تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما جرى في رفح (3)



أبو طه
08-19-2009, 05:05 PM
ما جرى في رفح (3)



د. عطالله أبو السبح





من أعجب العجب في أمر عبد اللطيف أنه جنح إلى التكفير، وهو الذي يتحدث في السلفية،

ويعد نفسه أفهمهم، وأعلمهم في عقيدة أهل السنة والجماعة،

وزاد على ذلك بأنه يستمع إلى هاتف من السماء، ويرى المبشرات والرؤى التي تريه الحق حقاً،

والباطل باطلاً، يقول عبد اللطيف في وصيته الأولى بصوته الحاد والمنفعل (حسب التسجيل)

(لا تزال حكومة حماس في فسحة وبحبوحة من أمرها، ما لم تقترب من مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية،

فإذا اقتربت فاعلموا أن أيامها قد تدانت، - واقترب زوال حكمها – بإذن الله ومشيئته،

وقد جاءتني الرَّؤيا تنبئ بذلك) والمدقق في النص يلاحظ:

إن العد التنازلي لحكومة حماس يبدأ من مجرد اقترابها من مسجد ابن تيمية،

ويفسر الاقتراب بقوله في مقدمة الخطبة (أن يسحب البساط من تحت قدم الدكتور عبد اللطيف موسى،

ومن تحت قدم السلفيين، والسعي إلى أن يضم المسجد إلى وزارة الأوقاف..) (حسب التسجيل)،

وأسأل ترى ما هي العدة والعتاد التي يملكها ويستند إليها؟

وأية جهة هذه التي ستواصل الدعم وتأمين المدد؟

إن هذا نذير خروج (بالمعنى الشرعي) على الحكومة القائمة، ودق أوَّلي لطبول الحرب،

وقد اشترط فقهاؤنا لصحة الخروج مما اشترطوا: أن يكون الخارج ذا شوكة (عدداً وعدة)

هذا أولاً وأما ثانياً فإن تحقق الهدف بمفسدة أقل من المفسدة التي تترتب على بقاء النظام،

وما تحقق له الشرطان فلم يكن ذا شوكة إلا هؤلاء الشبان الذين أحاطوا به، وما غير المفسدة التي يراها،

فضلاً عن أن الخسارة أعظم، للأسف.. للأسف..

فإن كانت مفسدة الخروج (من قتل وأسر وأذى يلحق بالأموال والممتلكات منقولة أو غير منقولة)

مساوية ومن باب أولى أكبر من مفاسد بقاء النظام، فإن الخروج حرام،

وقد تأكد أن السلفيين يفهمون هذا الفهم، فما خرجوا معه، بل على فهمه خرجوا،

وقد صرح بذلك أحد علمائهم (الشيخ حامد العلي "الكويتي") ثم،

وما البديل عندما يزول حكم حماس؟ أسيزول طفرة؟ وكيف؟ وماذا أعد عبد اللطيف من خبراء،

ومدراء، وموظفين، وإدارة مؤسسات، ورواتب، وأجهزة، وخطط؟

أكل هذا من هذه الإمارة التي أعلن عنها في مسجد ابن تيمية؟ فإن كان كذلك،

فهو بكامل قواه العقلية، خطط وأعدّ وجهز، وما بقي إلا ساعة التنفيذ،

فلا يختلط الحابل بالنابل ولا هرج ولا مرج، أو احتراب. وإن لم يكن، فهو - إن أحسن الظن- الجنون بعينه،

فما هكذا تكون السياسة، ولا هكذا تكون الإمارة، وما هكذا يقضي الإسلام، ولعل الرجل قد ركن إلى الرؤيا،

التي أنبأته بزوال حكم حماس، لكن أبهذه العفوية يترك الرب عبده؟ وهل الرؤيا وحي؟ ولن يسلّم له أحد بذلك،

أما ألزم نفسه بكتاب الله تعبيراً، ولم يجعلها مصدراً تشريعياً؟ ما هذا؟؟ ما هذا؟؟ وهل وقع في التاريخ مثله،

