تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أزهار النرجس - طرف من أخبار المجاهدين في أكناف بيت المقدس



أبو طه
09-13-2009, 09:50 AM
طرف من أخبار المجاهدين بقلم براء نزار ريان


بسم الله الرحمن الرحيم
أزهار النرجس
طرف من أخبار المجاهدين في أكناف بيت المقدس
لله در فلسطين، ما أجمل الحياة فيها! ما أطيب هواءها المعبق برائحة الكاوتشوك المحترق! إني لأشعر بمعنى غريب في صدري إذ يؤلمني بسببه! كأن في الدخان معنى آخر غير معنى الاحتراق والاختناق!
ما أعذب ماءها وإن كان نصيب غزة منه الملح الأجاج، وما أجمل خضرتها وإن جارت عليها جرافات الاحتلال! ما أحلى مآذنها التي يعوزها الإسمنت وتلاحقها الصواريخ، وقبابها التي تسكنها الأطيار على قلة الزاد!
وما أعجب الفترة القريبة الماضية من تاريخ فلسطين، التي شهدت انطلاقة المارد الإسلامي منذ عشرين عامًا، وما أكرم ربًا جعلها نصيبنا من الحياة حتى اللحظة!
نشأتُ –أيها الإخوة القراء- في بيت من بيوتات الإسلاميين العريقة، إذ أنني ولدت لشاب من طلبة العلم، انتمى للحركة الإسلامية في السابعة عشرة من عمره، وكان أبناء الدعوة إذ ذاك يعدون على الأصابع! ولفتاة سجن والدها بتهمة تأسيس أول جهاز عسكري إسلامي في فلسطين، في أوائل الثمانينيات!
وكانت هذه الأسرة –وخاصة الوالد حفظه الله- سببا في الانتماء للحركة الإسلامية منذ نعومة الأظفار، وبالتالي معاشرة كثير من قادة الجهاد المعاصرين، فكتب لي ولأمثالي لقيا شحادة والمقادمة والياسين والرنتيسي وسائر المشاهير من قادة حماس الأحياء منهم والذين قضوا شهداء.
قال الراوي:
وكان والدي أحرص الناس على إيواء المطاردين، فكأني به يرى المستنكف عن إيوائهم داخلا في وعيده تعالى: "وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"، فكانت دارنا على الدوام تزخر بالمطاردين من المجاهدين، وكنا نمنح كل واحد منهم لقب عمّ، ونسميه عمّنا، ويبقى عما لنا حتى بعد استشهاده، أو توقفه عن المبيت عندنا.
فحفظت من أخبار هؤلاء وهؤلاء ما تقشعر له جلود الذين آمنوا وتلين! وكان كل منهم مدرسة خاصة في الجهاد والصبر والتضحية والأدب، فأثبتُّ في ذاكرتي كثيرا من أخبارهم، لعل الله يمن علي بتدوينه يومًا.
ثم إنني شعرت يومًا بعد يوم أن هذه الأخبار أمانة في عنقي، علي إخراجها! لتنتفع بها أجيال المسلمين، وتذكر أبطال المسلمين في حقبة من أهم حقب التاريخ، وأشار علي بعض أهل العلم أن أبدأ.
وتنازعتني إذ ذاك فكرتان:
الأولى: لكتاب على طريقة الطبقات، وهو كتاب يحوي تراجم هؤلاء العظماء مرتبة على الوفيات، تحوي ترجمة كل واحد منهم أخباره ومناقبه، مما شهدت ورأيت.
والثانية: لكتاب على طريقة تشبه الجوامع، وهو كتاب يحوي أخبارا متفرقة عن كل منهم مجموعة كل في بابه، يعني: يقسم الكتاب إلى عدة كتب: كتاب الإيمان، كتاب العبادات، كتاب الجهاد، كتاب السياسة الشرعية، وهكذا.
استشرت بعض العارفين بأخبار المجاهدين، فأشار علي بالثانية، ولذلك سأدون أخبار المجاهدين كل في بابه.
وأحببت تسمية هذا المشروع إذا قدر له التمام: أزهار النرجس، طرف من أخبار المجاهدين في أكناف بيت المقدس..

أبو طه
09-13-2009, 09:51 AM
باقة من أزهار النرجس... في ذكرى استشهاد أسد فلسطين

وإننا إذ نتنسم عبق ذكرى أسد فلسطين، أحببت أن أقصر الحلقة الأولى من أخبار المجاهدين عليه، وأن أجلب لكم مقتطفات من بعض الأبواب التي احتوت أخبارا عنه.


