تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ليس العيد لمن لبس الجديد



التقوى اقوى
09-22-2009, 10:00 PM
ليس العيد لمن لبس الجديد
اللهُ أكبرُ كبيرا والحمدُ للهِ كثيرا, وسبحانَ اللهِ بكرة وأصيلا، ولا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ، صدقَ وعدَهُ، ونصرَ عبدَهُ، وأعزَّ جُندَهُ، وهزَمَ الأحزابَ وحدَهُ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ, ولا نعبُدُ إلاَّ إياهُ مُخلصينَ لهُ الدينَ ولو كرهَ المشركون. سُبحانَهُ ذو العزةِ والجبروت، سبحانه ذو المُلكِ والمَلكوت، سبحانهُ الباقي فلا يزولُ ولا يَفوت.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، بحمدِهِ تتمُّ الصالحاتِ, وبذكرهِ تدومُ الأعطيات، وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولـُهُ وصفيُّهُ من خيرةِ خلقهِ وخليله, بلـَّغ الرسالة َوأدَّى الأمانة َ, ونصحَ الأمة َوكشفَ الغـُمَّة, فصلواتُ ربي وسلامُهُ عليهِ.
وبعدُ عبادَ الله: إن يَومَكم هذا يومٌ عظيمٌ, خيرُهُ مَوفور، فيهِ أجزلَ اللهُ للصائمينَ الثوابَ وأعظمَ لهُمُ الأجور, فيهِ لا يُرَدُّ السائلُ، ولكن, لا تـُفاضُ فيهِ الرحمة ُإلاَّ لمن أتمَّ صيامَهُ، وأحسنَ قيامَهُ, فطوبى لِمن صامَ رمضانَ وقامَهُ .
أيها المسلمون: ها نحنُ قد ودَّعْنا شهرَ رمضانَ بأيامِهِ الفاضلةِ، ولياليهِ العامرةِ، وقد فازَ في هذا الشهرِ مَن فازَ بالرحمةِ والمغفرةِ والعتق ِمن النار، فيا ليتَ شِعري مَن منـَّا مقبولٌ فنـُهَنـِّيهِ، ومَن منـَّا مطرودٌ فنـُعزيه؟!
أيها الناس: إن يومَكُم هذا يومَ فرَح ٍوسرورٍ، وقد أمَرَنـَا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أن نشيعَ فيهِ بينَ أخوانِنـَا البهجة َوالسرورَ والتوسيعَ على العيال
عذراً سيدي يا رسولَ اللهِ عذراً, عذراً يا أبا القاسم ِعذراً, عذراً يا حبيبَ اللهِ عذرا! تعالَ وانظر حالـَنا, فلا خليفة َ يؤينا, ولا خلافة َتحمينا, ولا جهادَ يحملُ دعوتـَنا, ولا عزة َولا كرامةَ, بلْ! ذلٌ وهوان, وتشرذمٌ وضعفٌ واستكان, وفرقة ٌوتركٌ للحكم ِبما انزلَ الله
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ يا رسولَ اللهِ ولنا إخوة ٌفي العراق ِتأكلُ جُثـَثـَهُمُ الكلاب؟! فلا حولَ ولا قوة َإلاَّ باللهِ العليِّ العظيم,
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ ولنا أخوة ٌفي تـُونـُسَ حَرَمَهُم حُكامُهُم مِنَ الصلاةِ في المساجدِ طيلة َشهرِ رمضانَ إلاَّ بعدَ موافـَقةِ المخابراتِ عليهم؟!
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ ولنا أمهاتٌ وأخواتٌ يَصرُخنَ وا خليفتاهُ فلا مُجيب, ولا نصير؟!
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ وقد أصبحَ البلدُ الحرامُ مَرتعاً للقواتِ الأجنبيةِ الغازيةِ المحتلةِ ترتعُ منذُ سنواتِ خلت.
كيفَ نفرحُ والمسجدُ الأقصى أسيرٌ تحتَ براثن ِيهودَ يَتحكـَّمُون بـِروَّادِهِ وزوَّارِهِ ومُصليه؟!
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ وحَمَلة ٌالدعوةِ المُخلصونَ في سجون ِحُكامِنا الخوَّانِ أعداءِ اللهِ يُعذَّبُونَ ويُقتـَّلونَ ويُقطـَّعُون, وما نقمُوا منهم إلاَّ أنهم قالوا إن ِالحكمُ إلاَّ لله؟!
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ وقد خرجت نساؤنا وبناتـُنا كاسياتٍ عاريات؟!
عذراً سيدي أبا القاسم عذراً, كيفَ نفرحُ وبلادُ المسلمينَ شذرَ مذرَ, كلٌّ يُغنـِّي على ليلاهُ ؟!
عذراً حبيبي يا رسولَ اللهِ, عذراً نحاولُ الابتسامَ فتأبى النفسُ أن تخدَعَ نفسَهَا بعدَ كلِّ هذا, ولولا أننا على خُطاكَ سائرونَ وبسُنـَّتكَ مهتدُون, ما ضحِكنا, ولا فرِحنا.
أيها المسلمون: ليسَ العيدُ لِمَن لبسَ الجديدَ, بل العيدُ لِمَن نجا يومَ الوعيد, ليس العيدُ لمن لبسَ الجديدَ، إنما العيدُ لمن طاعتـُهُ تزيد, ليسَ العيدُ لمن تجمَّلَ باللباس ِوالمركوبِ، إنما العيدُ لمن غـُفرتْ له الذنوب, ليسَ العيدُ لمن حازَ الدرهمَ والدينارَ, إنما العيدُ لِمن أطاعَ العزيزَ الغفار.
