تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رائع - خروج عن النص...ما جرى في رفح (6)



أبو طه
09-01-2009, 07:52 AM
خروج عن النص...ما جرى في رفح خطير خطير


بقلم: د. عطالله أبو السبح




إن ما حدث هو جرح في القلب ، حرف دماء عن مسارها ، حبذا لو أريقت في معركة الفصل مع هذا المجرم الغاصب لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ، يقضم أرضنا ويطردنا منها ، من القدس وأبو ديس ، وحي البستان ، يمكر ليلاً ونهاراً ليهدم الأقصى ويبني على أنقاضه هيكله.



حبذا لو كان حلف بين حماس وبين عبد اللطيف وأنصاره ، على مواجهة الاجتياحات والتغولات والعدوان الصهيوني المتكرر ، وكان من هذا التحالف خندق حول رفح تتوفر له كل أسباب المواجهة العصرية ، فاليهود هم اليهود ، لن يتركونا نتمتع بالحد الأدنى من الحياة ، فعندهم القتل والإرهاب والاغتصاب ، ولن يميزوا في ذلك بين عبد اللطيف وإسماعيل هنية ، ولا بين أبي علي مصطفى وأحمد يـاسين ، فالكل في مرمى النيران ، والكل محكوم عليه بالإعدام .



حبذا لو أن نداءات عبد اللطيف كانت لمن لم يحمل السلاح في وجه يهود ، لا إلى المخلصين من أبناء حماس ؛ ليكونوا سهاماً في كنانته على حماس ، فمن لم يحمل السلاح هم من ينبغي أن ينادوا أن حــيَّ إلى الجهاد ، وإذا ما لبوا وضعت لهم برامج التعبئة والتثقيف والتوعية لتوحيد الفهم ، وترسيخ القناعات وغرس المبادئ والقيم والمُــثُل ؛ ليتحقق لهم الانتماء ، ومن ثم التفاني صوناً لكل ذلك ، وبذل النفوس رخيصة لتحيا مبادئهم التي تشكل في مجموعها الوطن .



حبذا لو أن هذه القوة التي نفذت ما نفذت ، لو ادخرت ، فاليهود يجمعون الرصاصة على الرصاصة ، والدولار على الدولار ، كان شعارهم ولا يزال ...ادفع دولاراً تقتل عربيــاً ، فكيف يكون شعار عبد اللطيف أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً ، ومن هم اليأجوج والمأجوج يا ترى ، أهم حماس ؟! ، أليست هذه دعوة للتفسخ والتشظـِّـي والتمزق والاحتراب ؟ كيف يكون هذا شعاراً وعلى أرض فلسطين ، لا بل على أرض قطاع غزة ، لا وبل في رفح ، لا بل في بقعة لا تزيد عن دونم هي مساحة ابن تيمية والأرض المحيطة به ؟!! أين سيبني ( ذو قرنين ) رفح السد ، الذي يحول دون وصول يأجوج ومأجوج ( حماس ) إلى إمارة عبد اللطيف ؟! وهنا سؤال أما كان الطالبون للسد من ذي القرنين جماعة من الكسالى و التنابلة والأغبياء ( لا يكادون يفقهون قولا ) ، وعرضوا أموالهم ، ومقدرات بلادهم للقادم الجديد ؛ ليخوض لهم معركتهم مع من ينعتونهم بأنهم ( مفسدون في الأرض )، فما كان منه إلا أن جعل منهم عبيدا ً يعملون رهن إشارته ، فهم عتالون يحملون ثقيل الأحمال ( آتوني زُبــَـرَ الحديد ) يشعلون النار لصناعة السبائك ، ولنا أن نتصور النصب والتعب والجهد ، وما تصبب من أجسادهم من عرق ( قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً ) ، وعاد ليأمرهم أن يسكبوا مصهور الحديد والنحاس على السبائك ( آتوني أفرغ عليه قطراً ) بينما هو واضعاً ساقاً على ساق ، فهل تبنى الإمارات بالتنابلة الأغبياء والكسالى ؟! لا ... لا ... ثم هل حماس مفسدون في الأرض .... وهل نصدق ما جاء لعبد اللطيف كهاتف روحي بأن حماس سلطة كلاب ؟؟



حبذا لو ورد على لسان عبد اللطيف خطاب مصالحة بين شطري الوطن ، وإدانة هذا المسلسل من التنازلات ، والمفاوضات العبثية ، وهذا المال الدنس الذي تشترى به الذمم ، ويعمق به الشرخ الفلسطيني ، ولكنه لم ينطق أبداً أبداً رغم أنه النزيف الذي لا ينقطع ألمه ، ولا تسممه ، وبلا علاج ، أليست دعوة الصلح هي خير من الدعوة إلى صلاة ألف ركعة نافلة ، وصيام ألف يوم من غير رمضان ... أليس الصلح ضرورة ملحة ؟ فلماذا أعرض عنها عبد اللطيف ؟