فمن كتاب السياسة الشرعية
باب شجاعة القرار

وقوله تعالى: "فإذا عزمت فتوكل على الله"، وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم الحديبية: "امضوا على اسم الله"، وروي عن سعد بن معاذ أنه قال لما استشير في قتل كعب بن الأشرف: "امضوا على بركة الله".
وحاضر بنا الدكتور الشهيد يومًا، وكانت كلماته موجهة لمجموعة من أوائل الطلبة تم انتقاؤهم بعناية، من جميع مدارس قطاع غزة، لعل الدكتور رأى فيهم قادة المستقبل، فخشي عليهم ما أصاب قادة الوقت من جبن وخور! فتحدث عن القرار السياسي الجريء، حاول أن يغرس في الشباب "الشجاعة السياسية"، وقرنها رحمه الله بالشجاعة في الميدان، واعتبرها ضربًا من ضروب الطعان، لا تختلف كثيرا عن المبارزة بالسيف، ولعل هذا انطبع في ما استشهد به من أشعار، فكانت شواهد محاضرته تلك، ستة أبيات، أولها:


وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا **** إذا لم يكن فوق الكرام كرام

والبيت مشهور عنه الاستشهاد به.
حدثنا رحمه الله عن موازين القوى، وأن اختلالها لا ينبغي أن يزعزع مجاهدا عن خياره بحال من الأحوال، إذ أن الاتكال على رب العالمين، ثم من بعده على الإرادة القوية والعزيمة الحديدية، علمنا أن العبرة ليست بالسلاح وإنما باليد التي تضرب، واستشهد بهذين البيتين:

إن السيوف مع الذين قلوبهم **** كقلوبهن إذا التقى الجمعان
تلقى الحسام على جراءة حده **** مثل الجبان بكف كل جبان

وحذرنا رحمة الله عليه من الجبن وعواقبه، وأنه يزري بالمرء دون أن ينفعه، وأن الموت إلى الجبان أقرب منه للشجاع، وأن الشجاعة في سبيل الله لم تكن لتقصر عمرا أبدا؛ إذ الأعمار بيد الخالق وحده.
وروى لنا أبيات على لسان جبان، كان يقول:

ولو أن لي رأسين أدخر واحدا **** وألقى الأعادي يوم حرب بواحد
لأقدمت في الهيجاء إقدام باسل **** وما كنت هيابا لدفع الشدائد
ولكن لي رأسا إذا ما فقدته **** وفارقني يوما فليس بعائد

قال شيخنا الرنتيسي ما معناه: والله لو كان له عشرة رؤوس لما أقدم، فالجبن إذا طبع عليه الإنسان لا يدعه يضحي بأقل القليل، فإنه لو كان له عشرة لخشي أن تصبح تسعة فيقترب منه الموت مسافة عشرة بالمائة!
قال الراوي: وكنت ذا حافظة وشغف بالشعر، فحفظت الأبيات الآنفة بمجرد سماعها، وثبتُّها في دماغي، فلما خرج شيخنا من المحاضرة صافحته ومشيت معه قليلا –وكان يعرفني، فأبديت إعجابي بالمحاضرة، وخاصة بأبيات الشعر، وأخبرته أنني حفظتها كلها! فطلب مني سردها؛ فسردتها.. ففرح بي ودعا لي. رحمة الله عليه.


باب مراعاة مصالح العباد

وقوله تعالى: "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ". وكاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالح على ثمر المدينة لما تكاثرت على المسلمين الأعداء.
وسمعت شيخنا الرنتيسي يومًا ذكر السلطة ومشاريعها السياسية، وما تعرضه على قيادة الحركة من حلول، فذكر رحمه الله أن قيادة الحركة لا تعارض قيام دولة فلسطينية على أراضي "سبعة وستين" على سبيل المرحلية، دون الاعتراف لليهود الملاعين بحق لهم في شبر من أرض فلسطين، عسى الله أن يفتح على الجيل القادم فييسر له تطهير فلسطين بالكامل من دنس الصهاينة.
قال الراوي: فحزنت يومها، وتأسفت؛ خشية أن لا يكون جيلنا هو جيل تحرير فلسطين.


