تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأثرياء الجدد في تركيا.. متدينون



أبو طه
09-01-2009, 07:38 PM
الأثرياء الجدد في تركيا.. متدينون




أنقرة/صحف:


بعد عقود من نبذهم من جانب النخبة العلمانية في البلاد، تشهد تركيا حاليا ميلاد جيل جديد من رجال الأعمال أصحاب الثروات الكبيرة الذين يقومون في الوقت ذاته بالوفاء بالتزاماتهم وواجباتهم الدينية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

ونقلت الصحيفة عن سيهمنور أيدين، وهي سيدة أعمال تركية متدينة قولها: "في المعتاد أن المسلمين (المتدينين) هنا كانوا مبتلين بالفقر"، وأضافت: "إلا أنهم الآن يحوزون الثروات".

فبعد عقود من هيمنة الصفوة العلمانية على تركيا، يشهد البلد صعودا مدهشا لطبقة جديدة من رجال أعمال متدينين، ويمتلكون في الوقت ذاته إمبراطوريات تجارية واقتصادية، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ويقول "كان بكر"، رئيس مؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في مدينة إستانبول: "إن الطبقة الجديدة المحافظة تتشابه مع الطبقة القديمة في بعض الأمور مثل قيادة السيارات الفاخرة، إلا أن النساء من هذه الطبقة الجديدة يرتدين الحجاب أيضا"، وأضاف قائلا: "وهو ما لا يمكن أو يستطيع أن يفعله أبناء الصفوة القديمة من أنصار العلمانية".

ولعقود كان أبناء الطبقة العليا في المناطق الحضرية يهيمنون على الثروة، وكان يشار إليهم أيضا باسم "الأتراك البيض"، والذين ينظرون لأنفسهم على أنهم الورثة الشرعيون لميراث مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

وبحسب بكر، يشعر الأثرياء العلمانيون حاليا بأنهم مهددون من جانب أبناء الطبقة الجديدة من تجار المناطق الريفية المتدينين.

وقال بكر: "الطبقة العلمانية لم تكن على استعداد لتقاسم السلطة والنفوذ السياسي والاقتصادي"، وأضاف: "كثيرا ما كان العلمانيون يتساءلون بعد تنامي وجود رجال الأعمال والتجار المتدينين ذوي الخلفيات الريفية في المدن التركية.. ماذا يفعل هؤلاء الفلاحون بيننا؟!".

صفوة جديدة

وتتذكر سيدة الأعمال سيهمنور أيدين ردة فعل الطبقة العلمانية إزاء صعود نجم طبقة رجال الأعمال الجدد من المحافظين قائلة: "عندما كانوا يرون أحدا من أبناء الصفوة الجديدة في المجتمع يركب سيارة جيدة، كان هذا الأمر كثيرا ما يثير تعليقاتهم".

وأيدين البالغة من العمر 40 عاما، واحدة من أبناء هذه الطبقة الجديدة، ووالدها كان أحد تجار الستائر، قبل أن يمتلك الآن واحدة من أكبر شركات الأجهزة المنزلية في أوروبا.

وفي حادثة لها دلالتها حول الكيفية التي يتعامل بها بعض العلمانيين مع هذه الطبقة الجديدة الآخذة في المدن التركية، قالت أيدين: إن إحدى النساء المنتميات للتيار العلماني حاولت وضع بعض القمامة فوق رأس إحدى السيدات المحجبات خلال قيادة الأخيرة لسيارتها، ووصفت المرأة المعتدية وقتها الحجاب بأنه "قذارة أصولية".

وتقول أيدين إن الصفوة الجديدة من المتدينين في تركيا تأخذ مثل هذه الأمور بسعة صدر، وعبرت عن تفكير المتدينين الجدد إزاء مثل هذه الحوادث بالقول: "إن المتدينين يخاطبون العلمانيين بالقول أنا أيها العلماني تخرجت من مدرسة فرنسية مثلك تماما، إلا أنك لم تستطع أن تحقق نفسك مثلي".

فوائد اقتصادية

وبحسب الصحيفة الأمريكية، أدى تنامي هذه الطبقة الجديدة من رجال الأعمال المتدينين إلى تحقيق فوائد عديدة للاقتصاد التركي.

ويقول رجل الأعمال التركي عثمان قادروجلو: "إننا لا نعتمد على النفط فحسب، مثل الدول العربية".

وينتمي قادروجلو إلى أسرة تمتلك واحدة من أكبر شركات تصنيع الحلوى في تركيا، ولها مصانع في أذربيجان والجزائر، ويقول قادروجلو: إن الوسيلة الوحيدة للتنمية الاقتصادية هي الاعتماد على الإنتاج. ويعد الاقتصاد التركي سابع أكبر اقتصاد في أوروبا، وبلغت صادرات البلاد مليارات الدولارات من السلع إلى بلدان أوروبية أخرى، ويعيش نحو 70% من سكان هذا البلد في المدن.

ظواهر سلبية

ومن جهة أخرى، لم تخل الظاهرة من بعض الأعراض الجانبية؛ حيث يقول الكاتب الصحفي محمد سيفكيت إيجي (75 عاما): "للأسف إن هذه الظاهرة أدت إلى بروز بعض السلوكيات السيئة، مثل الإنفاق الاستهلاكي، والغرور، والاتجاه إلى استغلال الثروات المتحققة لإشباع الغرائز".

واحتلت مدينة إستانبول، العاصمة الاقتصادية للبلاد، المرتبة الرابعة عالميا، على قائمة مجلة "فوربس"، لأكثر مدن العالم احتواء على أصحاب المليارات.

وتملأ السيارات الفاخرة ومراكز التسوق الآخذة في التنامي شوارع المدينة، وهو ما أثار نقاشات في تركيا بشأن موقف الإسلام من هذه المظاهر، مع ما يدعو إليه الإسلام من تقشف، وعدم الإسراف أو الإنفاق أكثر من الحاجة.

ويقول رجب سينتورك، وهو محلل نفسي بمركز الدراسات الإسلامية في إستانبول: "إذا كان معك مال فهل يمكنك شراء كل شيء، أم ينبغي لك أن تعيش حياة متواضعة؟.. هذا هو النقاش الدائر الآن في تركيا".