أبو يونس العباسي
06-14-2009, 09:38 AM
فإما أن نحكم بالإسلام وإما أن نقتل أحرارا وكرام
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين .
سبب المقال
بينما كنت أستمع لخطاب الشيخ أسامة – سلمه الله – الأخير قيل زيارة أوباما لمصر
كان الشيخ يتكلم عن حرب القوات الباكستانية على المسلمين في سوات ووزيراستان ,
وكان مما قاله الشيخ – سلمه الله –
" فإما أن نحكم بالإسلام وأما أن نموت كرام"
فلما سمعت هذه الكلمة تحركت مشاعري ومن ثم تحركت الملكة الكتابية عندي لأكتب مقالا يدور حول هذه الكلمة التي خرجت من فم الشيخ الطيب أسامة ابن لادن – حفظه الله ورعاه - .
اختيار بين شيئين والحياد مرفوض
من المعلوم أن الصراع بين الإسلام والكفر قديم قدم التاريخ ,
وباق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ,
ونحن نعيش في زمن خرج علينا فيه أرباب الكفر يقولون:
إما أن تكونوا معنا وإما أن تكونوا ضدنا
إما أن تكونوا مع التحالف الصهيوصليبي وأما أن تكونوا ضد التحالف الصهيوصليبي ومع الإرهاب
وهم يقصدون بالإرهاب طبعا الإسلام وليس سواه ,
وكل مسلم الآن وفي هذا العصر مطالب بالاختيار ,
إما أن يدخل في حزب الله ورسوله والصحابة الكرام ,
وإما أن يدخل في حلف التحالف الصهيوصليبي حلف الشيطان , ويفرط في عقيدته ودينه ويتنازل عنه ,
مع التنبيه أنه يجب على كل من اختار حزب الله ورسوله والصحب الكرام أن يرفع بندقيته ويمتشق حسامه ليدافع عن ديته ومقدساته وما لا يقوم الدين إلا به ,
قال الله تعالى:" قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)"(التوبة) , وقال:" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
" .
نماذج مقرفة وأخرى مشرقة
وأمام هذا الامتحان الصعب
تولدت عندنا نماذج مقرفة وأخرى مشرقة ,
أما المقرفة فهي التي دخلت في خدمة التحالف الصهيوصليبي وحماية مشروعه ,
ركونا إلى الدنيا وهروبا من التكاليف , وطلبا للمناصب والكراسي ,
وأنا هنا لا أتحدث عن الحكومات العلمانية وحسب ,
بل وعن كثير ممن رفعوا راية الإسلام ولوائه زورا وبهتانا ,
فإنهم قد خانوا هذا اللواء وخانوا هذه الراية من أجل لعاعة من لعاعات الدنيا ,
قال الله تعالى:" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)" ,
وصنف آخر من النماذج المقرفة ذلكم النموذج المتأسلم
والذي ولج في العملية الانتخابية الشركية باسم الإسلام والتمسح بشعاراته ,
ووعد الناس بتطبيق حدوده والوقوف عندها فقالوا:"إذا أردت حكم القرآن فانتخب قائمة ..." ,
فلما وصلوا للسلطة تنصلوا من هذا كله وتنكروا له محتجين بأن تطبيق الشريعة سيجر الحركة الإسلامية إلى ما لا تحمد عقباه ,
وإني لأعجب من هذا فأقول:
وما العيب أن يستأصل الإنسان من أجل دينه ومبادئه
وأقول أيضا:
إن الحجج حتى يعذر أصحابها لا بد أن تكون حججا مقتبسة من الشرع بدون لي لأعناق النصوص أو تحريف لها ,
أما الحجج المقتبسة من الهوى فهي لا تسمن ولا تغني من جوع ,
قال الله تعالى:" قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)" (القصص).
