تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماهو حكم سجود اللاعبين للشكر عند فوزهم أو عند تسجيلهم للأهداف..؟



عبد الله بوراي
08-24-2009, 08:39 AM
ما هو حكم الشرع الكريم فيمن يسجد شاكراً فى ميدان الكرة بعد تسجيله هدفاً بها ..........؟
وخصوصاً وأن النية منعقدة فى ذلك بالشكرلله (على ما يراه صاحب الهدف ).

عبد الله

chidichidi
08-29-2009, 10:01 PM
من فترة سمعت فتوى للشيخ صالح الفوزان وهذا نص السؤال:
أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة وهذا سؤال قد تكرر يقول
ما حكم سجود اللاعبين في الملاعب سجدة شكر عند حصول مأمولهم فقد نقل عن فضيلتكم مشروعية ذلك ثم نقل عنكم المنع منه
أجاب الشيخ حفظه الله :
النقل الأول كذب ، ما قلت مشروعية هذا ، أقول ما هذه نعمة أقول الكرة ولعب الكرة ماهو بنعمة وسجود الشكر يكون عند تجدد نعمة فهو بدعة في هذا الموضع ، ايش حصلنا من الكرة وايش المسلمون استفادوا منها إلا ضياع شبابهم ، ما استفادوا ....بل هي ضرر على المسلمين

من شرح فضيلته لمختصر زاد المعاد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
يوم الأحد 22 5 1430 هـ

وهذا الرابط

http://dc147.4shared.com/download/108066255/54c384ec/________.mp3?tsid=20090527-032542-e5ab31c7 (http://dc147.4shared.com/download/108066255/54c384ec/________.mp3?tsid=20090527-032542-e5ab31c7)

كما مررت على فتوى للشيخ عبد العزيز ال الشيخ بالموضوع :
استضاف برنامج (( مع سماحة المفتي )) والذي يعرض على قناة المجد سماحة الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وفي هذه الحلقة تلقى الشيخ سوال وهو:
ماحكم السجود في الملعب ?

وقال اذا كان السجود بسبب مصلحة عامة للمسلمين فهذا جائز
وقال (( ان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا اتته بشارة بخبر مفرح عن الاسلام كان يسجد لله لأن فية مصلحة عامة للمسلمين وكان فيه فوز للمسلمين على الاديان الاخرى))

وقال من المفترض من الاعبين عدم السجود في الملعب وذكر منها اسباب :

1- لأنهم يرتدون ملابس تظهر العورة << والله نهى عن اظهار العورة

2- لأنهم عندما انتصروا كان الفريق المقابل لهم مسلمين اي اخوانهم << اي مصلحة شخصية وليس مصلحة عامية

وفي الاخير اجاب وقال ان السجود في الملاعب : (( مكروة )) و ليس حرام

وبانتظار اهل الاختصاص ان يفيدونا بالموضوع لكن من فترة مر معي بحث تفصيلي عن الموضوع سانقله هنا عسى ان يستفيد منه الاخوة

chidichidi
08-29-2009, 10:44 PM
حكم سجود اللاعبين للشكر عند فوزهم أو عند تسجيلهم للأهداف

د. صالح بن مقبل العصيمي
مقالات للكاتب (http://saowt.com/forum/authorarticles.aspx?authorid=2394)
مقالات ذات صلة (http://saowt.com/forum/#relatedArticles)
تاريخ الإضافة: 05/03/2009 ميلادي - 8/3/1430 هجري
زيارة: 1676
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فلقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول سجود الشكر من اللاعبين عند تسجيلهم للأهداف أو فوزهم في المباريات والبطولات ما بين مؤيدٍ، ومعارض، ومادحٍ، وثالب، وحاث، ومانع:
أ - فهناك من رأى: أنها من مظاهر الإيمان عند شبابنا وفرح بها فيجب أن يُحثُّوا عليها ويُشجّعوا من وجهة نظره، وهذا لا شك شعور طيب ويشكر الإنسان على نيته الحسنة ويؤجر ولكن حالما يتضح له الحكم الشرعي فعليه أن يقلع عن هذا الأمر، ولشيخ الإسلام كلام حول هذا المعنى كما في "الاقتضاء" 2/621.

ب-وهناك من رأى: أنها مخالفة شرعية يجب التحذير منها.

وهذا بحثٌ بذلتُ فيه فيما أظن جهد وصلت من خلاله إلى حكم شرعي وقد أجتهد ولا أوفق وقد أوفق فمن له إضافة أو تعليق أو فائدة فلا يبخل عليَّ بها ولكنني أتمنى منه وأرجو ألا يتسرع في الحكم على هذا البحث إلا بعد قراءته قراءةً كاملة حتى تتضح له الصورة تماماً ويعرف من خلالها الأدلة النقلية والعقلية التي بنيت عليها الحكم فإن الصورة غالباً لا تتضح إلا عند آخر فقرة كما أنني لم أحبذ أن أخرج هذا البحث في صورته الأولى بصورة البحوث الفقهية حتى لا تثقل على القارئ قراءته.

وقبل أن أتحدث في هذا الموضوع أنقل كلاماً مهماً لشيخ الإسلام – رحمه الله – حول مسألة أن هناك من الناس من يظنُ في بعض المسائل أنها سائغةٌ شرعاً، حيث قال – رحمه الله -: (ما عليه كثيرٌ من الناس من كثيرٍ من العاداتِ ونحوها، التي يجعلها من الدلائل على حسن بعض البدع – وذلك -:
بأن يجعل ما اعتاده هو، ومن يعرفه إجماعاً، وإن لم يُعلمْ قولُ سائر المسلمين في ذلك، أو يستنكر تركَه لما اعتاده، بمثابة من {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} [المائدة: 104]).

ثم قال بعد كلامٍ طويل: (ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المُخالفة للسنن مجمعٌ عليها، بناءً على أن الأمة أقرتها، ولم تنكرها، فهو مخطئٌ في هذا الاعتقاد، فإنه لم يزل، ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة، وما يجوز دعوى الإجماع بعمل بلد، أو بلاد من بلاد المسلمين، فكيف بعمل طوائف منهم؟)[1] (http://saowt.com/forum/#_ftn1).

1-وقال أيضاً: (فإذا سُوِّغ فعل القليل من ذلك أدَّى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادةً للناس) انتهى [2] (http://saowt.com/forum/#_ftn2).

وهذه مقدمة مهمة في المسألة، وهناك أمور أحب أن أنبه عليها قبل بيانِ حكم هذه المسألة، وهي:
أولاً: أن الأمور الشرعية لا تؤخذ بالعواطف، فبالنظر إلى الأمور التعبدية التي أحدثها كثير من الناس بعد القرون المفضلة ما أحدثوها إلا عن عاطفة وما دفع بعضهم إلى ذلك إلا التّدين والمحبة لله ولرسوله – صلى الله عليه وسلم، ولكن عند عرضها على الشرع ليبين أهل العلم -الذين أنار الله بصيرتهم- حكمها فإنهم لم يترددوا بالحكم عليها بالبدعية والإحداث.

ومثال ذلك: الذين احتفلوا برأس السنة الهجرية ما قادهم إلى تلك الاحتفالات إلا عاطفة دينية بدعوى أنهم يحبون الإسلام ويرون الكفار يحتفلون برأس السنة الميلادية، ونحنُ نحب ديننا أكثر من محبتهم لدينهم لذا فنحن نحتفل لنبيّن لهم اعتزازنا بديننا، فجعلوا هذا الاحتفال عيداً وعبادةً شرعية ظاهرها الحبُ للدين، وحقيقتها الابتداع والتقليد والتشبه بغيرهم، الشرع يرفض مثل ذلك؛ لأن الله يختبرنا ويبلونا بقوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [تبارك: 2].

قال العلماء: ولم يقل: (أكثركم عملاً) فحسنُ العمل لا يتأتى إلا بأمرين:
1- الإخلاص: فالمرائي، والمنافق، عملهما مردود.
2- المتابعة: فلابد أن يكون العمل وفق ما شرعه الله لا ما استحسنته العقول، والأذواق، وقبلته عقول العامة، من غير أن يعرض على الشرع، وهذا أمر مهم لابد من التنبيه عليه، لأن هناك الكثير من الأمور عند النظر إليها من ناحية عاطفية يقبلها كثير من الناس، بل ويتعجبون من كراهيتها، أو تحريمها، ولكن عند عرض الأدلة التي بُني عليها الحكم، فإن غالبهم -ولله الحمد- سرعان ما يستجيبون لأمر الله، ويسلمون لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه لا شك صفة أهل الإيمان الذين أحسب أن أبناءنا وإخواننا الرياضيين منهم.

ثانياً: الناظر إلى سجود اللاعبين لله شكراً عند إحرازهم للأهداف يعتقد أن ما دفعهم إلى هذا السجود لابد وأن يكون أحد هذه الأمور:
1-إما مظهر إيماني، ولحظة فرحٍ أراد أن يشكر الله عليها.

2-وإما تقليد يقلِّدُ بعضهم بعضًا.

3-وإما محاكاة لما يصنعه اللاعبون الكفرة؛ لأن بعض أبنائنا وإخواننا اللاعبين يقول بأن اللاعب غير المُسلم عندما يسجل هدفاً يشكر إلهه، وأنا من باب أولى أحق بالشكر لربي وخالقي.

ولا شك أن هذا هدف نبيل ولكن الشرع الإسلامي رباني قد كمُل، فلا مجال فيه للاجتهادات.