وهل يلام من يسمي ذلك شعوذة ودجلاً؟ ولماذا يسكت الأمن الوقائي وطاحونة إعلامه عن هذه الإمارة،

وهو يكيل صباح مساء، ويحرص على تسمية حكومة حماس إمارة إسلامية،

ويؤكد على قاعديتها وطالبانيتها، ولماذا انخرس صوت محمود عباس؟

إن هذا موقف مخزٍ. ثم كيف أطاع عبد اللطيف هذا الشباب الغض،

إلا أن يكونوا على درجة من الجهل والانفعال، والتهور؟ والحق عليم بنواياهم،

أما رأوا ماذا جرى بين حماس وخصومها؟ أين أجهزة السلطة؟ وأين أسلحة العائلات؟

وأين معركة الفرقان عن ذاكرة هؤلاء واستنباطاتهم ومفاهيمهم؟

وينتقل عبد اللطيف إلى الوصية الثانية صارخاً (يا حكومة حماس)

يا حكومة حماس إما أن تطبقوا شرع الله عز وجل، وتقيموا الحدود وأحكام الجنايات،

فإما أن تروا الله عز وجل من أنفسكم خيراً،

فبالتالي يرضى عنكم الله ورسوله وإما أن تتحولوا إلى حزب علماني ينتسب إلى الإسلام زوراً مثل

(طيب رجب أردغان...) حسب التسجيل. وهنا يعن سؤال وسؤال،

كيف يمكن تطبيق شرع الله في ظل حصار خانق، وفي مجتمع لم يؤهل علمياً أو إيمانياً؟

فما أكثر انتماءاته وأيديولوجياته!! هل المطلوب من حماس أن تضرب رؤوس الشيوعيين،

الذين يقولون: لا إله والحياة مادة، وهم فصائل، وجماعات، ومسميات؛

فكل الجبهات تتبنى النظرية الماركسية اللينينية في العمل الثوري على الأقل،

ثم كيف يمكن تطبيق شرع الله في الاقتصاد والبنوك؟

وكيف يستجيب الله نداءً في غير زمانه ولا مكانه ولا الحال التي عليها الناس؟

فكيف خفي كل ذلك عليه؟ وعندما أقدم على هذه الخطوة وأعلن عن قيام إمارته،

هل كان لديه أدنى معرفة بالأمن، والمحيط، والاقتصاد، والسياسة، وعقائد الناس ونفوسهم؟

أبهذه الثلة وفي هذا المسجد الذي لا يتجاوز 400 متر مربع تقوم إمارة؟ وهل الإمارة كلمة تقال؟

ثم تشكيل عسكري يحمل قطعة سلاح، إن فقدها أو فقد رصاصها فلا بديل؟

كيف خطر له هذا الخاطر؟ حقيقة كانت فكرة في غير أوانها ولا زمانها،

ثم لماذا لم يتعرض عبد اللطيف إلى نظام رام الله بالذكر؟

ومن المفترض وهو الحاضن لأبناء فتح وعباس (حتى وإن كان منتهي الولاية عند معارضيه)

فلا يزال رئيس م. ت. ف؟ ولا يزال الرئيس الشرعي في نظر العالم لدولة فلسطين،

فلماذا يسكت عنه عبد اللطيف ومستشاروه؟ وهذا يقودنا إلى ما ذهبت إليه لجان المقاومة في فلسطين في بيانها

الصادر السبت 15/8/2009 وفي النقطة الأولى التي جاء فيها بالنص

(نؤكد أن الشيخ/ عبد اللطيف موسى ..... قد تم استدراجه لهذا الموقف الغريب وإلى الرؤية التي ابتعدت عن الصواب

في الإعلان عن قيام إمارة إسلامية دون أدنى المقومات الواجبة لذلك الإعلان ودون الأخذ بالمفاسد والمصالح...)


سأعود بمشية الله إلى الحديث (ماذا جرى في رفح)






جريده فلسطين