وأما النماذج المشرقة
وإذا أردنا أن نضرب أمثلة للنماذج المشرقة
فنموذج دولة الطالبان يصلح لذلك
فلقد خيروا بين تسليم المجاهدين وتطبيق شرع رب العالمين
وبين بقائهم على الكراسي والمناصب
فاختاروا الله ورضاه على من سواه
أخرج الترمذي في سننه مرفوعا عن عائشة قالت:"من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس" ,
ولقد أحسنوا لما فعلوا هذا
فوالله لو تركوا تحكيم الشرع واعرضوا عنه لكفروا
لأن الله قال:" فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)"(المائدة) ,
ولو سلموا المجاهدين لأمريكا لكفروا أيضا
لأن هذا من مظاهرة المشركين على المسلمين التي يكفر فاعلها ,
قال الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)" (المائدة),
ولزوال الدنيا بأسرها خير للمسلم من أن يرجع للكفر بعد أن من الله عليه بالإيمان ,
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال:" لَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ",
ومن النماذج المشرقة كذلك
ثبات قادة سوات على تحكيم الشريعة رغم الحرب الضروس التي تشن ضدهم من أولياء اليهود والنصارى ,
إن مثل هذه الحروب هي ضريبة التمسك بالدين ,
وإن المقاتلين في مثل هذه المعركة قد رفعوا الشعار الذي نادى به الشيخ أسامة في خطابه الخير الأخير:"إما أن يحكم فينا الإسلام وإما أن نموت كرام" .
التضحيات بين الثوابت الوطنية والثوابت الدينية
لما ثبت الطالبان على مرضاة الله
لامهم وخطأهم كثير من الناس
واتهموهم أنهم دمروا دولتهم بأيديهم واستخفوا بعقولهم ,
وهكذا هو موقفهم اليوم مما يدور في سوات المسلمة
وكأن الثوابت الدينية لا يستحق أن يضحى من أجلها ,
في الحين الذي يضحي فيه البعض بالغالي والنفيس من أجل الثوابت الوطنية
ويعدون ذلك فخرا لهم وأمرا لابد أن يحمدوا عليه ,
فها هي حماس جعلت قضية عدم الاعتراف بإسرائيل وحق العودة وحق المقاومة وعدم تسليم شاليط إلا بما يرون من شروط ثوابت ضحى الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى حماس بالكثير الكثير من أجلها
في الوقت ذاته الذي تنصلت فيه حماس للشريعة وتطبيقها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
والسؤال الذي نوجهه الآن لكل عاقل : لماذا يستسيغ الناس إلا من رحم الله التضحيات إذا كانت من أجل ثوابت وطنية ولا يستسيغونها إذا كانت من أجل ثوابت دينية ؟!!!
الحر لا يرضى أن يكون كالحمر
إن مما يستغرب له كل إنسان عاقل أن يرضى كثير من الناس لأنفسهم أن يعيشوا كالأنعام
لا هم له إلا أن يأكلوا أو يشربوا وما علموا أن هذا هو فعل الأنعام مصداقا لقوله تعالى:" وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)"(محمد) ,
فهؤلاء لا يهمهم دين ولا دعوة ولا شريعة ولا مبادئ ولا ثوابت ولا قيم ولا فضيلة ,
المهم عندهم أن يعيشوا بغض النظر عن طبيعة هذه المعيشة ,
فهم حريصون على حياة ,
هكذا بالتنكير ولا يهم كيف تكون هذه الحياة ,
هم يريدون أي حياة حتى ولو كانت ذليلة ,
قال الله تعالى:
" وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)"(البقرة) ,
فهؤلاء هم العبيد وإن لم يكونوا رقيقا لأحد , فهم عبيد الدنيا ,
فهلا كنتم يا أتباع الرسول والصديق وعمر كالأحرار التسعة عشر
الذين جادوا بأنفسهم في سبيل الله
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى مسرى الرسول يدنسه اليهود ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى الأعراض تنتهك ولا يحرك ساكنا لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يقتل الأطفال ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل ان تزهق أرواح الإخوان ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى الإخوان قد شردوا ولا يحرك ساكنا
ولأنهم أحرار تركوا البيوت والقصور ولذيذ الطعام والشراب إلى الخيام والكهوف ومكابدة الجوع والعطش
ليتسنى لهم ضرب اليهود والنصارى الضربة التي هزت كل منافق وأفرحت كل مؤمن
ولأنهم أحرار سلكوا سبيل الجهاد والاستشهاد فهذا السبيل هو سبيل الأحرار في زمن العبيد.