ومن كتاب التفسير
بابٌ في قوله تعالى: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا"

وقال سبحانه: "والله يعصمك من الناس"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك".
وسمعت شيخنا الرنتيسي يومًا بمسجد الجامعة الإسلامية، وقد ذكر قوله تعالى: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" فحدثنا أن رجلا كلفه العدو بتتبعه لاغتياله، جعل يراقبه أيامًا، ثم إنه مع مراقبة الشيخ اطلع على طرف من أحواله، جعله يثوب إلى رشده، فجاء للدكتور معترفا بذنبه تائبا، قائلا له: لقد كلفت بمتابعتك تمهيدا لقتلك، لكنني والله لم أستطع ذلك، فقد قذف الله في قلبي محبتك، وكرّه إليّ جريمة اغتيالك، وساقني إليك تائبًا بإذن الله.
قال الراوي: وكأني سمعته ذكر قوله تعالى: "والله يعصمك من الناس". لكنني حذفته من متن الخبر للشك، وخشية من التقول على الدكتور الشهيد.


ومن كتاب الفداء والتضحية
باب التضحية بالأهل والولد

قال تعالى: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمبارزة يوم بدر حمزة وعليًا وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب.
وسمعت شيخنا الدكتور الشهيد يومًا ذكر دعاية المثبطين ضد المقاومة، وأن منهم من يقول: إن الرنتيسي يرسل أولاد الناس للموت ويدخر أولاده للحياة؛ فقال: ماذا نصنع بهم إذا كان أولادنا صغارا بعد، ولشعبنا علينا إذا شبوا أن نستخدمهم في سبيل الله، ونضحي بهم رغبة في رضاه!
قال الراوي: ثم لما شب أولاد الرنتيسي استخدمهم في سبيل الله، وغامر بهم غير مرة، فأصيب ولده أحمد بشلل لا يزال يعاني منه إلى الآن، ثم لما اغتيل رحمه الله كان ابنه هذا قد فارقه من دقائق، وكاد –لولا قدر الله ومشيئته- يقضي معه.
وضحى قادة حماس –من أسلاف الرنتيسي وخلفائه- بأبنائهم، مما يطول بالمقام ذكره.

أبو طه
09-13-2009, 09:53 AM
أزهار النرجس "2" ... باقة برائحة البارود... أخبار حصرية تنشر لأول مرة عن عياش والضيف!



بسم الله الرحمن الرحيم
أزهـــار النرجـــس "2"
بــــاقة برائحــــة البـــــارود

كتاب الدعوة إلى الله

باب المسارعة في الخيرات


وقوله تعالى: "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"، وقوله تعالى: "فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها".



ودخل عياش رحمه الله بيتنا ذات ليلة، فأتيناه بملاءة يجعلها تحته، وكانت منسوجة من مادة فيها دفء ونعومة، ويتخللها أسلاك مغلفة تنتهي بقابس كهربائي، إذا ما وصلته بالكهرباء اندفعت فيها حرارة تغني عن كثير من الأغطية.
وكان بعض أهل بيتنا غفل فغسلها بالماء فتوقفت آلة التسخين فيها؛ فلما أتينا بها المهندس رحمه الله قال: ما هذا؟ قلنا: ملاءة كانت تسخن بالكهرباء وتعطلت، لكنها ذات جودة نسيج، فجئنك بها تضعها تحتك!
فقال: أنا كهربائي.
وأصلحها رحمة الله عليه، وهو يومئذٍ المطلوب الأول للاحتلال وقد اجتمعت الأرض بأسرها على النيل منه.
قال الراوي: وظلت الملاءة تعمل ببركة يده إلى اليوم، وهي عندنا إلى الآن.





باب وعظ الصغار وتعليمهم

وقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام سمّ الله"، وقال بعضهم: العلم في الصغر كالنقش في الحجر.



وكان والدي إذا آوى مطاردا أجلسنا إليه، وعرفنا عليه، دون ذكر اسمه، عسانا نقتبس من نوره، ونتعلم الرجولة من مجالسته وقربه، وكذلك لنؤنسه في وحدته إذا غادر للعمل أو طلب العلم أو غير ذلك من مشاغل الدين والدنيا.