وكون المسلم يفعل هذا بحجة أن النصارى يشكرون عند تسجيلهم للأهداف خالقهم فأنا أولى منهم، فيقال: وكذلك الذين احتفلوا بالمولد النبوي ما فعلوا ذلك إلا محاكاة لما صنعه النصارى من احتفالهم بعيد ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام، ولقد استشرت البدع في أمتنا؛ وفي غالبها تقليدٌ للنصارى، فاحتفل النصارى بعيد ميلاد المسيح المزعوم، فأحدث بعض جهال هذه الأمة عيداً لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأحدثوا بدعة الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، واحتفل النصارى بعيد رأس السنة الميلادية فحاكاهم جهال الأمة فاحتفلوا برأس السنة الهجرية، حتى أصبحت تعطل الأعمال في بعض البلاد الإسلامية؛ فتعطل الأعمال في اليوم السابق له، واليوم اللاحق له [3] (http://saowt.com/forum/#_ftn3).

ولذا حذر النبي –صلى الله عليه وسلم- من متابعة اليهود والنصارى فقال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبراً بشبر، وذراعاً بذراع))، فقيل: يا رسول الله ! كفارس والروم؟ قال: ((ومن الناس إلا أولئك؟)) [4] (http://saowt.com/forum/#_ftn4)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم، وهم الأعاجم) [5] (http://saowt.com/forum/#_ftn5).

فليس ما يصنعه هؤلاء القوم حجة أو دافع ليفعل المسلم مثلهم، فليست أفعالهم مصادر للتشريع، وليسوا قدوات يحتذى بهم، وهَبْ أنهم فعلوا أفعالاً في ظاهرها القربة إلى الله مع عدم وجود الدليل عليها من شرعنا، فهل نصنع مثلهم؟!

4-وإما رياءَ؛ لأن بعض اللاعبين قد يقول: إن اللاعب الفلاني من النادي الفلاني يسجد لله شكراً، فكسب بذلك الفعل جماهيرية وحسّن صورته أمام الناس، فلماذا لا أسجد كما يسجد، وأكسب من الجماهيرية كما كسب، ولا أظن - من باب إحسان الظن - أن أحداً فعل هذا السجود لهذا المقصد.

5-وإما دعوة ًإلى الله كما يظن بعض إخواننا اللاعبين أثابهم الله على قصدهم الحسن، وأرانا وإياهم الحق حقاً ورزقنا اتباعه، حيث يقول: أنا أحب أن أدعو إلى الله، وأُعرِّف الناس بديني، وهذا -كما قلت- مقصدُ حسنٌ وغايةٌ نبيلة.

ولكن لي على هذا المقصد الحسن ثلاثة مآخذ:
المأخذ الأول: أن الغاية - كما هو مقرر - لا تُبرِّرُ الوسيلة، فكثيرٌ من الناس غاياتهم حسنة ولكن سلكوا مسالك ووسائل عليها كثيرٌ من المآخذ، فمهما كانت غاية الإنسان فلابد أن تكون وسيلتُه مباحةً أو مستحبةً، ولو فُتح مثل هذا الباب فما الذي يمنع أن يصنع مثل هذا السجود أهل الرقص، والطرب بعد رقصهم فغاية الجميع واحدة؛ وهي أن يعرّفوا الناس بدينهم.

وقد يقول قائل كيف تشبّه هذا بذاك؟
فأقول: ليس المقصد: التشبيه، وإنما المقصد: التقريب، فالغاية عندهم واحدة، ولشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – كلام تأصيلي في هذه المسألة، عندما سئل عن جماعة يجتمعون على فعلِ الكبائر من: القتل، وقطع الطريق، والسرقة، وشرب الخمر، وغير ذلك، ثم إن شيخاً من المشايخ المعروفين بالخير، واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك، فلم يمكنه إلا: أن يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية، وهو بدف بلا صلاصل، وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة، فلما فعل هذا تاب منهم جماعة، وأصبح من لا يصلي، ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات، ويؤدي المفروضات، ويجتنب المحرمات، فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه، لما يترتب عليه من المصالح مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا؟

فأجاب – رحمه الله وأسكنه فردوسه – جواباً طويلاً إليك مختصره حيث قال: (أصل جواب هذه المسألة وما أشبهها: أن يعلم:
1- أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى، ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، وأنه أكمل له ولأمته الدين، كما قال تعالى: {اَليَومَ أكْمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3].

2- وأمر الخلق أن يردوا ما تنازعوا فيه من دينهم إلى ما بعثه به، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الذِينَ ءَاَمَنُوآ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوِلي الأَمرِ مِنْكُم فَإِن تَنَازَعْتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ والرَّسُولِ إن كُنتُم تُؤمِنُونَ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأحَسَنُ تَأوِيلاً} [النساء: 59].

3- إذا عُرف هذا فمعلوم أنما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ويتوب به على العاصين، لابد أن يكون فيما بعث الله به رسوله من الكتاب والسنة، وإلا فإنه لو كان ما بعث الله به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفي في ذلك، لكان دين الرسول ناقصاً، محتاجاً تتمة.

4- وينبغي أن يعلم أن الأعمال الصالحة أمر الله بها أمر إيجاب أو استحباب، والأعمال الفاسدة نهى الله عنها.

5- والعمل إذا اشتمل على مصلحة ومفسدة، فإن الشارع حكيم، فإن غلبت مصلحته على مفسدته شرعه، وإن غلبت مفسدته على مصلحته لم يشرعه؛ بل نهى عنه، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم وَعَسَى أَن تكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَّكُم وَعَسَى أن تُحِبُّواْ شَيئاً وَهُوَ شَرٌ لَّكُم وَاللهُ يَعْلمُ وَأَنتُم لاَ تَعْلَمُونَ}، وقال تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيسِرِ قُل فِيهِمَآ إثمٌ كَبيرٌ وَمَنَافِعُ للِنَّاسِ وَإثمُهُمَآ أَكبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}. ولهذا حرمهما الله تعالى بعد ذلك.

6- وهكذا ما يراه الناس من الأعمال مقرباً إلى الله، ولم يشرعه الله ورسوله؛ فإنه لابد أن يكون ضرره أعظم من نفعه، وإلا فلو كان نفعه أعظم غالباً على ضرره لم يهمله الشارع؛ فإنه صلى الله عليه وسلم حكيم لا يهمل مصالح الدين، ولا يفوت على المؤمنين ما يقربهم إلى رب العالمين.

7- إذا تبين هذا فنقول للسائل: إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعون على الكبائر، فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي.

8- وهذا يدل أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة، أو عاجز عنها.

9- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية.

10- فلا يجوز أن يقال: إنه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة.

11- فإنه قد علم بالاضطرار، والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع البدعي.

12- بل السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ - وهم خير أولياء الله المتقين، من هذه الأمة - تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية.

13- وأمصار المسلمين وقراهم قديماً وحديثاً مملوءة بمن تاب إلى الله واتقاه، وفعل ما يحبه الله ويرضاه بالطرق الشرعية، لا بهذه الطرق البدعية.

14- فلا يمكن أن يقال: إن العصاة لا تمكن توبتهم إلا بهذه الطرق البدعية؛ بل قد يقال: إن في الشيوخ من يكون جاهلاً بالطرق الشرعية، عاجزاً عنها، ليس عنده علم بالكتاب والسنة، وما يخاطب به الناس، ويسمعهم إياه، مما يكون سبباً لتوبتهم، فيعدل هذا الشيخ عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية.

15- إذا عرف هذا فحقيقة السؤال: هل يباح للشيخ أن يجعل هذه الأمور التي هي: إما محرمةٌ، أو مكروهةٌ، أو مباحةٌ، قربةً وعبادةً وطاعةً وطريقةً إلى الله يدعو بها إلى الله، ويتوب العصاة، ويُرشِد الغاوين، ويهدي به الضالين؟

فالسؤال عن مثل هذا أن يقال: هل ما يفعله هؤلاء طريقٌ وقربةٌ وطاعةٌ لله تعالى يحبها الله ورسوله أم لا؟ وهل يثابون على ذلك أم لا؟

16- وإذا لم يكن هذا قربةً وطاعةً وعبادةً لله، ففعلوه على أنه قربةٌ، وطاعةٌ، وعبادة،ٌ وطريقٌ إلى الله تعالى. هل يحل لهم هذا الاعتقاد؟ وهل العمل على هذا الوجه مشروع؟

17- وإذا كان السؤال على هذا الوجه لم يكن للعالم المتبع للرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يقول: إن هذا من القرب والطاعات، وأنه من أنواع العبادات، وأنه من سبيل الله تعالى وطريقه الذي يدعو به هؤلاء إليه، ولا أنه مما أمر الله تعالى به عباده لا أمر إيجاب، ولا أمر استحباب.

18- وما لم يكن من الواجبات والمستحبات فليس هو محموداً، ولا حسنةً، ولا طاعةً، ولا عبادةً باتفاق المسلمين.

19- فمن فعل ما ليس بواجب، ولا مستحب على أنه من جنس الواجب، أو المستحب فهو ضال مبتدع، وفعله على هذا الوجه حرام بلا ريب) [6] (http://saowt.com/forum/#_ftn6). ولذا فلابد للوسائل أن تكون مُقرّة شرعاً.