وبعد هذا كله كيف يزعم زاعم أنه من الأحرار ثم هو يقعد عن الجهاد في سبيل رب العباد – سبحانه وتعالى - ,
وفيه وفي أمثاله أذكر بأبيات الشعر التي سمعتها يوما من الشيخ أسامة يقول فيها: فلا تنعين إلا ليث غاب *** شجاع في الحروب الثائرات دعوني في الحروب أمت عزيزا *** فموت العز خير من حياة
أخـي أنت حرٌّ وراء السدود
أخـي أنت حرٌّ وراء السدود *** أخي أنت حرٌّ بتلك القيـود
إذا كنت بالله مسـتعـصـما *** فماذا يـضـيـرك كيدالـعـبيد؟
أخي:ستُـبيـد جيوش الظـلام *** ويـُشـرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقـها *** ترى الفجر يرمـقـنا من بـعـيد
أخي: قد أصابك سهم ذليل *** وغدرا رماك ذراع كليل
ستـُبتـَر يوماً فصبرٌ جميل *** ولم يدمَ بعدُ عـرين الأسود
أخي: قد سرت من يديك الدماء *** أبت أن تُـشـلَّ بقيد الإمـاء
سـتـرفـع قربـانـها للسماء *** مخـضـبة بوسام الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ *** وألقيتَ عن كاهـليـك السلاح
فمن للـضحايا يواسي الجراح ؟ *** ويرفع رايـاتـهـا من جـديد
أخي: إنني اليوم صلب المراس *** أدكُّ صـخـور الجـبال الرواسي
غدا سـأشيحُ بفأسي الخلاص *** رؤوس الأفـاعي إلى أن تـبـيـد
أخي: إن ذرفـت عليَّ الدموع *** وبـلـلت بـهـا في خـشوع
فأوقد لهم من رفاتـي الشـموع *** وسيـروا بها نحو مجد تـليـد
أخي: إنْ نـمتْ نلقَ أحـبـابـنا *** فروضات ربي اُعـدَّت لـنـا
وأطيارها رفـرفت حولنـا *** فـطـوبى لـنا في ديـار الخـلـود
أخي إنني ما سـئمتُ الكـفـاح *** ولا أنا ألقـيتُ عنـي السلاح
فإنْ أنا متُّ فإني شـهـيد *** وأنت ستـمضي بنصـر مـجـيـد
سأثار ولكن لرب ودين ***وأمـضـي على سـنتـي في يـقـيـن
فإما إلى الـنصر فـوق الأنام *** وإمـا إلى الـله في الخـالـديـن
قد اختارنا الـله في دعوته *** وإنا سـنمـضـي على سنـتـه
فـمنا الذيـن قـضوا نـحبهـم ***ومـنا الحـفيـظ على ذمـته
أخي: فامضِ لا تلتقت لـلوراء *** طـريقك قد خـضبـتـه الدماء
ولا تـلتفـت هـنـا أو هناك ***ولا تـتـطلع لـغير السـمـاء
دينك دينك لحمك ودمك
إن هذه المقولة من أكثر المقولات التي أثرت في حياتي ,
عندما سمعتها أول مرة قلت في نفسي :ديني كلحمي ديني كدمي ,
ثم قلت والله إن لحمي لغال عندي وليس بالرخيص , وكذلك الدم وكذلك لا بد أن يكون الدين ,
وقلت مرة لأحدهم ماذا تفعل لو أراد شخص أن يوصل الضرر للحمك ودمك
فقال: أقاتله بكل ما أوتيت من قوة ,
فقلت له:وكذلك لا بد أن تفعل مع من يفكر في إيصال الضرر لديننا , وظللت أساوي بين غلاوة الدم واللحم وبين غلاوة الدين إلى أمد بعيد حتى تنبهت أن الدين أغلى وأغلى بكثير جدا ,
فالأبدان تتلف من أجل دين الرحيم الرحمن ,
ولعل الإنسان يتحسس هذا المعنى وهو يقرأ قصة السحرة مع فرعون بعد أن هداهم الله تعالى ,
قال الله تعالى:
"فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)"(طه) ,
وإذا كان الإنسان يضحي بروحه من أجل مولاه فالجزاء من جنس العمل فإن الله أعد له وبعد مقتله مباشرة حياة لن تنقطع خالدا في النعيم متمتعا برضى الرب الرحيم ,
قال الله تعالى:
" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)"(آل عمران) ,
فيا من ترى الله يسب والرسول يشتم والقرآن يدنس والدين يهان والأنفس تزهق والأعراض تنتهك والمقدسات وخيرات المسلمين تسلب قلي لماذا لا تقوم نصرة لدينك؟!!!