ثمَّ ها هو ذا عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ الخليفة ُالزاهدُ يَرى أحدَ أبنائِهِ في يوم ِالعيد، وقد لبـِسَ قميصاً خَلِقاً، أيّ بالياً وقديماً، فبكى عمرُ. فقالَ لهُ ولـَدُهُ: ما يُبكيكَ يا أبتِ؟ فقال: أخشى أن ينكسرِ قلبُك يومَ العيدِ إذا رءاكَ الصبيانُ بهذا الثوبَ الخَلـِق, فقال: يا أميرَ المؤمنين إنما ينكسرُ قلبُ مَن أعدَمَهُ اللهُ رضاهُ, أو عَقَّ أمَّهُ وأباه, وإني لأرجو أن يكونَ اللهُ راضِياً عني برضاكَ، فبكى عمرُ رضيَ اللهُ تعالى عنه وضمَّهُ إليهِ وقبَّله بينَ عينيهِ، ودعا له, فكانَ أزهدَ الناس ِبعده.
أيها المسلمون: لقد كانَ السابقونَ يعتبرونَ كلَّ يوم ٍيَمُرُّ في طاعةِ اللهِ عيداً، وأنَّ أفضلَ الأعيادِ عندَهُم لحظة َالقـُربِ مِن ربِّ العالمين.
فاتقوا اللهَ أيها المسلمونَ وأبشروا بجزيل ِالعطاءِ من ربِّ الأرض ِوالسماء.
عن سعيدِ بن ِأوس ٍالأنصاريِّ عن أبيهِ قال‏:‏ قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم‏:‏ ‏"‏إذا كانَ يومُ عيدِ الفطرِ وقفتِ الملائكة ُعلى أبوابِ الطريق ِفنادوْا‏:‏ أُغدوا يا مَعشرَ المسلمينَ إلى ربٍ كريمٍ, وفي رواية‏:‏ ‏"‏ربٍ رحيم‏"‏ يَمُنُّ بالخيرِ ثمَّ يُثيبُ عليهِ الجزيلَ لقد أُمِرتـُم بقيام ِالليل ِفقمتـُم، وأُمرتـُم بصيام ِالنهارِ فصمتـُم وأطعتـُم ربَّكُم فاقبـِضُوا جوائِزَكم، فإذا صلوا نادى مُناد‏:‏ ألا إنَّ ربَّكم قد غَفَرَ لكم, فارجعوا راشدينَ إلى رِحَالِكُم، فهوَ يومُ الجائزةِ, ويُسمَّى ذلكَ اليومُ في السماءِ يومَ الجائزةِ‏"‏‏.‏ فيقول‏:‏ ‏"‏قد غفرتُ لكُم ذنوبَكُم كلـَّها‏"‏‏.‏ فاللهمَّ تقبـَّل منا الصيامَ والقيامَ والركوعَ والسجودَ.
أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ لي ولكم, فادعوا الله وانتم موقنون بالإجابةِ فيا فوز المستغفرين, استغفروا الله.

الخطبة الثانية
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر, اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر, اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر, اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر, الله أكبر الله, أكبر كبيراً والحمدُ للهِ كثيراً وسبحانَ اللهِ العظيم ِوبحمدِهِ بكرةً وأصيلا.
وبعد عبادَ الله: بشرى لكم بإتمام ِالصيام ِفبذلكَ فلتفرحوا, بشرى لكُم بشفاعةِ القرآن ِفلِذلكَ فلتشكروا) وصدقَ الله: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
أيها الناس: أكثروا من ذكرِ اللهِ وشُكرِهِ وسبِّحُوهُ بكرة ًوأصيلا، فهوَ ربُّ العطاءِ والجُودِ. وتزاوروا في يومكم هذا, وتراحموا, وتصافحوا، فقد رُويَ عن رسول ِاللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنه قال: (ما من مسلِمَين ِيلتقيان ِفيتصافحان ِإلاَّ غُفِر لهما قبلَ أن يتفرقا )
كيف لا وهو القائل: ( إذا التقى المسلمان ِفسلَّمَ أحدُهُما على صاحبـِهِ كانَ أحبَّهُما إلى اللهِ أكثرَهُما بـِشراً بصاحبهِ, فإذا تصافحا أنزلَ اللهُ عليهما مائةَ رحمةٍ للبادئ ِتـِسعُونَ، وللمصافح ِعشرة )
فكونوا من السائرينَ على هديهِ صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه. وإذا حضرَ أحدَكُم من طريق ٍفليرجعْ من آخرَ حتى يشهدَ لهُ الطريقان. فصِلوا أرحامَكم, وزوروا جيرانـَكم, ووسعوا على عيالِكم.
عبادَ الله: العِزُّ في طاعةِ ربِّكُم فأطيعوهُ, وأكثروا في هذا اليوم ِالمباركِ مِن فعل ِالخيراتِ, فإنَّ صنائعَ المعروفِ تـَقي مصارعَ السوء، وأشْرِكُوا مَعَكم في فرحتِكُم ذوي الحاجاتِ والمساكينَ. وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ... {20} ) المزمل.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله قوموا إلى بعضكم وتصافحوا وتزاوروا واشكروا الله الذي وفقكم لإتمام ِصيامَ رمضانَ وقيامِهِ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
ــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة عيد الفطر ـ 20 ـ 09 ـ 09ـ
خطبة القيتها بأحد مساجد ضواحي بيت المقدس بتاريخ: الأول من شوال 1430