تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فصل الخطاب,,,الموقف الشرعي من تكفير حماس وقياداتها



أبو طه
08-17-2009, 08:12 PM
بسم الله الرحيم الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الشيخ الفاضل والعالم الصادع بالحق الشيخ حسين بن محمود حفظه الله , نحن ثلة من الشباب الموحدين , فضيلة الشيخ حسين بن محمود ثبته الله على الحق قلت مرارا انه لا يجوز لنا تكفير قادة حماس وعلينا عذرهم ولكن شيخي هم طرقوا أبواب الكفر ؟ ودخلوا من بعضها أنا أقصد هنا المجلس التشريعي ؟ فهل حكم النواب فيه هو الكفر ؟ وهل هنية هو طاغوت ؟خصوصا ان الله مكنهم من حكم غزة؟ فعطلوا شريعته وحكموا شريعة البشر؟ وما لهم بذلك من عذر؟
فان كان ابو مازن طاغوتا فلم لا يكون هنية طاغوتا ايضا ؟ ام ان قياسي خاطئ نحن لا نتبنى تكفيرهم ؟ ونتمسك برايك وراي قادة الجهاد بعذرهم بالتاويل , وبصراحة وبصدق نحن اتبعناكم فيهذه المسالة تقليدا , فلقد علمنا انه لا باس بتقليد من نثق فيه وفي علمه وفي سيرتهوجهاده الى حين التبصر بعلوم الشريعة بل والتمكن منها جيدا


وهل يجوز القول بردة هنية وأيضا أعضاء التشريعي والقول بعدم وجود مانع شرعي يمنع من تكفيرهولا حتى بالتأويل وأنت تعلم خطر الأمر وأهميته لأن الموحدين في أرض الرباط ما زالوا في طور النمو والتكوين والاعداد , والأخطاء العقدية مشكلة كبيرة لا نريد أن تجرنا وتوصلنا الى ما لا يحمد عقباه ونحن لا زلنا في بداية الطريق ولا يزال العود اخضر طري فان لم نقومه اليوم صعب علينا تقويمه بعدها ونحن ننتظر جوابا



نرجو منك شيخنا الحبيب الاجابة مع شيء من التفصيل وخصوصا مسالة العذر بالتاويل عل الله ان يكتب الخير على ايديكم


بسم الله الرحمن الرحيم

من حسين بن محمود إلى من يصله من إخواني في فلسطين السليبة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ..



قبل أن أبدأ الإجابة أود أن ألفت نظر السائل لما ورد في سؤاله :
قوله "خصوصا ان الله مكنهم من حكم غزة فعطلوا شريعته وحكموا شريعة البشر وما لهم بذلك من عذر" .. أقول : إذا كان السائل قد حكم أنه لا عذر لهم ، فما الحاجة للإستفتاء !!


ثم أقول :



إن من أعجب الأمور أن تجد شباباً في فلسطين اليوم يُقبلون على عقيدة أهل السنة والجماعة رغم ما يكيد لهم العدو القريب والبعيد ، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومنّته ،نسأل الله أن يثبتنا على الحق ..


ولكن المؤسف والمؤلم الذي تضيق به الصدور : كثرة أسئلة الإخوة واستفساراتهم حول مسألة تكفير قادة حماس ، وكأن العقيدة السلفية لا تبدأ ولا تكون إلا بتكفير قيادات حماس ؟؟




أيها الأحبة ..
لا شك أن شرط الإستمساك بالعروة الوثقى هو الإيمان بالله والكفر بالطاغوت ، ولا شك أن من أعظم قواعد الإسلام : الولاء للمؤمنين والبراء من الكفار ، هذا لا جدال فيه ولاخلاف عليه ، فاليهودي والنصراني والبوذي والهندوسي وما يسمون بالعلمانيين (المرتدين) كل هؤلاء لا نحبهم ولا نتولّاهم ونتعبّد الله جل في علاه ببغضهم وعداوتهم ، وكذلك من يوالي أعداء الدين ولا يحكم بشرع رب العالمين ، فهؤلاء كفار بلا شك ، ولكن الله سبحانه وتعالى استثنى فريق من الموالين فقال سبحانه
{لاَيَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} (آلعمران : 28) ، قال ابن كثير في تفسيره " وقوله تعالى: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} أي إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم ، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطن هونيته ، كما قال البخاري عن أبي الدرداء : أنه قال: "إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم".

وقال الثوري
:

قال ابن عباس:
ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان
، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس :
إنما التقية باللسان
،

وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس. ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى:
{

من كفر با لله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان
} الاَية" (انتهى)

.. والمراقب لبيانات قادة حماس وأفعالهم يرى أنهم أخذوا بالرخصة التي بيّنها ابن عباس – رضي الله عنه – في تفسير الآية ، والله أعلم ..



واستثنى - سبحانه - من الكفر العام : المُكْرَه ، فقال سبحانه
{

مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِإِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْمَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌعَظِيمٌ
} (النحل : 106)

، واستثنى من سائر الأحكام : الناسي والمُخطئ ، قال سبحانه **
لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَامَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْقَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّاوَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
} (البقرة : 286) ،

وهذه الآية في سورة البقرة من القواعد الشرعيةالمهمة (انظر ما قاله ابن كثير في تفسيرها) ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
"

إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكْرهوا عليه" ..
لا يخفى عليكم أن الدخول في الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين ، عندها يصبح الإنسان مسلماً له ماللمسلمين وعليه ما عليهم ، ولا يخرج من الإسلام إلّا أن يعلن هو خروجه عن الإسلام أو يأتي بفعل أو قول ينقض إسلامه (ومن أضمر الكفر يكون منافقاً) ، ولكن هذا النقض لا يكون إلا وهو : عاقل مختار عالم بوجه النقض ، فإن كان غير مُدرِك أو كان مُكرهاً أو كان متأوّلاً فلا يخرج من دائرة الإسلام ..