لماذا آثرت القعود وفضلت التقاعس وركنت إلى الدنيا والدعة ,
والله يقول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)"(التوبة) ,
وأذكركم مرة أخرى فأقول لكم:"دينكم دينكم لحكم ودمكم" ,
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا
سأحمل روحي على راحتي ............وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق ....................... وإما ممات يغيظ العدى
وما العيشُ - لا عِشْتُ - إن لم أكن ........مخوف الجناب حرام الحِمَى
إذا قُلْتُ أصغى لي العالَمُون ...................ودَوَّى مقاليَ بين الورى
لَعَمْرُكَ إني أرى مصرعي ........................ولكن أغذ إليه الخطى
أرى مقتلي دون حقي السليب .................ودون بلادي هو المبتغى
يلذ لأذني سماع الصليل ......................يُهَيّج نفسي مسيل الدما
وجسم تَجَدَّل فوق الهضاب ....................تناوشه جارحات الفَلا
فمنه نصيب لأسد السماء .....................ومنه نصيب لأسد الثرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان ..................وأثقل بالعطر ريح الصبا
وعفَّر منه بَهِيَّ الجبين .........................ولكن عُفارًا يزيد البَها
وبان على شفتيه ابتسام ......................معانيه هُزْءٌ بهذي الدُّنا
ونام ليحلم حلم الخلود ........................ويهنأ فيه بأحلى الرؤى
لعمرك هذا ممات الرجال ...................ومن رام موتًا شريفًا فذا
فكيف اصْطِبارِي لِكَيْد الحقود ............وكيف احتمالِي لِسَوْمِ الأَذَى
أخوفًا وعندي تهون الحياة ......................وذُلاًّ وإنِّي لرب الإبا
وأحمي حياضي بِحَدِّ الحُسَام .................فَيَعْلَمُ قومي بأنِّي الفَتَى
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين .
سبب المقال
بينما كنت أستمع لخطاب الشيخ أسامة – سلمه الله – الأخير قيل زيارة أوباما لمصر
كان الشيخ يتكلم عن حرب القوات الباكستانية على المسلمين في سوات ووزيراستان ,
وكان مما قاله الشيخ – سلمه الله –
" فإما أن نحكم بالإسلام وأما أن نموت كرام"
فلما سمعت هذه الكلمة تحركت مشاعري ومن ثم تحركت الملكة الكتابية عندي لأكتب مقالا يدور حول هذه الكلمة التي خرجت من فم الشيخ الطيب أسامة ابن لادن – حفظه الله ورعاه - .
اختيار بين شيئين والحياد مرفوض
من المعلوم أن الصراع بين الإسلام والكفر قديم قدم التاريخ ,
وباق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ,
ونحن نعيش في زمن خرج علينا فيه أرباب الكفر يقولون:
إما أن تكونوا معنا وإما أن تكونوا ضدنا
إما أن تكونوا مع التحالف الصهيوصليبي وأما أن تكونوا ضد التحالف الصهيوصليبي ومع الإرهاب
وهم يقصدون بالإرهاب طبعا الإسلام وليس سواه ,
وكل مسلم الآن وفي هذا العصر مطالب بالاختيار ,
إما أن يدخل في حزب الله ورسوله والصحابة الكرام ,
وإما أن يدخل في حلف التحالف الصهيوصليبي حلف الشيطان , ويفرط في عقيدته ودينه ويتنازل عنه ,
مع التنبيه أنه يجب على كل من اختار حزب الله ورسوله والصحب الكرام أن يرفع بندقيته ويمتشق حسامه ليدافع عن ديته ومقدساته وما لا يقوم الدين إلا به ,
قال الله تعالى:" قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)"(التوبة) , وقال:" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
" .
