تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مسيحيو لبنان يقسمون على اعتناق العروبة بالتقسيط.. ووفق الحاجة



من هناك
07-11-2009, 02:50 AM
مسيحيو لبنان يقسمون على اعتناق العروبة بالتقسيط.. ووفق الحاجة
مارلين خليفة (http://javascript%3Cb%3E%3C/b%3E://)

انقسام المسيحيين اللبنانيين بين المحاور العربية يعيد طرح إشكالية علاقة هؤلاء بمحيطهم ورؤية هذا المحيط لدورهم، خصوصاً مع إعادة التموضع العربية المستجدة في اتجاه سوريا.

طالما طرح انقسام المسيحيين أو توحّدهم إشكالية، «عندما يتوحّد المسيحيون يتوحدون حول الحدّ الأقصى، فتكون مطالبهم أكبر من حجمهم ويصبحون بالتالي عبئاً على حلفائهم وخصومهم في آن، لذا ثمة مشكلة مسيحية دائمة في لبنان: إذا توحّدوا أخافوا وإذا انقسموا تخلخل الداخل اللبناني»، بحسب ما يقول رئيس حزب الكتائب سابقاً المحامي كريم بقرادوني.

التحول المسيحي الداخلي في الاتجاه العربي بدأ منذ اتفاق الرئيسين المصري جمال عبد الناصر واللبناني فؤاد شهاب عام 1959. أما تحوّل موقف العروبة من لبنان لأول مرة فكان في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عام 1976 الذي وقع سنتذاك الوثيقة الدستورية مع رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، ثم تكرّس باعتراف العرب بلبنان في اتفاق الطائف.

يروي كريم بقرادوني فصولاً من تاريخ العلاقة المسيحية العربية التي عرفت صعوداً وهبوطاً وكان لحزب «الكتائب» و«الجبهة اللبنانية» فيها أدوار عدّة. يقول بقرادوني بأن «العرب في علاقاتهم المسيحية قدّموا تسهيلات سياسية لشخصيات كانت تعتبر على تماس سياسي معهم. في حرب المئة يوم العام 1978 بين «القوات اللبنانية» والسوريين، كان رئيس الجمهورية السابق ومؤسس «حزب الوطنيين الأحرار» الرئيس كميل شمعون المعروف بعلاقاته الوطيدة مع بريطانيا وأميركا يسكن في الأشرفية، ودارت مفاوضات بينه وبين الطرفين السعودي والكويتي اللذين حققا مطلب الأخير بأن تخرج سوريا من الأشرفية وهذا ما حصل».

في مرحلة رئيس الجمهورية السابق بشير الجميل وإبان معارك زحلة العام 1981 استقبلت السعودية قائد «القوات» وطلبت منه إيجاد حلّ للمسألة، وتعاطت السعودية مراراً مع بشير في المسألة الفلسطينية، مما أتاح له في ما بعد أن يصل الى الرئاسة الأولى، بعد انتهاء معركة زحلة صار الدور السعودي الوسيط موجوداً بين بشير الجميل وسوريا وصار هو المحاور مع العرب بديلاً من كميل شمعون.

حزبياً انحصرت العلاقات العربية مع الأحزاب المسيحية بمسيحيي الشمال، وتحديدا آل فرنجية وتيار «المردة» ثم شملت في ما بعد مسيحيي الجبل المتمثلين حالياً بالعماد ميشال عون.

يقول منسق الشؤون السياسية في «تيار المردة» يوسف سعادة بأنّ المردة «أول من جاهر بعروبة لبنان في ما اعتبرتها الأطراف الأخرى تهمة». يضيف: «يشدد تيار المردة في الوقت ذاته على نهائية الوطن اللبناني مركزاً على خصوصية الدور المسيحي ذي البعد المشرقي الذي يحتّم علاقات مميزة مع سوريا يستمر بها اليوم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بالإضافة الى التضامن الكامل مع القضية الفلسطينية». يشير سعادة الى أن «المردة» أرست تاريخياً، علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية، لكنها فترت منذ العام 2005.

إشارة الى أنه منذ توقيع اتفاق الطائف العام 1989 فإن رؤساء الجمهورية الموارنة الذين تعاقبوا هم «عروبيون».
محاور ومصالح

تتوزع «الامتيازات» السياسية العربية اليوم على أفرقاء مسيحيين عدّة ولم يعد من جبهة أو شخصية مسيحية واحدة تحاور العرب باسم المسيحيين جميعهم.

«القاعدة التاريخية تشير إلى أنه كلما انقسم المسيحيون فتحوا مجالاً للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية، وأكبر دليل أن هؤلاء صاروا اليوم جزءاً من الانقسامات العربيّة الموجودة، النموذج الأبرز يتمثل في الصراع بين مسيحيي 8 و14 آذار، حيث ثمة فريق مسيحي هو حليف لسوريا وآخر للسعودية». كما يقول بقرادوني.