إن من حق المسلم على المسلم أن يلتمس له العذر في حال خطئه أو زلّته ، وأن لا يتسرّع في الحكم عليه حتى يتبيّن ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الخروج على الحاكم "إلّا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان" ، فيجب التثبّت والعلم قبل الحكم ،وحكم غير العالمِ : إما أن يكون صحيحاً أو خطأ ، فإن كان صحيحاً فهو آثم لأنه حكَم بغير علم ، وإن كان خطأ فعليه إثم الخطأ وإثم الحُكم بغير عِلم ، وعقابه هنا أنيرجع الحكم عليه فيصير هو غير مسلم ، والعياذ بالله ، وقد جاء في صحيح مسلم "ومندعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه" ..


المسألة ليست هيّنة ، وقد بيّنّا كثيراً في مقالات كثيرة بأنه لولا عموم البلوى بهؤلاء الحكام : لم نجاهر بتكفيرهم ، ولكن في بيان كفرهم مصلحة راجحة للأمة، وقلنا بأن الخروج عليهم الآن فيه مفاسد أعظم من عدم الخروج عليهم ، وفصّلنا هذا في غير هذا الموضع ..


أما قادة حماس فهم ليسوا كهؤلاء الحكام ...


لاأعرف من قادة الجهاد من يكفّر قادة حماس بأعيانهم ، ولا أعرف من علماء المجاهدين من يكفّرهم أيضاً ، إلا ما روي عن الشيخ أبو بصير غفر الله لنا وله .. فالشيخ أسامة والأمير الظواهري والشيخ الليبي ، هؤلاء لا يكفّرون قادة حماس ..


رأيي الشخصي أن قادة حماس بين : تأويل وإكراه ، والإكراه يعود إلى التأويل (أي أنهم ربما تأوّلوا بأنهم مُكرهون) ، وقد كنت – وغيري – نحذّرهم من الدخول في الإنتخابات لماعلمنا من أساليب الأعداء ومكرهم ، ولكن الإخوة اجتهدوا ودخلوا الإنتخابات وفازوا بها وأمسكوا بزمام الأمور ، وكنّا نعلم يقيناً بأنهم لن يُمَكَّنوا من تحكيم شرع الله ، وأن عدم تمكينهم من ذلك سيؤدي إلى ضعفهم وفقدان ثقة الجماهير الإسلامية بهم، ولكنّهم فعلوا ما فعلوا ، نسأل الله لنا ولهم الهداية ، وقالوا : نسدّد ونُقارب ونُصلح قدر المستطاع !!
نحن لا نزعم أننا أعلم منهم بواقع فلسطين ، ولكننا نعلم كيفية استغلال اليهود والنصارى والحكّام للأحداث ، فأردنا أن نبيّن لإخواننا في القيادة ذلك ، وهم رأوا أن دخولهم في الإنتخابات أخف الضررين !!


بعد فوزهم في الإنتخابات : ضغط اليهود والنصارى والحكام العرب عليهم للإعتراف بدولة يهود ،ولكنهم لم يفعلوا ، وحاول هؤلاء معهم بشتى الطرق حتى يئسوا ، ثم خلصوا إلى أنه لابد من تصفية القادة فأوكلوا إلى عباس ودحلان القيام بهذا العمل .. هنا قام الإخوة بأخذ غزة وطرد دحلان وجنوده المرتزقة .. فحكمهم الإنفرادي بغزة لم يكن في حسابهم من قبل ..


الآن هم بين خيارين : إما أن يحكموا بالشريعة ويتخلى عنهم الكل ، أويُبقوا على الوضع الراهن وتأتيهم بعض المساعدات من هنا أو هناك .. ونحن نعلم علم يقين بأنهم لو أعلنوا تطبيق الشريعة فإن العالم كله سيقف ضدهم وستحدث قلاقل داخلية في غزة نفسها من قِبل الفصائل الأخرى ، وستتوقف جميع المساعدات الخارجية التي لايمكن لأهل غزة الإستغناء عنها ، فغزة اليوم تعتمد على المساعدات العربية والأوروبية، وليس لغزة مدخل إلا عن طريق مصر ، ولا نشك أن "حسني" لو استطاع : لمنع عنهم حتى الهواءحينما تكون محاصراً وجائعاً وعطشاً ومريضاً وبلا دواء ، والعدو يقذف عليك الحمم ويقتل أبناءك صباح مساء ، والكل يقول لك :


إن حكمت بالشريعة فأنت تحكم على نفسك وشعبك بمزيد من الجوع والقتل والدمار والحصار ، عندها تكون في حكم المضطر أو المُكره ، ليس لأن اليهود والنصارى لا يريدونك أن تحكم بالشريعة ، ولكن لأن حاكم مصر والأردن وسائر حكام العرب يقولون لك بأنهم سيقطعون عنك كل شيء إنفكّرت في الحكم بالشريعة ، فهؤلاء الحكام لا يريدون أن تثبت عليهم تهمة مساندة "الإرهاب" ، والحكم بما أنزل الله من أعظم الإرهاب لأعداء الله ..


لسنا هنا ندافع عن هنيّة أو خالد مشعل أو غيرهم ، فنحن نُعلن بأنهم أخطؤوا في دخولهم الإنتخابات وورّطوا من معهم بهذا الأمر ، ولكننا هنا نقول بأننا تجاوزنا هذا كله ،وهؤلاء إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، ونحن – وإن كنا لا نوافقهم على خطئهم – إلا أننا لا نُسلّمهم لأبناء القردة ، ولا نتخلّى عنهم ، فليس لهم - بعد الله – إلا هذه الجموع المسلمة ، والتخلي عنهم هو الحكم عليهم وعلى مئات الآلاف من المسلمين بالموت ..
نحن نظن – ظناً يقارب اليقين - بأن كل واحد من هؤلاءالقادة يقول في قرارة نفوسه
{

لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ
} (هود : 80) ،

ولكن أين النصير وقد تخلى عنهم الكل : هذا بسبب الردّة وموالاة أعداء الله ، وهذا بسبب تكفيرهم والبراءة منهم !!