نماذج مقرفة وأخرى مشرقة
وأمام هذا الامتحان الصعب
تولدت عندنا نماذج مقرفة وأخرى مشرقة ,
أما المقرفة فهي التي دخلت في خدمة التحالف الصهيوصليبي وحماية مشروعه ,
ركونا إلى الدنيا وهروبا من التكاليف , وطلبا للمناصب والكراسي ,
وأنا هنا لا أتحدث عن الحكومات العلمانية وحسب ,
بل وعن كثير ممن رفعوا راية الإسلام ولوائه زورا وبهتانا ,
فإنهم قد خانوا هذا اللواء وخانوا هذه الراية من أجل لعاعة من لعاعات الدنيا ,
قال الله تعالى:" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)" ,
وصنف آخر من النماذج المقرفة ذلكم النموذج المتأسلم
والذي ولج في العملية الانتخابية الشركية باسم الإسلام والتمسح بشعاراته ,
ووعد الناس بتطبيق حدوده والوقوف عندها فقالوا:"إذا أردت حكم القرآن فانتخب قائمة ..." ,
فلما وصلوا للسلطة تنصلوا من هذا كله وتنكروا له محتجين بأن تطبيق الشريعة سيجر الحركة الإسلامية إلى ما لا تحمد عقباه ,
وإني لأعجب من هذا فأقول:
وما العيب أن يستأصل الإنسان من أجل دينه ومبادئه
وأقول أيضا:
إن الحجج حتى يعذر أصحابها لا بد أن تكون حججا مقتبسة من الشرع بدون لي لأعناق النصوص أو تحريف لها ,
أما الحجج المقتبسة من الهوى فهي لا تسمن ولا تغني من جوع ,
قال الله تعالى:" قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)" (القصص).
وأما النماذج المشرقة
وإذا أردنا أن نضرب أمثلة للنماذج المشرقة
فنموذج دولة الطالبان يصلح لذلك
فلقد خيروا بين تسليم المجاهدين وتطبيق شرع رب العالمين
وبين بقائهم على الكراسي والمناصب
فاختاروا الله ورضاه على من سواه
أخرج الترمذي في سننه مرفوعا عن عائشة قالت:"من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس" ,
ولقد أحسنوا لما فعلوا هذا
فوالله لو تركوا تحكيم الشرع واعرضوا عنه لكفروا
لأن الله قال:" فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)"(المائدة) ,
ولو سلموا المجاهدين لأمريكا لكفروا أيضا
لأن هذا من مظاهرة المشركين على المسلمين التي يكفر فاعلها ,
قال الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)" (المائدة),
ولزوال الدنيا بأسرها خير للمسلم من أن يرجع للكفر بعد أن من الله عليه بالإيمان ,
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال:" لَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ",
ومن النماذج المشرقة كذلك
ثبات قادة سوات على تحكيم الشريعة رغم الحرب الضروس التي تشن ضدهم من أولياء اليهود والنصارى ,
إن مثل هذه الحروب هي ضريبة التمسك بالدين ,
وإن المقاتلين في مثل هذه المعركة قد رفعوا الشعار الذي نادى به الشيخ أسامة في خطابه الخير الأخير:"إما أن يحكم فينا الإسلام وإما أن نموت كرام" .
التضحيات بين الثوابت الوطنية والثوابت الدينية
لما ثبت الطالبان على مرضاة الله
لامهم وخطأهم كثير من الناس
واتهموهم أنهم دمروا دولتهم بأيديهم واستخفوا بعقولهم ,
وهكذا هو موقفهم اليوم مما يدور في سوات المسلمة
وكأن الثوابت الدينية لا يستحق أن يضحى من أجلها ,
في الحين الذي يضحي فيه البعض بالغالي والنفيس من أجل الثوابت الوطنية
ويعدون ذلك فخرا لهم وأمرا لابد أن يحمدوا عليه ,
فها هي حماس جعلت قضية عدم الاعتراف بإسرائيل وحق العودة وحق المقاومة وعدم تسليم شاليط إلا بما يرون من شروط ثوابت ضحى الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى حماس بالكثير الكثير من أجلها
في الوقت ذاته الذي تنصلت فيه حماس للشريعة وتطبيقها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
والسؤال الذي نوجهه الآن لكل عاقل : لماذا يستسيغ الناس إلا من رحم الله التضحيات إذا كانت من أجل ثوابت وطنية ولا يستسيغونها إذا كانت من أجل ثوابت دينية ؟!!!