المأخذ الثاني: لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم دعوا إلى الله بمثلِ هذا السجود المُجرّد من القول، فهل من دليلٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي إلى مجتمع الشرك فيخرُ ساجداً لله، ثم ينصرف دون أن يدعهم بالقول؟! فكيف يتعرفون على الدين بمثلِ هذه الحركة المُجردة، التي قد لا يستوعبها المُشرك المدعو؟!

فهذه وسيلةٌ دعوية لم تعرف من قبل، فهو خرج بالسجود عن أصله من كونه للشكر إلى أنه للدعوة المزعومة. بناءً على هذا النهج فكلُ إنسان سوف يأخذ جزءاً من العبادات ويستخدمها كوسيلة دعوية مجردةٍ من القول، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

المأخذ الثالث: عندما يسجد اللاعب لله شكراً أمام الملايين من المشاهدين الغربيين والشرقيين سواءاً كانوا حضوراً في الملعب أو عبر القنوات، هل يظن بسجوده هذا أنه قد دعا إلى الله بهذا السجود لو صحت الوسيلة؟ أجزم بعدم صحة هذا الأسلوب في الدعوة إلى الله؛ لأن سجودهِ أمام الملايين سيكون ضرّهُ أعظم من نفعه، وما جاء كما قال شيخ الإسلام: (ما جاء مبطلٌ بدليل إلا كان الدليل ضده لا معه)[7] (http://saowt.com/forum/#_ftn7)، وذلك بسببٍ لا يخفى على من له اطلاع، لأن نظرة أهل الغرب الذين نهدف إلى دعوتهم وتعريفهم بدين الإسلام.

من خلال هذا السجود الذي فعله اللاعب عند تسجيله للهدف لن يخرج عما يلي:
1. سيظن بعضهم بأن هذه الحركة لا تعدو أن تكون حركةً استعراضيةً لا أقل ولا أكثر، لأن المشاهد الغربي اعتاد على مشاهدة تنوع حركات اللاعبين الاستعراضية عند تسجيلهم للأهداف؛ لأن الإنسان الغربي يعاني من فراغ، وتراه دائماً ينوع ويجدد في الموضات في أفعاله، وتصرفاته، فما الذي يُخرج هذا السجود من اللاعب الذي سجل هدفاً بنظر المشاهد الغربي عن هذا المفهوم، بأنها من الحركات التي يصنعها مُحرِزُو الأهداف عند تسجيلهم للأهداف رغبةً بشد انتباه الجمهور، وبهذه النظرة تكون الغاية والمقصد من جعلها وسيلة دعوية مفقودة تماماً عند هذه الشريحة العريضة من الجماهير الغربية والشرقية التي ستنظر إلى هذا السجود بهذا المفهوم.

2. وقد يظن بعض المشاهدين الشرقيين والغربيين بأن هذا السجود لا يعدو أن يكون سجودَ ذلٍ وتواضعٍ وحبٍ وخضوعٍ للجماهير، ويفهم بأن هذا السجود تحية من هذا اللاعب لجماهيره وتقديراً لهم، خاصةً وأن بعض أهل الشرق، والغرب اعتادوا أن ينحنوا ويسجدوا للعظماء، وهذا السجود قد يُنفر الكثير من أهل الشرق والغرب من الإسلام، فمتى ما فهم المشاهد بأن هذا السجود هو: سجود للجماهير تحية لهم بظنهم ومتى ماعرفوا بأنه مسلم، فسيقول: ماهذا الدين الذي يربي أفراده على مثل هذا الذل والخضوع للبشر؟

ثق - أيها الأخ الكريم - بأن غالب المشاهدين سيفسرون هذا السجود بهذا التفسير السيئ، ويفهمون بأن العرب يسجدون للبشر، هذا إن كانوا يفهمون أن هذا الساجد عندما أحرز الهدف عربيٌ أم أعجمي، خاصةً وأن الفرق - كما هو معروف - عند أهل الغرب قد تحتوي على عددٍ من اللاعبين مختلفي الأديان، مابين مسلمٍ ونصراني وبوذي ومجوسي، فلا يعرفون عن ديانة اللاعب شيئاً، بل لا تعنيهم، وقد سألت من له درايةٌ في معرفةِ أحوال أهل الغرب كيف تظن هؤلاء المشاهدين الغربيين سيفهمون هذا السجود الذي فعله اللاعب المسلم عندما سجل هدفاً؟

فقال: أظنهم سيفهمون بأن هذا اللاعب يحييهم بهذا السجود ولا يخطرُ على بالهم أنها عبادةٌ لله، وما دام أن هذه النظرة عند المشاهد الغربي قد تحتمل أنه سجودٌ لله، أو حركةٌ استعراضية، أو تحيةٌ للجمهور فقد حوت من المفاسد أعظم من المصالح، ودرء المفسدة مقدمٌ على جلب المصلحة ،كما لا يخفى على طالب علم، وبهذا أظن بأن هذه الغاية النبيلة لن تتحقق بهذه الوسيلة التي هي غير مُقرّة أصلاً، فكيف وقد اعترتها مفاسد.

3. إنني أؤكد أن غالب مشاهدي اللاعب وهو يسجد لله شكراً وخاصة من اليهود والنصارى، لا يتصورون بأن هذا السجود عبادة في أي حال من الأحوال، لأنه قد استقر في أذهانهم ، أن الطقوس الدينية ، والعبادات الإلهية لا تكون إلا في المعابد، والكنائس لا في الملاعب؛ لأن تعاليم دينهم توجب عليهم أن يقصروا أداء العبادات في الكنائس ، وهم يفهمون تعاليم الديانات الأخرى قياساً على تعاليم دينهم، خاصة وقد اتفق دين اليهود، ودين النصارى على قصر العبادات في الكنائس[8] (http://saowt.com/forum/#_ftn8)، ولذا لن يخطر في بالهم أن هذه عبادة دينية، وسيقولون: يستحيل أن تكون هذه عبادة، فالعبادات عندهم لا تكون إلا في المعابد، لا الملاعب خاصة وأن التيسير على الناس وإتاحة الفرصة لهم في أداء العبادة في كل مكان ، إلا المقبرة والحمام من خصائص دين الإسلام ، التي اختص بها، ولم تعرفه الأديان من قبله لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً،.. وذكر منها (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلي) رواه البخاري [9] (http://saowt.com/forum/#_ftn9).

وقد يقول قائل: لعلنا في إجازتنا لسجود اللاعب عند تسجيله للهدف نفهم الغرب بأن في دين الإسلام يسر ومزية عن غيره من الأديان.

فأقول: هذا مقصد نبيل ولكن هل الملاعب موطن إيصاله؟ ناهيك أن هناك من قد يفهم قصدك الحسن وهم فئة ولو كثروا، فإنهم سيكونون الأقل، والبقية سيفهمون عكس مقصدك، والدليل إذا طرقه الاحتمال بطل فيه الاستدلال.

4. بعض المشاهدين الغربيين، والشرقيين قد يفهمون من سجود الشكر الذي فعله اللاعب المسلم عند إحرازه للهدف بالقصد الصحيح الذي أراده اللاعب من هذا السجود وهو: أنه يشكر ربه وخالقه على هذا التوفيق، وسيفهم المشاهد الغربي بأن هذا الفعل –أي السجود- الذي صدر من اللاعب عند تسجيله للهدف مصدره تدين اللاعب، وتعليمات استقاها من دينه، ولكن يا ترى هل سيفهم المشاهد الغربي والشرقي بأن دين هذا اللاعب هو الإسلام؟

الصحيح: أن أفهامهم ستختلف؛ لأن الأديان متنوعة فهناك من:
أ) سيفهم بأن هذا السجود مصدره دين الإسلام العظيم، وبأن هذا اللاعب مسلم وسوف يكون مثار إعجاب بعضهم بمدى تمسك هذا اللاعب بدينه.

وقد يسعى جاهداً إن كان معجباً بهذا اللاعب بالتعرف على دينه، وقد يكون مثار سخطهم وكرههم لدينه في الحالات التالية:
الحالة الأولى: إن كان هذا اللاعب منبوذاً عندهم.

الحالة الثانية: اللاعب الذي سجد لله شكراً عندما سجل هدفاً في مرماهم، سوف يكرهونه ويكرهون دينه –خاصة- وقد علم القاصي والداني بأن غالب المشجعين الرياضيين عندهم من التعصب ما الله به عليم، فبعضهم قد يكره أهله، وإخوانه إذا خالفت ميولهم ميوله هذا في بعض أهل الأسلام فكيف فيمن لا خلاق لهم، فهذا اللاعب بسجوده للشكر رغَّب فئة في دينه وكرَّه فئة.

