تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جمعة غزة الحزينة.. قضيت الصلاة وما انتشروا!!



أبو طه
08-22-2009, 10:19 AM
[/URL]جمعة غزة الحزينة.. قضيت الصلاة وما انتشروا!!
حسين عبد الكريم | 27/8/1430
(http://almoslim.net/node/116349)
[URL]http://almoslim.net/node/116349

سيكون على رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن يزيد من احتياطاته الأمنية مع مطلع شهر رمضان المبارك حين يؤم المصلين في صلاة التراويح، إن لم يحتجب كما فعل أثناء العدوان على غزة الشتاء الماضي للحفاظ على القيادة الفلسطينية للقطاع، بعد أن تكاثرت التهديدات بقتله من عناصر متعاطفة مع المجموعة التي تحصنت بمسجد ابن تيمية برفح في غزة الجمعة الماضية.

لقد تعاظمت التهديدات التي تهدد حياة القيادي المرافق لزعيم حماس الراحل الشيخ أحمد ياسين بعد أن عاد الفتحاوي الهارب من غزة محمد دحلان إلى واجهة التأثير الفتحاوية إثر نجاحه في دخول اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي أعقاب تسديد الحكومة الفلسطينية ضربة نوعية لحركة فتح أثناء مؤتمرها الذي انعقد في وقت سابق من الشهر الجاري ببيت لحم، وتوزعت البيانات المحرضة على قتل قادة حركة المقاومة الإسلامية في غزة من قبل مجموعات تكفر هذه القيادة.

سيحاذر هنية من قصف صهيوني أو تسلل دحلاني أو اغتيال من إحدى مجموعات ما يُسمى بالسلفية الجهادية، وسوف لن يأمن أن يأتي العدوان عليه هذه المرة من داخل المسجد ومن بين بعض المصلين ممن قد يحمل سيفاً مسموماً كعبد الرحمن بن ملجم، ويستقبله قاتل يتلو سورة العلق كما فعل قاتل علي رضي الله عنه يوم جمعة حزينة..
"لا نعين كافراً على كافر"، هذا القول هو الشائع عن تلك المجموعة التي اعتصمت بمسجد ابن تيمية، والذي أكده وزير الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني فتحي حماد عنهم، وهي التي خرجت على الحكومة الفلسطينية في غزة، وهو الخروج الذي لا يكون في معتقد هؤلاء وغيرهم إلا على كفار..

وتتبرأ جماعة جند أنصار الله من تهمة التكفير في بيان له بثه موقعها في أعقاب الأحداث لكنها توعدت بالثأر من حركة حماس التي تشكل بنية الحكومة الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، ما يعني أن الجماعة لا تعترف بشرعية دينية لحكم حركة المقاومة الإسلامية ما يستدعي إلى الذهن فكرة أن إقامة إمارة في القطاع إنما تترجم تلقائياً بتكفير الجماعة المذكورة لقادة حماس الذين يديرون القطاع المحرر.

وبالفعل؛ فإن ثمة من يكفرون الحركة المقاومة الإسلامية التي أنشأت قبل 22 عاماً، ويبثون أفكارهم تلك عبر الانترنت في منتديات ومواقع عرفت بعدائها للحركة وتأييدها للقاعدة، وهؤلاء يعتبرون أن مجرد قبول الحركة لفكرة الانتخابات التي جاءت بهم للسلطة هي مدعاة للتكفير باعتبارهم رضوا بحكم غير الله في حسبانهم.

وهم كذلك، يثنون على ذلك بما يعتبرونه تعطيلاً للحدود الشرعية في القطاع؛ فيما تتهمهم الحركة بالإحجام عن الجهاد في سبيل إبان العدوان على غزة، وهو مدعاة للتأثيم في نظرهم أيضاً وفاتحاً لأبواب الشك في صدق نوايا تلك الحركات التي يرون أن اليهود قد سلموا من سهامهم بينما لم تسلم القوة الأكثر مقاومة للعدو الصهيوني من تهديداتهم بالثأر والاستهداف.
الإمارة التي لم تستمر عدة ساعات قامت على خلفية عدم أهلية حركة حماس للحكم، ولذا أعلنت بشكل صريح عن وجودها في ظل "حكم متغلب"، وهو ما يبرر شرعياً للحركة ضربهم باعتبارهم يشكلون دولة أخرى ويأمرون حاكماً آخر بخلاف الموجود بسلطة الأمر الواقع.