إن المسلم مهما أخطأ ، يبقى مسلماً : ما لم يكن عندنا في كفره من الله برهان ، والبرهان يكون بمعرفة الحكم المتنزّل على الحال ، والحكم موجود ، ولكن الحال فيه مقال ، وإذا كان هناك دليل أو مجرّد شك في عدم ثبوت الحكم على الحال فإننا نتوقّف عن إخراج المسلممن الدين ، فيبقى مسلماً له حق النصرة الشرعية قال تعالى
{

وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ...}



لوفرضنا بأن هؤلاء القادة كفار ،فهل من المصلحة إعلان ذلك الآن وفي مثل هذه الظروف !! هل في إعلان كفرهم والتخلي عنهم مصلحة للإسلام والمسلمين أم مصلحة ليهود !!
أليس من السياسة أن نترك "المرتد" يقاتل اليهودي ونتفرّغ نحن للإعداد والتدريب !! أليس من السياسة عدم استعداء جموع حماس وأنتم قلّة قليلة في غزّة فيدلّوا عدوَّكم عليكم !! أليس من الحكمة عدم إعلان تكفير قادة حماس حتى يسهل دعوة الأتباع إلى الحق !! لوفكّر المرء بمفاسد إعلان مثل هذا لوجدها كثيرة جداً ، فأين الحكمة في البيان !!


ولو فرضنا بأن قادة حماس أعلنوا تطبيق الشريعة وطبقوها فعلاً ، فماذا يحدث !! سترفع مصر يدها رسميّاً ومن خلفها الأردن وجميع الدول العربية ، وستمنع أوروبا المعونات بدعوى الرجعية وقطع الأيادي ورجم النساء واستلاب الحريات ، وسيمنع اليهود جميع التحويلات المالية والكهرباء والماء والدواء دون اعتراض ، وستُغلق الحدود كلها ، فماذا يفعل مليون مسلم في بضعة كيلومترات بدون كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا مال ولا غذاء !!


قلنا ونقول : بأن غزة ليست كغيرها من الثغور ، فغزة محاصرة من جميع الجهات ، ولا يستطيع أهلها أن يتحيّزوا لفئة أو يأووا إلى جبال أو غابات ، فهي أرض صغيرة مكشوفة ، والعدو يهودي حاقد ، وحكومات الجوار من أعدى أعداء الدين ، والناس حولهم نيام ، والمعونات تأتي من النصارى بعد أن منع حكامُ العرب المسلمين من مساندة إخوانهم !! لأجل هذا وغيره كثير نقول :


بأن الإخوة في حماس اجتهدوا وعملوا بتبني أعظم المصلحتين (في نظرهم) ودرء أعظم المفسدتين (في نظرهم) ، حفاظاً على حياة المسلمين ..


أكرر : أنا لا أُدافع عن حماس أو عن قادتها ، وإنما أبيّن وجهة نظرهم والباب الذي ولجوه وظنوا أنه المصلحة ، وأنا لا زلت أقول بأن دخولهم في الإنتخابات كان من أعظم الأخطاء ،ولكن الإنتخابات انتهت ، وهم لا يحكمون غزة بموجب تلك الإنتخابات ولكن بموجب طرد المنظمة منها ، والدندنة حول الماضي لا يفيدنا الآن :


الإخوة محاصرون ويحتاجون إلىالمساندة والنصرة ، والله جل جلاله قال
{

وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِفَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ
} ، center]فهذا واجبنا تجاههم الآن ، ونسأل الله أن يغفر لهم ويتجاوز عن زلاتهم ويهديهم سواء السبيل ..

إن تفصيل هذا يطول ، واللبيبب الإشارة يفهم ، وأنا أنصح إخواني في فلسطين خاصة : أن لا يشتغلوا بهذا ، فهم علىثغر عظيم خطير لا يتّسع وقتهم فيه لمثل هذه الخلافات ، فعليهم بالإعداد وأتخاذ أسباب القوة التي من أهمها جمع الكلمة والتوافق مع الإخوة ورأب الصدع والقتال صفّاً واحداً ضد عدو مشترك ، وعليهم أن لا يقطّعوا أمرهم بينهم زبراً فيفرح كل حزب بما لديه ويتنازعون فيفشلون وتذهب ريحهم ، عليهم أن يعلموا بأن كيد العدو عظيم ومكرهكبير تكاد تزول منه الجبال ، وهو مكر لا ينقطع إلى قبل قيام الساعة ..

نسألالله أن يوفقكم للخير ، وأن يجعلكم من الأذلّة على المؤمنين الخافضين الجناح لهم ،الليّنين معهم الراحمين لهم ، وأن يجعلكم من الأشداء على الكفار ، القاطعين رقابهم، الضاربين على أعناقهم ، المُشرِّدين بهم من خلفهم ، المرعبين المرهبين لهم ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

من هناك
08-17-2009, 08:38 PM
كيف كانت ردود الحربجية على هذه الفتوى؟

عزام
08-17-2009, 08:47 PM
مقال مهم
نلمس فيه دراية المفتي بفقه الواقع

طرابلسي
08-17-2009, 08:54 PM
لقاء حول أحداث رفح ... [حسين بن محمود] 24 شعبان 1430هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

قام أحد الإخوة جزاه الله خيرا بجمع ما وجده في الشبكة من أخبار وتحليلات ومراسلات الإخوة في المنتديات والمواقع الإخبارية ورتبها وحذف المكرر منها والغير لائق من الكلام في ملف ثم أعطاه الشيخ حفظه الله ليطلع عليه، وأخبره بأن الإخوة يريدون لقائه الليلة حتى يسمعوا منه رأيه فيما يحدث في غزة.

وكان اللقاء ... وقد قمنا بنقل الكلام العامي إلى العربية حتى يكون أقرب للفهم.