يضيف: «يستمد التيار «الوطني الحر» و«المردة» نفوذهما السياسي الحالي من سوريا فيما تستمد «الكتائب اللبنانية» و«القوات» نفوذهما من المال السعودي، هكذا اضحى الطرفان جزءاً من الصراع السعودي السوري أو من الوفاق بين الدولتين، وبات لبنان أحد المواضيع الرئيسية في أية مفاوضات سورية سعودية».

هذا الانقسام يترجم عملياً في العلاقات التي يرسيها اليوم كل حزب مسيحي مع الأطراف العربية. يصف مسؤول العلاقات الديبلوماسية في «التيار الوطني الحرّ» ميشال دي شادارفيان العلاقات مع المملكة العربية السعودية «بالبروتوكولية».

يضيف: «تتأثر الدول العربية بالمواقف الأميركية وبالتالي إن العلاقات الجيدة مع إيران أثرت سلباً على علاقاتنا ببعض الدول العربية، علماً بأن العلاقة مع إيران لا تختلف عن مثيلاتها من بلدان أخرى إلا أن التفاهم مع حزب الله اعتبر تحالفاً مع إيران، علما بأنه لا علاقة للأخيرة بالأمر».

يقيم التيار الوطني الحرّ علاقات منتظمة مع مصر ويعقد اجتماعات دائمة مع طاقم العلاقات الديبلوماسية في السفارة المصرية ويقيم علاقات ممتازة مع قطر وهو منفتح على العلاقات السياسية مع الدول العربية.

العلاقات العربية للتيار الحرّ بدأت عام 1988 حين كان العماد عون قائداً للجيش ثم رئيساً للحكومة الانتقالية فاحتاج الجيش الى سلاح أمّنه له العراق زمن صدام حسين، لكن علاقاته توسعت لتشمل الدول العربية كافّة ومنها اليمن والإمارات أما العلاقة مع سوريا فباتت جيدة منذ خروجها من لبنان.

هذه العلاقة للتيار الوطني الحرّ مع سوريا غائبة تماماً عن علاقات القوات اللبنانية. يصف مسؤول الإعلام في القوات المحامي نادي غصن علاقات الحزب مع الدول العربية بـ«المستجدّة» ولا تتعدّى الأعوام الأربعة، أي منذ خروج رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع من السجن»، وقد تلقى جعجع دعوات من دول عربية عدة فزار مصر وقطر والكويت. على غرار «التيار الوطني الحرّ» أقامت «القوات اللبنانية» علاقات مع العراق الذي زوّدها بالأسلحة.
في الماضي، حصل تقارب «قواتي» عربي في عهد قائد القوات اللبنانية الراحل إيلي حبيقة عند توقيع الأخير الاتفاق الثلاثي في دمشق مع نبيه بري ووليد جنبلاط وشكل الاتفاق قاعدة للحل رغم إسقاطه في ما بعد في انتفاضة قام بها سمير جعجع ضدّ حبيقة وطرده من لبنان.


«كتائبياً» يقول عضو المكتب السياسي في الكتائب جورج شاهين بأن رئيس الحزب أمين الجميل أرسى علاقات وطيدة مع الدول العربية، وهو مستمرّ بها. «قام الرئيس الجميل عام 2007 بجولة على ليبيا وتونس والسعودية والإمارات وقطر والكويت ولا قطيعة للحزب مع أحد باستثناء سوريا». يضيف: «شهد عهد رئيس الحزب السابق كريم بقرادوني انفتاحاً على سوريا فزار المكتب السياسي الرئيس بشار الأسد في اجتماع دام 3 ساعات ونصف وحمّل الأسد أعضاء المكتب دعوة إلى البطريرك صفير لزيارة سوريا وكان برنامج الزيارة شبيهاً ببرنامج زيارة عون، لكن صفير رفض الدعوة مشترطاً معرفة نتائج الزيارة سلفاً». بعد المصالحة الكتائبية في 9 ايلول عام 2005 انقطعت العلاقات مع سوريا تماماً.

يذكّر شاهين بالقمم الـ11 بين رئيس الجمهورية أمين الجميل والرئيس الراحل حافظ الأسد وبشبكة العلاقات التي أرساها رئيس الكتائب السابق جورج سعادة مع العالم العربي.

كيف يواكب مسيحيو 14 آذار التموضع العربي الجديد في اتجاه سوريا؟ يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية سامي نادر: «إن العلاقات بين مسيحيي لبنان والعرب ليست كما كانت منذ عقود خلت، فرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع يقوم بجولات في دول عربية عدة وباتت العلاقة مع دول أسميت بدول الاعتدال العربي مفتاحاً أيضاً للسياسة في لبنان. ثمة شعور يتقاسمه مسيحيو 14 آذار وهذه الدول بالخطر المشترك المتمثل بالنفوذ الإيراني المتنامي، وهذا الخطر المشترك يولد تضامناً مرده إلى المصالح المشتركة والتوجس غير المعلن».