والواقع أن جماعة أنصار جند الله قد حشرت نفسها في زاوية صعبة حين قالت إنها لا تكفر حماس ومع ذلك تخرج على حكمها، إذ إن ذلك في حقيقة الأمر غير مفهوم في ظل إعلانها الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية؛ فهي بذلك تعالج حالتين متضادتين بدواء واحد، أي أنها تقول إن حماس تحكم وقادتها مسلمون، وترفض في الوقت نفسه أن تنصاع لسلطتها سواء أكانت بتسليم المسجد أو السلاح أو تسليم هؤلاء أنفسهم، بل وتجاوز مسألة المسجد والسلاح إلى إعلان دولة داخل القطاع ضاربة عرض الحائط بالسلطة الموجودة؛ فهل تنظر الجماعة لحماس على أنها سلطة مسلمة متغلبة أم كافرة؟!!
بالطبع هذا السؤال يمثل أحجية يصعب على منظري الحركة الإجابة حلها اكتفاء بإصدار بيانات ملتبسة؛ فهي إذ تتحدث عن أن حماس "سرقتها" بمبلغ 120 ألف دولار، أو قتلت عناصرها تجافي مبدأ الطاعة لأولي الأمر وإن ظلموا، وحين تقول إنها ستثأر لقتلاها فإنها تكون قد خاصمت الحقيقة القائمة التي تفيد بأن حماس هي سلطة حاكمة في غزة ولا يماري في ذلك أحد بغض النظر عن اختلاف الدول والقوى والفصائل في مدى شرعيتها في ذلك.

بيد أن المسألة لا تحتاج إلى كثير جدل وإلى تورية ومداراة وتقية؛ فقائد المجموعة "الشيخ" عبد اللطيف موسى خطيب مسجد ابن تيمية قد كفر من جاءه ليضم المسجد الذي يخطب فيه للأوقاف، قائلاً في خطبته التي قتل على إثرها وفي الدقيقة الرابعة منها تحديداً: "قبل أيام فاجأنا من سلم رأسه للشيطان وجعل مصلحة الحزب إلها من دون الله عز وجل (..) فشرع في ضم المسجد إلى الأوقاف"، وتلك عبارة واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان عن مقصودها الإقصائي للسلطة الحاكمة في غزة؛ فضلاً عن غيرها من العبارات الموحية الكثيرة في خطبة "النصيحة الذهبية لحكومة إسماعيل هنية" الأخيرة لموسى.

وإذا كان عدم الاعتراف بشرعية حماس من قبل هذه المجموعة وخروجها على الحركة، وتجاهل وجودها قد حصل كله؛ فقد كان من الطبيعي أن تتحرك حماس وفق ما تمليه عليها أفكارها هي أيضاً، والتي لا تقبل بسلطتين في مكان واحد، ولا ترضى بوجود جيوب تهدد وجودها.. هذا كله منطقي ومتفهم.

لكن أكان على حماس أن تستخدم كل هذه القوة لإسكات مجموعة صغيرة خرجت عليها؟!
هذا السؤال لا يشجع على الإجابة عنه بالإيجاب أو السلب كون الأمور ملتبسة بعض الشيء فيما يخص هذه المأساة التي حصلت في غزة بغض النظر عن المسؤول عنها؛ فلدى الحمساويين حجتهم بأن تغييب الخارجين ليس عملاً شائناً في ظل حرص الإسلام ذاته على وجود سلطة واحدة وإقصاء الخارجة عنها وتغييب المتمرد عليها بالسلاح، ثم إنه ليس من المصلحة أن تبقى هذه المجموعة للتغول وتمارس فرض تطبيق الحدود الشرعية بنفسها أو حرف مسيرة المقاومة كما تراها حماس، وليس من المقبول مقابلة التحدي والتمرد والخروج بالتراخي،
ومن غير الحكمة أن تفتح الباب للعدوان تحت طائلة محاربة الإرهاب ووجود ملاذ آمن للإرهاب في غزة، ومن اللامعقول أن تترك هذا الجيب للخارجين باسم الدين (جماعات السلاح المنفلت)؛ في حين توصده بوجه الخارجين باسم "السلطة الفلسطينية" وربما تفتح المجال لتواصل التيارين معاً وهي التي تردد أن موسى كان يتلقى الأموال من رام الله ولم ينتقد سلطتها أبداً، وجعلت فتح مسجده ضمن ثلاثة مساجد تنصح عناصرها بالصلاة فيها وتردد أيضاً أن الرجل وممتاز دغمش قيادي جيش الإسلام لهما علاقة بسلطة رام الله..