أحد الإخوة: نريدك يا شيخ أن تكتب في الموضوع فكثير من الشباب يتسائلون عن موقفكم من حماس بعد هذه الأحداث.
الشيخ: وماذا أكتب!
الأخ: تكتب عن حقيقة حماس وما يجري في الساحة وموقف المسلم من الأحداث.
أخ آخر: يا شيخ: اسمح لنا بتسجيل اللقاء ونقله على الشبكة بعد تفريغه.
الشيخ: لا بأس، مع تحري الدقة في التفريغ.
الأخ: إن شاء الله.
أحد الإخوة: هل قرأت يا شيخ التقرير الذي أعطاكه .....؟
الشيخ: نعم.
الأخ: ما رأيك فيه؟
الشيخ: أكثر الكلام عن مجاهيل لا أعرفهم.
الأخ: ما رأيك في الإخوة في مسجد ابن تيمية برفح؟
الشيخ: من أي ناحية؟
الأخ: من ناحية دعوتهم؟
الشيخ: لقد فاجؤونا بإعلان هذه الدعوة بهذه الطريقة، كما فاجؤوا الجميع. الأمر حدث بسرعة.
الأخ: نعرف يا شيخ أنه تصلك الأخبار من غزة.
الشيخ: انقطع من كان يرسل لنا الأخبار منذ فترة. ولكن: هل تعرفهم أنت؟
الأخ: نعم.
الشيخ: تعرفهم معرفة شخصية أم من خلال الشبكة؟
الأخ: من خلال الشبكة.
الشيخ: نقلاً عن عدول ثقات؟
الأخ: نقلاً عن الإخوة بمعرفاتهم المعتادة.
أخ آخر: بعض الإخوة شبّه هذه الأحداث بالمسجد الأحمر.
الشيخ: يجب أن تعرفوا الحيثيات والدعوات وصدق الأفراد قبل الحكم. أنتم الآن لا تعرفون الإخوة في مسجد ابن تيمية ولم يتكلم فيهم من تعرفون وتثقون به. المسجد الأحمر فيه علماء معروفون عند العامة الخاصة وعند قادة المجاهدين.
أحد الإخوة: أنت تعرف بعضهم يا شيخ.
الشيخ: أنا لا أتكلم عن نفسي. أنتم الآن حكمتم عن غير علم، كان ينبغي عليكم التحري وسؤال أهل العلم الثقات، ثم تحكمون.
الأخ: بعد أحداث المسجد الأحمر تكلم قادة الجهاد في الأمر.
الشيخ: إذا تكلم القادة في الأمر فهم ثقات عدول أهل علم، فالأمر هنا تغيّر.
أحد الإخوة: نريد معرفة رأيك يا شيخ في الموضوع.
الشيخ: ليست عندي جميع الحقائق، ولكن أرى أن الإخوة تسرعوا في الأمر، والمعلومات القليلة التي عندي تشير إلى أن هنية ليس عنده حكمة أحمد ياسين والرنتيسي، ولو كان أحدهما حي لما وافق على ما فعلته حماس.
أخ: يعني أن تشكك في الإخوة في المسجد؟!!
الشيخ [وقد تغيّر وجهه]: لا تقوّلني ما لم أقل.
أخ: قتلوهم بدم بارد.
الشيخ: أنت شهدتَ هذا؟
الأخ: لا
الشيخ: سبحان الله!
أخ: ماذا كان يجب فعله يا شيخ؟
الشيخ: كان يجب أن يتوسط بعض العقلاء بين الجماعتين ليوقفوا هذه الكارثة من بدايتها، ولا أدري أين جماعة الجهاد وعلماء غزة عن هذه الأحداث! لماذا سكتوا؟
أخ: ألا ترى أن حماس مخطؤون؟
الشيخ: لو لم يكن في الأمر إلا السياسة المجرّدة لكانوا مخطئين، فهؤلاء الشباب يعرف الناس بأسهم، ولو أنهم تفاهموا معهم وكسبوهم أو على الأقل تركوهم لكانوا شوكة في حلوق يهود ولكانوا ورقة ضغط ومساومة، هذا من الناحية السياسية البحتة، وكان يكفيهم إرسال بعض العلماء إليهم والتفاوض معهم. أما من الناحية الشرعية فلا شك أن هذا الإقتتال خطأ كبير وخطير.
أخ: يا شيخ، هل تعرف الإخوة في هذا المسجد. نريد جواباً شافياً.
الشيخ: الجواب ربما يأتيك ممن هو أفضل مني وأعلم.
أخ: الإخوة في المنتديات كفّروا حماس والقسام وكل من قتل هؤلاء الإخوة.
الشيخ: حماس تتجه من السيء إلى الأسوأ في مواقفها تجاه المجاهدين، نسأل الله لنا ولهم الهداية، وتصريحات بعض ناطقيها وغمزهم للمجاهدين بعيد كل البعد عن الحكمة وفيه ضرر كبير عليهم.
أخ: ألا ترى يا شيخ أن الإخوة معهم حق في تكفير حماس؟
الشيخ: قلت لكم مرات عديدة بأن التكفير ليس بهذه السهولة، وهذا تكفير عين لا نوع فقط، وعلى الإخوة أن لا يقتحموا هذا الأمر بدون علم ومعرفة، فالحكم قد يحور على المفتي كما في الحديث، وبعض الإخوة يتجرأ على مثل هذا، ولعل الجبن هنا أفضل لدين المرء من الجرأة.
أخ: نريد أن نتخذ موقفاً حازماً تجاه الأحداث.
الشيخ: انتظروا قادتكم وما يقولون.
أخ: إلى متى ننتظر يا شيخ؟
الشيخ: حتى يأتي البيان من القادة، فهم أدرى بالوضع وأعلم بما يجب فعله.
أخ: لماذا ننتظر البيان والأمر واضح كالشمس!
الشيخ: إذا كان الأمر عندك واضح كالشمس فلا تنتظر أحدا. أما من كان مثلي فينتظر.
أخ: ألا نغضب! الدماء يا شيخ تغلي.
الشيخ: لا شك أن المسلم يغضب لقتل أخيه المسلم. أنا لا أقول لا تغضب، ولكن أقول: اصبر.
أخ: ماذا نقول للذين يكفّرون حماس والقسام؟
الشيخ: لا تقولوا شيئاً، لأنهم لن يسمعوا الآن والدماء تغلي، كما قال أخونا .....
الأخ: يعني نسكت؟
الشيخ: لا تسكت. ادع الله أن يحقن دماء المسلمين، وأن يأخذ على أيدي الظالمين، وأن يهدي عصاة المسلمين، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته.
أخ: البعض يدعوا لأخذ الثأر لدماء الإخوة.
الشيخ: يثأروا ممن!
الأخ: من حماس والقسام.
الشيخ: اذا اشتغل هؤلاء ببعض: فمن يقف في ثغور غزة في مواجهة اليهود؟
الأخ: يعني يسكتوا عن هذه الدماء؟
الشيخ: إن صدق الإخوة في دعواهم فهم شهداء.
أخ: قل لنا يا شيخ بصراحة: ما رأيك في حماس الآن، نريد جواباً شافياً.
الشيخ: حماس غرقت في مستنقع الحكومات: المصرية، والسعودية، والإيرانية، وهذه من أخبث حكومات العالم الإسلامي اليوم، وقيادة حماس هذه شابة لا تُدرك مدى مكر وخبث هؤلاء، ولا أدري كيف لم تُدرك هذا بعد، حتى بعد موقف حكومة مصر من حصار غزة وإغلاقها المعابر وتصريحات المسؤولين فيها! وإن كانت حكومة حماس لم تُدرك الأمر فأين عقل وفطنة أهل غزة، الأمر أوضح من أن يُبيَّن.
الأخ: لو تبيّن بوضوح أكثر يا شيخ.