يضيف: «من مصلحة المسيحيين اليوم إقامة علاقات مع سوريا لكن ليس على حسابهم، التوازن هش مع عودة العلاقات السورية مع الدول العربية إلى طبيعتها وكذلك مع أوروبا وأميركا ويخشى المسيحيون أن تكون على حسابهم كما كانت عبر 3 عقود خلت».

عودة إلى التاريخ
في تاريخ المسيحيين خوف عميق من العرب بسبب فكرة الوحدة العربية التي بلغت ذروتها في زمن الزعيم المصري جمال عبد الناصر، إذ خشي المسيحيون الذوبان في «الأمة العربية». الفكرة الثانية التي هجسوا بها تتمثل بالوحدة السورية.

يقول كريم بقرادوني: «نشأت طريقتان لمعالجة هذا الخوف: الأولى انعزالية تدور حول فكرة الحماية الخارجية وتعني قوقعة المسيحيين على ذاتهم والاتجاه الى التعاون مع الغرب، عبّرت «الكتلة الوطنية» عن هذه الفكرة وكذلك رئيس الجمهورية السابق كميل شمعون ثم «الكتائب اللبنانية» في الحرب.

وجد قسم آخر من المسيحيين أن الحماية الأفضل تكمن في الانفتاح على المحيط العربي والتفاهم معه دون قبول أية وحدة سواء عربية أم غير عربية. جسدت «الكتلة الدستورية» هذا التوجه وعبّر عنه الرئيسان فؤاد شهاب وسليمان فرنجية ثم جميع رؤساء مرحلة ما بعد الطائف».

كيف نظر المحيط العربي والخليجي إلى المسيحيين في لبنان؟
يجيب بقرادوني: «قبل العام 1970 تعاطى المشروع الإيديولوجي الوحدوي العربي مع لبنان كقطر عربي ولم يقرّ بخصوصياته وساد اتجاه عربي وحدوي يتحرك على أساس أن يكون لبنان جزءاً من سوريا أو من وحدة عربية عبّر عنها بالسياسة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وترجمت لبنانياً إبان ثورة 1958 وإيديولوجياً عبر الفكر البعثي والقومي».

بعد العام 1970 أقرت سوريا عبر الوثيقة الدستورية بأن لبنان هو دولة عربية معترف باستقلاليتها وسيادتها وخصوصيتها. واقتصر الاعتراف سابقاً على ميثاق الجامعة العربية، لكنه لم يلغ الأطماع الوحدوية بلبنان. يقول كريم بقرادوني: «إنّ الموقف العروبي لسليمان فرنجية شجّع الموقف الاستقلالي من قبل الرئيس السوري حافظ الأسد». ويعتبر بقرادوني بأن العام 1976 كان بداية جديدة للعلاقة المسيحية العربية وتحديدا مع سوريا والوثيقة الدستورية هي أساسها.


دخلت المملكة العربية السعودية مباشرة على الخطّ اللبناني عند تشكيل لجنة رباعية (مصر، الكويت، المملكة العربية السعودية وسوريا) لتطبيق قرار قمة الرياض التي انعقدت في 18 تشرين الأول عام 1976 وقضت بإنشاء قوات الردع العربية التي باشرت انتشارها في لبنان في الشهر التالي). كانت المملكة العربية السعودية والكويت قد بدأتا التدخل بالملف اللبناني للمرة الأولى في العام 1976.

هدفت هذه اللجنة إلى إنهاء الحرب اللبنانية وحاولت السعودية والكويت إرساء علاقات جيدة مع الأطراف اللبنانيين جميعاً، في ما عمل رئيس الجمهورية الراحل الياس سركيس على سياسة قائمة على تفاهم الجبهة اللبنانية وسوريا بتشجيع من دول الخليج المذكورة، لكنّ جهوده لم تُفضِ إلى نتيجة فورية بل أدت الى دور إقليمي وسطي.
نشطت حركة اللجان العربية في عهد سركيس، لكن منذ عام 1979 ولغاية 2005 استفرد السوريون بالملف اللبناني فساءت علاقات الأحزاب اليمينية المسيحية بهم لمصلحة دول عربية أخرى في طليعتها اليوم المملكة العربية السعودية التي لعبت ودولاً عربية اخرى دورا حاسما في إقرار وثيقة الوفاق الوطني عام 1989، والتي جرّدت المسيحيين قسماً كبيراً من صلاحيات رئاسة الجمهورية.