غير أنه في مقابل ذلك، يؤكد حقوقيون تابعون لسلطة رام الله أو قريبين من فلكها كمؤسسة الضمير أن حكومة هنية أفرطت في استخدام القوة وكان بإمكانها حقن الدماء، ربما، وقد يتبادر إلى الذهن أن الشرطة الفلسطينية كان بمقدورها حصار المسجد وإجراء مفاوضات مطولة مراعاة لحرمة الدماء والمسجد وحشر المسلحين والمتزنرين بالأحزمة الناسفة في زاوية الاستسلام بعد الحصار المطبق.

ربما أمكن ذلك، وقد لا يكون من الحكمة فتح المجال لوصول تعزيزات لمجموعات أخرى تتبنى الفكر نفسه لتنفيذ معركة أكثر عنفاً، أو ربما وجدتها الشرطة فرصة للقضاء على هذه المجموعة قبل أن يستفحل أمرها وتباشر سلوكاً سرياً وتمارس نشاطاتها تحت الأرض، لاسيما أن الحركة تأخذ على هؤلاء تناقضهم وكذبهم فيما تراه واستباحتهم الكذب تحت خانة المعاريض في مسألة اعترافهم من عدمه بشرعية حماس في قطاع غزة.

وربما دافعت حماس بأنها ـ كما قالت ـ قد حاولت من قبل مع هذه المجموعات وعقدت لقاءات علمية مع الشباب قبل الأحداث وتراجع بعضهم فيما أصر البعض على "البغي"، أو قالت أنها بالفعل حاولت أن تحقن الدماء وجاءت بشخصية يحترمها بعض الشباب في المسجد للتفاوض بناء على طلبهم وهو محمد الشمالي قائد الكتيبة الشرقية للقسام في رفح للتفاوض فقتل غدراً بحسب رواية القسام، وأنها بادرت إلى إحضار أهالي المعتصمين بالمسجد لثنيهم عن مرادهم لكنهم أبوا إلا مخالفة من أمروا باستئذانهم عند الجهاد (أي الوالدين)، وأنها حتى لم تقتل قائد المجموعة عبد اللطيف موسى بل قتله رفاقه، وكل ذلك بحسب روايات حماس وهو ما تسوقه للرد على كل من قال بأنها تسرعت، والله يعلم خفايا ما حصل يوم الجمعة..

تلك المتغيرات في النظرة، أما الثابت؛ فهو أن هذه وغيرها من الفتن تتطلب جهداً أكبر من علماء الأمة الوسطية وحكمائها ممن لا يخافون من بطش حدثاء الأسنان بهم واجترائهم عليهم طلباً لإسقاطهم وترك الساحة خلواً إلا ممن يدعونهم بأهل الثغور!!
والثابت أن النوازل الكبرى والملمات لا يتصدر إليها طلاب العلم وبسطاء الناس وإلا أثموا حتى لو أصابوا..
والثابت أن النظر في أحوال العباد والأفكار يتطلب قدراً عالياً من العدل والإنصاف والتجرد والعلم وإرادة الخير لهذه الأمة دون تحزب أو مغالاة..
والثابت أن البوصلة الحقيقية لا يهداها المتشنجون والمتنطعون والشتامون، وإنما أهل الحكمة والروية والإدراك والأفهام الذين يهدون لأحسن الأخلاق والأفعال، ويترفعون عن السفاسف والأحقاد والأغلال..
الثابت فيما جرى، أنه كما قال عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: "فإن الله لا يمحو السيئ بالسيئ".. والثابت أن الشعارات ليست عنواناً دائما للحقيقة المخبوءة فلقد قيل يوماً إن ابن ملجم قد قرأ على معاذ بن جبل ولم يكن ذلك صكاً ببراءته!!