تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السستاني وفتوى رواتب النواب العراقيين لمدى الحياة !! سرقة للمال العام بإسم الدين او المذهب !!



من هناك
07-09-2009, 02:36 AM
مساءلةُ المُسائلين"ذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ"

أراد فقيرٌ خطبةَ بنت التجّار، فوكّل شيخاً ثقةً (متزوّجاً اثنتين) لنفاذ كلمته يتوسّط له، ذهب الشيخ وعاد، ساءله الفقير: خطبتَها لي؟
أجابه: حاولتُ جهدي بكلّ الوسائل المتاحة لكنْ أبوها التاجر رفض، وأخيراً وافق أن أخطبها "لنفسي"، ففعلتُ!

تذكّرتُ هذه الحكاية بعد سماعي نبأ استجلاب فتوى إلكترونيّة –حسب الطلب- من المرجع السيّد السيستاني.. تجيز للنوّاب والبلديّين أخذ راتب تقاعدهم المثير للجدَل، والذي تمّ تثبيته بمرسوم بقانون ملكي ليكون فرضاً.. يوفّر للبعض غطاء تبرئة ذِمَمهم وإخلاء مساءلتهم!

المساءلة: هل ضَمُّ الشيخِ لبنتِ التاجِر زوجةً ثالثةً حرامٌ شرعاً؟ المتشرّعة يقولون: لا.
: أهُو عملٌ صالحٌ وشريف وإنساني ومبدئي؟! دونكم الفقير الذي ابتهج لابتعاث "ثقتِه" لتحقيق أمنية عمره.. فاسألوه.

حكايةٌ عناصرها على الأرض "مكتملةُ الأركان"، "فالفقير" يمثّل "الشعب" الذي انتخب نوّابه، و"الشيخ الثِقة" يمثّل "النوّاب" التي دخلتْ كُتلُهم –بطائفتيْهم- البرلمانَ والمجالس البلدية.. بيافطات دينيّة وفتاوى دينية وتهليلٍ ديني.. فتمّ إقصاء أيّ كفاءة وطنيّة ذات رؤية وبرامج تخدم الشعب كلّه.

الصحابي الجليل أبوذر، محبوبُ جماهير المؤمنين والاشتراكيّين.. لنظافة يده وشغفِه بحقوق المحرومين والمساكين، كان يقول: "أيّها الناس، اجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبًا لله عزّ وجلّ إذا عُصي في الأرض"، فيُروى أنّ الخليفة معاوية أرسل له هدايا ومستحقّات ماليّة عدّة مرّات بحيَلٍ "شرعية" متنوّعة.. فكان يرفضها لكونها "أموال العامة"، وما دام المسلمون لم يحظوا بمثلها فلا يُفسد ذمّته بقبولِها، فضلاً أن يسعى لها!

قلنا أنّ تزوّج "الشيخ" بالفتاة ليس حراماً (بظاهر الشرع).. ولا يحتاج فتوى لهذا، ولكن لو سألنا الفقير لَساءل ثقاته التي ابتعثها للبرلمان لتأتي بحوائجه، فإذا هي مشغولةٌ بحوائجها.

فالفقراء تتساءل:
1- نوّابنا دخلوا التجربة بعناوين دينيّة، فهم بعُرف الناس ممثّلٌ للدين قبل أن يقفزوا كممثّل للوطن، وتصرّفاتهم تثلم الدين قبل الوطن، لأنهم هكذا قدّموا أنفسهم وما يزالون.. فهل يُجازفون "بالدين" لحفنة دنانير هكذا؟ إذن فليُوطّئوا آذانهم لسماع تذمّر الناس مستعيدةً حديث نبيّهم(ص): "تعس عبدالدرهم، تعس عبدالدينار".

2- أليس هذا "الأخذ" هدرًا لميزانية الدولة وللمال العام، سيّما مع شكاوى قصور الموازنة عن مشاريع التنمية وإنعاش معائش الناس، كالمدينة الشمالية.. والبيوت الآيلة.. إلى علاوة الغلاء التي تقزّمت وأُذلّت الناس لهثاً وراءها؟

3- اشتُهِر عن عليّ(ع) تقشّفه على نفسه وتوسعته على فقراء شعبه، وشدّته على عمّاله الرسميّين ورحمته بالمساكين، فهل تأسّيتم به أم أنّ اسمَه للترنّم بميلاده المجيد وللعزاءات الفولكلورية فقط؟ هل تشدّدتم على أنفسكم ووسّعتم على الناس أم العكس؟ أساويتم قانون تقاعدكم -في المدّة والنسبة- بتقاعد الكادحين الذين انتخبوكم وانتدبوكم لقضاياهم وحقوقهم (موظفين.. مهندسين.. عمّالاً)؟!

