تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ** أدب الحديث **



مختلف
09-30-2003, 04:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى : ( الرحمن علّم القرآن خلق الإنسان علمه البيان )
نعمة البيان من أجلّ النِعم التي أسبغها الله تعالى على الإنسان ، وكرّمه بها على سائر الخلق ، فكان من الواجب شكر هذه النعمة .

وشكر هذه النعمة يستوجب استعمالها بالشكل الصحيح بعيداً عن اللغو الضائع ، أو الهذر الضارّ ، وقد بيّن الله عزّ وجلّ طريق استعمال هذه النعمة في قوله تعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس . ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ) النساء : 114 .

وقد عُني الإسلام عناية كبيرة بموضوع البيان والكلام وأسلوب أدائه ، لأنّ الكلام الصادر عن إنسان ما ، يُشير إلى حقيقة
عقله ، وطبيعة خُلقه .

وربّ كلمة واحدة تقود صاحبها إلى مصرعه ، أو دولةٍ إلى دمارها … لذا كان من نصائح الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : " مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُت ْ". رواه البخاري ومسلم .

والبعد عن اللغو من أركان الفلاح ، ودليل الكمال ، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * ) المؤمنون : 1-4 .

والعاقل لا يُسوّغ أن يفقد خلقه مع من لا خُلق لهم ، الذين يلقون الكلام على عواهنه ، ولا يحفظون ألسنتهم .
يقول عزّ وجلّ : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) الفرقان : 63.

وللناس مجالس يتجاذبون فيها أطراف الحديث ، إلا أن الإسلام يكره مجالس القاعدين الذين يقضون أوقاتهم في تسقّط الأخبار ، وتتبع العيوب ، والظاهر أنّ لهم فضول أوقاتٍ يستريحون في ظلّها ، فلا يجدون شغلاً إلا في التسلّي بشؤون الآخرين ! لذا كانت مجالسهم حسرة عليهم يوم القيامة .
ومن جلس مجلساً لم يذكر الله فيه كان ندامة عليه يوم القيامة .
فالكلام الفارغ لا وزن له ، ولا يحمل قيمة إيجابيّة ، بل يكون وِزراً على صاحبه .
فالمسلم النابه يضع كلمته في موضعها ، لأنّه يعرف أنّه محاسب عليها ، فهو يَزِنُها قبل أن يتفوّه بها . قال تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) سورة ق :18.

وحين سأل معاذ رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال صلى الله عليه وسلم : " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا معاذ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ – أو قال : على مناخِرِهم – إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ ؟ " قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

أخوكم