فأجلسنا يومًا بين يدي محمد الضيف -حفظه الله تعالى- وخرج، فابتدأ المجاهد الكبير جلستنا بالتعارف، فسألنا عن أسمائنا وكنية كل واحد منّا، وسألناه عن اسمه، فقال: أنا أبو خالد.
ولم يكن إذ ذاك قد اشتهرت كنيته بين الناس، فما عرفناه، حتى جاءت صورته على التلفاز بعد سنين، فهتفنا سوية: عمي أبو خالد، فعرفنا أنه محمد الضيف! وراجعْنا أهلَنا فقالوا لنا: اسكتوا.



ووعظنا أبو خالد يومها، فحدثنا بقصة من قصص الأطفال، ملخصها ما يلي:
كان رجل من أهل الأزمنة السالفة يعيش في منزل قصي عن الخلق، بعيد عن طريقهم، وكان له زوجة يقاسمها حلو الحياة ومرها، فرزقه الله منها بغلام مليح، غير أنه ابتلاه بوفاة زوجه وابنه لما يكبر بعد، فكان إذا خرج للصيد –ومنه يسترزق- ترك عند طفله كلب حراسة وفيًا مدربًا.



وبينما الرجل عائد من صيده ذات يوم، رأى كلبه ينتظره على باب المنزل، وأنيابه ومخالبه تقطر دمًا، فأحسّ بالشرّ، وأوجسَ في قلبه خيفةً، فهُرع إلى غرفة الصّغير، فوجد سريره ولحافه ملطَّخين بالدماء، فتحقق للرجل ما كان ظنًّا، وتملّكه الغضب، وفار الدم في عروقه، واستبدت به الحسرة على ولده، فأطلق رصاصة واحدة استقرت في جبين الكلب فقتلته على الفور!



قال فلما أطلق رصاصته انتفض الصغير في سريره لصوتها، وبكى! فالتبس الأمر على أبيه، وقال: أيُعقل أن يظل ولدي حيًّا مع كل هاتيك الدماء! وأسرع إلى السرير فوجد طفله سليمًا معافى، لا كما تخيله أشلاءً مقطّعة، ووجد بجواره ثعبانا ضخما قطَّعته أنياب الكلب، فأصابه من الندم ما أذهب عنه فرحته بنجاة طفله، وتفكر كيف أنه كان بينه وبين القرار الصحيح مسافة خطوتين! وتأسف على كلبه، وندم حيث لا ينفع الندم.

قال أبو خالد: فلذلك يقول الناس: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة!



ففرحنا بهذا المجاهد فرحًا شديدًا، وسرعان ما انعقدتْ في أذهاننا –ونحن الأطفال- المقارنات والموازنات، فقلنا له: إن عمنا أبا بلال الغول لا يحدثنا بشيء من هذه القصص، وهو إما أن ينصت للمذياع وإما أن يحدث الوالد أو غيره من الكبار! وشكونا له صاحبه أيّما شكوى.
فأطرق الضيف هنيهة ثم قال: عمكم أبو بلال ليس مثلي؛ فإنه رجل أفعال، لا يتكلم كثيرًا، لكنه يعمل كثيرًا، وهو مجاهد كبير، وقد رمى اليهود بالقنابل وهو شاب صغير!



قال الراوي:
فلما كبُرتُ فَقِهتُ معنى ما صنع أبو خالد في أمره كله، فحدثت به والدي؛ فأكبر صنيعه وتبسم وقال: رضي الله عنه.



ويبدو أن أبا خالد حفظه الله كان ينتهز كل فرصة لعمل الخير، وخاصة وعظ الصغار وتعليمهم، في بيوت من آواه ونصره.
حدثني شقيقي الأكبر؛ قال: جلست في مجلس أبناء الشهيد عدنان الغول، الشهيد الفدائي: بلال، والشهيد المجاهد: محمد رحمة الله تعالى عليهم، والبطل الفذ: محمود الصغير حفظه الله تعالى.
فقال محمود حفظه الله: كان عمي أبو خالد يدرسني العربية والرياضيات.
وقال محمّد الشهيد رحمه الله: كان عمي أبو خالد يدرسني الرياضيات والعلوم.

فقال بلال الشهيد رحمة الله عليه: أما أنا فكان يعلمني صنع القنابل!


قال الراوي:
وكان بلال رحمه الله يصنع القنابل وهو صبي باحتراف، وكان من أوائل من صنع القنابل في انتفاضة الأقصى، وأذكر أنني حين زرت حبيب قلبي محمدًا الشهيد ذات مرة رأيت آثار قنبلة انفجرت في غرفته نجا منها في اللحظة الأخيرة، بلطف الله وكرمه.