الحالة الثالثة: قد يقول بعض المشاهدين الغربيين، والشرقيين الذين سجَّل المُسلم في مرماهم هدفاً، بأن مسجل الهدف في مرمانا إنسان إستفزازي و دينه يدعو للاستفزاز، ودليل ذلك حركته التعبدية لربه التي فعلها عندما سجل فينا هدفاً، فنحن في حال حزن وكرب بسبب هدفه فينا ومع ذلك يسجد لله شكراً على ما أصابنا، هل دينه يعلمه ويحثه على استفزاز الناس وهم في همٍّ وغمٍّ؟! قلت هذا لأن الانتصار عليهم في المباريات يُعد أمراً محزناً لهم، بل قد تقتل الأهداف بعضهم وتصيبه بالإغماء والشلل والسكتات القلبية ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الحالة الرابعة: بعض المشاهدين الغربيين سيكره ديننا، لأن اللاعب لم يختر التوقيت المناسب للتعريف به، ولم يحسن انتهاز الفرصة المناسبة لدعوتهم كما يدَّعي، فالكرة عند كثير من أهلِ الغرب والشرق حياة أو موت، ولا مُتعة لهم في الحياةِ بدونها؛ فترى الغربّي يجمع ويوفر من مصروفه مدة أربع سنوات، ثم يصرفها بكل كرم وسخاء على كأس العالم، وتكلفة الرحلة ومشاهدة المباريات عشرات الآلاف، بل وتجد منهم من يستدين، ويسافر عن طريق شركات التقسيط ويخسر الأموال الطائلة ثم يأتي اللاعب الذي سجل فيهم هدف ويسجد لله شكراً أمامهم ولسان حاله يقول: أعرّفك أيها الكافر بديني عندما أصيب الهدف في مرماك، والحزن يلفك.

قلت: ما هذا والله بأسلوب دعوة ولا منهج داعية، فهل من أساليب الدعوة أنه يطعنه بالأهداف ويقهره، ثم يقول: أريد الآن أن أعرفك بديني؟ هل رأينا إنساناً يقاتل الناس في معركة ثم يجرحهم ويقولُ: أعرفّكم بديني؟! هل عُرف مثل هذا الأسلوب في القديم؟! إن أراد هذا اللاعب أن يعرَّف أهل الغرب بدينه وأراد أن يدعو المشجعين الرياضيين إلى دينه، ويحببهم إليه، فعليه أن يكرمهم، لا أن يهينهم، ويسخر منهم، ولا أن يفوز عليهم ويذلهم بأهدافه، وأن يحسن إليهم، لا أن يسيء إليهم، فالفوز عليهم إساءةٌ لهم، وجرحٌ لهم، والهزيمةُ منهم إحسانٌ إليهم.

وأظن لو صح اعتبار السجود وسط الملايين من المشاهدين أسلوبٌ دعوي فأظن أن أحسن أسلوب لدعوتهم إلى دينه أن يفتح مرمى فريقه وأن يجعلهم يكثروا زيارته، حتى يثخنوه بالأهداف بكافةِ الألوان والأشكال مع الابتسامة عند كلِّ هدفٍ يلجُ مرماه من أقدامهم ، فهنا أفرحهم وأسعدهم، وآثرهم على نفسه، ومكنّهم من هزيمته بسخاء، وسمح لصغيرهم، وكبيرهم، وحارسهم، ومهاجمهم، بالتسجيل في مرماه، عندئذٍ سيُحبونه وتكون أنفسهم مفتوحة للتعرّف على دينه فقد يتقبلوا في هذه اللحظات المانعة لهم سجوده للتعريف بدينه، لا أن يهزمهم ثم يقول أدعوهم بهذا السجود، لأنه عندما يهزمهم سوف يتضررون مادياً ومعنوياً، فسوف يُطرد مدربون ولاعبون، وتخسر دول وشركات كلها بسببه، وبسبب أهدافه التي تضرروا منها، ثم يقول أدعوكم إلى ديني؟! واشكر ربي على هذا المصاب العظيم الذي أصابكم بسببي؟! لأنهم يعدوُّن الهزيمة مُصيبة !!

هكذا عقولهم، وهكذا تربيتهم، وما المليارات التي ينفقونها عليها إلا دليلٌ أكيدٌ على ذلك. أي منطق يعتبر تسجيل الأهداف في مرمى الخصم، والسجود بعده شكراً لله أسلوب دعوه؟! هذه حقيقةٌ لابد أن تقال، فالحُكم على الشيء فرعٌ من تصوره، والحكم كما لا يخفى يدورُ مع علَّته. [10] (http://saowt.com/forum/#_ftn10).

وقد يقول قائل: إننا لا ندعوا أنصار الفريق المهزوم، إنما ندعوا غيرهم.

فأقول:
· إن الملعب لا يوجد فيه إلا أنصارٌ الفريقين غالباً أو متعاطف مع أحد الفريقين، فأنصارُ فريقه الأصل فيهم أنهم من أهلِ دينه، وأنصار الفريق الآخر وهم الذين سيدعوهم فهم في الغالب دين آخر.

· إنه إن كسب فئة وعرّفها بدينه، فقد خسر أضعاف أضعافهم من الجماهير، وكرههم بدينه، ونفرهم منه، ودرء المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة كما لا يخفى.

· إن التنفير من الدين بسبب السجود لله شكراً عندما سجل فيهم هدفاً قد حصل لا محالة عند غالب المشاهدين، أما الترغيب فمحتمل غير مؤكد، فكيف يستخدم أسلوباً دعوياً في زعمه في توقيتٍ غير مناسب، وهو يجزم أنهُ مضايقٌ لفئة، منفرٌ لها على أملِ أن تنتفع به فئة.

ب) وهناك من المشاهدين من سيفهم بأن مصدر هذا السجود: مصدر ديني، وتعليم ديني، ولكنه لا يعرف مسمى هذا الدين، فكما أن هناك من سيفهم أنه دين الإسلام، فهناك أيضاً من سيفهم بأن هذا مصدره دين من الديانات الشرقية، وبأن هذا السجود من الطقوس الدينية في الأديان الشرقية، ومن عرف الغرب والشرق على حقيقتهما، علم قطعاً بأن غالب المشاهدين في العالم لا يعرفون ديانة اللاعب، ولا يهمهم ولا يعنيهم دينه، فلا يفرقون بين مسلم، أو نصراني، أو بوذي.

خاصة وقد اعتادوا في بلدانهم على تعدد ديانات اللاعبين في الفريق الواحد، سواء كان منتخباً، أو نادياً خاصةً، وأنهم يرفعون في بلدانهم شعار العلمانية لا الدينية. فبفهمهم المختلف تبين أن ما أراد اللاعب إيصاله بتعريفه بديننا بسجوده للشكر عند تسجيله للهدف، لن يصل إلا إلى فئة قليلة، وفئة أخرى ستفهمه على غير مقصده، فهنا يكون ضُر السجود للشكر أعظم من نفعه.

ثالثاً: على الجميع أن يعلموا:
1. أن الشكر لله عبادة قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243] وقال تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123].
2. والسجود لله –عز وجل- عبادة، قال تعالى: {كلا لا تطعه واسجد واقترب} [العلق: ].
3. والعبادة - كما هو معلوم عند أهل العلم - توقيفية، فلابد من إثباتها بدليل من كتابٍ أو سنةٍ، ولابد أن يرجع فيها إلى الشرع المطهر، فلا تصح العبادة: باستحسان عقولٍ، أو أمزجةٍ، بل لابد من دليل يدل على صحتها من كتابٍ أو سنةٍ. فهل يا ترى سجود الشكر على التوفيق في أمورٍ مكروهةٍ، أو مباحةٍ في أحسن أحوالها كحال كرة القدم وما يماثلها عباده؟!

رابعاً: الناظر في الأدلة الشرعية، يجد أن سجود الشكر ما كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، إلا عند: تجدد نعمة، أو زوال نقمة، مع التنبيه أن عامة الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لله شكراً في صحة ثبوتها نظر. لذا اختلف أهل العلم في حكم سجود الشكر أصلاً حتى لو حصل التوفيق في أمور واجبة، أو مستحبة، فكيف بأمور مباحةٍ، أو مكروهة، أو محرمةٍ في بعض أحوالها؟

بناءً على موقفهم من هذه الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً فهناك من رأى:
1-أنه مشروع.
2-وهناك من رأى أنه واجب.
3-وهناك من رأى أنه مستحب.
4-وهناك من رأى أنه سنة.
5-وهناك من رأى أنه مباح.
6-وهناك من رأى عدم مشروعية سجود الشكر أصلاً وهذا هو المشهور من مذهب المالكية أنه مكروه.
7-ورأي بعض أهل العلم أنه مكروه كراهية تحريم.
8-بل جعل بعض أهل العلم، سجود الشكر في جميع أحواله، وصوره ودوافعه، بدعة.

قلت: الأقوال الأخيرة مرجوحة، لمخالفتها بالأدلة الشرعية. لأن سجود الشكر ثابت للأدلة التالية:
1.عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءه أمرُ سرورٍ، أو بُشَّسر به، خر ساجداً شاكراً لله تعالى)) وفي رواية الترمذي: (أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أتاه أمرُ فسر به فخر ساجداً)[11] (http://saowt.com/forum/#_ftn11).

2.عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريباً من عزوراء نزل فرفع يديه، فدعا الله عز وجل ساعة، ثم خر ساجداً فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه، فدعا الله ساعة ثم خر ساجداً فمكث طويلاً ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجداً ذكره أحمد ثلاثاً قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ((إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً شكراً لربي، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الأخير فخررت ساجداً لربي))[12] (http://saowt.com/forum/#_ftn12).

3. عن جابر رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً نغاشياً [13] (http://saowt.com/forum/#_ftn13) فخر ساجداً، ثم قال: أسأل الله العافية)). [14] (http://saowt.com/forum/#_ftn14).

4. وعن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني لقيتُ جبرائيل عليه السلام فبشَّرني وقال: إن ربك يقول لك: من صلَّى عليك، صليتُ عليه، ومن سلَّم عليك، سلمَّتُ عليه، فسجدتُ لله شكرا"[15] (http://saowt.com/forum/#_ftn15).