الحر لا يرضى أن يكون كالحمر
إن مما يستغرب له كل إنسان عاقل أن يرضى كثير من الناس لأنفسهم أن يعيشوا كالأنعام
لا هم له إلا أن يأكلوا أو يشربوا وما علموا أن هذا هو فعل الأنعام مصداقا لقوله تعالى:" وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)"(محمد) ,
فهؤلاء لا يهمهم دين ولا دعوة ولا شريعة ولا مبادئ ولا ثوابت ولا قيم ولا فضيلة ,
المهم عندهم أن يعيشوا بغض النظر عن طبيعة هذه المعيشة ,
فهم حريصون على حياة ,
هكذا بالتنكير ولا يهم كيف تكون هذه الحياة ,
هم يريدون أي حياة حتى ولو كانت ذليلة ,
قال الله تعالى:
" وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)"(البقرة) ,
فهؤلاء هم العبيد وإن لم يكونوا رقيقا لأحد , فهم عبيد الدنيا ,
فهلا كنتم يا أتباع الرسول والصديق وعمر كالأحرار التسعة عشر
الذين جادوا بأنفسهم في سبيل الله
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى مسرى الرسول يدنسه اليهود ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى الأعراض تنتهك ولا يحرك ساكنا لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يقتل الأطفال ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل ان تزهق أرواح الإخوان ولا يحرك ساكنا
لأنهم أحرار والحر لا يتحمل أن يرى الإخوان قد شردوا ولا يحرك ساكنا
ولأنهم أحرار تركوا البيوت والقصور ولذيذ الطعام والشراب إلى الخيام والكهوف ومكابدة الجوع والعطش
ليتسنى لهم ضرب اليهود والنصارى الضربة التي هزت كل منافق وأفرحت كل مؤمن
ولأنهم أحرار سلكوا سبيل الجهاد والاستشهاد فهذا السبيل هو سبيل الأحرار في زمن العبيد.
وبعد هذا كله كيف يزعم زاعم أنه من الأحرار ثم هو يقعد عن الجهاد في سبيل رب العباد – سبحانه وتعالى - ,
وفيه وفي أمثاله أذكر بأبيات الشعر التي سمعتها يوما من الشيخ أسامة يقول فيها: فلا تنعين إلا ليث غاب *** شجاع في الحروب الثائرات دعوني في الحروب أمت عزيزا *** فموت العز خير من حياة
أخـي أنت حرٌّ وراء السدود
أخـي أنت حرٌّ وراء السدود *** أخي أنت حرٌّ بتلك القيـود
إذا كنت بالله مسـتعـصـما *** فماذا يـضـيـرك كيدالـعـبيد؟
أخي:ستُـبيـد جيوش الظـلام *** ويـُشـرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقـها *** ترى الفجر يرمـقـنا من بـعـيد
أخي: قد أصابك سهم ذليل *** وغدرا رماك ذراع كليل
ستـُبتـَر يوماً فصبرٌ جميل *** ولم يدمَ بعدُ عـرين الأسود
أخي: قد سرت من يديك الدماء *** أبت أن تُـشـلَّ بقيد الإمـاء
سـتـرفـع قربـانـها للسماء *** مخـضـبة بوسام الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ *** وألقيتَ عن كاهـليـك السلاح
فمن للـضحايا يواسي الجراح ؟ *** ويرفع رايـاتـهـا من جـديد
أخي: إنني اليوم صلب المراس *** أدكُّ صـخـور الجـبال الرواسي
غدا سـأشيحُ بفأسي الخلاص *** رؤوس الأفـاعي إلى أن تـبـيـد
أخي: إن ذرفـت عليَّ الدموع *** وبـلـلت بـهـا في خـشوع
فأوقد لهم من رفاتـي الشـموع *** وسيـروا بها نحو مجد تـليـد
أخي: إنْ نـمتْ نلقَ أحـبـابـنا *** فروضات ربي اُعـدَّت لـنـا
وأطيارها رفـرفت حولنـا *** فـطـوبى لـنا في ديـار الخـلـود
أخي إنني ما سـئمتُ الكـفـاح *** ولا أنا ألقـيتُ عنـي السلاح
فإنْ أنا متُّ فإني شـهـيد *** وأنت ستـمضي بنصـر مـجـيـد
سأثار ولكن لرب ودين ***وأمـضـي على سـنتـي في يـقـيـن
