تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة اخرى مع رمضان



من هناك
08-22-2009, 11:43 PM
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير واشهد ان محمداً عبده ورسوله خير نبي اصطفاه ولهداية الناس ارسله.



الحمد لله الذي بلغنا رمضان ونسأل الله ان يجعلنا من عتقاء هذا الشهر المبارك. اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يرفع درجات الصائمين ويختم لنا بالصالحات وان يجعلننا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنها.


يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الذي انزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم،


شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً او على سفر فعدة من ايام اخر. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلمكم تشكرون ... وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ولعلهم يرشدون




شهر رمضان ليس شهراً عادياً إنه مرجع زماني للمسلمين. كيف وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر؟



روى الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد جاءكم شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ".



هذا موسم الطاعات يعود بكل خيراته وبشائره:


رمضان هل فمرحباً وسلاما ... اهلاً بشهر زين الأياما



يا فاعل الخيرات هذا شهرها ... اغن الأرامل كرم الأيتاما




هذه فرصة لإعادة النظر في انقطاعنا عن القرآن الكريم وهجراننا له تدبرا وفهماً وقراءة وعملاً.
فرصة لإعادة النظر في صلتنا للأرحام والأقارب والجيران.

فرصة عظيمة جداً لإعادة النظر في تربيتنا لاطفالنا ولتقريبهم من الله عز وجل
فرصة لإعادة النظر في تفاعلنا مع قضايا المسلمين المستضعفين في انحاء الأرض

فرصة لإعادة النظر في أموالنا، وهل هي من كسب حلال أم غير ذلك؟
فرصة لإعادة النظر في إتقان أعمالنا وكفاية إنتاجنا فنستغني عما يخضعنا لهيمنة أعدائنا.



لذا فإن علينا تهيئة نفوسنا وبيوتنا استعداداً لاستقبال هذا الشهر، لكي تنال نفوسنا حظها من المغفرة في هذا الشهر، وتنال من ثمرة التقوى، وتخرج من مدرسة الصوم وهي رابحة فائزة مقبولة بإذن الله. فهو شهر التنقية والتميز والتربية.



هناك بشائر كثيرة جداً في القرآن والسنة عن رمضان وعن الصيام ويضيق الوقت عن سردها كلها ولكني اكيد انكم ستسمعون الكثير منها خلال رمضان بإذن الله. سأتوقف مع لفتة مهمة جداً في الحديث القدسي الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهمية هذا الشهر وعن أهمية الصوم فيه ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ قوله يرويه عن ربه سبحانه وتعالى: ”كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به“.اي بشارة اعظم من هذه واي جائزة ان يكون عملنا مضافاً إلى رب العزة جل وعلا.



ما الفرق بين الصوم وبين غيره من العبادات ولم اضافه رب العزة إلى نفسه؟

هناك لفتة مهمة جداً في الفرق بين الصوم وغيره من العبادات وهي ان معظم الطاعات افعال إنسانية ظاهرة بحيث يقوم الإنسان بأمر ما مثل ان يصلي، يتصدق، يدعو الناس. اما بالنسبة للصيام فهو امتناع عن افعال بعينها وهذا الفرق كبير جداً بين ان يقوم الإنسان بالفعل وان يمتنع عن الفعل. لما يقوم الإنسان بالصلاة فلديه الإرادة للقيام به وعليه ان يحضر نفسه لما سيقوم به. بينما الإمتناع فهو اصعب لمن تعود على امر ما.



قد يصلي الإنسان وهو يطمع ان يراه الناس ويكسب منهم ثناءً حسناً يضيع عليه صلاته ولذلك فهذه الصلاة له في الدنيا وعليها في الآخرة. قد يقرأ الإنسان القرآن طمعاً في ان يقال عنه ان قارئ للقرآن ويكون العمل له ويضيع عليه في الآخرة. و ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه (ثلاثة) .... رجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار) رواه مسلم.

اما الصيام فهو عمل خالص لوجهه الكريم ولا يمكن المراءاة فيه ابداً والواقع انه من لم يترك كل شيء لوجه الله فلا حاجة لصيام لا يورث إلا الجوع والعطش. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه شرابه".



رمضان يعلمنا:


الإمتثال لأوامر الله عز وجل (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله امراً ان يكون لهم الخيرة من امرهم)
استغلال الطاقات في طاعة الله (رواه الإمام أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أَيْ رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه -أي قيام الليل- فيشفعان".
كظم الغيظ.. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم".
الإنفاق في سبيل الله لأن صدقة رمضان اعظم عند الله من غيرها من الصدقات والزكاة في رمضان تسقط عنك الفريضة وتدخل البهجة على قلب صائم فقير او مسكينة ليس لها إلا الله.
الوَحْدة والأخوَّة والألفة.. فكل المسلمين في شتى بقاع الأرض سيصومون في يوم واحد، ويفطرون في يوم واحد (يوماً ما إن شاء الله).. وسيصومون في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد ثم يفرحون بعيدهم في يوم واحد

الشعور بآلام المسلمين فمن يشعر يجوع ويعطش خلال نهار رمضان سيحس مع اخوانه وستحس مع اخواتها في التركستان والصومال وبنغلاديش ونيجيريا والنيجر وفي السودان وفي العراق وفي غيرها من البلاد. هؤلاء يحسون بالجوع ايضاً ولكنهم .. لا ينتظرون إفطارًا عند غروب الشمس كما نفعل!!
ما أكثر الثمار التربويَّة التي يمنحنا إياها رب العالمين بصوم صادق لرمضان! غير أن التقوى تظل هي أجلّ تلك الثمار.. وهي التي علَّل الله تعالى بها فرض الصيام على هذه الأمة.. حيث قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}


ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ..
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ..
وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ..
وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ..
واجعل الحياة لنا زيادة في كل خير ..
واجعل الموت راحة لنا من كل شر ..