تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تجار شعوب، زعماء "مافيات"، وعملاء تحت الطلب : هذه هي الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان



ابو حسين
08-27-2009, 07:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تجار شعوب، زعماء "مافيات"، وعملاء تحت الطلب

هذه هي الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان

لم تكد الانتخابات النيابية الأخيرة تنتهي في لبنان، حتى بدأت تظهر عمليات إعادة التموضع عند معظم الجهات السياسية الداخلية، فمن خطاب تحريضي مذهبي عصبي مقيت، ومن تخويف الناس بعضهم من بعض حتى أصبحت كل فئة ترى أن الخطر يتهدد لبنان إن فازت الأخرى، إلى الخطاب التوفيقي، وإلى شعارات الوحدة الوطنية ومصلحة الوطن..، فما هو سبب هذه التحولات في المشهد السياسي في لبنان؟!
إن هذه التحولات هي حلقة جديدة من حلقات الصراع أو الوفاق الإقليمي والدولي التي بدأت مع إنشاء هذا الكيان المصطنع، والذي يُترجم على واقع السياسة الداخلية في لبنان هدوءًا أو توتراً. هذه التحولات الأخيرة هي نتيجة لسياسة الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة، فبعدما كانت محاربة (الإرهاب) والعراق وأفغانستان تأخذ الأولوية في سياسة الإدارة السابقة، توجهت هذه الإدارة إلى إعادة رسم سياساتها الخارجية، ووضعت عملية السلام في الشرق الأوسط من ضمن هذه الأولويات إن لم يكن في مقدمتها، وأخذت تعمل على ذلك من خلال تهيئة أجواء المنطقة للسلام، إذ إن السلام يتطلب أن تكون الدول الموقعة عليه مستقرة، لكي يستمر ولا يتحول إلى 17 أيار ثانٍ، فكان أن تقارب آل سعود مع حكام سوريا بعد جفاء وقطيعة، وأُطلقت تصريحات حركات المقاومة بقبولها بدولة على الأراضي التي احتلت عام 1967، وتمت إعادة هيكلة حركة فتح من خلال مؤتمرها السادس، ثم جاءت زيارة الرئيس المصري لواشنطن، والتي كان البند الأساسي على جدول محادثاتها عملية السلام، ما سيسهل عرض خطة أوباما للسلام في الشرق الأوسط أواخر الشهر المقبل.
إن هذه التغييرات التي أحدثتها أميركا منفردةً أو بالتعاون مع بعض الدول الفاعلة على الساحة الدولية، وتدخل أميركا وهذه الدول مباشرة لصياغة خارطة لبنان السياسية الجديدة، جعل المشهد السياسي في لبنان يختلف عما كان عليه قبل الانتخابات الأخيرة، فانتُخب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب مع أن فريقه لا يملك الأكثرية، وكُلف الحريري بتشكيل الحكومة نتيجة تسميته من نواب الأكثرية وبعض نواب المعارضة، واتُفق على تشكيل ما يسمى حكومة وحدة وطنية، كل هذا كان بقرارٍ خارجي واضح، نتيجة التقارب السوري السعودي، الذي أملته الإدارة الأميركية، حتى اضطر زعماء لبنان إلى القبول بما لا يريدونه ولا يحبذونه، فقبل الحريري زيارة سوريا سواء قبل التشكيل أو بعده، وانقلب جنبلاط فانحاز إلى صف الثامن من آذار متذرعاً بمصلحة الدروز، وأنهم أقلية لا يستطيعون العيش بعيداً عن العروبة وفلسطين، وكأنه قبل انقلابه في الثاني من آب، كان زعيم طائفة كبرى حسب القاموس السياسي في لبنان، بل كان وما زال ألعوبة بأيدي الدول الكبرى، كما هو حال بقية الزعماء في لبنان، يحركونها كما يشاؤون وساعة يشاؤون، ولو على حساب كراماتهم الشخصية.
أيها المسلمون في لبنان
