [ ص ] خطة وسطا بينهم وبينه ; وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه ! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتهم , وله فيهم وعليهم ما يشترط !
ولعل اختلاط تصوراتهم , واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه . . لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة , يمكن التفاهم عليها , بقسمة البلد بلدين , والالتقاء في منتصف الطريق , مع بعض الترضيات الشخصية !
ولحسم هذه الشبهة , وقطع الطريق على المحاولة , والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة , ومنهج ومنهج , وتصور وتصور , وطريق وطريق . . نزلت هذه السورة . بهذا الجزم . وبهذا التوكيد . وبهذا التكرار . لتنهي كل قول , وتقطع كل مساومة وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك , وتقيم المعالم واضحة , لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير:
(قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون , ولا أنتم عابدون ما أعبد , ولا أنا عابد ما عبدتم , ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين).
نفي بعد نفي . وجزم بعد جزم . وتوكيد بعد توكيد . بكل أساليب النفي والجزم والتوكيد . .
(قل). . فهو الأمر الإلهي الحاسم الموحي بأن أمر هذه العقيدة أمر الله وحده . ليس لمحمد فيه شيء . إنما هو الله الآمر الذي لا مرد لأمره , الحاكم الذي لا راد لحكمه .
قل يا أيها الكافرون . . ناداهم بحقيقتهم , ووصفهم بصفتهم . . إنهم ليسوا على دين , وليسوا بمؤمنين وإنما هم كافرون . فلا التقاء إذن بينك وبينهم في طريق . .
وهكذا يوحي مطلع السورة وافتتاح الخطاب , بحقيقة الانفصال الذي لا يرجى معه اتصال !
(لا أعبد ما تعبدون). . فعبادتي غير عبادتكم , ومعبودي غير معبودكم . .

ولا أنتم عابدون ما أعبد)فعبادتكم غير عبادتي , ومعبودكم غير معبودي .
(ولا أنا عابد ما عبدتم). . توكيد للفقرة الأولى في صيغة الجملة الإسمية وهي أدل على ثبات الصفة واستمرارها
.(ولا أنتم عابدون ما أعبد). . تكرار لتوكيد الفقرة الثانية . كي لا تبقي مظنة ولا شبهة , ولا مجال لمظنة أو شبهة بعد هذا التوكيد المكرر بكل وسائل التكرار والتوكيد !

وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(6) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(5)
ثم إجمال لحقيقة الافتراق الذي لا التقاء فيه , والاختلاف الذي لا تشابه فيه , والانفصال الذي لا اتصال فيه , والتمييز الذي لا اختلاط فيه:
(لكم دينكم ولي دين). . أنا هنا وأنتم هناك , ولا معبر ولا جسر ولا طريق !!!
مفاصلة كاملة شاملة , وتميز واضح دقيق . .
ولقد كانت هذه المفاصلة ضرورية لإيضاح معالم الاختلاف الجوهري الكامل , الذي يستحيل معه اللقاء على شيء في منتصف الطريق . الاختلاف في جوهر الاعتقاد , وأصل التصور , وحقيقة المنهج , وطبيعة الطريق .
إن التوحيد منهج , والشرك منهج آخر . . ولا يلتقيان . . التوحيد منهج يتجه بالإنسان - مع الوجود كله - إلى الله وحده لا شريك له . ويحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان , عقيدته وشريعته , وقيمه وموازينه , وآدابه وأخلاقه , وتصوراته كلها عن الحياة وعن الوجود . هذه الجهة التي يتلقى المؤمن عنها هي الله , الله وحده بلا شريك . ومن ثم تقوم الحياة كلها على هذا الأساس . غير متلبسة بالشرك في أية صورة من صوره الظاهرة والخفية . . وهي تسير . .
وهذه المفاصلة بهذا الوضوح ضرورية للداعية . وضرورية للمدعوين . .

ان تصورات الجاهلية تتلبس بتصورات الإيمان , وبخاصة في الجماعات التي عرفت العقيدة من قبل ثم انحرفت عنها . وهذه الجماعات هي أعصى الجماعات على الإيمان في صورته المجردة من الغبش والالتواء والانحراف . أعصى من الجماعات التي لا تعرف العقيدة أصلا . ذلك أنها تظن بنفسها الهدى في الوقت الذي تتعقد انحرافاتها وتتلوى ! واختلاط عقائدها وأعمالها وخلط الصالح بالفاسد فيها , قد يغري الداعية نفسه بالأمل في اجتذابها إذا أقر الجانب الصالح وحاول تعديل الجانب الفاسد . . وهذا الإغراء في منتهى الخطورة !
إن الجاهلية جاهلية , والإسلام إسلام . والفارق بينهما بعيد . والسبيل هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته . هو الانسلاخ من الجاهلية بكل ما فيها والهجرة إلى الإسلام بكل ما فيه .
وأول خطوة في الطريق هي تميز الداعية وشعوره بالانعزال التام عن الجاهلية:تصورا ومنهجا وعملا . الانعزال الذي لا يسمح بالالتقاء في منتصف الطريق . والانفصال الذي يستحيل معه التعاون إلا إذا انتقل أهل الجاهلية من جاهليتهم بكليتهم إلى الإسلام .
لا ترقيع . ولا أنصاف حلول . ولا التقاء في منتصف الطريق . . مهما تزيت الجاهلية بزي الإسلام , أو ادعت هذا العنوان !
وتميز هذه الصورة في شعور الداعية هو حجر الأساس . شعوره بأنه شيء آخر غير هؤلاء . لهم دينهم وله دينه , لهم طريقهم وله طريقه . لا يملك أن يسايرهم خطوة واحدة في طريقهم . ووظيفته أن يسيرهم في طريقه هو , بلا مداهنة ولا نزول عن قليل من دينه أو كثير !
وإلا فهي البراءة الكاملة , والمفاصلة التامة , والحسم الصريح . .(لكم دينكم ولي دين). .