فإما إلى الـنصر فـوق الأنام *** وإمـا إلى الـله في الخـالـديـن
قد اختارنا الـله في دعوته *** وإنا سـنمـضـي على سنـتـه
فـمنا الذيـن قـضوا نـحبهـم ***ومـنا الحـفيـظ على ذمـته
أخي: فامضِ لا تلتقت لـلوراء *** طـريقك قد خـضبـتـه الدماء
ولا تـلتفـت هـنـا أو هناك ***ولا تـتـطلع لـغير السـمـاء
دينك دينك لحمك ودمك
إن هذه المقولة من أكثر المقولات التي أثرت في حياتي ,
عندما سمعتها أول مرة قلت في نفسي :ديني كلحمي ديني كدمي ,
ثم قلت والله إن لحمي لغال عندي وليس بالرخيص , وكذلك الدم وكذلك لا بد أن يكون الدين ,
وقلت مرة لأحدهم ماذا تفعل لو أراد شخص أن يوصل الضرر للحمك ودمك
فقال: أقاتله بكل ما أوتيت من قوة ,
فقلت له:وكذلك لا بد أن تفعل مع من يفكر في إيصال الضرر لديننا , وظللت أساوي بين غلاوة الدم واللحم وبين غلاوة الدين إلى أمد بعيد حتى تنبهت أن الدين أغلى وأغلى بكثير جدا ,
فالأبدان تتلف من أجل دين الرحيم الرحمن ,
ولعل الإنسان يتحسس هذا المعنى وهو يقرأ قصة السحرة مع فرعون بعد أن هداهم الله تعالى ,
قال الله تعالى:
"فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)"(طه) ,
وإذا كان الإنسان يضحي بروحه من أجل مولاه فالجزاء من جنس العمل فإن الله أعد له وبعد مقتله مباشرة حياة لن تنقطع خالدا في النعيم متمتعا برضى الرب الرحيم ,
قال الله تعالى:
" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)"(آل عمران) ,
فيا من ترى الله يسب والرسول يشتم والقرآن يدنس والدين يهان والأنفس تزهق والأعراض تنتهك والمقدسات وخيرات المسلمين تسلب قلي لماذا لا تقوم نصرة لدينك؟!!!
لماذا آثرت القعود وفضلت التقاعس وركنت إلى الدنيا والدعة ,
والله يقول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)"(التوبة) ,
وأذكركم مرة أخرى فأقول لكم:"دينكم دينكم لحكم ودمكم" ,
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا
سأحمل روحي على راحتي ............وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق ....................... وإما ممات يغيظ العدى
وما العيشُ - لا عِشْتُ - إن لم أكن ........مخوف الجناب حرام الحِمَى
إذا قُلْتُ أصغى لي العالَمُون ...................ودَوَّى مقاليَ بين الورى
لَعَمْرُكَ إني أرى مصرعي ........................ولكن أغذ إليه الخطى
أرى مقتلي دون حقي السليب .................ودون بلادي هو المبتغى
يلذ لأذني سماع الصليل ......................يُهَيّج نفسي مسيل الدما
وجسم تَجَدَّل فوق الهضاب ....................تناوشه جارحات الفَلا
فمنه نصيب لأسد السماء .....................ومنه نصيب لأسد الثرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان ..................وأثقل بالعطر ريح الصبا
وعفَّر منه بَهِيَّ الجبين .........................ولكن عُفارًا يزيد البَها
وبان على شفتيه ابتسام ......................معانيه هُزْءٌ بهذي الدُّنا
ونام ليحلم حلم الخلود ........................ويهنأ فيه بأحلى الرؤى
لعمرك هذا ممات الرجال ...................ومن رام موتًا شريفًا فذا
فكيف اصْطِبارِي لِكَيْد الحقود ............وكيف احتمالِي لِسَوْمِ الأَذَى
أخوفًا وعندي تهون الحياة ......................وذُلاًّ وإنِّي لرب الإبا
وأحمي حياضي بِحَدِّ الحُسَام .................فَيَعْلَمُ قومي بأنِّي الفَتَى