تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عمر المختار



منير الليل
10-03-2003, 05:57 PM
* شيخ المجاهدين الليبيين عمر بن المختار بن فرحات : ولد عام 1862م وأتم حفظ القرآن مبكراً , وأمضى ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل في جغبوب , ثم شارك في صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في جنوب ليبيا , وسعى في تلك الفترة إلى تعليم الناس الإسلام وتعليمهم حفظ وتلاوة كتاب الله في تلك الأصقاع النائية , ثم عين شيخاً لعدد من الزوايا بعد ذلك إلى أن أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في العام 1911م , وفي هذه الأثناء سارع الشيخ عمر إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث نجح في تنظيم صفوف المجاهدين , وإثر ذلك تولى قيادة المجاهدين لما رأى تخاذل محمد إدريس السنوسي القائد الفعلي لليبيين بعد انسحاب الأتراك 1912م من ليبيا , ومع اشتداد ضربات العدو الإيطالي على المدن الليبية أدرك المختار أن بقاء المجاهدين فيها هو محض انتحار , فلجأ هو ومن معه إلى الجبل الأخضر ليصبح بذلك معقل المجاهدين الذي منه تنطلق هجماتهم على الإيطاليين في كل أرض ليبيا , ويتخلف عنه المتخلفون من دعاة الاستسلام ويرضون بالدنية في دينهم , ويعرض عليه الإيطاليون رشوة ضخمة لإعطاء موافقته على خطة الاستسلام , فيأبى الرجل ويقول : 'لم أكن يوماً لقمة سائغة يسهل بلعها على من يريد , ولن يغير أحد من عقيدتي ورأيي واتجاهي , والله سيخيب من يحاول ذلك ' . ويرى السنوسيين يتخاذلون ويثبطون من عزائم الناس حوله , فيرفع مصحفه مقسماً ألا يتوقف عن قتال الإيطاليين حتى لو قاتلهم وحده , فيتوحد الناس خلفه من جديد , ويبدأ حلقة جديدة من الكر والفر مع الإيطاليين , ويسأم الإيطاليون من قوة عزيمته – وهو ما سئم – فيعرضون مائتي ألف فرنك إيطالي لمن يأتي بعمر المختار حياً أو ميتاً أو يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه [ وبمثلها لمن يأتي برأس قائده المغوار العظيم الفضيل بو عمر ] !! ويشتد بعد ذلك ضغط الإيطاليون عليه بسبب تفوقهم الهائل في العدد والعدة , ويتكرر حصارهم له , ويطبق الإيطاليون في وادي السقية على عمر المختار ورفاقه إطباق الإسار على المعصم , ويقوم الفضيل بو عمر بقيادة مجموعة كوماندوز لفتح ثغرة في صفوف الإيطاليين , وينجح الفضيل ورفاقه في فتح الثغرة ومناوشه عسكر الإيطاليين حتى يتمكن الجيش الإسلامي كله , ويستشهد الفضيل وخمسين معه من الكوماندوز , وينجو المختار ويلحق مجدداً بالجبل [وتلك قصة قريبة جداً لما جرى في قندوز بالشمال الأفغاني قبل شهور عندما نجح مجاهدون متطوعون في فك الحصار عن معظم المحاصرين في قندوز , و قضوا هم فداء إخوانهم , وفق رواية طالبان] , لكن الحصار المحكم على المختار ورفاقه ينجح أخيراً في أسر الشيخ ومن ثم إعدامه في مشهد مهيب في العام 1931 والذي أثار عاطفة الشاعر أحمد شوقي فكتب في رثائه القصيدة الشهيرة التي جاء فيها :

ركزوا رفاتك في الرمال لواء .. يستنهض الوادي صباح مساء
خيرت فاخترت المبيت على الطوى .. لم تبن جاها أو تلم ثراء
إن البطولة أن تموت من الظمأ .. ليس البطولة أن تعب الماء
الأسد تزأر في الحديد ولن ترى .. في السجن ضرغماً بكى استجداه


, وهكذا رحل الذي ملأ شعاب الجبل الأخضر عزاً وفخراً , واختفى الصوت الذي ظل يردد فوق ذراه كلمته الخالدة 'إذا انتصر مدفعهم على سيفي , فلن ينتصر الباطل على حقي' .