5. روى البخاري في صحيحه: (أن كعب بن مالك –رضي الله عنه- سجد لما جاءته البشرى بتوبة الله عليه حيث قال رضي الله عنه في حديثه الطويل: (... فخررت ساجداً) [16] (http://saowt.com/forum/#_ftn16).

قال النووي: قوله: (فخررت ساجداً) دليل للشافعي وموافقيه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت أو نقمة ظاهرة اندفعت[17] (http://saowt.com/forum/#_ftn17).

وفي الجملة؛ فأدلة ثبوت سجود الشكر كثيرة ليس هذا مجال سردها.خامساً: غالب أهل العلم يرون أنه لا يسجد لله شكراً، إلا في الأمور العامة التي فيها مصلحة لأهل الإسلام، كالنصر على العدو، ونزول المطر، أو اندفاع العذاب والبلاء عن المسلمين.

قلت: وهذا قول مرجوح؛ لأن الأدلة خلافه.

سادساً: والصحيح أنه يُسجد لله شكراً في المنافع العامة كالتي سبقت أمثلتها، والمنافع الخاصة كمن: رزق الولد، أو كمن نجا من غرق، أو حريق، وكمن نجا وسلم من حادث، أو أنجاه الله من قطاع طرق، وما شابه ذلك ودليل صحة ذلك سجود كعب بن مالك - رضي الله عنه - عند نزول الآية التي فيها قبول توبته ورضا الله عنه[18] (http://saowt.com/forum/#_ftn18).

فهل يا ترى سجود محرزي الأهداف وأنصارهم بمثل هذه المبررات يصح؟ وهل تسجيل الأهداف نعمةٌ يستحب أن يشكروا الله عليها؟! فهل يقاس دخول قطعة جلد بين حدائد يقاس برضى رب العالمين عن عبد من عباده؟!

سابعاً: إن من لوازم القول بأنَّ الأهداف نعمة تستحق الشكر داعياً إلى القول بأن عدم تسجيل الأهداف نقمة ومنحة تستوجب الدعاء برفع الضر وجلب النصر، ولا يكون هذا إلا بالدعاء والقنوت، والابتهال إلى الله، وحث الناس على التوبة، والإستغفار من أجل أن يُحصّلوا هذا النصر المزعوم، إي وربي إنني أخشى إن سكتنا عن هذا القول ولم نبيّن للناس حكم الشرع فيه، أن يأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه بعض اللاعبين، وأنصارهم يدعون في الصلاة، ويدعون في آخر خطبة الجمعة بإن ينصرَ الله فريقهم، بل وقد يدعون في القنوت في رمضان وغيره، من أجل انتصار فريقهم، فما فرق هذا عن ذاك؟ طالما أن المسألة أهواء وأمزجة، ورضي الله عن علي عندما قال: لو كان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه[19] (http://saowt.com/forum/#_ftn19).

وقد يقول قائل: لقد أبعدت النجعة، وحمّلت الأمر ما لم يحتمل، وقست هذا بذاك، وما هناك أحد قال بمثل هذا الدعاء أو أجازه.

أقول: نعم، ليس هناك أحد قال بمثل هذا القول.

ولكن هناك أسئلة تطرح:
1. إن كنتم تعتبرون الهدف نعمة، والبطولة نعمة، فالنِعمُ لابد أن نلجأ إلى الله ليرزقناها، وأن يُدعَى الله للحصول عليها، فسجودُ الشكر بسبب الحصول على هذه النعمة المزعومة، لا يفرق عن الدعاء أن يرزقنا ربي إياها، في الصلاة، وفي آخر خطبة الجمعة، وفي قنوت الوتر في رمضان إن كان جماعياً، أو في الوتر للمنفرد.

2. طالما أنكم اعتبرتم البطولات والأهداف نعم، فعليكم أن تجعلوا البلدان التي حرمت من التأهل لكأس العالم، والفرق التي حرمت من البطولات، والفرق التي شحت أهدافها، والفرق التي بالأهداف أثخن مرماها، أن يعدُّوا هذه نوازل، خاصةً وأن أهل العلم اختلفوا في اعتبار النازلة، فقد يقول فريق: نحن منتخب دولة، وهذه نازلة على دولتنا، وقد يقول فريق آخر: هذا فريق مدينتنا، وعدم صعوده إلى الدرجات الأعلى نازلة حلت في مدينتنا، فما الذي أخرج هذا عن ذاك؟

وهذه سلسلة يجرُّ بعضها بعضا، فطالما الأمرُ افتقد إلى الدليل الشرعي واعتمد على الأقيسة الفاسدة الكاسدة، فعليهم أن يقيسوا هذا بذاك، فمن فتح لنفسه باباً بإجازة مثل هذا السجود فعليه أن لا ينتقي ما يشاء، ويشرع بمثل هذه الإفتاءات، وما أظن من عنده علمٌ شرعي سيجيزُ الدعاء في القنوت، أو دعاء النوازل، أو الدعاء في السجود، وإني أظنُ إن كان أحدٌ قد أجاز مثل هذا السجود، فأظنه إن تأمل وتدبر وأنعم النظر فقد يكون له رأي آخر، إما تأكيدي وتوضيحي؛ أو تراجع، وهذه سمة أهل العلم والفضل، فكثيرٌ منهم تراجع عن فتواه وعن آرائه من أئمة الإسلام في القديم، والحديث، والرجوع إلى الحق منقبة تدلُ على علمِ العالم، بل وتوثق الناس بقوله.

ثامناً: من أجاز سجود الشكر من أهل العلم أجازه في الأمور المستحبات، لا المكروهات، ولا المحرمات، وهو الصحيح فلو سجد الإنسان لله عند فعل المعاصي فهو بفعله هذا يكون مستهتر، ومستهزيء، كسجود: لص بعد إتمام سرقته، أو مهربٍ للمخدرات بعد إتمام عملية تهريبه، وما شابه ذلك من المحرمات.

وذكر العلامة الراحل بكر أبو زيد – رحمه الله- في كتابه (تصحيح الدعاء) كلامًا طيّبًا نافعًا كعادته –رحمه الله- حين قال: (بأن كل محرمٍ، أو مكروه، من قول، أو عمل، لا يجوز افتتاحه بشيء من ذكر الله تعالى، لما فيه من الامتهان، وقد وصل الناس في هذا إلى حد العبث، وعدم المبالاة، والتغطية على عقول السُّذج بمشروعية تلك المحرمات، بل وصل الحال إلى «سجود المعصية» عندما يفوز فريق رهان على آخر، يسجد الفائز لتفوقه المحرم، وهذا السجود من أسباب سخط الله، وعقابه، فالله المستعان.

وعن مكحول الأزدي قال: قلت لابن عمر: أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والسارق والزاني يذكر الله؟ وقد قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}؟ قال: إن ذكر الله هذا، ذكره الله بلعنته حتى يسكت. وعلق على هذا الأثر الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى – قائلاً: (وهذا الذي قال ابن عمر حق، ينطبق تماماً على ما يصنع أهل الفسق والمجون في عصرنا، من ذكر الله – سبحانه وتعالى – في مواطن فسقهم وفجورهم، وفي الأغاني الداعرة. إلى أن قال: فكل أولئك يذكرون الله فيذكرهم الله بلعنته حتى يسكتوا). انتهى كلامه[20] (http://saowt.com/forum/#_ftn20).

قلت: وسجود الشكر في المباريات التي تقام على الرهان والميسر ينطبق عليه ما سبق.

تاسعاًً: لابد من الرجوع في الحكم في فهم الأدلة إلى أهل العلم الأثبات، وقد ذهب عامتهم إلى عدم إجازة مثل هذا السجود، بل عده بعضهم بدعة.

وقبل أن أذكر لك أقوالهم أحب أن أنبه إلى:
1- أنَّ كثيراً من الناس قد يتفاجأ ببعض الأحكام الشرعية على خلاف مفهومه، وقد يصدم، بل وقد يرد الحكم بانفعال، أو عاطفة، أو تقليد، أو عدم استيعاب، لذا فعليه التريث حتى يرجع لأقوال أهل العلم وأدلتهم، ولا تأخذه العزة بالإثم، ولا يجادل عن الباطل.

2- أن هؤلاء العلماء من أحرص الناس على الدعوة إلى الله، ومن أحب الناس للخير، ويفرحهم أن يتوجه الشباب إلى ربهم وأن يعودوا إليه وينيبوا، ويفرحهم أن يتمسك الشباب مهما كان توجههم بدينهم، وأن ترى عليهم مظاهر الإيمان، ولا شك أن الناظر لمثل هذا السجود من وهلته الأولى يفهم أن مقصده إيماني وقرباً من الله، وعندما يحذر أهل العلم مع شدة حرصهم على الخير من مثل هذا السجود فلابد أنهم بحثوا في الأدلة فلم يجدوا لمثل هذا الفعل دليل يجيزه، ولا نص يؤيده، فخلصوا إلى هذا الحكم.

3- وهل يظن عاقل بعلماء الأمة، وكبارهم أنهم لا يشجعون على الخير، أو لا يفرحون بمثل هذه المظاهر الإيمانية؟ بلى والله يحبون الخير، ويفرحون ولكن مثل هذا الصنيع ليس عليه دليل يؤيده، لذا حذروا منه وبينوا حكمه الشرعي إرضاءً لله عز وجل، وليس تعنتاً، ولا تشدداً، كما قد يفهم بعض المتسرعين. لذا عليك أيها القارىء أن تثق بأن حكمهم هذا لم يأت متسرعاً، ولا جزافاً، وحاشاهم ذلك، فلا تجعل عاطفتك وماانقدح في ذهنك، وما تصوره عقلك بجواز مثل هذا العمل مانعاً لك من قبول الحق متى بان لك.

