تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صيامُ رمضان – أحكامٌ عامة



التقوى اقوى
08-25-2009, 03:28 PM
صيامُ رمضان – أحكامٌ عامة

الصوم في اللغة هو الإمساك ، والصمت ، والركود ، وما في معناها . وقد ورد الصوم بهذا المعنى في كتاب الله الكريم ، قال تعالى { فكُلي واشربي وقَرِّي عيْناً فإِما تَرَيِنَّ من البَشَرِ أَحَداً فقولي إِني نَذَرتُ للرحمنِ صَوْماً فلن أُكلِّمَ اليومَ إِنْسِيَّاً } الآية 26 من سورة مريم .
وأما الصوم في الشرع ، فهو إِمساكٌ عن المفَطِّرات ، وهي : الأكل والشرب والجماع والاستعاط والاستقاء ، بنيَّةِ التقرُّبِ إلى الله سبحانه من فجر اليوم إلى مغربه . وقد ورد الصوم بمعناه الشرعي في كثير من آيات الله الكريمات ، لا حاجة لذكرها هنا وذلك لشهرتها ومعرفة الناس بها .
فضل الصيام :
ورد في فضل الصيام كثيرٌ من الأحاديث أذكر منها ما يلي :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { قال الله : كلُّ عملِ ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أَجزي به ، والصيام جُنَّة ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ ، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فلْيقلْ : إني امرؤٌ صائم والذي نفسي بيده لَخُلُوفُ فمِ الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه } رواه البخاري ( 1904 ) ومسلم والنَّسائي وابن ماجة وأحمد . وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { قال ربكم تبارك وتعالى : كلُّ العمل كفارةٌ ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أَجْزي به ... } رواه أبو داود الطيالسي ( 2485 ) وأحمد. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { كلُّ عملِ ابن آدم يضاعَف ، الحسنةُ عشرُ أمثالها إلى سبعِمائة ضعف ، قال الله عزَّ وجلَّ : إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أَجزي به ... } رواه مسلم ( 2707 ) والنَّسائي والدارمي والبيهقي . ورواه أحمد ( 9712 ) وابن ماجة بلفظ { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل ابن آدم يُضاعَف ، الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبعِمائة ضعف ، إلى ما شاء الله ، قال الله عزَّ وجلَّ : إلا الصوم فإنه لي وأَنا أَجزي به ... } بزيادة ( إلى ما شاء الله ) .
2 – عن سهل – بن سعد – رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إِن في الجنة باباً يقال له الرَّيَّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد } رواه البخاري ( 1896 ) ومسلم والنَّسائي . ورواه ابن ماجة ( 1640 ) والترمذي بلفظ { ... فمن كان من الصائمين دخله ، ومن دخله لم يظمأ أبداً } .
3– عن عبد الله – بن مسعود – رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم { من استطاع الباءةَ فلْيتزوجْ فإِنه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإِنه له وِجاءٌ } رواه البخاري ( 1905 ) ومسلم وأبو داود والنَّسائي والترمذي . والوِجاء : رضُّ الخِصيتين أو رضُّ عروقهما لقطع الشهوة .
4- عن حذيفة – بن اليمان - رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول { فتنةُ الرجل في أهله وماله وجارِه تُكفِّرها الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ ... } رواه البخاري ( 1895 ) ومسلم . ورواه ابن أبي شيبة ( 8/595 ) بلفظ { فتنةُ الرجل في أهله ، وماله ، ونفسه ، وجاره ، يكفِّرها الصيام والصدقة ، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر } وعنه رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { مَن خُتم له بصيام يومٍ دخل الجنة } رواه البزَّار ( 1038 ) . ورواه أحمد مطوَّلاً . قال الهيثمي [ رجاله موثَّقون ] .
5- عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أَيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهار فشفِّعني فيه ، ويقول القرآن : منعتُه النوم بالليل ، فشفِّعني فيه ، فيُشفَّعان } رواه أحمد ( 6626 ) وسنده حسن . ورواه الطبراني في كتاب المعجم الكبير . ورواه الحاكم وصححه .
6- عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال { أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : مُرني بعملٍ يُدخلني الجنة ، قال : عليك بالصوم ، فإنه لا عِدْل له ، ثم أتيته الثانية فقال لي : عليك بالصيام } رواه أحمد ( 22501 ) والنَّسائي وابن حِبَّان وابن خُزيمة وابن أبي شيبة والطبراني في المعجم الكبير . وفي لفظٍ ثانٍ عند ابن حِبَّان ( 3425 ) والنَّسائي { ... عليك بالصوم فإنه لا مِثلَ له ... } .
7- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم : الإمامُ العادل ، والصائمُ حتى يفطر ، ودعوةُ المظلوم ، يرفعها الله دون الغَمام يوم القيامة وتُفتح لها أبوابُ السماء ، ويقول : بعزَّتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين } رواه ابن ماجة ( 1752 ) . والغمام هنا هو الغمام المذكور في قوله تعالى { يومَ تَشَقَّقُ السماءُ بالغَمَامِ } وفي قوله سبحانه { هل يَنْظُرون إلا أَن يأتيَهُم اللهُ في ظُلَلٍ من الغَمَامِ } .
8- عن عثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنه ، قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول { الصوم جُنَّةٌ من النار كجُنَّةِ أحدِكم من القتال } رواه النَّسائي ( 2231 ) وابن ماجة وأحمد وابن حِبَّان وابن أبي شَيْبَة .
9- عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { قال ربُّنا عزَّ وجلَّ : الصيام جُنَّةٌ يَستجِنُّ بها العبدُ من النار وهو لي وأنا أَجزي به } رواه أحمد ( 14724 ) بسند جيد . ورواه البيهقي .
10 ـ- عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ... والصومُ جُنَّة ما لم يَخْرِقْها ...} رواه أحمد ( 1690/1700 ) . ورواه الدارمي ( 1733 ) بلفظ { الصومُ جُنة ما لم يخرقها ، قال أبو محمد : يعني بالغيبة } ورواه الطبراني في المعجم الأوسط ( 4533 ) من طريق أبي هريرة رضي الله عنه .
فأكرمْ بالصيامِ من عبادةٍ هذه فضائلُها . فالصوم جُنَّة ، أي حفظٌ وعصمة ، وهو قامعٌ للشهوة لمن لم يستطع الزواج ، وهو مكفِّرٌ للذنوب عند الفتن ، وهو شافعٌ مشفَّع لصاحبه يوم القيامة ، وللصائمين باب الرَّيَّان ، من دخله منهم لم يظمأ أبداً . ويكفي في بيان فضل الصوم ما جاء في الحديث ( الحسنةُ عشرُ أمثالها إلى سبعِمائةِ ضِعف ، قال الله عزَّ وجلَّ : إلا الصوم فإنه لي وأنا أَجزي به ) . فلو لم يكن للصوم من حديثٍ يذكر فضله إلا هذا الحديث لكفى . فحقاً إن الصوم لا مثلَ له ولا عِدلَ له كما ورد في الحديث السادس ، وليس للصيام من نتيجة تبعاً لكل ما سبق ، إلا دخول الجنة كما ورد في حديث حذيفة رضي الله عنه عند البزَّار وأحمد ، واستحق بصيامه أن يكرمه الله باستجابة دعائِه ، كما ورد في الحديث السابع .
يتبع بإذنه تعالى