قال الراوي:
كان البطلان عياش والضيف المطلوبين الأولين للاحتلال كل في زمانه، وكانا رغم ذلك لا يعيشان كما يتخيل كثيرون دور المنطوي على نفسه، المنتظر للموت، لا يتكلم أحدهم ولا يعظ ولا يمزح، بل كانا أسعد بالجهاد من كل إنسان، تحس في نظرات أعينهما برد اليقين في قلبيهما، رحمة الله على الشهيد منهما وحفظ لنا الآخر.



ملحوظة هامة:
قال الراوي: كانت هذه الأحداث قبل ثلاث عشرة سنة من الآن، وعمري تسع سنوات، غير أني حفظتها جيدًا، وأنشرها في العلن لأول مرة!

أبو طه
09-13-2009, 09:53 AM
أزهار النرجس "3" .. باقة ريّانية .. كرامات آل ريّان


أزهار النرجس "3"

كرامات آل ريّان


ومن كتاب المناقب والكرامات
باب كرامات الشهداء

وقوله تعالى:" أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ".
وقوله عزّ وجلّ: "إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا"
وقوله:" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"
وقوله صلى الله عليه وسلّم، رواية عن ربّه: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به".
وقوله صلى الله عليه وسلّم: "إنه لم يبقَ من مُبشَّرات النبوة إلا الرؤيا الصالحةُ يَرَاها المؤمنُ أو تُرى له".



كرامة الوالد والوالدة الشهيدين رحمهما الله في



قصّة الزغاليل



حدثتني أمّي رحمة الله عليها، قالت:
لما نزلت المملكة مع والدك أيام الدراسة، كنت حملت بأول أولادي بلال، وكنّا –كعادة الناس في أول حمل- فرحين به غاية الفرح، وكان يصيبني بعض ما يصيب الحوامل مما يسمّيه الناس "الوحام"، فاشتهيت "الحمام" مرّة، وقلت لأبيك: لو تشتري لنا "زغاليل" يا نزار؟!
ولك أن تتخيّل الشابّ الفقير المغترب، الذي تطلب منه زوجته الحبلى طلبًا يعجز عنه!
حدثني والدي قال: فقلت لها: يا أم بلال .. والله ما رأيت بمقامي هنا منذ أربع سنين إنسانًا يبيع الحمام!
قالت أمي: فقلت: لا عليك.



ثمّ ما خرج من باب الشقّة فإذ به يجد على عتبة الباب قفصًا، بين يدي صبيّ!
فقلت له: ما هذا؟
قال: حمام.
فقلت: للذبح؟!
قال: نعم.
قلت: اذبح.. ثم حملته في قفصه وأدخلته إلى أم بلال، وقلت: هذه "الزغاليل" التي طلبت.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ




كرامة الوالدة رحمة الله عليها في



قصّة القلادة
"يقيني بالله يقيني"


حدثتني أمي رحمة الله عليها قالت:
في إحدى ليالي دراسة أبيك في عمّان رأيت في منامي أنه يهديني قلادة كتب عليها: "يقيني بالله يقيني"، ولم أر يومًا قلادة أبدًا بهذا الوصف، فلمّا قمت من نومي أخبرته.
ثمّ خرج إلى الجامعة، فمرّ في طريقه عن متجر مجوهرات، له على الشارع واجهة تُظهرُ ما علّق من حلي وقلائد بداخله، قالت: فأبصر والدك قلادةً علّقت فيها "أونصة" وقد كتب فيها بخطّ جميل: "يقيني بالله يقيني"، فاشتراها، وأهداني إياها.


قلت: فما فرّطت والدتي رحمة الله عليها بها أبدًا في كلّ ضائقة أو مشروع يقوم به الوالد رحمه الله، وبقيت القلادة معلّقةً في جيدها، حتى رأيتها على صدرها وهي شهيدة في ثلاجات مستشفى كمال عدوان، فلم أطق خلعها، فأمرت أصغر أخوالي، فنزعها.
وهي عندنا إلى اليوم.






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ



كرامة الوالد رحمة الله عليه في



قصة الألفي ريال.



