تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وكان أبوهما صالحًا....



أم ورقة
09-13-2009, 11:35 AM
1ـ والذي خبث لا يخرج إلا نكدا....

معلومة هي قِصّة ذلك الشاب السارق الذي لما أرادوا قطع يده! نادى القاضي وقال: اقطعوا يدّ أمي لأنني وأنا صغير سرقت بيضة فتهلل وجهها وضحكت لي؟
تلك القصة يؤيدها ذلك المثال الذي ضربه الله ليبين لنا كيف لا تستوي السنبلة على عودها إلا إذا كانت بذرتها صالحة وتربتها صالحة فإذا كانت البذرة فاسدة وتربتها سبخة فأي عود وأي زرع ترجو من وراء ذلك، فقد قال تعالى: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا".

فمن حق البذرة ألا توضع إلا في أرض طيبة وذلك من حق الولد على والده أن يحسن اختيار أمه، فالأب الصالح والأم الصالحة لا شك أن ثمرة وذرية ذلك الزواج ستكون صالحة.

ـ الثمرة الطيبة المباركة عبد الله بن المبارك

فهذا المبارك والد الإمام الحجة شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك، كان عبداً رقيقاً أعتقه سيده، ثم عمل أجيراً عند صاحب البستان، وفي يوم خرج صاحب البستان مع أصحاب له إلى البستان وقال للمبارك: ائتنا برمان حلو
فقطف رمانات،
فإذا هي حامضة،
فقال صاحب البستان: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟!!

فقال له: أنت لم تأذن لي لأعرف الحلو من الحامض..

فقال: أنت من كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا

وظن أنه يخدعه،فسأل الجيران، فقالوا: ما أكل رمانة واحدة منذ عمل هنا،
فقال له صاحب البستان: يا مبارك ليس عندي إلا ابنة واحدة فلمن أزوجها؟
قال المبارك: اليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، والعرب للحسب، والمسلمون يزوجون للتقوى ـ فمن أي الأصناف أنت؟
زوّج ابنتك للصنف الذي أنت منه،
فقال: وهل يوجد أتقى منك، ثم زوّجه ابنته.

فكان من ثمرة ذلك شجرة يانعة مباركة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أكلاً من جهاد، وزهد، وعلم، وصدقة إنه "عبد الله بن المبارك".
وهذا والد الإمام البخاري يقول عند موته "والله لا أعلم أني أدخلت على أهل بيتي يومًا درهمًا حرامًا أو درهمًا فيه شبه" فجاء حديث الرسول الصحيح مجموع على يد ولده "محمد بن إسماعيل البخاري" أصح الكتب بعد كتاب الله.

2ـ فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا
خلق الله في نفوس عباده محبة الولد، والرغبة في إسعاده، فقلوب الآباء مرهفة الحساسية تجاه أبنائهم، شديدة الشغف بهم، قال تعالى "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين.." وقال "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" غير أن كثيرًا من الآباء يقصرون اهتماماتهم على تأمين حياة راغدة ومعيشة هانئة بجمع المال، وكل ذلك حسن إن كان من حل فقد قال صلى الله عليه وسلم "إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس "غير أن القضية الأولى والأهم "وكان أبوهما صالحا".
وانظر كيف وصف الله الطريق لمن تملك الخوف قلوبهم على ذريتهم في المستقبل فكانت التقوى والصلاح هما الطريق.



ـ وعمر بن عبد العزيز يضرب المثال
..وهو من هو في زهده وورعه ... مات وما خلف لأهل بيته من حطام الدنيا شيئا ... ثم ...يقول العارفون من أهل عصره: قد رأينا أبناء عمر بن عبد العزيز أغنى الناس، ورأينا أبناء عبد الملك بن مروان عالة يتكففون الناس.
فترك الحرام وقول المعروف وفعل الخيرات وبذل الصدقات هي الأمان لولد تتقلب أحواله في الدهر وأنت لا شك تاركه، ولكن الذي لا يزول، والذي بيده مقادير السماوات والأرض وخزائنها إن استودعته وديعتك لن يضيعها.
"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا"

3ـ وكان أبوهما صالحًا
رجلان أتيا إلى قرية أهلها بخلاء لم يطعموهما ليجدا جدارًا أصحابه غير موجودين، "صبيان صغيران" يعيشان في مدينة أخرى، فيقيما الجدار ويصلحاه.
وقفة تأمل لهذا الرجل فانظر إليه وهو واقف في خشوع بين يدي الله في جوف الليل يسيل دمعه من خشية الله، أو استمع لصوته وهو يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، أو اشعر بصبره على ابتلاء الله له، أو ترقبه وهو يضع الصدقة في يد يتيم وترقرق عينه من الدمع شفقة عليه.
لا شك أن لهذا الرجل سرًا بينه وبين الله رفع من قدره فحفظ الله به ولده، فلأجله ولأجل صبياه ابتعث رجلين عظيمين عند الله أحدهما نبي من أولي العزم، والآخر قيل فيه إنه بني وقيل إنه كان رجلا صالحًا.



وكان أبوهما صالحًا.... ابتغاء نجابة الولد

أحمد محمد عمرو

بتصرّف

شيركوه
09-13-2009, 09:30 PM
جزاك الله خيرا