تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (النصر الإلهي) والهزيمة الإلهية ...



عزام
07-21-2009, 05:53 PM
(النصر الإلهي) والهزيمة الإلهية ...
رؤوف شحوري - الأنوار


الأجواء تتعكر من جديد في متوالية مألوفة بين صفاء يعقبه تعكير، وتعكير يعقبه صفاء. والحديث هنا هو عن مناخ مترابط محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، حيث فترات الانفراج و(الرلاكس) تكون عامة في الداخل والخارج، وكذلك أوقات الاكفهرار والتوتر. غير أن هذا التعاقب في تغيّر المناخات والأجواء من الضد الى الضد لا يحمل في طياته حتى الآن أخطاراً غير مألوفة، أو تنذر بـ (عواقب وخيمة). والأمر يبدو وكأنه حالة مرور في مرحلة انتقالية صعبة وحساسة من حال الى حال، بسبب التعقيدات الموروثة من جهة، وحقائق الأمر الواقع الجديد من جهة ثانية، واهتزاز زخم الاندفاع السابق وتحالفاته وعدم نضوج ظروف توليد زخم جديد على وقع تحالفات جديدة، من جهة ثالثة!
***
هذا الواقع يبدو أكثر وضوحاً في لبنان بوصفه، ليس فقط مرآة عاكسة لظروف وأوضاع المنطقة وحسب، وإنما أيضاً كساحة تفاعل للصراعات الإقليمية والعربية والخارجية. والأطراف اللبنانية مجتمعة ومنفردة تعاني من تفاعلات هذا الواقع. وأولها حالة الرئيس المكلَّف سعد الحريري الذي يعاني من مخاض الانتقال من (الثورة) الى (الدولة)، أي من قيادة زخم جماهيري هادر تحركه الانفعالات الحادّة تحت عنوان (ثورة الأرز)، الى موقع المسؤولية المتقدم في رئاسة الحكومة. وقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يعاني من آلام الانتقال من مرحلة كان هو فيها نتيجة لالتقاء إرادات الآخرين حوله، الى مرحلة يريد أن يختارها هو ويرسم خطوطها بنفسه في خلال الفترة الطويلة المتبقية من العهد.
***
الحالة نفسها مخيّمة على قوى ما كان يسمى بتجمع (14 آذار) وخلال الانتخابات وقبلها وبعدها تزعزعت بشدة الوشائج والشعارات التي كانت توحِّد بينها، ودخلت اليوم في مرحلة تضارب المصالح والأهداف لدى كل فريق من القوى التي كانت منضوية تحت بيرق هذا التجمع. وكانت قوى (14 آذار) أشبه بكرات طاولة البلياردو المجموعة داخل المثلَّث المعدني الصلب. ورؤية الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط ومصالحه السياسية والمتنوعة تجعله يقوم اليوم بدور اللاعب الذي يقذف بعصاه الكرة التي تبعثر كرات طاولة البلياردو بعد رفع المثلَّث المعدني عنها! والقوى المسيحية في هذا التكتل تعاني من واقع صعب وشائك... فهي، من جهة، لا تستطيع مجاراة الخطاب السياسي الجديد للرئيس المكلَّف سعد الحريري من موقع المسؤولية الجديد الذي يشغله. ولا التوجهات الجديدة لدى الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط. وهي، من جهة ثانية، غير قادرة على تحمّل حالة فتور ولا طبعاً حالة صدامية مع أي منهما. وهي، من جهة ثالثة، لا تستطيع تغيير مواقفها التي خاضت على أساسها معركة الزعامة في النطاق المسيحي!
***
تبدو قوى المعارضة في حال أفضل، ومرتاحة أكثر... داهية هذا التجمع الرئيس نبيه بري شقَّ لنفسه أوتوستراداً على أرض الأكثرية بالتعاون مع جنبلاط وغيره. وهو يرفع شعار (تذويب) قوى (14 و8 آذار) بينما المتاح عملياً هو تذويب تكتل (14 آذار) وحده. والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون الذي خرج من الانتخابات ببعض الجروح يعتبر أنه على طريق كسب معركة طويلة النَفَس. و(حزب الله) الذي يشدد في أدبياته على مفهوم (النصر الإلهي) الذي حققه في حرب تموز ضد العدوان الاسرائيلي، يتصرف اليوم وكأنه حقق في الانتخابات النيابية وفي إطار معركة المعارضة، (هزيمة إلهية) حصَّنته وحمته من تداعيات المسؤوليات الجسيمة التي كان عليه تحمّلها في حال فوز المعارضة بالأكثرية في الانتخابات!