حدثني والدي رحمة الله عليه قال:
كنت خارجًا إلى الجامعة ظهيرة يوم إبان دراستي بالمملكة، ولم أكن أحمل في جيبي إلا عشرين ريالا، فلقيت في طريقي رجلا كبير السنّ، وفيما يبدو كبير القدر.
كانت الشمس انتصبت في كبد السماء، تصبّ حميمها على الرؤوس وقد بلغ التعب والإرهاق بالرجل مبلغه.
وإذ به ينادي عليّ: يا ابني، تعال.. ركّبني .. ركّبني.
قال: ولم يكن من مجال لمناقشة الرجل –الذي ربّما أضاع نقوده أو سرقت منه- فقلت له:
يا عمّ؛ أين تريد؟
قال: المكان الفلانيّ.
فأشرت إلى أوّل سيارة أجرة مرّت، وقلت لسائقها: أبلغ الرجل المكان الفلاني. كم أجرتك؟
قال: عشرون ريالا.
قال والدي: فأعطيته العشرين وما معي غيرها.


وبقيت في مكاني بعيدًا عن البيت، بعيدًا عن الجامعة. لا أعرف ماذا أفعل!
قال: فعثرت بشابّين فلسطينيين أعرفهما. فمشيت معهما ليوصلاني إلى الجامعة ويدفعا عنّي.
وفي الجامعة أجد من أصدقائي المقرّبين من أستدين منه ويستدين منّي.
قال: فلمّا وصلت الجامعة، لقيني بعض أساتذتي، فسألني عن أحوالي، وأظهر اهتمامًا بالغًا!
قال: ثمّ أعطاني مظروفًا، لا أعلم ما به، وذهب.
ففتحت المظروف فإذا به ألفا ريال، فقلت: والله يضاعف لمن يشاء.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ



كرامة عبد القادر رحمه الله في



قصة عبّود والشهادة.



حدّثني والدي رحمة الله عليه قبل استشهاده بيومين -خلال الحرب-، قال:
إن أخاك عبد القادر -12 سنة- لا يفارقني أبدًا.
يقول: أنا أريد أن أستشهد معك! لا أريد أن أحيا بعدك.
وكان والدي به مسرورًا.


قلت: وقد خرج معه إلى السوق قبل استشهاده بساعة، وعاد معه قبل دقائق من القصف، فلم يكن يفارقه أبدًا، وقد تقصّد أن يبقى معه طول الوقت.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ



كرامة حليمة رحمة الله عليها في



قصّة تمنيها الشّهادة


حدثني بشير، قال:
كنت خارجًا من المكتبة يومًا –وعند باب المكتبة مطبخ صغير ومَرافق- فسمعت من المطبخ أم علاء زوجة الشيخ رحمها الله، تكلّم بنتها حليمة؛ تقول:
يا حليمة، ماذا ستفعلين إذا استشهدت؟! أين ستذهبين؟!
قال بشير: فصبرت حتى أسمع الجواب.
فإذ بحليمة تقول: وهل ستستشهدين وأنا أبقى؟! أنا يا أمي سأستشهد معك.
قال بشير: فرأيتها في حضن أمها في ثلاجة المستشفى!


قال الراوي: وقد زعمت كلّ نسائه أنها الشهيدة معه، وكذلك كان.

قال الراوي: وما أجرى الله على ألسنة هؤلاء من مثل هذا الكلام الذي بَعُد في الأذهان وقوعه حين ذكره، إنما هو إن شاء الله مما أكرم الله به الشيخ وأهل بيته.
والله أعلم.

مقاوم
09-13-2009, 10:19 AM
والله إن النفس لتسمو وإن القلب ليرق وإن العين لتدمع بقراءة أخبار هؤلاء الأعلام الأفذاذ الذين نسأل الله أن يتقبلهم في أعلى عليين وأن يخلف لهذه الأمة من يسير على دربهم ويحذو حذوهم ويجاهد في الله حتى يأتيه اليقين.

جزاك الله خيرا أبا طه على هذا الموضوع.

أبو طه
09-13-2009, 10:57 AM
والله إن النفس لتسمو وإن القلب ليرق وإن العين لتدمع بقراءة أخبار هؤلاء الأعلام الأفذاذ الذين نسأل الله أن يتقبلهم في أعلى عليين وأن يخلف لهذه الأمة من يسير على دربهم ويحذو حذوهم ويجاهد في الله حتى يأتيه اليقين.

جزاك الله خيرا أبا طه على هذا الموضوع.

وجزاكم الله خيرا مثله