وما أحوج الداعين إلى الإسلام اليوم إلى هذه البراءة وهذه المفاصلة وهذا الحسم . . ما أحوجهم إلى الشعور بأنهم ينشئون الإسلام من جديد في بيئة جاهلية منحرفة , وفي أناس سبق لهم أن عرفوا العقيدة , ثم طال عليهم الأمد (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون). . وأنه ليس هناك أنصاف حلول , ولا التقاء في منتصف الطريق ,
ولا إصلاح عيوب , ولا ترقيع مناهج . . إنما هي الدعوة إلى الإسلام كالدعوة إليه أول ما كان , الدعوة بين الجاهلية . والتميز الكامل عن الجاهلية . .(لكم دينكم ولي دين). . وهذا هو ديني:التوحيد الخالص الذي يتلقى تصوراته وقيمه , وعقيدته وشريعته . . كلها من الله . . دون شريك . . كلها . . في كل نواحي الحياة والسلوك .
وبغير هذه المفاصلة . سيبقى الغبش وتبقى المداهنة ويبقى اللبس ويبقى الترقيع . . والدعوة إلى الإسلام لا تقوم على هذه الأسس المدخولة الواهنة الضعيفة . إنها لا تقوم إلا على الحسم والصراحة والشجاعة والوضوح . . .
وهذا هو طريق الدعوة الأول:(لكم دينكم ولي دين). ." أ.هـ.

أبو عقاب الشامي
09-24-2009, 07:11 AM
اكمل مع صاحب الظلال:



(إن الكلمة لتنبعث ميتة، وتصل هامدة، مهما تكن طنَّانة رنانة متحمسة، إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها. ولن يؤمن إنسان بما يقول حقًّا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول، وتجسيمًا واقعيًّا لما ينطق.. عندئذ يؤمن الناس، ويثق الناس، ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق. إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينها، وتستمد جمالها من صدقها لا من بريقها، إنها تستحيل يؤمئذ دفعة حياة؛ لأنها منبثقة من حياة..) ظلال 1/68.

أبو عقاب الشامي
09-26-2009, 09:11 PM
جاء في الاعتصام للشاطبي:


أنه جاء في بعض روايات الحديث أعظمها فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال فجعل أعظم تلك الفرق فتنة على الأمة أهل القياس ولا كل قياس بل القياس على غير أصل فإن أهل القياس متفقون على أنه على غير أصل لا يصح وإنما يكون على اصل من كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع معتبر فإذا لم يكن للقياس أصل - وهو القياس الفاسد - فهو الذي لا يصح أن يوضع في الدين فإنه يؤدى إلى مخالفة الشرع وان يصير الحلال بالشرع حراما بذلك القياس والحرام حلالا فإن الرأى من حيث هو رأى لا ينضبط إلى قانون شرعى إذا لم يكن له اصل شرعى فإن العقول تستحسن مالا يستحسن شرعا وتستقبح ما لا يستقبح شرعا

وإذا كان كذلك صار القياس على غير اصل فتنة على الناس
ثم أخبر في الحديث أن المعلمين لهذا القياس أضر على الناس من سائل أهل الفرق وأشد فتنة
وبيانه أن مذاهب أهل الأهواء قد اشتهرت الأحاديث التي تردها واستفاضت وأهل الأهواء مقموعون في الأمر الغالب عند الخاصة والعامة بخلاف الفتيا فإن أدلتها من الكتاب والسنة لا يعرفها إلا الافراد ولا يميز ضعيفها من قويها إلا الخاصة وقد ينتصب للفتيا والقضاء ممن يخالفها كثير

وقد جاء مثل معناه محفوظا من حديث ابن مسعود أنه قال ليس عام إلا والذي بعده شر منه لا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام ولا أمير خير من أمير
ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برايهم فيهدم الإسلام ويثلم
وهذا الذى في حديث ابن مسعود موجود في الحديث الصحيح حيث قال عليه الصلاة والسلام ولكن ينزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يفتون برأيهم فيضلون ويضلون