الشيخ: هذه الحكومات مسكت حماس من اليد التي توجعها، فهي التي تدعم حماس ماديّاً، فما يأكله ويشربه ويُنفقه أهل غزة يأتي أكثره عن طريق هؤلاء، فالعيش بدون هؤلاء صعب جداً على أهالي غزة، والعيش في ظلهم أصعب، نسأل الله أن يحفظ المسلمين في فلسطين من كيد ومكر هؤلاء.
أخ: لم تبيّن لنا موقفك من حماس إلى الآن يا شيخ.
الشيخ: حماس لها أخطاء كثيرة، وبعض هذه الأخطاء خطيرة خاصة في الآونة الأخيرة، وعليهم أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، وأن لا يتمادوا في بعض هذه الأمور لأن الله يُمهل ولا يُهمل، وموقفهم السلبي من بعض أهل الجهاد ليس في صالحهم، وسيكون لهذا أثر سلبي عليهم في المدى القريب قبل البعيد، ويجب أن يعرف قادة حماس أن المخابرات المصرية تلعب بهم، ولا ينبغي لهم الركون إلى المجاراة والمداراة، فهؤلاء يعملون على التفريق بينهم وبين المجاهدين، ومن ثم إسقاط حماس في أعين الناس، وبعدها تذهب حماس أدراج الرياح ليأتوا بعباس وفتح ثانية إلى غزة. وهذا الأمر أوضح من الوضوح ذاته. والظاهر أن حماس لا تدرك مدى الشعبية التي يتمتع بها المجاهدون في العالم الإسلامي، ويظنون أنه يسعهم مخالفتهم بهذه الصورة ورميهم بشتى التهم، تلك التهم التي بات يخجل منها حتى رؤساء الدول المحاربة. على حماس أن تراجع الكثير من سياساتها إن أرادت البقاء.
أخ: لعلك توضح هذه النقطة أكثر يا شيخ!
الشيخ: القوة الحقيقية لأي أمة تكمن في العامة، وأكثر العامة اليوم مع أهل الجهاد في أفغانستان والعراق لأنهم مرغوا أنف أمريكا في التراب، وأكثر العامة يحبون أسامة حفظه الله، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل. حماس قتلت من ادعى الإنتساب إلى المجاهدين وطالب بتحكيم الشريعة، وهذه المطالبة غاية في الحساسية عند كثير من الناس. بهذا تخسر حماس تعاطف عامة المسلمين، وبهذا يستطيع الحكام التخلي عن حماس لضعف شعبيتها فلا حاجة لمسرحية إظهار نصرتهم لها، فإذا توقفت المساعدات وانعدم الدعم الشعبي من عامة الأمة وخاصتها (ونقصد بالخاصة هنا: المجاهدين الذين اكتسحوا الساحة الإسلامية) تبقى حماس بمفردها في الساحة، وهي لا تستطيع الوقوف بمفردها لفترة طويلة، وستضطر للإذعان لشروط فتح أو ليهود، وسيتخلى عنها الرافضة لأنها ورقة خاسرة. نسأل الله أن لا يحدث هذا وأن يعود المسلمون إلى رشدهم.
أخ: هناك من يقول بأن الشباب في المسجد صنيعة عباس وفتح!
الشيخ: هؤلاء يجب أن يتقوا الله فيما يقولون، فالله سبحانه أخبرنا بأنه يدافع عن الذين آمنوا، فمثل هذا لا يضر إلا نفسه، والله المنتقم.
الأخ: ألا نرد على هؤلاء؟
الشيخ: بماذا ترد!
الأخ: ببيان الحق.
الشيخ: هذه نقطة مهمة فانتبهوا لها: في مثل هذه الأحداث يضيع الحق بين اللغط، ويغيب العقل تحت ركام السخط،، والناس لا يريدون سماع قول مخالف في الرأي، وهذا من الطرفين، فالكل مشحون، ووربما ترون وتسمعون كلاماً لم تكونوا تسمعونه من قبل، وهذا يحدث حتى مع أعقل الناس في مثل هذه الظروف، وقد حصل هذا في عهد الفتنة التي كانت بين الصحابة: علا صوت الباطل واللغط على صوت الحق حتى تقاتل علي وطلحة والزبير وهم أعقل الناس، واللغط جاء من غيرهم، وهؤلاء كلهم مبشرون بالجنة! فالأمر في مثل هذه الظروف أكبر مما تتصورون، والأعداء مندسين بيننا يذكون نار الفتنة، وربما إذا نشرتم كلامي هذا ستجدون الإنتقادات من الجانبين، وربما قال فينا اليوم من أحسن الظن بنا بالأمس.
أخ: أنا قرأت بعض البيانات التي تطالب المشايخ بعدم الخوض في مسألة التهدئة أو الحوار وأن الموقف لا يسع إلا لأخذ الثأر من حماس.
الشيخ: هذا يُقال في ساعة الغضب، ولا أدري كيف يقال مثل هذا في غزة! إذا أخذ هؤلاء الثأر وقتلوا بعض قادة حماس، ثم ثار القساميون وقتلوا هؤلاء، وهكذا تدور عجلة الثأر ولا تتوقف، هذا كله ليس في صالح المسلمين، ولو كان الأمر بقتل واحد أو اثنين وينتهي الأمر، لهان، ولكن المسألة أكبر من ذلك. غزة مدينة صغيرة يحاصرها اليهود والحكومة المصرية، فكيف تتحمل مثل هذه الفوضى!
أخ: أنت لم تغضب يا شيخ؟
الشيخ: ومن لا يغضب في مثل هذا الموقف؟ يُقتل المسلمون ويسْلم اليهود ولا نغضب!
طيّب: لماذا لا تكتب عن الموضوع يا شيخ؟
الشيخ: ربما لأني في حالة غضب، وأنا أعلم أن الناس في حالة غضب. وربما يكفي هذا اللقاء.
الأخ: والله احترنا يا شيخ، يعني لا نقول ولا نتكلم ولا نفعل شيء؟
الشيخ: أنا لم أقل هذا، النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، إن كنت ستقول أو تفعل شيئاً يفيد الإسلام والمسلمين فلا تتردد، وإن كان غير ذلك فالسكوت أحسن لك ولغيرك.
الشيخ يسأل: ما رأيكم أنتم في الأحداث؟
أخ: نحن مع الإخوة في المسجد، وحماس ليس لها احترام بعد اليوم.
الشيخ: كلكم على هذا الرأي!
الإخوة سكتوا.
الشيخ: على كل حال، ننتظر ما يقول القادة، وعندها يكون الرأي أقرب للصواب إن شاء الله لأنه في الغالب يكون عند القادة فضل علم عن الجبهات ليس عند غيرهم. وأنا أدعوا الإخوة جميعاً –قادة وأتباعاً- أن يتقوا الله ويقدموا مصلحة الأمة على كل مصلحة، وأن يدرؤوا الفتنة عن الأمة، وأن يحقنوا دماء المسلمين، وأن يتعاملوا مع الموقف بحكمة، وأن لا يشمتوا فينا الأعداء الذين بدؤوا بالهمز واللمز عن طريق قنواتهم الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية، حتى فتح الأنجاس تكلموا وخاضوا في الأمر. إن الأمر ليس أمر جماعة أو فرقة، بل هو الدين والأمة، ولو وضع الناس هذا نصب أعينهم لتغيّرت الكثير من المواقف.