حبذا لو توجه بشيء من اللوم على الحريات التي يقتلها دايتون وجنوده ، فمئات من المجاهدين يعذبون بشراسة ، حتى لتزهق روح بعضهم ، وقد أزهقت فعلا ، أليست دعوة الإسلام رحمة مهداة لكل البشر ومنهم حماس ؟ أليست دعوة الإسلام هي أمر للحكام بإقامة العدل بين المحكومين ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )؟ وإن حماس في الضفة من الناس ، فكيف يظلمون ولا يتحرك لسان عبد اللطيف بكلمة تذّكر عباساً بالعدل ؟ وإلا فبالرحمة ، فضلا عن الوحدة والتوحيد ؟



حبذا لو ألقى عبد اللطيف السمع للواسطات ، وما أطاع الهوى والرغبة المُلجِئة إلى الانتقام ممن سطا على 120 ألف دولار ( حسب التسجيل ) ، وكان التقاضي ، حتى وإن كان القضاء على ما وصف ، فحسبه أن يقيم عليهم الحجة أمام الله ، وهو الذي يزعم بأنه الحارس الأمين لسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو القائل ( قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار ) أما كان ذلك خير من إراقة الدماء ، أو التسبب في إراقتها ، أو الأمر بذلك ؟!



حبذا لو أن عبد اللطيف استجاب للواسطات وما وصفها بما وصفها ، فالله عز وجل وعلى لسان رسوله (صلى الله عليه وسلم) جعل فساد ذات البين حالقةً للدين ، فكيف غاب عن باله ذلك ؟! وما رأى أمامه إلا كلاباً وجرادا ً وأقذاراً ومنحطين وسفلة ... ثم أما كان الأحرى أن يأتمر بأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وينتهي عما نهى فلم يأمر بقتل الكلاب ؟ بل نهى عن ذلك ( لأنها أمة ) رداً على من اشتكى من كثرتها ، ولم يأمر إلا بقتل الكلب العقور ( الذئاب والضباع والآساد ) ووالله العظيم ليست حماس كذلك ، ولم يقل أحد بذلك ممن يعتد برأيهم حتى في مسائل الخلاف ، بل هم شباب مسلم ظامئ للشهادة ( في أغلبهم ) ، نعم ليسوا ملائكة ولم يزعموا لأنفسهم ذلك أبدا أبدا ، ولكنهم يتربون على منهج الله وإقامة أركان الإسلام ، ويسهرون ليلهم رباطاً في سبيل الله ، حتى وإن فرط بعضهم ، وحاد آخرون عن الصواب ، فلم يصف صف من الشوائب حتى في أزهى عصور الإسلام ، عصر محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء عن فريق ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) فهل شرع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جــزَّا في رقابهم ؟! لا وألف لا ؛ حتى لا يقال بأن محمداً يقتل أصحابه ، فلماذا غاب هذا الفهم عن عبد اللطيف ؟!



وأخيرا حبذا لو أن علماء غزة انبروا لعلاج الأمر قبل استفحاله ، ونزلوا إلى الشباب تثقيفاً وتحذيراً ، وتفهيماً وترسيخا ً للعقيدة ، وتفقيها بالفقه الوسطي الذي ليس فيه شطط ، وأنا أول من يلوم نفسه بل وأدينها ، فــ ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني )



لتكن دراسات معمقة ، وحضور لا يغيب بين الشباب في المساجد ، وافتحوا بيوتكم وصدوركم ..أجيبوا على تساؤلاتهم وامسحوا الغبش والدخن والشبهات أولاً بأول ، بادروا لا تركنوا ، هذا ثغر خطير فسدوه ، واحموا بيضة الإسلام أن تؤتى من قبله .



حبذا لو أن الحكومة ، ووزارة الداخلية عرضت الأمر بوضوح لا لبس فيه علينا ، وأخذت الأغرار بالرأفة والرحمة ، وتقدير الدوافع المخففة ، ففي ذلك خير كبير .... وإياك يا حكومة حماس من الإنزلاق إلى التعسف والإسراف ، فالضرورة تقدر بقدرها ، ولا بد أن يرى منك الله ما أمر به من رفق ولين ، لا ما نهى عنه من فظاظة وغلظة ، وللشعب السلام.