تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العروبة ثورة فجرها الإسلام.. واستلهمها البعث



محمد دغيدى
08-17-2009, 06:45 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

العروبة ثورة فجرها الإسلام.. واستلهمها البعث

شبكة البصرة

هداج جبر

لم يبقى سوى أيام قليلة، حتى يحل علينا شهر رمضان المبارك، ضيفا فضيلا، الذي قال الله تعالى عنه (شهر رمضان الذي انزل فيه القران).
ومن المعروف، أن القران، نزل في هذا الشهر المبارك،على سيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) في سنة610م، وفي غار حراء، بجبل ثور، بمكة المكرمة.
وهذا يعني، أن الإسلام، نزل مكانا، في ارض العرب، وفي الزمان المذكور، وعلى العرب، من خلال النبي الأعظم، محمد(صلى الله عليه وسلم)،وبلغة العرب.
ولاشك أن لهذه المعطيات، الكثير من الدلالات منها:-
· أن البيئة التي نزل فيها الإسلام، عربية صرفة.
· المكان الذي نزل فيه،عربيا محضا.
· اللغة التي نزل بها القران، اللغة العربية الفصحى، المتداولة بينهم، نثرا وشعرا.حيث قال الله سبحانه وتعالى في تأكيده لهذه الحقيقة، (إنا أنزلناه قرانا عربيا لعلهم يعقلون).
ولا جرم أن المجتمع العربي قبل الإسلام، وهو ما يصطلح على تسميته المجتمع الجاهلي، كان مجتمعا يحمل الكثير، من القيم الفاضلة،بالرغم من كل التناقضات السلبية، التي كانت مترسخة، في صلب حياته الاجتماعية، والتي نزل عليها الإسلام، ثورة كبرى، فخلص المجتمع العربي منها نهائيا.
على أن القيم الفاضلة، كانت هي التي تحتل اكبر مساحة، في فضاء المجتمع العربي الجاهلي، حتى أن الرسول الكريم قال(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). بمعنى انه لم يبعث، في مجتمع جاف، وخال من منظومة قيم عالية، بل نزل على قوم، هم منجم معادن نفيسة، فيها الكثير، من المعاني النبيلة.حتى قال النبي (صلى الله عليه وسلم) في توكيد خيريتهم، (أنا خيار من خيار من خيار).
ومما تقدم، يلاحظ، أن العروبة، كانت هي الوعاء، الذي تشرف باحتواء هدي الإسلام. فكان قدر العرب،أن يكونوا الحاضنة التي ترعرع التكوين الإيماني، للجيل الرباني الأول، في ثناياها، رغم كل المعارضة، من قبل الطغاة والمستكبرين،من دهاقنة المجتمع، المكي والمدني، وهوامشهما، في جزيرة العرب، إبان المراحل الأولى، من نزول الإسلام. وربما كانت إرادة الله،ه تقتضي، أن يكون، حضور طغاة العرب،في الصراع ضروريا، لتفجير ثورة الإسلام، على كل سلبيات الواقع الفاسد، في المجتمع الجاهلي العربي،يوم ذاك، ضرورة المؤمنين الأبرار فيه، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، حتى يأخذ قانون الصراع من اجل التغيير، إلى التي هي أحسن، دوما، كامل بعده في الحياة، لضمان استمرار هدي الله، إلى أن تقوم الساعة.
ولقد أبدع العرب من جيل الصحابة الأوائل، وأحسنوا القيام بدورهم، في حمل راية الإسلام إلى أمصار الدنيا، في عملية تكون ذاتي،وفق تعاليم الإسلام، متصلة مع العالم الخارجي،وفق نفس المفاهيم، لتحقيق ثورة الإسلام، لترسيخ توحيد الخالق في السماء، وتحقيق العدالة في الأرض. وهذه هي باختصار، رسالة الإسلام، التي احتضنتها العروبة، بأعلى درجات الإخلاص والإيمان،والوفاء. حيث وصفهم الله جل جلاله بقوله(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة).. فكانوا الجيل الرباني، الهداة المهديين بحق.
وقد فجر العرب المسلمون الأوائل، من ذلك الجيل الرباني، كل قيم الخير، والإبداع، والعطاء، فنجحوا في إبداع حضارة متقدمة، كانت مليئة، بكل ملامح الخير، والنعمة، والآلاء الربانية، ما جعلها، حضارة إنسانية،مكتظة بالقيم الفاضلة، التي أحلت على الأرض،ردحا من الزمن، الأمان، والرفاهية،وأشاعت في ربوعها السلام.
وعندما أحاقت بهذه الحضارة، عوامل الضعف، والانحطاط، وتآمر عليها الأعداء، واغتالوها، وخفت بريقها، غابت الأمة، عن ساحة التأثير، وتعطلت فيها، قدرات الخلق والإبداع. فخسر العالم والإنسانية، الكثير، بهذا الغياب، ومنه، غياب القيم الفاضلة، ومعايير العدالة، والإنصاف. حتى غدت الحضارة المعاصرة، حضارة متوحشة، وعدوانية، وأنانية، واستعمارية.
وقد انتبه لهذا الأمر، البعث، الذي ولد استلهاما لروح الإسلام، وأدرك أن انبعاث،ونهوض الأمة، قابل للتحقيق، من خلال الاتصال بحقيقة الإسلام، ليس فقط من خلال النقل والنصوص،والفكر، والتصور، والإيمان المجرد، بل بالثورة الدائمة، والنضال المستمر، والتعايش المتفاعل، مع معطيات العصر، في عملية استلهام لكل الصفحات المشرقة، والمعاني الفاضلة، في ماضي الأمة، لا بطريقة الرجوع إلى الخلف، بل بطريقة، إحضار الماضي، خطوة إلى الأمام، في سياق ترابط جدلي، بين ماضي الأمة المشرق، وحاضرها الملئ بتناقضات الضعف، والتراجع، والانكفاء، والقنوط، للانقلاب عليه،وتجاوزه إلى الحال الأفضل،في عملية ارتقاء متواصلة.
فكانت تجربة البعث الناهضة في العراق، التي وضعت الأمة، على طريق النهوض واليقظة، واستنفرت في الأمة، كل عوامل الانبعاث، لمعاودة دورها الحضاري، في عملية تطلع متقدمة، حققت الكثير من الانجازات التاريخية الكبرى، بحيث تجاوزت، كل الحدود المسوح بها، مما أثار حفيظة الأعداء،في إطار عملية الصراع المتجدد دوما، بين الأمة والأعداء، فكانت المكائد لها بالمرصاد، وآخرها الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق، وسحق التجربة النموذج، لأنها كانت وليد الأمة المتطلع، النابض بكل مقومات النهوض، ومعاودة الدور.