= = = = = = =
إلى هنا انتهى النقل عن اللقاء، وبعدها دعى الشيخ طويلاً للمسلمين في فلسطين عامة وفي غزة خاصة، وأوصى الشباب بالتعقل والصبر. ولا أخفي عليكم بأن الشيخ كان مستاء جداً وكأنه فقد فلذات كبده في الحادثة، وكأني أنظر إلى دموعه وهو يحاول إخفائها خلف حدقتي عينيه. وكان يُكثر في الجلسة من قول "إنا لله وإنا إليه راجعون".

الزبير الطرابلسي
08-17-2009, 09:31 PM
لقاء حول أحداث رفح ... [حسين بن محمود] 24 شعبان 1430هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

قام أحد الإخوة جزاه الله خيرا بجمع ما وجده في الشبكة من أخبار وتحليلات ومراسلات الإخوة في المنتديات والمواقع الإخبارية ورتبها وحذف المكرر منها والغير لائق من الكلام في ملف ثم أعطاه الشيخ حفظه الله ليطلع عليه، وأخبره بأن الإخوة يريدون لقائه الليلة حتى يسمعوا منه رأيه فيما يحدث في غزة.

وكان اللقاء ... وقد قمنا بنقل الكلام العامي إلى العربية حتى يكون أقرب للفهم.