وأذكر بعضاً من أقوال هؤلاء العلماء حتى تكون على بينة من أمرك، فإليك أقوالهم، رحم الله من مات منهم وثبت على الحق وأطال في أعمار من بقي منهم على قيد الحياة:
1- سئل سماحة الإمام العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن حكم التكبير عندما يسجل اللاعب هدفاً فقال لا ينبغي فعل ذلك. [21] (http://saowt.com/forum/#_ftn21) فإذا كان الشيخ ينهى عن التكبير، وسجود الشكر من صحته التكبير فمن باب أولى أن ينهى عن السجود من باب قياس الأَوْلَى، كما هو مقرر عند علماء الأصول.

2-الإمام العلامة الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – سُئل صراحة عن سجود الشكر في محاضرة له في نادي العربي في عنيزة بعنوان آداب الخلاف وهي موجودة في تسجيلات الاستقامة وكان المقدم الدكتور/ عبدا لله الطعيمي فقال: «هل غلبة فريقك نعمة تستحق الشكر؟ إلا إذا كان هذا الفريق سوف يفتح بيت المقدس!!" ثم قال – رحمه الله- «الحاصل أن الساجدين عندهم أصل، ولكن هذا التفوق لا يستحق أن يسجد لله من أجله شكراً، فهو مجرد لعب».

3-سُئل العلامة سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله- مفتي المملكة العربية السعودية عن سجود اللاعبين للشكر عند تسجيل الأهداف، فقال: «إن سجود الشكر يكون في حال تجدد نعمة، أو دفع نقمة، فما أتصور أن في ذلك داعياً للسجود فلا يوجد في ذلك منفعة، ولا أن هناك فائدة من وراء ذلك».

4- وسُئل الإمام العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية عن سجود الشكر للاعبين فقال: لا وجه للسجود عند إصابة الرياضي للهدف، لأن هذا ليس من تجدد النعم، فيكون بذلك بدعة. [22] (http://saowt.com/forum/#_ftn22).

عاشراً: مباريات كُرة القدم وغيرها من المباريات المختلفة كالسلة واليد..إلخ، هي في أحسن أحوالها لا تتعدى أن تكون من: المباحات، أو المكروهات، وهي مجردُ لهوٍ، ولعبٍ وتسليةٍ، وهذا يكون في حال خلوها من المحاذير الشرعية التي ليست في مجال بحثنا هذا، ويجب ألا تتعدى كُرة القدم هذا الحكم؛ لأن أحسن أحوالها كما قلت: الكراهية، أو الإباحة.

الحادي عشر: ما عرف لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه أنهم سجدوا لله شكراً في الأمور المباحة، فضلاً عن الأمور المكروهة فالرسول -صلى الله عليه وسلم- سابق وسَبَقَ ولم يسجد، والصحابة تسابقوا على الخيول، والأقدام بل وتنافسوا في المياه أيهم أطول نفساَ[23] (http://saowt.com/forum/#_ftn23).

ولم يسجد الفائز منهم، وهم الأسوة والقدوة، والعبادات كما سبق أن بينت توقيفية، فلا يجوز أن نجتهد فيها، ولم يثبت مثل ذلك السجود عنهم.

chidichidi
08-29-2009, 10:48 PM
الحادي عشر: ما عرف لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه أنهم سجدوا لله شكراً في الأمور المباحة، فضلاً عن الأمور المكروهة فالرسول -صلى الله عليه وسلم- سابق وسَبَقَ ولم يسجد، والصحابة تسابقوا على الخيول، والأقدام بل وتنافسوا في المياه أيهم أطول نفساَ[23] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn23).

ولم يسجد الفائز منهم، وهم الأسوة والقدوة، والعبادات كما سبق أن بينت توقيفية، فلا يجوز أن نجتهد فيها، ولم يثبت مثل ذلك السجود عنهم.

قد يقول قائل: إن عدم النقل عنهم لا يستوجب التحريم؛ فأقول بل يستوجب التحريم، لأن هذه عبادة، والعبادة توقيفية إذا لم يأتي الدليل على صحتها، فيجب اجتنابها، فهم - كما قلت -: لم يسجدوا عند انتصارهم في لهوٍ مباح، فما بالك في السجود في مثل هذا اللهو الباطل، واللهو كما هو معلوم في غالب أحواله باطل، وإن لم يكن محرماً أفيشكر الله على فعل الباطل؟

قال –صلى الله عليه وسلم-: ((كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاث: رمية عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)) [24] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn24).

فإذا كان لم يثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه سجد لله في مثل هذه الأمور المباحة، بل والمستحبة ولو حصل له فيها التوفيق، فكيف بالأمور الباطلة التي لم يرد فيها النص؟

ولا شك بأن لعب الكرة من اللهو الباطل لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- حصر اللهو غير الباطل في مثل هذه الأمور، وهذه الأمور وإن كانت باطلة إلا أنها ليست محرمة وهذا قول عامة أهل العلم، ومن ذلك:

1-قال ابن العربي -رحمه الله-: ومعنى كونه باطل (ليس مراده حراماً، وإنما يراد به أنه عار من الثواب، وإنه للدنيا محضاً، لا تعلق له بالآخرة)[25] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn25).

قلت: وهم جعلوه متعلق بالآخرة، عندما أجازوا فعل هذا السجود.

2-قال ابن تيمية –رحمه الله- موجهاً الحديث: (والباطل من الأعمال هو: ما ليس فيه منفعة، فهذا يرخص فيه للنفوس التي لا تصبر على ما ينفع، وهذا الحق في القدر الذي يحتاج إليه في الأوقات التي تقتضي ذلك)[26] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn26)، وقال أيضاً بعد كلام طويل: (وأما ما لم يُعن على اللذة المقصودة فهو باطل، لا فائدة فيه، ولكنه إن لم يكن فيه مضرة راجحة لم يحرم، ولم ينه عنه، ولكن قد يكون مافعله مكروهاً، ثم قال: (ومحبة النفوس للباطل نقص، لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال، ولا يمكن ذلك فيهم) [27] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn27).

3-وقال ابن القيم - رحمه الله-: (ماليس فيه مضرة راجحة، ولا هو أيضاً متضمن لمصلحة يأمر الله تعالى بها ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يُحرم، ولا يؤمر به: كالصراع، والعدو، والسباحة، وَشيل الأثقال) [28] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn28).

4-وقال ابن حجر - رحمه الله-:(إنما أطلق على ما عداها البطلان من طريق المقابلة، لا أن جميعها من الباطل المحرم)[29] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn29).

5-وقال الغزالي – رحمه الله -:(وهذا لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة) [30] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn30)؛ولذا فأنت تعجب من أولئك الذين يشكرون الله، ويسجدون له على تفوقهم في أمر باطل.

الثاني عشر: كيف يسجد لله شكراً على تفوق في أمر فعلَ فيه ما لا يرضاه الله من التحزبات للأندية، وهذا خاص في السجود لله شكراً من اللاعبين المنتمين للأندية، عندما يتحزبون لناديهم، ويتعصب بعضهم لبعض، وهذا ما عرف من طبيعة هذه اللعبة من التحزبات، وإثارة الفتن، وتنمية الأحقاد.

وهذه النتائج عكس ما يدعو إليه الإسلام من: وجوب التسامح، والتآلف، والتآخي، وتطهير النفوس، والضمائر من الأحقاد، والضغائن، والتنافر، وهذا أمر معروف عند الناس عامتهم، وخاصتهم، وربما أوقع الحقد بين اللاعبين؛ حتى يؤول بهم ذلك إلى العداوة، والبغضاء، وتعاطي ما يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وما يوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين حرام، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون * وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} [المائدة: 90-92].

فكرة القدم سبب رئيس لمثل هذه التحزبات، بل زرعت مثل هذه التحزبات في قلوب الناشئة ولذا فإنه عندما يسجد شكراً لله بعد إحرازه الهدف وفيها مثل هذه المحاذير فلا شك إنه سجد لله شكراً على تفوق في فعل لا يرضاه – عز وجل.

الثالث عشر: ولو فتح المجال للسجود لله شكراً في مثل هذه المباحات، أو لمكروهات، لتحول السجود شكراً لله، إلى سخرية، ولوجدنا من يلعبون الكيرم، والبلاي ستيشن، سوف يسجدون لله شكراً إذا فازوا، بل ولوجدنا لاعبي الورق يسجدون لله شكراً إذا فازوا، والطلاب في مدارسهم إذا سجلوا أهدافاً، والشباب في حواريهم، وهكذا كُل لاعبٍ، ولاهٍ سوف يسجد لله شكراً، وتحولت هذه العبادات التي هي من تعظيم شعائر الله، ومن تقوى القلوب إلى هذه الساحات التي لا تليق بذكر الله - جل وعلا -، بل ولا أظن أن في مثل هذا العمل توقير لله، وقد أمر جل وعلا بتوقيره في قوله تعالى: {مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13].