إن الإسلام قد حارب مفهوم الزعامة، والذي يعني الانقياد لشخص القائد بدل الانقياد لفكره أو مبدئه، قال تعالى: )وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ(، فهذه الآية توضح بجلاء، أن القيادة في الإسلام هي لأفكار العقيدة وأحكام الشريعة، وأن المبدأ والأهداف التي يختارها الإنسان لنفسه هي التي تقوده في مختلف ميادين الحياة، وأن هذا المبدأ وهذه الأهداف لا يجوز أن تتغير لتغير القادة أو انقلابهم أو موتهم، ولو كان هؤلاء من أعظم الناس منزلة كما هو شأن محمد صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لذلك يكون ارتباط الإنسان بقائده بقدر ارتباط هذا القائد بالمبدأ والأهداف التي اختارها الإنسان لنفسه، وهذا من أرقى معاني القيادة، فما دام هذا القائد حاملاً للمبدأ عاملاً على تحقيق الأهداف، فهو موضع ثقة المسلمين، ويجب عليهم طاعته، أما إن انحرف أو تغير ولو قليلاً، فواجبهم أن يغيروا عليه، وأن يأخذوا على يديه، فما بالكم أيها الناس بمن ينقلب بين ليلة وضحاها مئة وثمانين درجة؟! وهذا ما حصل مع كل الأطراف السياسية في لبنان وإن بنسب مختلفة، سواء كانت موالية أو معارضة!
أيها المسلمون في لبنان
إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فلماذا تلدغون وتلدغون، بالأمس القريب قُتل من أبنائكم ما يقارب المئتي ألف، ثم قسَّمت أميركا مناصب الدولة على الزعماء المتقاتلين في اتفاق الطائف، وقُضِيَ الأمر. واليوم وقف بعضكم ضد بعض، فقتل بعضكم بعضاً في الطرقات، وأُوقِفَ الأبناء على حواجز الهويات، ودقَّق في هوياتهم زملاء الدراسة، وسُجنتم في سجون العصابات، وعَذَّب أبناءكم أبناء جيرانكم، كل هذا من أجل هؤلاء الزعماء الذين تاجروا بكم، فخدعوكم بشعاراتهم البراقة، لأنكم كنتم الورقة الرابحة لهم، وكانت دماؤكم هي التي ترفد شريان حياتهم السياسية، ثم ها هم تنكروا لكل شعاراتهم ووعودهم، وتركوكم حيارى، في منتصف الطريق لا تعلمون بمن تلوذون ولا إلى أين تذهبون.
إن ما جرى سابقاً من انتخاب وتكليف، وما يجري من اتفاق على تشكيل الحكومة تتمثل فيها الأحزاب الفاعلة في لبنان، هو نتيجة للرغبة الأميركية بتشكيل حكومة من كل الأطراف (كما يزعمون)، لكي يحظى ما ستتخذه هذه الحكومة من قرارات بشأن عملية السلام "بشرعية" قوية، لأن اتفاق السلام هذا، سيُنتِج أمرين يهمان الواقع السياسي الداخلي في لبنان، هما: سلاح حزب الله و"قضية اللاجئين"، فلا بد من حكومة قوية قادرة على تحمل تبعات تنفيذ بنود اتفاق السلام هذا، خاصة أن بعض الأطراف في لبنان ترى السلام دون حل لما يسمى" قضية اللاجئين" خطراً كبيراً على التركيبة السكانية فيه، لذلك ترفضه وإن تذرعت بحق العودة دهاءًا وخبثاً.
أيها المسلمون في لبنان
إننا نخاطبكم من موقع مسئوليتنا الإسلامية، إننا نربأ بكم أن تكونوا إمعات، وأن تميلوا حيث تميل الزعامات، بل الواجب عليكم أن تتحروا عن القيادة المخلصة، التي تمثل تطلعاتكم المنبثقة من عقيدتكم، والتي تفرض عليكم أن تكونوا جزءًا من الأمة الإسلامية، لا جزءًا من التركيبة الطائفية في لبنان، وأن تخلعوا هذه القيادات العميلة، التي تتباهي بارتهانها للخارج، وأن تنبذوا كل العصبيات القومية والوطنية والمذهبية، وأن تكونوا عباد الله إخوانا، وأن تعملوا على تحكيم شرع الله في الأرض، مع العاملين لهذا الأمر من شباب حزب التحرير، الذي ظهر ثباته على الحق حين عز الثبات، فحري بكم أن تؤازروه وتنصروه، لتُخرِجوا لبنان وأهله، من هذا النفق المظلم الذي أدخلكم فيه حكامكم.
آن الأوان أيها الناس أن تعلموا أن من يحكمكم في لبنان ليسوا سوى تجار شعوب، يضَحُّون بكم من أجل مصالحهم ومصالح أسيادهم، أو زعماء مافيات وقطَّاع طرق، يسلبون الناس أمنهم في الشارع، وأموالهم في المؤسسات الحكومية، أو عملاء تحت الطلب، من يقدم لهم الحماية يمسون في قصورهم عبيداً وخدماً، وليس واقع المشهد السياسي عنكم ببعيد.
7 من رمضان، 1430هـ.
28 من آب، 2009م.

حـزب التحـرير
ولاية لبنان
http://www.tahrir.info/index.php?option=com_content&task=view&id=214&Itemid=1 (http://www.tahrir.info/index.php?option=com_content&task=view&id=214&Itemid=1)