أحد الإخوة: نريدك يا شيخ أن تكتب في الموضوع فكثير من الشباب يتسائلون عن موقفكم من حماس بعد هذه الأحداث.
الشيخ: وماذا أكتب!
الأخ: تكتب عن حقيقة حماس وما يجري في الساحة وموقف المسلم من الأحداث.
أخ آخر: يا شيخ: اسمح لنا بتسجيل اللقاء ونقله على الشبكة بعد تفريغه.
الشيخ: لا بأس، مع تحري الدقة في التفريغ.
الأخ: إن شاء الله.
أحد الإخوة: هل قرأت يا شيخ التقرير الذي أعطاكه .....؟
الشيخ: نعم.
الأخ: ما رأيك فيه؟
الشيخ: أكثر الكلام عن مجاهيل لا أعرفهم.
الأخ: ما رأيك في الإخوة في مسجد ابن تيمية برفح؟
الشيخ: من أي ناحية؟
الأخ: من ناحية دعوتهم؟
الشيخ: لقد فاجؤونا بإعلان هذه الدعوة بهذه الطريقة، كما فاجؤوا الجميع. الأمر حدث بسرعة.
الأخ: نعرف يا شيخ أنه تصلك الأخبار من غزة.
الشيخ: انقطع من كان يرسل لنا الأخبار منذ فترة. ولكن: هل تعرفهم أنت؟
الأخ: نعم.
الشيخ: تعرفهم معرفة شخصية أم من خلال الشبكة؟
الأخ: من خلال الشبكة.
الشيخ: نقلاً عن عدول ثقات؟
الأخ: نقلاً عن الإخوة بمعرفاتهم المعتادة.
أخ آخر: بعض الإخوة شبّه هذه الأحداث بالمسجد الأحمر.
الشيخ: يجب أن تعرفوا الحيثيات والدعوات وصدق الأفراد قبل الحكم. أنتم الآن لا تعرفون الإخوة في مسجد ابن تيمية ولم يتكلم فيهم من تعرفون وتثقون به. المسجد الأحمر فيه علماء معروفون عند العامة الخاصة وعند قادة المجاهدين.
أحد الإخوة: أنت تعرف بعضهم يا شيخ.
الشيخ: أنا لا أتكلم عن نفسي. أنتم الآن حكمتم عن غير علم، كان ينبغي عليكم التحري وسؤال أهل العلم الثقات، ثم تحكمون.
الأخ: بعد أحداث المسجد الأحمر تكلم قادة الجهاد في الأمر.
الشيخ: إذا تكلم القادة في الأمر فهم ثقات عدول أهل علم، فالأمر هنا تغيّر.
أحد الإخوة: نريد معرفة رأيك يا شيخ في الموضوع.
الشيخ: ليست عندي جميع الحقائق، ولكن أرى أن الإخوة تسرعوا في الأمر، والمعلومات القليلة التي عندي تشير إلى أن هنية ليس عنده حكمة أحمد ياسين والرنتيسي، ولو كان أحدهما حي لما وافق على ما فعلته حماس.
أخ: يعني أن تشكك في الإخوة في المسجد؟!!
الشيخ [وقد تغيّر وجهه]: لا تقوّلني ما لم أقل.
أخ: قتلوهم بدم بارد.
الشيخ: أنت شهدتَ هذا؟
الأخ: لا
الشيخ: سبحان الله!
أخ: ماذا كان يجب فعله يا شيخ؟
الشيخ: كان يجب أن يتوسط بعض العقلاء بين الجماعتين ليوقفوا هذه الكارثة من بدايتها، ولا أدري أين جماعة الجهاد وعلماء غزة عن هذه الأحداث! لماذا سكتوا؟
أخ: ألا ترى أن حماس مخطؤون؟
الشيخ: لو لم يكن في الأمر إلا السياسة المجرّدة لكانوا مخطئين، فهؤلاء الشباب يعرف الناس بأسهم، ولو أنهم تفاهموا معهم وكسبوهم أو على الأقل تركوهم لكانوا شوكة في حلوق يهود ولكانوا ورقة ضغط ومساومة، هذا من الناحية السياسية البحتة، وكان يكفيهم إرسال بعض العلماء إليهم والتفاوض معهم. أما من الناحية الشرعية فلا شك أن هذا الإقتتال خطأ كبير وخطير.
أخ: يا شيخ، هل تعرف الإخوة في هذا المسجد. نريد جواباً شافياً.
الشيخ: الجواب ربما يأتيك ممن هو أفضل مني وأعلم.
أخ: الإخوة في المنتديات كفّروا حماس والقسام وكل من قتل هؤلاء الإخوة.
الشيخ: حماس تتجه من السيء إلى الأسوأ في مواقفها تجاه المجاهدين، نسأل الله لنا ولهم الهداية، وتصريحات بعض ناطقيها وغمزهم للمجاهدين بعيد كل البعد عن الحكمة وفيه ضرر كبير عليهم.
أخ: ألا ترى يا شيخ أن الإخوة معهم حق في تكفير حماس؟
الشيخ: قلت لكم مرات عديدة بأن التكفير ليس بهذه السهولة، وهذا تكفير عين لا نوع فقط، وعلى الإخوة أن لا يقتحموا هذا الأمر بدون علم ومعرفة، فالحكم قد يحور على المفتي كما في الحديث، وبعض الإخوة يتجرأ على مثل هذا، ولعل الجبن هنا أفضل لدين المرء من الجرأة.
أخ: نريد أن نتخذ موقفاً حازماً تجاه الأحداث.
الشيخ: انتظروا قادتكم وما يقولون.
أخ: إلى متى ننتظر يا شيخ؟
الشيخ: حتى يأتي البيان من القادة، فهم أدرى بالوضع وأعلم بما يجب فعله.
أخ: لماذا ننتظر البيان والأمر واضح كالشمس!
الشيخ: إذا كان الأمر عندك واضح كالشمس فلا تنتظر أحدا. أما من كان مثلي فينتظر.
أخ: ألا نغضب! الدماء يا شيخ تغلي.
الشيخ: لا شك أن المسلم يغضب لقتل أخيه المسلم. أنا لا أقول لا تغضب، ولكن أقول: اصبر.
أخ: ماذا نقول للذين يكفّرون حماس والقسام؟
الشيخ: لا تقولوا شيئاً، لأنهم لن يسمعوا الآن والدماء تغلي، كما قال أخونا .....
الأخ: يعني نسكت؟
الشيخ: لا تسكت. ادع الله أن يحقن دماء المسلمين، وأن يأخذ على أيدي الظالمين، وأن يهدي عصاة المسلمين، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته.
أخ: البعض يدعوا لأخذ الثأر لدماء الإخوة.
الشيخ: يثأروا ممن!
الأخ: من حماس والقسام.
الشيخ: اذا اشتغل هؤلاء ببعض: فمن يقف في ثغور غزة في مواجهة اليهود؟
الأخ: يعني يسكتوا عن هذه الدماء؟
الشيخ: إن صدق الإخوة في دعواهم فهم شهداء.
أخ: قل لنا يا شيخ بصراحة: ما رأيك في حماس الآن، نريد جواباً شافياً.
الشيخ: حماس غرقت في مستنقع الحكومات: المصرية، والسعودية، والإيرانية، وهذه من أخبث حكومات العالم الإسلامي اليوم، وقيادة حماس هذه شابة لا تُدرك مدى مكر وخبث هؤلاء، ولا أدري كيف لم تُدرك هذا بعد، حتى بعد موقف حكومة مصر من حصار غزة وإغلاقها المعابر وتصريحات المسؤولين فيها! وإن كانت حكومة حماس لم تُدرك الأمر فأين عقل وفطنة أهل غزة، الأمر أوضح من أن يُبيَّن.
الأخ: لو تبيّن بوضوح أكثر يا شيخ.
الشيخ: هذه الحكومات مسكت حماس من اليد التي توجعها، فهي التي تدعم حماس ماديّاً، فما يأكله ويشربه ويُنفقه أهل غزة يأتي أكثره عن طريق هؤلاء، فالعيش بدون هؤلاء صعب جداً على أهالي غزة، والعيش في ظلهم أصعب، نسأل الله أن يحفظ المسلمين في فلسطين من كيد ومكر هؤلاء.