الرابع عشر: لو فرضنا جدلاً أن سجود اللاعبين لله شكراً مباح، وأن تلك الأهداف التي يسجلونها نعمة كما يظن البعض، لوجدنا أن اللاعبين سوف ينقسمون إلى قسمين:

1. قسم: يسجدون لله شكراً وهم من سجلوا الهدف.

2. والقسم الآخر: سوف يحزنون، وهم من سُجلَ عليهم هدف، ثم تنقلب الموازين، فمن سجلوا هدف قد يُسجل عليهم هدف، فيتحول فرحهم إلى حزن، والقسم الآخر سوف يسجدون لله شكراً؛ لأنهم سجلوا هدف، فتحول حزنهم إلى فرح، وهكذا يتناقل اللاعبون سجود الشكر، فما كان في نظره نعمة هو في نظر أخيه المنافس له في اللعب نقمة، لأن النعمة التي حصل عليها –كما يدعي- كانت على حساب مسلم آخر، ومثل هذا السجود لا يُعرف له أصلٌ، لذا لم يسجد الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة عندما يفوز أحدهم على الآخر في السباق.

ولكي أقرب هذه المسألة إلى الأذهان أضرب على ذلك مثالاً كي تتضح صورة أن ما كان له نعمة وكان هذا على حساب أخ له نقمة، فعليه ألا يظهر الفرح ولو على الأقل أمامه.

ومثال ذلك: لو فرضنا بأن تاجرأً يملك محلاً لتشليح السيارات وبيعها كقطع، فهو عندما يرى حادثاً تلفت بسببه سيارة مرتكب الحادث، أو المرتكب ضده، ولم تعد صالحة للاستعمال فأصبحت بالنسبة له الآن إن تمكن من شرائها غنيمة، ورزق لأنه إذا اشتراها بأبخس الأثمان، فسوف يبيعها مفرقة بأغلى الأثمان، وهذه نعمة ومصدر ربح له بلا شك، فهل من اللائق أن يسجد لله شكراً أمام المتضررين من الحادث، بحجة أنها نعمة رزق الله بها هذا التاجر؟

ولكنها كانت نقمة وبلوى لمسلم آخر، لأنه باع سيارته بأبخس الأثمان ناهيك عن ما أصابه من جراء هذا الحادث من وفيات، أو كسور أو غيرها، فهل يُقال لذلك التاجر اسجد لله شكرًا في موطن الحادث، ولا تبالي بمشاعر صاحب الحادث؟! فما كان لك نعمة هو يعد لغيرك نقمة، فهل من دليل على مشروعية مثل هذا السجود؟!

خاصة وإن النعمة التي رزق بها تاجر التشليح لا خلاف في إباحتها، وما طرقها شك من حيث الحل، أما سجود اللاعبين لله شكراً عند تفوقهم فإن الا شكالات تصاحبه من كل جانب، ومع ذلك نجد أن هناك من استساغ مثل هذا السجود. والله المستعان.

الخامس عشر: لو فرضنا جدلاً صحةَ سجود اللاعبين شكراً، فهل توفر في هذا السجود ما يلزم من: واجبات، أو مستحباتٍ؟ فمثلاً اتفق جميع أهل العلم على استحباب الطهارة، واستقبال القبلة بل حكى الإمام النووي –رحمه الله- الإجماع على وجوب الطهارة، واستقبال القبلة عند سجود الشكر، ولعله يقصد إجماع الجمهور لوجود خلاف في المسألة؛ لأن هناك قول عند الحنابلة، وعددٌ من أهل العلم على أن الطهارة وستر العورة مستحباتٌ لا واجبات، وقد رجحه شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله.

السادس عشر: قد يجهل بعض اللاعبين بأن من شروط صحة السجود عند عامة أهل العلم التكبير، قال العلامة الراحل ابن عثيمين – رحمه الله- «والصحيح أنه يكبر إذا سجد لله شكراً» [31] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn31).

قلت: (فهل يا تُرى يقف الرياضي بذل وخضوع وتكبير لله عند سجوده أمام صيحات وتصفيق الجماهير بطبولهم ومزاميرهم)؟! فهم يطبلون له لتسجيله الهدف، وهو يسجد لله فأين التوقير والتعظيم لله من الساجد والمطبل؟!

السابع عشر: قد يجهل بعض اللاعبين أن سجود الشكر ليس حركة فقط، بل مقام تعظيم وتوقير لله، فلابد من ذكر الله في هذا السجود، حيث أوجب عامة أهل العلم أن يقول الساجد لله شكرا: سبحان ربي الأعلى، أو يقول «سجد وجهي للذي خلقه»... إلخ.

إذاً فالمسألة ليست حركة فقط؛ بل ذكر لله وتعظيم، وتكبير، وذل، وخشوع، فهل يفعل عامة اللاعبين هذه الأذكار أم أنهم يؤدونها كحركة مجردة لا يظهر من خلالها التكبير والذي فيه رفع لليدين قبل أن يخر اللاعب للأذقان ساجدا والذي يظهر في الغالب أنها تخلو من ذلك، لذا ظنها بعض غير المسلمين على هذه الصفة التي يفعلها اللاعبون أنها مجرد حركة استعراضية عبر بها اللاعب عن فرحه مما جعلهم يفعلونها كما يفعلها اللاعب المسلم ظناً منهم بأنها كما قلت حركة استعراضية وليست عبادة لله – عز وجل.

ولو علموا - وهم كفرة لا يؤمنون بالله - أنها عبادة وفق شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - لما فعلها الذين يكفرون به ويكذبونه؛ لأنهم من أكفر الناس به - صلى الله عليه وسلم.

الثامن عشر: غالب أهل العلم يشترطون ستر العورة عند سجود الشكر، وبعضهم أجاز سجودَ الشكر مع انكشاف العورة، وهؤلاء العلماء عندما أجازوه والعورة مكشوفة، إنما أجازوه للمرء المنفرد الذي لا يراه الناس، أو كاشفاً عورته عند من يجوز له أن يكشف عورته عنده، كزوجته وأمته، كمثلِ رجل في بيته وصله خبرٌ سار وهو حاسرٌ عن فخذه.

فعند بعضِ أهل العلم يجوزُ له أن يسجد لله شكراً، ولو كان كاشفاً لعورته، أما أن يكشف عورته أمام الناس ثم يسجد لله شكراً، بل وقد يسجد معه العشرات كاشفي الأفخاذ أيضاً، فما أظن أحداً من أهل العلم أجاز سجود الشكر في مثلِ هذا الوضع، ومن عنده خلاف هذا القول فليظهره حتى نستفيد.

والخلاصة هي: عدم جواز كشف العورة عند السجود أمام الناس، وعامة اللاعبين -كما لا يخفى- كاشفي الأفخاذ والفخذ عورة ومن أدلة ذلك:

أ-قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا جَرهدُ غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة)) [32] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn32).

ب- قوله – صلى الله عليه وسلم- لعلي - رضي الله عنه -: ((لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي، ولا ميت))[33] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn33).

وقد جاء الشرع بتحريم النظر إلى العورات بالكتاب والسنة ومن ذلك:

(1) قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30].

(2)وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجلِ، ولا المرأةُ إلى المرأةِ، ولا يُفضي الرجلُ إلى الرجلِ في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في ثوبٍ واحدٍ)) مسلم [34] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn34).

قال الإمام النووي –رحمه الله-: (وأما ضبط العورة في حق الأجانب فعورة الرجل مع الرجل مابين السرة والركبة، وقال رحمه الله: وفيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع).

والعجيب من الفهم القاصر عند بعض الناس حيث يقولون هؤلاء رجال ولا يفتنوننا والرد على هذا من وجوه:

1- أن العبرة بتحريم النظر إلى العورة ليس الفتنة والجمال، بل العبرة بالنص أن الغالب في العورات أنها لا تفتن خاصة السوءتين، بل قد تنفر، ولكن أصحاب الفطر السليمة يعافون النظر إليها بغض النظر عن كونها فتنة أو لا، استجابة لأمر الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

ولو كان المقصود في تحريم النظر إلى العورة الفتنة والجمال، لما حرَّم الإسلام النظر إلى عورات الرجال البالغين، ولا النساء الكبيرات، ولا الإماء المستقبحات، لذا فالاحتجاج بهذه الحجج الواهية أمر في غاية الغرابة، لذا فإن المسلم الذي أنار الله بصره وبصيرته لا يرضى أن ينظر إلى عورة غيره، أو ينظر غيره إلى عورته.

ولنا في قصة الأمة السوداء خير عظة وعبرة، حيث سألت - النبي صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لها إذا صرعت أن لا تتكشف وذلك فيما رواه البخاري ومسلم فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف فادع الله لي، قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت: اصبر فقالت: إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها[35] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn35).

فانظر إلى فطرتها السليمة، وكيف خافت أن تنكشف عورتها في وقت القلم عنها مرفوع، فما بالك في أولئك الذين في قمة وعيهم، وحضور عقولهم يرضون بكشف عوراتهم، فلا يتورعون من نظر الغير إليهم، ونظرهم إلى عورة الغير، بلا خجل، ولا وجل فإلى الله المشتكى.

2-كذلك لا يسلم لمن قال هذا، فإننا نجد أن بعض اللاعبين صغار في السن، ومردان وبعضهم يتشبهون بالمردان، فيحلقون اللحى والشوارب، لإظهار جمالهم، وفتنتهم، خاصة من اللاعبين الغربيين وقد فتن بهم بعض النساء، وبعض الرجال.