4- جادل نائبٌ محترَم بأنّ أخذهم راتباً تقاعدياً (مقدارُه ألف دينار عن أربع سنوات خدمة.. مدى الحياة!) معمولٌ به "بالديمقراطيّات العريقة"، جعل الأمر وكأنّنا طبّقنا مواصفات وحذافير "الديمقراطيّة العريقة" وبقي نصيبهم فقط! كلاّ.. فهذا –بالكيفية هذه- يُسمّى "بالديمقراطيّات العريقة": "سرقةً للمال العام"، ويُسمّى "بالدين الحقّ": استئكالاً و"خيانة للأمانة".

5- هل فعلاً جهودُكم وكدحُكم وعرقُكم وساعاتُ عملكم الضئيلة – ناهيك عمّن دخل المجلس لشخصه ولراحته ووجاهته ولم يفعل شيئا- هي بقانون الله والعدل والضمير، تُخولّكم استحقاق هذه الأموال مدى العمر؟!

6- هل يليق أخلاقيّا -القفز بين الحين والآخر- لمرجعية دينية لاستغفالها لاستنقاذنا من ورِطنا الأخلاقية.. والزجّ بالدين لتحقيق مآربنا الشخصية، إذن أين ذهبتْ كلمةُ مولانا سبط النبيّ(ص): "الناسُ عبيدُ الدنيا، والدينُ لعَقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما درّتْ معائشُهم..."؟ أما حان أن تكفّوا عن حلب مكاتب المرجعيّات "بفتاوى الحوائج" الاصطناعية بشئون وطنية وأخلاقية واضحة؟ فلو أفتى مرجعٌ بسبب تمويه سائلِه: "هذا حلال".. فهل يُصيّره حلالاً عند علاّم الغيوب.. وعند المتضوّرين من ناخبيكم؟!

7- ألم ينضج ساسةُ المتديّنين وطنيًا.. لعدم زجّ الدين وتوظيفه لتحصين حججهم ومناصرة أهوائهم، ففي إيران وأحداث انتخاباتها سمعنا فتاوى تُوجب الانسياق للقانون وحرمة التظاهر، وسمعنا عكسها بحرمة منع التظاهر، الفتاوى موجودة للأمريْن، وتخرج من كبرى المرجعيّات، لكن فتوى الضمير واحدةٌ لا تتناقض، فاستفتوا قلوبكم –كما أمَر نبيّنا(ص)- وإن أفتوكم.. وإن أفتوكم..!

7- الذين "يأمُرون.. بالبرّ" وينافحون التمييز والطبقية.. ويُنادون بالشفافية.. ويُكافحون الفساد الوظيفي والإثراء بالمنصب.. لماذا "ينْسَوْن أنفسَهم"، فيُؤسّسون للتمييز مع أوّل سانحة؟!

8- كثيرٌ يقول -وهو معذور- أنّ نوابّنا الأفاضل قدّموا مصلحتهم الشخصية وباعوا ذممهم دون اعتبار لدينٍ ووطن وحقوق مواطنين، ألا يُحزنكم هذا ويُخزيكم وينقض أطروحتكم؟

تريدون رأيي.. ورأي "البهاليل".. والمساكين:
1- لا ينبغي دخول أحد البرلمان أساسًا على أساسٍ ديني ومذهبي، بل بمعيار كفاءة ونزاهة وبرامج وطنية محضة فحسب.
2- لا يليق استفتاءُ فقيه بمسائل السياسة والشورى، فالدين أخلاق تهذّب السياسة، وليس "جوكر" تُوظّفه السياسة لعبور دهاليزها، إذن سيُطعن في الدين الوضّاء ويتّسخ.
3- قانون العدالة والنزاهة يفترض اقتراحكم قانوناً لتبديل راتب "النائب" ليُساوي راتب المدرّس فقط.. ومزاياه وتقاعده كمزايا المدرّس وتقاعده فحسب، ليكون ما يأخذه النائب "حلالاً" وتبرأ ذمّته في محكمة الضمير و"الشرع غير المزيّف".. وإنْ أفتوكم، وإنْ أفتوكم!


أ.جلال القصّاب