أخ: لم تبيّن لنا موقفك من حماس إلى الآن يا شيخ.
الشيخ: حماس لها أخطاء كثيرة، وبعض هذه الأخطاء خطيرة خاصة في الآونة الأخيرة، وعليهم أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، وأن لا يتمادوا في بعض هذه الأمور لأن الله يُمهل ولا يُهمل، وموقفهم السلبي من بعض أهل الجهاد ليس في صالحهم، وسيكون لهذا أثر سلبي عليهم في المدى القريب قبل البعيد، ويجب أن يعرف قادة حماس أن المخابرات المصرية تلعب بهم، ولا ينبغي لهم الركون إلى المجاراة والمداراة، فهؤلاء يعملون على التفريق بينهم وبين المجاهدين، ومن ثم إسقاط حماس في أعين الناس، وبعدها تذهب حماس أدراج الرياح ليأتوا بعباس وفتح ثانية إلى غزة. وهذا الأمر أوضح من الوضوح ذاته. والظاهر أن حماس لا تدرك مدى الشعبية التي يتمتع بها المجاهدون في العالم الإسلامي، ويظنون أنه يسعهم مخالفتهم بهذه الصورة ورميهم بشتى التهم، تلك التهم التي بات يخجل منها حتى رؤساء الدول المحاربة. على حماس أن تراجع الكثير من سياساتها إن أرادت البقاء.
أخ: لعلك توضح هذه النقطة أكثر يا شيخ!
الشيخ: القوة الحقيقية لأي أمة تكمن في العامة، وأكثر العامة اليوم مع أهل الجهاد في أفغانستان والعراق لأنهم مرغوا أنف أمريكا في التراب، وأكثر العامة يحبون أسامة حفظه الله، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل. حماس قتلت من ادعى الإنتساب إلى المجاهدين وطالب بتحكيم الشريعة، وهذه المطالبة غاية في الحساسية عند كثير من الناس. بهذا تخسر حماس تعاطف عامة المسلمين، وبهذا يستطيع الحكام التخلي عن حماس لضعف شعبيتها فلا حاجة لمسرحية إظهار نصرتهم لها، فإذا توقفت المساعدات وانعدم الدعم الشعبي من عامة الأمة وخاصتها (ونقصد بالخاصة هنا: المجاهدين الذين اكتسحوا الساحة الإسلامية) تبقى حماس بمفردها في الساحة، وهي لا تستطيع الوقوف بمفردها لفترة طويلة، وستضطر للإذعان لشروط فتح أو ليهود، وسيتخلى عنها الرافضة لأنها ورقة خاسرة. نسأل الله أن لا يحدث هذا وأن يعود المسلمون إلى رشدهم.
أخ: هناك من يقول بأن الشباب في المسجد صنيعة عباس وفتح!
الشيخ: هؤلاء يجب أن يتقوا الله فيما يقولون، فالله سبحانه أخبرنا بأنه يدافع عن الذين آمنوا، فمثل هذا لا يضر إلا نفسه، والله المنتقم.
الأخ: ألا نرد على هؤلاء؟
الشيخ: بماذا ترد!
الأخ: ببيان الحق.
الشيخ: هذه نقطة مهمة فانتبهوا لها: في مثل هذه الأحداث يضيع الحق بين اللغط، ويغيب العقل تحت ركام السخط،، والناس لا يريدون سماع قول مخالف في الرأي، وهذا من الطرفين، فالكل مشحون، ووربما ترون وتسمعون كلاماً لم تكونوا تسمعونه من قبل، وهذا يحدث حتى مع أعقل الناس في مثل هذه الظروف، وقد حصل هذا في عهد الفتنة التي كانت بين الصحابة: علا صوت الباطل واللغط على صوت الحق حتى تقاتل علي وطلحة والزبير وهم أعقل الناس، واللغط جاء من غيرهم، وهؤلاء كلهم مبشرون بالجنة! فالأمر في مثل هذه الظروف أكبر مما تتصورون، والأعداء مندسين بيننا يذكون نار الفتنة، وربما إذا نشرتم كلامي هذا ستجدون الإنتقادات من الجانبين، وربما قال فينا اليوم من أحسن الظن بنا بالأمس.
أخ: أنا قرأت بعض البيانات التي تطالب المشايخ بعدم الخوض في مسألة التهدئة أو الحوار وأن الموقف لا يسع إلا لأخذ الثأر من حماس.
الشيخ: هذا يُقال في ساعة الغضب، ولا أدري كيف يقال مثل هذا في غزة! إذا أخذ هؤلاء الثأر وقتلوا بعض قادة حماس، ثم ثار القساميون وقتلوا هؤلاء، وهكذا تدور عجلة الثأر ولا تتوقف، هذا كله ليس في صالح المسلمين، ولو كان الأمر بقتل واحد أو اثنين وينتهي الأمر، لهان، ولكن المسألة أكبر من ذلك. غزة مدينة صغيرة يحاصرها اليهود والحكومة المصرية، فكيف تتحمل مثل هذه الفوضى!
أخ: أنت لم تغضب يا شيخ؟
الشيخ: ومن لا يغضب في مثل هذا الموقف؟ يُقتل المسلمون ويسْلم اليهود ولا نغضب!
طيّب: لماذا لا تكتب عن الموضوع يا شيخ؟
الشيخ: ربما لأني في حالة غضب، وأنا أعلم أن الناس في حالة غضب. وربما يكفي هذا اللقاء.
الأخ: والله احترنا يا شيخ، يعني لا نقول ولا نتكلم ولا نفعل شيء؟
الشيخ: أنا لم أقل هذا، النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، إن كنت ستقول أو تفعل شيئاً يفيد الإسلام والمسلمين فلا تتردد، وإن كان غير ذلك فالسكوت أحسن لك ولغيرك.
الشيخ يسأل: ما رأيكم أنتم في الأحداث؟
أخ: نحن مع الإخوة في المسجد، وحماس ليس لها احترام بعد اليوم.
الشيخ: كلكم على هذا الرأي!
الإخوة سكتوا.
الشيخ: على كل حال، ننتظر ما يقول القادة، وعندها يكون الرأي أقرب للصواب إن شاء الله لأنه في الغالب يكون عند القادة فضل علم عن الجبهات ليس عند غيرهم. وأنا أدعوا الإخوة جميعاً –قادة وأتباعاً- أن يتقوا الله ويقدموا مصلحة الأمة على كل مصلحة، وأن يدرؤوا الفتنة عن الأمة، وأن يحقنوا دماء المسلمين، وأن يتعاملوا مع الموقف بحكمة، وأن لا يشمتوا فينا الأعداء الذين بدؤوا بالهمز واللمز عن طريق قنواتهم الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية، حتى فتح الأنجاس تكلموا وخاضوا في الأمر. إن الأمر ليس أمر جماعة أو فرقة، بل هو الدين والأمة، ولو وضع الناس هذا نصب أعينهم لتغيّرت الكثير من المواقف.

= = = = = = =
إلى هنا انتهى النقل عن اللقاء، وبعدها دعى الشيخ طويلاً للمسلمين في فلسطين عامة وفي غزة خاصة، وأوصى الشباب بالتعقل والصبر. ولا أخفي عليكم بأن الشيخ كان مستاء جداً وكأنه فقد فلذات كبده في الحادثة، وكأني أنظر إلى دموعه وهو يحاول إخفائها خلف حدقتي عينيه. وكان يُكثر في الجلسة من قول "إنا لله وإنا إليه راجعون".
بوركت يا طيب
جعلني الله واياك من المدافعين عن المجاهدين الصادقين