ولذا حرم الإسلام النظر إلى الأمرد بشهوة:

أ- قال الإمام الرملي –رحمه الله-: (ويحرم نظر أمرد بشهوة إجماعاً) [36] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn36).

ب- وقال شيخ الإسلام –رحمه الله-: (والنظر إلى المردان ثلاثة أقسام: أحدها: ما تقترن به الشهوة فهو محرم بالإتفاق) [37] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn37).

التاسع عشر: لو فرضنا جدلاً صحة سجود الشكر من اللاعبين، فإن بعضهم يجهل أن سجود الشكر لا يكون إلا عند تجدد نعمة، فمثلاً: قد يسجل فريق عدة أهداف، ومع ذلك يسجدون لله شكراً عند كل هدف، وهذا لا يُعد تجدد نعمة، ولذا قال شيخنا العلامة محمد العثيمين –رحمه الله – في شرحه الممتع على زاد المستقنع: «وقوله تجدد النعمة"أي: عند النعمة الجديدة، احترازاً من النعمة المستمرة، فلو قلنا للإنسان: إنه يستحب أن يسجد لها لكان الإنسان دائماً في سجود؛ لأن الله يقول: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل: 18].

والنعمة المستمرة دائماً مع الإنسان فسلامة السمع، والبصر، والنطق، والجسم، كل هذا من النعم، والتنفس من النعم، وغير ذلك [38] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn38).

قلت: وصنيع اللاعبين على خلاف ذلك فهم يسجدون عند كل هدف، هذا لو فرضنا صحة سجودهم، وهذا دالٌ على جهلهم في حكم المسألة.

العشرون: وقد يقول قائل إنَّ من سجدوا لله من اللاعبين شكراً في السابق بناءً على فتاوى، أو ظناً منهم أن ذلك عملٌ مشروع فهل يأثمون؟ أم يؤجرون؟ والجواب أن من فعل هذا الفعل بنيةٍ حسنةٍ قبل أن يعرف الحكم الشرعي فإنه يؤجر وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أمثلةً من الأعمال البدعية التي في ظاهرها التقرب إلى الله وقال: (قد يفعلها بعض الناس ، ويكون له فيها أجرٌ عظيم لحسن قصده) [39] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftn39).

قلت: مع التنبيه بأن من لم يسجد عند فوزه أو تسجيله للأهداف أعظم أجراً ممن سجد، إذا كان قد ترك السجود خشية من الإثم.

الحادي والعشرون: بعض اللاعبين يفعلون هذا السجود مع الأسف ويقومون بتقبيل أرضية الملعب، وهذا لا شك بحرمته؛ لأنّ السجود هو تعظيم لله بالسجود على الأعضاء السبعة، وليس بتقبيل الأرض.




ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref1) انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2/585-587 باختصار.

[2] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref2) انظر اقتضاء الصراط المستقيم 1/473.

[3] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref3) وأول من احتفل برأس السنة الهجرية هم من أحدثوا القبور والأضرحة؛ بنو عبيد الله القداح. ذكر المقريزي في خططه بأن للخلفاء الفاطميين اعتناءاً بليلة أول المحرم في كل عام؛ لأنها أول ليالي السنة، وما هذا إلا تقليد للغرب، قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب اللباس حديث رقم (4031) وقال عنه شيخ الإسلام: هذا حديث جيد كما في الفتاوى 25/331 وقال في الإقتضاء: إسناده جيد 1/240. وصححه الألباني كما في صحيح الجامع 6025.

[4] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام برقم (7319).

[5] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref5) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 69.

[6] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref6) انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 11/625-634 باختصار وتصرف يسير.

[7] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref7)

8 أما تعليق الصليب والإشارة إليه أو رسمه على الصدر فلا يعد عبادة وإنما شعار ديني عند النصارى.

[9] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref9) رواه البخاري في كتاب الصلاة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، حديث 438، ومسلم، حديث 521.

[10] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref10) ولا يظنُ أحد أنني أقرُّ أن يسجُد لاعبو الفريق المهزوم شكراً لله كلما سُجِلَ فيه هدفاً، حتى يدْعُهُم، ولا أظنُ أحداً سيسمح لأحد أن يسجل فيه هدفاً، أو أن يسجُد عندما يسجل فيه هدفاً - وإنما ذكرت هذا من باب التنزل مع الخصم بأنه لو صحَّ استخدام وسائل دعوية في اللعب لكانت الهزيمة من الفرق الكافرة وصدورهم منشرحة أقوى بقبول الدعوة لا ووجوهٌهم مكفهرة وأنفسهمٌ متضايقة، ففرقهُم خاسرةٌ مادياً ومعنوياً، ثم يسجدُ مدَّعياً أن ذلك أسلوبٌ لدعْوَتِهم؟!

[11] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref11) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب سجود الشكر برقم 2774، والترمذي في السير، باب ما جاء في سجدة الشكر وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث بكار بن عبد العزيز، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم في سجدة الشكر، برقم 1578. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر برقم 1394، والحديث صححه ابن القيم في زاد المعاد، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.

[12] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref12) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب سجود الشكر، برقم 2775، وقال الالباني: هذا سند ضعيف، انظر الإرواء 2/228.

[13] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref13) النغاشي: القصير الضعيف الحركة الناقص الخلقة، وقيل: هو مختلط العقل. انظر: لسان العرب، مادة نغش، وغريب الحديث لابن الأثير 5/86.

[14] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref14) أخرجه البيهقي 2/519 برقم 3938 وذكر أن له شاهداً عنده برقم 3939، وهذا الحديث ضعيف، انظر تلخيص الحبير 2/11. وانظر العلل لابن أبي حاتم 1/168 رقم 480.

[15] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref15) أخرجه البيهقي 2/518 برقم 3937 وذكر أن في الباب أحاديث عن عدد من الصحابة، انظر التلخيص 2/489 برقم 495.

[16] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref16) أخرجه البخاري برقم 2757 و 2949 و 3556، ومسلم في كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه برقم 2769.

[17] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref17) انظر شرحه للحديث كما في المنهاج في كتاب التوبة باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه ص 1623 طبعة بيت الأفكار. وجاء عند أبي داوود عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه أمرُ سرورٍ أو بُشِّر به خرَّ ساجداً شاكراً لله. أخرجه أبو داوود برقم 2774 في كتاب الجهاد: باب سجود الشكر.

[18] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref18) أخرجه البخاري في صحيحه برقم 2757، ومسلم برقم 2769.

[19] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref19) أخرجه أبو داوود في سننه في كتاب الطهارة، باب كيف المسح حديث 163، وأورده الألباني في صحيح سنن أبي داوود برقم 147.

[20] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref20) انظر كتاب تصحيح الدعاء ص 42.

[21] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref21) انظر لقاء مع الشيخين للشيخ الدكتور عبد الله الطيار ص 53.

[22] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref22) انظر موقع الشيخ وقد كتب الإجابة بخط يده.

[23] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref23) حيث روى البيهقي عن ابن عباس قال: ربما قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفَساً ونحن محرمون. مسند الشافعي 117. وعن عبدالله بن عمر أن عاصم بن عمر، وعبد الرحمن بن زيد وقعا في البحر يتمالقان (يتغاطسان) يغيب أحدهما رأس صاحبه، وعمر ينظر إليهما، فلم ينكر ذلك عليهما. وقد صحح الألباني سند الحديث الأول وقال: رواه البيهقي بسند صحيح، انظر: حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه عنه جابر رضي الله عنه، لمحمد ناصر الدين الألباني، ص 26.

[24] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref24) أخرجه أحمد برقم 17337 و 17300، والنسائي في السنن الكبرى برقم 8891، وصححه الألباني في الصحيحة 315 وفي صحيح الترغيب 1282.

[25] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref25) انظر عارضة الأحوذي 7/137.

[26] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref26) انظر الاستقامة 1/277.

[27] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref27) انظر الاستقامة باختصار وتصرف 1/153.

[28] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref28) انظر الفروسية باختصار وتصرف (172، 301).

[29] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref29) انظر الفتح 11/91.

[30] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref30) انظر الإحياء 2/285. وفي الجملة هناك كلام قيم لأهل العلم انظر الاستقامة 1/277. الفروسية لابن القيم ص 172 و 301 ونيل الأوطار 8/104. وانظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية 4/461 والأشباه والنظائر للسيوطي 2/445

[31] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref31) انظر الشرح الممتع 4/154.

[32] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref32) أخرجه ابو داود برقم 4014، والترمذي برقم 2779، وصححه الألباني كما في صحيح الجامع برقم 7906.

[33] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref33) أخرجه أبو داود برقم 3140 وهو صحيح، انظر صحيح الجامع للألباني برقم 7440.

[34] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref34) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات، حديث 338. وانظر شرح النووي له.

[35] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref35) اخرجه البخاري في كتاب المرضى، باب فضل من يصرع من الريح، برقم 5652، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن..، برقم 2576.

[36] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref36) انظر: نهاية المحتاج 6/188.

[37] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref37) انظر: حجاب المرأة ولباسها في الصلاة لابن تيمية ص 26.

[38] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref38) انظر الشرح الممتع لابن عثيمين 4/105.
[39] (http://www.alukah.net/articles/1/5331.aspx#_ftnref39) انظر الاقتضاء لشيخ الإسلام ابن تيمية 2/621